إغفال الفصل في طلب لا يبطل الحكم: في القانون اليمني

إغفال الفصل في طلب لا يبطل الحكم: في القانون اليمني

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

إذا إغفل الحكم الفصل في طلب معين من طلبات الخصم فان ذلك لا يؤدي إلى إبطال الحكم الذي فصل في الطلبات الأخرى، فقد حدد قانون المرافعات الوسائل القانونية للتعامل مع الحكم إذا اغفل طلبا من الطلبات، وليس من بين ذلك المطالبة بإبطال الحكم برمته الذي فصل في الطلبات الأخرى، لأن إبطال الحكم كله في هذه الحالة يناقض مبدأ الإقتصاد في إجراءات التقاضي ومبدا عدم الهدر الإجرائي، لأن الحكم الذي اغفل طلبا معينا في هذه الحالة يكون صحيحا بالنسبة لفصله في الطلبات الأخرى طالما ان نتيجة الحكم تكون صحيحة بالنسبة للطلبات التي فصل فيها ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 27-4-2010م في الطعن رقم (39841)، وقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه، ((وقد نعي الطاعن في السبب الأول على الحكم المطعون فيه أنه قد خالف المادة (221) مرافعات التي أوجبت على الحكم أن يفصل في كل طلب يقدمه الخصوم، فقد ذكر الطاعن أنه طلب من محكمة الاستئناف في عريضة استئنافه إلغاء الحكم الابتدائي والحكم على المستأنف ضده بتعويضه بمبلغ خمسين ألف ريالاً،الا ان الحكم المطعون فيه لم يتطرق إلى ذلك الطلب مطلقاً لا في حيثياته ولا في منطوقه...إلخ.
وبمناقشة الدائرة لهذا السبب تجد: أن نعي الطاعن وإن كان في محله إلا أن هذه المخالفة لا يترتب عليها بطلان الحكم برمته ، وعلة ذلك أن طلب الطاعن غير مؤثر في النتيجة حتى وإن فصلت فيه المحكمة، لأنه قد ثبت لديها أن الطاعن مدين بالمبلغ للمطعون ضده مما يستوجب إلزامه بتسديد المبلغ المحكوم به للمطعون ضده))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: جزاء إغفال الفصل في الطلبات وفقاً لقانون المرافعات اليمني:


نصت المادة (221) من قانون المرافعات اليمني على أنه (يجب على المحكمة أن تحكم في كل طلب أو دفع قدم إليها وفقاً للقانون، ولا يجوز لها أن تحكم بما لم يطلبه الخصوم أو لمن لم يكن طرفاً في الخصومة أو عليه).

وحكم هذا النص عام، فقد أوجب على المحكمة أن تفصل في كل الطلبات والدفوع التي يرفعها الخصوم امامها ، وهذا ظاهر في عبارة (أن تحكم في كل طلب) ، فهذه العبارة تفيد العموم، ومؤدى ذلك أنه يجب على المحكمة أن تفصل في كل الطلبات والدفوع التي يقدمها الخصوم سلباً أو إيجاباً ، فلا يجوز لها بموجب هذا النص أن تغفل أو تترك أي طلب أو دفع من غير أن تفصل فيه في حكمها مع الطلبات الأخرى المقدمة أثناء نظرها للقضية، فيجب على المحكمة أن تفصل في كل الطلبات بحكمٍ واحد منهم للخصومة تحقيقاً وتطبيقاً لمبدأ الإقتصاد في إجراءات التقاضي ومبدا عدم الهدر الإجرائي ، وحتى لا تتناقض الأحكام والإجراءات في الطلبات المتعددة في القضية الواحدة.

وقد قضى الحكم محل تعليقنا بأنه وان كان لايجوز للمحكمة إغفال أي من طلبات الخصوم الا انه لا يترتب على اغفال الحكم الفصل في أي من الطلبات لايترتب عليه بطلان الحكم في الطلبات الأخرى، طالما ان قضاء الحكم في تلك الطلبات صحيح موافق للشرع والقانون وله أصل في أوراق القضية.

الوجه الثاني: عدم الفصل في الطلب بمنع محكمة الطعن من الفصل فيه


إذا اغفلت المحكمة الابتدائية طلباً من الطلبات ولم تفصل فيه ، فأنه لا يجوز لمحكمة الاستئناف الفصل فيه، لأنها متقيدة بمبدأ الأثر الناقل للاستئناف المقرر في المادة (288) مرافعات الذي يقضي بأن محكمة الاستئناف متقيدة في نظرها وحكمها بحدود ما فصلت فيه محكمة أول درجة، فلا يجوز لمحكمة الإستئناف أن تنظر طلباً لم يفصل فيه الحكم الابتدائي، وأساس ذلك المادة (288) مرافعات التي تصرح بان محكمة الاستئناف متقيدة في قضائها بحدود ما فصلت فيه المحكمة الابتدائية فلا يجوز لمحكمة الإستئناف أن تتعرض الى المسائل التي اغفلها الحكم الابتدائي حتى لا تفوت على الخصوم درجة من درجات التقاضي.

وعندما لا تفصل المحكمة الابتدائية في بعض طلبات الخصم فإن بوسعه إعادة مطالبة المحكمة الابتدائية بالفصل في طلباته التي اغفلتها ، حسبما هو مقرر في المادة (232) مرافعات التي نصت على انه (إذا اغفلت المحكمة الحكم في بعض الطلبات الموضوعية جاز لصاحب المصلحة من الخصوم إستدعاء خصمه للحضور أمامها بالطرق المقررة لرفع الدعوى لنظر هذا الطلب والحكم فيه)، والله اعلم.
إغفال الفصل في طلب لا يبطل الحكم
إغفال الفصل في طلب لا يبطل الحكم.

الكلمات المفتاحية:

إغفال الفصل في طلب، قانون المرافعات اليمني، بطلان الحكم، المحكمة التجارية، التقاضي

مدونة الأستاذ الدكتور عبدالمؤمن شجاع الدين | التعليق على أحكام المحكمة العليا