سقوط دعوى بطلان حكم التحكيم
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.
عندما تقرر المحكمة العليا نقض الحكم الاستئنافي وتقرر إعادة القضية إلى محكمة الاستئناف لمعاودة نظر دعوى بطلان حكم التحكيم السابق رفعها أمام محكمة الاستئناف فإن المحكمة العليا في الوقت ذاته تقرر تكليف محكمة الاستنئناف بإعلان الخصوم أطراف الحكم بحكم المحكمة العليا سيما المدعي بالبطلان حتى يتمكن المدعي بالبطلان من التعبير عن إرادته في موالاة نظر دعوى البطلان التي سبق له رفعها أمام محكمة الاستئناف، فاذا تم إعلان المدعي بالبطلان بحكم الاعادة ومع ذلك لم يقم المدعي بالبطلان بموالاة نظر دعواه رغم اعلانه فيتم تطبيق احكام سقوط الخصومة على دعوى البطلان.
اما إذا لم تقم محكمة الاستئناف پإعلان المدعي بالبطلان فلا يحق لها تطبيق احكام سقوط الخصومة على دعوى البطلان طالما إن محكمة الاستنئناف لم تقم باعلان المدعي بالبطلان بحكم الاعادة الوارد إليها من المحكمة العليا، "حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 19-4-2010م في الطعن رقم" (40431)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه، (وبإطلاع الدائرة على الأوراق مشتملات الملف تجد: أن الطاعن ينعي على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون لعدم إعلانه بنسخة من حكم الدائرة التجارية (ب) وان الشعبة التجارية لم تعقد جلسة لمعاودة نظر دعوى البطلان ، وفقاً للحكم المذكور أ.هـ، والدائرة تجد: أن هذه المناعي في محلها ; ذلك أن ملف الإستئناف لم يتضمن ما يثبت إعلان الطاعن بنسخة من حكم المحكمة العليا الذي قضى بنقض الحكم المطعون فيه الصادر من الشعبة التجارية وإعادة القضية إلى الشعبة المذكورة لمعاودة نظر دعوى البطلان...إلخ، كما أن هذه الدائرة: لم تجد ما يثبت إنعقاد أية جلسة من قبل الشعبة بعد عودة الحكم المذكور، وقد نصت المادة (216) مرافعات على أنه (إذا توقف سير الخصومة لمدة ثلاث سنوات من تاريخ آخر إجراء صحيح تم فيها بدون سبب شرعي موجب لذلك دل على رغبة المدعي عن الخصومة فتسقط الخصومة بقوة القانون...إلخ)، وحيث أن شروط سقوط الخصومة لم تتوفر مما يصم القرار المطعون فيه بالبطلان حيث لا يمكن أن يستشف من ذلك رغبة الطرفين عن مواصلة السير في الخصومة والخصوم لم يعلنوا أصلاً بحكم المحكمة العليا المذكور)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: تطبيق احكام سقوط الخصومة على دعوى بطلان التحكيم
لم يصرح قانون التحكيم اليمني على سقوط دعوى بطلان حكم التحكيم غير ان قانون المرافعات قد صرح بسقوط الخصومة بصفة عامة ، وباعتبار قانون المرافعات هو القانون الذي ينظم اجراءات التقاضي ، فانه يجب العمل بموجب قانون المرافعات عند عدم وجود نص في قانون التحكيم، وعلى هذا الاساس فقد استند الحكم محل تعليقنا إلى المادة (216) من قانون المرافعات التي نصت على أنه (إذا توقف سير الخصومة لمدة ثلاث سنوات من تاريخ آخر إجراء صحيح تم فيها بدون سبب شرعي موجب لذلك دل ذلك على رغبة المدعي عن الخصومة فتسقط الخصومة بقوة القانون...إلخ)، وفي يناير 2021 تم تعديل هذا النص فصار بعد تعديله (مع مراعاة ماورد في المادة (86) إذا توقف سير الخصومة لمدة سنة ونصف من تاريخ آخر إجراء صحيح تم فيها نظرا لغياب المدعي سقطت الخصومة بقوة القانون ويتحمل المدعي نفقات المحاكمة واي تعويض عن اية اضرار تحققت بالمدعى عليه إذا طلبها ، واذا أراد المدعي تجديد الخصومة فلاتقبل إلا باجراءات جديدة).
ومقتضى النص السابق أنه يجب على محكمة الاستئناف عندما يصل إليها حكم المحكمة العليا الذي نقض الحكم الإستئنافي واعاد القضية إلى محكمة الاستئناف لإعادة الفصل في دعوى البطلان، فأنه يجب على محكمة الاستئناف في هذه الحالة أن تقوم ابتطبيق أحكام النص القانوني السابق ،فيجب على محكمة الاستئناف أن تقوم بإعلان الخصوم بحكم المحكمة العليا سيما المدعي بالبطلان وأن تحدد للخصوم جلسة للحضور أمامها لموالاة اجراءات نظر دعوى ، فإذا لم يحضر المدعي رغم إعلانه فإن محكمة الاستئناف تقوم بتطبيق النص القانوني السابق عليه.
الوجه الثاني: أساس سقوط دعوى البطلان
يتأسس سقوط دعوى البطلان على اساس أن محكمة الاستنئناف إذا قامت بإعلان المدعي بعودة الحكم من المحكمة العليا الذي قضى بمعاودة نظر دعوى البطلان فاذا لم يحضر المدعي بالبطلان في هذه الحالة فإن موقفه هذا يدل على أن المدعي قد ترك دعوى البطلان وانه لم يعد يرغب في نظر المحكمة لدعوى البطلان، او أن المدعي بالبطلان قد عدل عن دعواه، ولم تعد له رغبة في موالاة إجراءات نظردعواه ، ومن هذا المنطلق فقد صرح الحكم محل تعليقنا بسقوط دعوى البطلان في هذه الحالة بقوة القانون، فليس من المقبول أن تظل دعوى البطلان التي تركها المدعي سيفاً مصلتاً على المدعى عليه، كما أنه ليس من المقبول أن تظل دعاوى البطلان لدى المحاكم الاستئنافية قائمة لأجل غير مسمى بسبب إهمال المدعى لدعواه ، كما انه ليس من المقبول ان تبقى المراكز القانونية للخصوم في دعاوى البطلان غير مستقرة بسبب إهمال المدعي بالبطلان لدعواه رغم اعلانه ، لذلك كله تسقط دعاوى البطلان وفقا لاحكام سقوط الدعاوى المقررة في المادة (216) مرافعات السابق ذكرها.
الوجه الثالث: إذا لم تقم محكمة الاستئناف بإعلان المدعي بالبطلان بعودة القضية من المحكمة العليا فلا مجال للقول بأن المدعي بالبطلان قد أهمل دعواه
قضى الحكم محل تعليقنا بأنه من غير الممكن إعتبار المدعي بالبطلان مهملاً لدعواه إذا لم تقم محكمة الاستئناف بإعلانه بالحكم الصادر من المحكمة العليا القاضي بنقض الحكم الإستئنافي وتكليف محكمة الاستنئناف بنظر دعواه السابق له رفعها، لأن من مقتضيات تطبيق احكام سقوط الخصومة على دعوى البطلان ان يكون المستأنف عالماً بصدور حكم المحكمة العليا وإعادة القضية إلى محكمة الاستئناف لمعاودة نظر دعواه، وأن محكمة الاستئناف قد قامت بإعلانه لحضور الجلسة المحددة لنظر دعواه تنفيذاً لحكم المحكمة العليا، حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، والله اعلم.