تاريخ ثبوت الحق المحكوم به
![]() |
تاريخ ثبوت الحق المحكوم به. |
نصت المادة (237) من قانون المرافعات اليمني على أن (الأحكام تقرر ثبوت الحقوق أو عدم ثبوتها وتنشئ المراكز القانونية أو تزيلها أو تغيرها كل ذلك من تاريخ النطق بالحكم أو من تاريخ المطالبة القضائية أو من تاريخ سبب العلاقة بحسب مقتضى الحال المنصوص عليه في الحكم).
الأصل المقرر في النص القانوني السابق أن الحق المدعى به يثبت أو يزال أو يتغيرعند النطق بالحكم ، غير أن الحق قد يثبت أو يزال أو يتغير من تاريخ المطالبة القضائية بالحق أو من تاريخ سبب العلاقة بحسب ما يتم ذكره في منطوق الحكم واسبابه.
وقد اشار إلى هذه المسألة "الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 9-10-2010م في الطعن رقم (42163)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه (والدائرة: تجد أن نعي الطاعن في غير محله، لأن الشعبة المطعون في حكمها عللت لما حكمت به بقولها : أن نعي الطاعن بشأن تجديد مدة الإيجار ابتداءً من تاريخ صدور الحكم في غير محله طبقاً للمادة (237) مرافعات ، ، لأن المستأنف (الطاعن بالنقض حالياً) قد رفع دعواه أمام محكمة أول درجة بتاريخ.... ، في حين أن الحكم الابتدائي قد حدد المدة إبتداءً من تاريخ...)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:"
الوجه الأول: الأصل أن الحكم يثبت الحق أو يزيله أو يغيره من تاريخ النطق بالحكم
صرحت المادة (237) مرافعات أن الأصل ان الحكم يثبت الحق أو يزيله أو يغيره من تاريخ النطق بالحكم، لأن الحق حينما يكون محلاً للنزاع المنظور أمام المحكمة فأنه يكون غيرمستقر أي غير ثابت لأي من طرفي الخصومة عند النزاع عليه ، لأن النزاع أو الشجار على الحق يعني عدم ثبوته لأي من الأطراف المتنازعة عليه، ولذلك يطلق على النزاع الشجار على الحق ، ومعنى الشجار: الاختلاط كما تختلط وتتداخل فروع الاشجار ببعضها فلاتعرف الفروع من بعضها الا بالتدقيق والتحقيق ، أي أن الحق أثناء النزاع عليه بين الخصوم يكون مختلطا أو مشتجرا بين الخصوم المتنازعين عليه ، فلايعرف صاحب الحق من الخصوم حتى يقوم القاضي بالتحقيق والبحث والمناقشة لادلة الخصوم وفي ضوء ذلك يحكم القاضي في النزاع ويثبت الحق للخصم صاحب الادلة الراجحة، ولذلك فإن الحكم حينما يفصل في النزاع عند النطق به يثبت الحق لمن دلت الادلة على أن الحق محل النزاع هو حقه دون سواه ،وفي الوقت ذاته فان النطق بالحكم يزيل الحق بالنسبة للأطراف الأخرى المنازعة في الحق ذاته ، وقد يغير الحكم عند النطق به الحق ، فيثبت الحكم بعض الحق لطرف والبعض الآخر من الحق للطرف الآخر، أو قد يغير الحكم عند النطق به الحق كله، كما لو أدعى المدعي ملكية عقار فرد عليه المدعى عليه بأن المدعي مجرد مستأجر للعقار وقدم المدعى عليه الأدلة على أن المدعي مجرد مستأجر، وبموجب الادلة يتم الحكم بان العلاقة بين الطرفين علاقة إيجار وان يد المدعي يد اجير وليست يد مالك ، فالحكم في هذه الحالة قد غير عند النطق به غيرالحق المدعى به من ملكية إلى إجارة وهكذا.
الوجه الثاني: قد يثبت الحكم الحق أو يزيله أو يغيره من تاريخ المطالبة القضائية بالحق وليس من تاريخ النطق به
كان جانب من النقاش في الحكم محل تعليقنا بشأن هذه المسألة، فقد كان الطاعن يجادل بأن الحكم يثبت الحق أو يزيله أو يغيره من تاريخ النطق بالحكم، في حين قضى الحكم محل تعليقنا بأنه بالنسبة للقضية التي فصل فيها الحكم فإن الحكم قد اثبت حق المؤجر من تاريخ مطالبته بالإيجارات المتأخرة وليس من تاريخ النطق بالحكم،، وعلى هذا الأساس فإن هذا الحكم قد ثبت حق المؤجر في الإيجارات من تاريخ مطالبة المستأجر بها وليس من تاريخ النطق بالحكم.
الوجه الثالث: قد يثبت الحكم الحق أو يزيله أو يغيره من تاريخ سبب العلاقة وليس من تاريخ النطق بالحكم
صرحت المادة (237) مرافعات السابق ذكرها في مقدمة هذا التعليق صرحت بان الحكم قد يثبت الحق أو يزيله أو يغيره من تاريخ سبب العلاقة وليس من تاريخ النطق بالحكم مثل الحكم بإستحقاق الوكيل للعمولة من تاريخ قيامه بتوزيع البضاعة.
الوجه الرابع: الحكم ذاته هو الذي يحدد تاريخ ثبوت الحق أو إزالته أو تغييره
نصت المادة (237) من قانون المرافعات اليمني على أن (الأحكام تقرر ثبوت الحقوق أو عدم ثبوتها وتنشئ المراكز القانونية أو تزيلها أو تغيرها كل ذلك من تاريخ النطق بالحكم أو من تاريخ المطالبة القضائية أو من تاريخ سبب العلاقة بحسب مقتضى الحال المنصوص عليه في الحكم) ، فقد صرحت هذه المادة بأن الحكم هو الذي يحدد في منطوقه تاريخ ثبوت الحق أو إزالته أو تغييره، سواءً أكان التاريخ هو تاريخ النطق بالحكم أم تاريخ المطالبة القضائية بالحق أم تاريخ سبب العلاقة، فمن المعتاد أن ينص الحكم على تاريخ ثبوت الحق في منطوق الحكم واسبابه ، ولذلك فان المرجع في تحديد تاريخ ثبوت الحق أو ازالته أو تغييره هو منطوق الحكم واسبابه، والله اعلم.
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.