إكتفاء الاستئناف بإلغاء الحكم الابتدائي

إكتفاء الاستئناف بإلغاء الحكم الابتدائي

إكتفاء الاستئناف بإلغاء الحكم الابتدائي

إذا كانت محكمة أول درجة قد فصلت في موضوع النزاع واستنفدت ولايتها بإصدار الحكم الابتدائي فأنه يجب على محكمة الاستئناف إذا قضت بإلغاء الحكم الابتدائي يجب عليها أن تفصل في الاستئناف بحكمٍ جازم بديل للحكم الابتدائي الذي ألغته، فلا يجوز لمحكمة الاستئناف أن تكتفي بإلغاء الحكم الابتدائي، لأن ذلك يعني عدم الفصل في النزاع واعادة الخصوم والخصومة الى بدايتها، كما أن ذلك يتعارض مع وظيفة محكمة الاستنئناف باعتبارها محكمة موضوع يعاد طرح النزاع امامها في حدود ما فصل فيه الحكم الابتدائي ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 22-10-2010م في الطعن رقم (40884)، وقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه، (فقد وجدت هذه الدائرة عند مناقشتها للسببين السالف ذكرهما وعند إطلاعها على الحكم الاستئنافي المطعون فيه: أنه قد اقتصر في منطوقه على إلغاء الحكم الابتدائي المستأنف بكل فقراته، ولم يبين الحكم الاستئنافي لا في منطوقه ولا في حيثياته موقف الشعبة من موضوع الدعوى، إذ غضت الطرف عن الفصل فيه إيجاباً أو سلباً ، ولذلك جاء حكمها في جملته موصوماً بالعيب، وحيث أنه من المعلوم وفقاً للأثر الناقل للاستئناف أنه ينقل الدعوى إلى المحكمة الاستئنافية بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم الابتدائي بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف ، لذلك فإن المحكمة الاستئنافية تكون ملزمة بالفصل في موضوع الدعوى بالإضافة إلى كافة الدفوع وأوجه الدفاع التي تمسك بها المستأنف أمام محكمة أول درجة تطبيقاً لحكم المادتين (236 و 288) مرافعات)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: صلاحيات محكمة الاستئناف عند الطعن أمامها بالحكم الابتدائي:

حددت ذلك الفقرة (و) من المادة (288) من قانون المرافعات اليمني التي نصت على أنه (تحكم المحكمة الاستئنافية اما بتأييد الحكم المستأنف أو إلغائه أو تعديله واما بإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل فيما لم يتم الفصل فيه).
 فهذا النص يقرر أن من صلاحيات محكمة الاستئناف إلغاء الحكم الابتدائي كاملاً أي إلغاء فقرات منطوق الحكم كاملة، ومؤدى ذلك أن الحكم الابتدائي في هذه الحالة قد فصل في النزاع في منطوق حكمه الذي قضت محكمة الاستنئناف بالغائه ، وبموجب النص القانوني السابق يحق لمحكمة الاستئناف ذلك طالما ان الحكم الابتدائي قد فصل في النزاع في منطوقه وطالما ان المستانف قد اثار واثبت في عريضة الاستئناف بطلان الحكم الابتدائي ، فمحكمة الإستئناف متقيدة بحدود ما فصل فيه الحكم الابتدائي ومتقيدة أيضاً بحدود ما ورد في عريضة الاستئناف حسبما هو مقرر في الفقرتين (أ ، ب) من المادة (288) مرافعات، فإذا توصلت محكمة الاستئناف إلى إلغاء الحكم الابتدائي فأنه يجب على محكمة الاستئناف أن تبين ضمن أسباب حكمها اسباب قضائها بإلغاء الحكم الابتدائي ، وفي الوقت ذاته يجب على محكمة الاستنئناف في هذه الحالة أن تفصل في القضية التي اعاد الاستئناف طرحها أمامها في حدود ما فصل فيه الحكم الابتدائي وفي حدود ما ورد في عريضة الاستئناف وفي حدود ما تم تقديمه أمامها من دفوع وأدلة جديدة بالإضافة إلى ما كان قد تم تقديمه من دفوع وأدلة أمام محكمة أول درجة حسبما هو مقرر في الفقرة (ج) من المادة (288) مرافعات.
وهذا يعني أنه يجب على محكمة الاستئناف في هذه الحالة أن لا تكتفي بإلغاء الحكم الابتدائي وإنما يجب عليها الفصل في القضية ويجب أن يتضمن منطوق حكمها القضاء البديل للحكم الابتدائي الذي ألغته، لأن الحكم الإستئنافي إذا اكتفى بإلغاء الحكم الابتدائي فان ذلك يعني انه قد ترك الخصومة من غير فصل، وانه قد أعاد الخصوم والخصومة الى الحالة السابقة لصدور الحكم الابتدائي .

الوجه الثاني: التصريح بوجوب فصل محكمة الاستئناف في القضية عند إلغائها للحكم الابتدائي حسبما هو مقرر في المادة (236) مرافعات:

ضمن (الفصل الثالث) المخصص بـ(آثار الأحكام) تم حشر المادة (236) مرافعات التي نصت على أنه (إذا ألغت المحكمة الاستئنافية حكماً ابتدائياً في الموضوع وجب عليها الفصل في القضية وإذا طعن في الحكم الاستئنافي أمام المحكمة العليا في الموضوع وجب عليها الفصل في القضية وإذا طعن في الحكم الاستئنافي أمام المحكمة العليا ورأت نقض الحكم المطعون فيه فلها أن تقر الحكم الابتدائي أو تحكم بنقض الحكم المطعون فيه وإعادته إلى المحكمة التي اصدرته)، وقد كان الموضع الصحيح لهذا النص هو (الباب العاشر) الخاص بالطعون وتحديداً (الفصل الثاني : الاستئناف).
 وعلى كل حال فإن النص القانوني السابق صريح في أنه من الواجب على محكمة الاستئناف عندما تقضي بإلغاء الحكم الابتدائي فأنه يجب أن تذكر في حكمها القضاء البديل لقضاء الحكم الابتدائي الذي قضت بإلغائه، بحيث يتضمن الحكم الاستئنافي القضاء بإلغاء الحكم الابتدائي وفي الوقت ذاته التصريح بالقضاء البديل لقضاء الحكم الابتدائي الملغي، وقد يكون القضاء البديل إعادة القضية الى المحكمة الابتدائية إذا كانت في حكمها لم تستنفد ولايتها ، اما اذا كانت المحكمة الابتدائية قد اسنفدت ولايتها وفصلت في الموضوع ، ففي هذه الحالة يجب أن يكون القضاء البديل لمحكمة الاستئناف عند الغائها للحكم الابتدائي يجب أن يكون قضاء جديدا فلايجوز للحكم الاستئنافي هذه الحالة ان يتضمن إعادة القضية الى محكمة أول درجة.
وبالإضافة إلى النص القانوني الصريح السابق ذكره فإن محكمة الاستئناف محكمة موضوع يعاد طرح النزاع أمامها ،فيجب أن تنتهي إجراءات نظرها في الاستئناف إلى تاييد الحكم الابتدائي أو تعديله أو إلغائه، بيد أنه إذا قضت بإلغاء الحكم الابتدائي الذي استنفدت به المحكمة الابتدائية ولايتها فأنه يجب على محكمة الاستنئناف في هذه الحالة أن تضمن في حكمها القضاء البديل للحكم الابتدائي الملغي، والله اعلم.