إعتبار العقود الموثقة سندات تنفيذية وتراكم القضايا

إعتبار العقود الموثقة سندات تنفيذية وتراكم القضايا

إعتبار العقود الموثقة سندات تنفيذية وتراكم القضايا
إعتبار العقود الموثقة سندات تنفيذية وتراكم القضايا
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.
هناك توجه صادق لمكافحة ظاهرة تراكم القضايا وتعثرها أمام المحاكم اليمنية، ومواجهة هذه الظاهرة تقتضي أن تكون من ضمن أوليات المواجهة تجفيف منابع هذه الظاهرة اولا ثم معالجة القضايا المتراكمة والمتعثرة المنظورة أمام المحاكم، ومن المؤكد بصفة قطعية أن تراكم القضايا لم يتحول إلى ظاهرة مؤرقة للقضاء والمتقاضين وللعدالة إلا في عام 2002بعد تعديل المادة (243) من قانون المرافعات القديم الذي كان ينص على أن المحررات المسجلة أو الموثقة سندات تنفيذية ، ففي عام 2002م تم تعديل المادة (243) بالمادة (328) من القانون النافذ حيث تم الغاء (المحررات المسجلة بمكاتب التوثيق) التي كانت مذكورة في الفقرة (ز) من المادة (243) من قانون المرافعات اليمني القديم الصادر بالقرار الجمهوري للقانون رقم (28) لسنة 1992م، فقد كان ذلك النص المبارك يحد من تدفق القضايا إلى المحاكم بنسبة تزيد على 80% حسب المؤشرات المعلنة حينها وحسب ما ورد في تقرير لجنة العدل والأوقاف قبل أن تتم احالة مشروع القانون إلى قاعة مجلس النواب للتصويت عليه ، ففي تلك اللحظة تم تعديل النص وحذف المحررات المسجلة أو الموثقة بقدرة قادر!!!!!؟.
فمن المعلوم أن غالبية النزاعات في اليمن وغيراليمن تنشأ بسبب تطبيق وتفسير العقود والإقرارات والمحررات ، حيث تصل نسبة هذه النزاعات إلى أكثر من 70% بحسب تقدير الدكتور الجليل محمد محمود إبراهيم في كتابه القيم (أصول صحف الدعاوى) اما بحسب الواقع في اليمن فهي تصل إلى نسبة 80/ بالنسبة للقضايا المدنية والتجارية والشخصية بخلاف القضايا الجنائية.
ومعنى المحررات المسجلة أو الموثقة لدى قلم التوثيق معنى ذلك أن يحضر اطراف المحرر أمام الموثق فيقروا بصحة ما ورد في المحرر سواء اكان عقدا ام هبة أم بيعا أو اجارة أم تنازلا ....الخ ، ويصرح اطراف المحرر أمام الموثق بانهم قد قبلوا ورضوا بان يكون المحرر بعد توثيقه سندا تنفيذيا مثله مثل الحكم النهائي أو البات، وبعد أن يقوم الموثق بالتثبت من صفات وهويات اطراف المحرر وصحة ماورد في المحرر وتوفر الشروط الشرعية والقانونية في التصرف الوارد في المحرر يقوم بتوثيقه ، وبعد ذلك يكون المحرر الموثق على النحو السابق يكون ستدا تنفيذيا قابلا للتنفيذ مباشرة من غير حاجة إلى دعوى أو طلب أو أي إجراء، فاذا حدث أي نزاع بين اطراف المحرر، فيتم اللجوء عنئذ إلى القضاء ليس لإقامة دعوى وإجابة وحكم ابتدائي وحكم إستئناف وحكم محكمة عليا، وإنما يتم اللجوء إلى القضاء في هذه الحالة لتنفيذ ما ورد في المحرر المسجل او الموثق.
وعلى هذا الأساس فقد كان نص المادة (243) من قانون المرافعات القديم نصاً مباركاً يحد ويمنع من تراكم القضايا، وقد ادى هذا النص دوره المحمود منذ صدور اول قانون مرافعات في اليمن عام 1978،فقد كانت المحررات المسجلة كانت سندات تنفيذية بموجب قانون المرافعات (1992م) وقبل ذلك كانت المحررات المسجلة سندات تنفيذية في قانون المرافعات الأول في اليمن وهو القانون رقم (10) لسنة 1978م وبالفعل حد هذا النص من تراكم القضايا وتعثرها ،. وعند تعديل هذا النص المبارك ضمن تعديل 2002م كان تعديل النص المبارك (243) مرافعات قديم كان إيذاناً بتدشين مرحلة وظاهرة تدفق القضايا إلى القضاء، فقد كان تعديل تلك المادة المباركة اخطر واسوا تعديل في عام 2002م، أقول هذا براءة لذمتي فقد كنت حاضرا لدى لجنة العدل والأوقاف التي ناقشت التعديلات وابقت المحررات المسجلة ضمن السندات التنفيذية ، فلم تعدل اللجنة الا رقم المادة التي صارت برقم (328) في القانون النافذ ، فقد كان المحررات المسجلة سندات تنفيذية ، ولم يتم حذف المحررات المسجلة من المادة (328) إلا في قاعة البرلمان قبل التصويت عليه مادة مادة، لاحول ولا قوة إلا بالله.
ما سبق ذكره في هذه المقالة ماهو الا مجرد مقدمة مختصرة للموضوع لمن يريد الإختصار، اما تفصيل هذا الموضوع فسيكون على النحو الآتي:

أولاً: معنى المحررات المسجلة لدى قلم التوثيق وفقاً لنص المادة (243) مرافعات قديم:

نصت المادة (243) مرافعات قديم على أن (السندات التنفيذية هي: -ز- المحررات المسجلة بمكاتب التوثيق) ، فمن خلال صيغة هذا النص يظهر بوضوح أنه قد صرح بأن كافة المحررات التي يتم تسجيلها لدى قلم التوثيق تكون سندات تنفيذية قابلة لتنفيذها من قبل قاضي التنفيذ مباشرة مثلها في ذلك مثل الأحكام القضائية النهائية والباتة.
ومن خلال سياق المادة (5) من قانون التوثيق اليمني، وكذا من خلال تعريف المحررات الواردة في المادة (103) من قانون الإثبات اليمني يظهر من خلال النصين المشار إليهما أن مصطلح المحررات عام وشامل لكافة العقود والتصرفات والإقرارات والسندات التي يحضر أطرافها أمام قلم التوثيق ويقروا بصحة ماورد فيها وبصحة توقيعاتهم عليها وانهم قد قبلوا بان تكون سندات تنفيذية يتم تنفيذها مباشرة دون حاجة إلى دعوى موضوعية ، اذ يقوم قلم التوثيق بتسجيلها أو توثيقها بعد ان يتاكد من صحتها وتوفر الشروط الشرعية والقانونية فيها ، فبعد توثيقها أو تسجيلها على هذا النحو تصير المحررات سندات تنفيذية.
ويندرج ضمن مفهوم المحررات كافة العقود وكافة التصرفات التي تقع بالإرادة المنفردة كالهبة والإقرارات كالإقرار بحق أو التزام....إلخ، ومعنى ذلك انه عند وجود بند في العقد ينص على أن اطرافه قد اتفقوا على أن يكون المحرر بعد توثيقه سندا تنفيذيا ، فعند حدوث خلاف بين اطراف المحرر بشان تنفيذ أو تفسير هذه المحررات فلن يتم رفع دعوى موضوعية بشانها ولن تتراكم القضايا في المحاكم.

ثانياً: المقصود بتسجيل المحررات لدى قلم التوثيق والفرق بينه وبين التعميد أو التعريف أو المصادقة على الخط:

تسجيل المحرر لدى قلم التوثيق المقرر في المادة (243) مرافعات قديم يعني حضور أطراف المحرر أمام قلم التوثيق وإقرارهم أمامه بصحة توقيعاتهم على المحرر وتثبت الموثق من شخصياتهم أو هوياتهم وصحة التصرف الوارد في المحرر من الناحية الشرعية والقانونية، وإقرار أطراف المحرر بموافقتهم على صيرورة المحرر سنداً تنفيذياً بعد توثيقه، واقرارهم أنه يجوز بموجبه اللجوء إلى القضاء مباشرة لتنفيذه مثله في ذلك مثل الحكم القضائي النهائي أو البات دون حاجة إلى تقديم دعوى.

ثالثاً: السند الشرعي والقانوني لصيرورة المحررات المسجلة سندات تنفيذية:

الأساس الشرعي والقانوني المتين لصيرورة المحررات المسجلة سندات تنفيذية هو الرضاء والقبول من قبل أطراف المحرر وقبولهم ورضاهم بما ورد في المحررات ورضاهم بأن تكون سندات تنفيذية يتم تنفيذها مباشرة من غير حاجة إلى تقديم دعوى، سيما أن الشريعة الإسلامية تحث وتأمر بالوفاء بالعقود والعهود والإلتزامات ، قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: (1)]، وقوله تعالى {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء: (34)]، فجعل المحررات المسجلة على السابق بيانه سندات تنفيذية يوافق الشريعة الإسلامية ويحقق مقاصدها في حماية الأموال والحقوق وإقامة العدل والحق.

رابعاً: صيرورة المحررات المسجلة سندات تنفيذية هو الوسيلة الشرعية والقانونية المأمونة للوقاية من تراكم القضايا وتعثرها أمام المحاكم:

صرح تقرير لجنة العدل والأوقاف بمجلس النواب اليمني (وهو تقرير مطبوع في كتاب متداول) صرح بأن الغالبية العظمى من النزاعات أو القضايا في اليمن تنشأ أو تحدث بسبب الخلاف بين اطراف المحررات بشأن تفسير أو تطبيق ما ورد في المحررات ، وقد ذلك ذهب إلى ذلك الأستاذ الدكتور محمد محمود إبراهيم.
وعلى هذا الأساس فإن تسجيل المحررات لدى قلم التوثيق وإعتبارها سندات تنفيذية هو الطريق الصحيح والسريع لتحقيق العدالة الناجزة ومحاصرة ظاهرة تراكم القضايا وتعثرها في المحاكم ومحاصرة هذه الظاهرة ، بل أنه السبيل الوحيد لتجفيف منابع هذه الظاهرة التي يعاني منها القضاء اليمني منذ التعديل السيء للمادة (243) مرافعات قديم.

خامساً: تعديل النص المبارك (243) مرافعات قديم بالنص المشئوم (328) نافذ:

عند تعديل قانون المرافعات (2002م) مرافعات استبعدت المادة (328) مرافعات نافذ استبعدت (المحررات المسجلة) من السندات التنفيذية – مع أن المحررات المسجلة كانت سندات تنفيذية بموجب قانون المرافعات (1992م) وقبل ذلك كانت المحررات المسجلة سندات تنفيذية في قانون المرافعات رقم (10) لسنة 1978م، وهو أول قانون مرافعات في اليمن ، وبعد هذا التعديل تراكمت وتعثرت القضايا في المحاكم ، لا حول ولا قوة إلا بالله.

سادساً: المحررات المسجلة سندات تنفيذية في كافة قوانين المرافعات في دول العالم أجمع:

من المعروف والمسلم به أن المحررات المسجلة تعد سندات تنفيذية في كل قوانين مرافعات في دول العالم اجمع بإعتبار ذلك من أهم الضمانات القانونية لمنع ظاهرة تراكم القضايا وتعثرها، اما في اليمن فقد تراجع المقنن اليمني ونكص على عقبيه عند تعديل المادة (243) مرافعات قديم.

سابعاً: ذرائع من طلبوا من النواب النافذين الغاء المحررات المسجلة من السندات التنفيذية:

تذرع هؤلاء بذرائع عدة من أهمها: أن مفهوم التسجيل والتوثيق للمحررات في اليمن فيه قصور وإختلال ، ولذلك فإن المحررات المسجلة أو الموثقة لا تصلح سندات تنفيذية كما هو الحال في دول العالم المختلفة.
والصحيح أن فكرة التسجيل أو التوثيق للمحررات بسيطة ومفهومة، فهو عبارة عن حضور أطراف المحرر أمام الموثق وإقرارهم بصحة ما ورد في المحرر وصحة توقيعاتهم عليه وقبولهم بكونه سنداً تنفيذياً، ولذلك فان التسجيل يختلف عن التعميد للمحرر أو التعريف بالخط أو المصادقة على خط كاتب المحرر أو توقيعه أو ختمه حسبما سبق بيانه.
ولا ريب ان ذلك التعديل المشئوم قد كان السبب الرئيس وراء تدفق القضايا إلى المحاكم وتراكمها وتعثر الفصل فيها بسبب كثرتها.

ثامنا: المحررات الموثقة سندات تنفيذية في القانون والفقه المصري كنموذج:

1- الفرق بين المحرر الموثق والمحرر الرسمي والمحرر العرفي في القانون المصري:
قررت المادة رقم 280 من قانون المرافعات المصري أن المحررات الموثقة التي يحررها و يوثقها الموثقين من السندات التنفيذية، وألزمت جميع السلطات المختصة بتنفيذها جبرياً نتيجة لوضع الموثق الصيغة التنفيذية على هذه المحررات، وهذا اختصاص قضائي من حيث الموضوع.
حيث نصت المادة 280 من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968 على أن :- “لا يجوز التنفيذ الجبري إلا بسند تنفيذي اقتضاء لحق محقق الوجود ومعين المقدار وحال الأداء ، والسندات التنفيذية هي الأحكام والأوامر والمحررات الموثقة ومحاضر الصلح التي تصدق عليها المحاكم أو مجالس الصلح والأوراق الأخرى التي يعطيها القانون هذه الصفة ولا يجوز التنفيذ في غير الأحوال المستثناة بنص في القانون إلا بموجب صورة من السند التنفيذي عليها صيغة التنفيذ التالية :”على الجهة التي يناط بها التنفيذ أن تبادر إليه متى طلب منها وعلى السلطات المختصة أن تعين على إجرائه ولو باستعمال القوة متى طلب إليها ذلك”
الفرق بين المحررات الموثقة والمحررات في القانون المصري:2-
ليس كل محرر رسمي يعتبر سند تنفيذي ولو تضمن اقرار بحق او تعهد بشيء بل المحررات الرسمية التي تعتبر سندات تنفيذية هي فقط المحررات التي يحررها الموثقون بالشهر العقاري دون سواهم من الموظفين العموميين الذين يدخل في اختصاصهم تحرير اوراق رسمية اخرى لذلك لا يعتبر سند تنفيذي محاضر الشرطة او محاضر النيابة ولو تضمنت اقرار بالحق والمحررات التي يحررها الخبراء وعقود الزواج واوراق المحضرين اذ لا يعتبر سند تنفيذي الا المحرر الذى يتم توثيقه امام مكاتب الشهر العقاري والتوثيق.
الفرق بين المحررات الموثقة والمحررات العرفية في القانون المصري: -3- لا تعتبر الاوراق العرفية سندات تنفيذية حتى ولو صدق على التوقيع الوارد بها رسميا او حتى لو حكم بصحة هذا التوقيع ولا عبرة باتفاق الخصوم على ان ورقة عرفية ما تكون لها القوة التنفيذية اذ مثل هذا الاتفاق لا يتماشى مع اسس التقاضي فضلا عن انه يخالف النظام العام ومن ثم لا يملك قلم المحضرين اجراء التنفيذ بمقتضى مثل هذه الورقة العرفية.
الفرق بين المحررات الموثقة والمحررات المسجلة: -4-
التسجيل ما هو الا نظام خاص لشهر التصرفات القانونية التي ترد على العقارات ويهدف الى اعلام الغير بهذه التصرفات ولا اثر له بالنسبة لاعتبار المحرر سندا تنفيذيا ولذلك فان عقد البيع غير المسجل والذى تم توثيقه يعتبر سندا تنفيذيا وان كان لا ينبني عليه نقل الملكية لان الملكية لا تنتقل الا بالتسجيل اما عقد البيع العرفي المسجل والذى لم يتم توثيقه فانه يؤدى الى نقل الملكية رغم عدم اعتباره سندا تنفيذيا.
السندات التنفيذية التي نص عليها القانون هي العقود الرسمية . فقد جعل القانون للعقود الرسمية بذاتها قوة تنفيذية تجيز لصاحب الحق الثابت بعقد رسمي أن ينفذ به دون حاجة للالتجاء إلى القضاء ورفع دعوى والحصول على حكم بحقه. وإنما لمن حصل التنفيذ عليه بعقد رسمي أن يلجأ إلى القضاء منازعًا في التنفيذ إن كان للمنازعة محل، وفي هذا تختلف العقود الرسمية اختلافًا كبيرًا عن العقود العرفية، فالدائن بعقد عرفي عليه أن يلجأ إلى القضاء ليستصدر منه حكمًا بحقه قبل التنفيذ بينما في العقود الرسمية يكون الالتجاء إلى القضاء واجبًا على المدين إن أراد أن ينازع الدائن ليمنعه من التنفيذ.
المقصود بالعقود الرسمية: العقود الرسمية التي لها قوة تنفيذية هي المحررات الموثقة actes notariés التي يقوم بتحريرها الموثقين بمكاتب التوثيق ، فليس لكل محرر رسمي من حيث الإثبات قوة تنفيذية تجعل منه سندًا تنفيذًا ، لأن المحررات الموثقة هي وحدها التي نص القانون على تسليم صور تنفيذية منها، والتنفيذ الجبري لا يكون إلا بصور تنفيذية. كما أن جواز التنفيذ بسند رسمي بغير حاجة إلى استصدار حكم بالحق الثابت به نظام أخذه القانون المصري عن القانون الفرنسي، وفيه ليس لغير المحررات الموثقة من السندات الرسمية قوة تنفيذية، ولذلك فمحاضر جلسات المحاكم وعقود الزواج، وأوراق المحضرين، والمحاضر والأوراق التي يحررها رجال الإدارة، وغيرها من المحررات الرسمية التي لا يحررها موثقون، لا تعتبر سندات تنفيذية ولو تضمنت إقرارًا بحق. وهذا عبر القانون الجديد عن هذا النوع من السندات التنفيذية بتعبير (العقود الرسمية) مخالفًا في ذلك نص القانون القديم الذي عبر عنها بالسندات والعقود الرسمية
 معنى ما للمحررات الموثقة من قوة تنفيذية ؟
تنفيذ المحررات الموثقة التي يحررها الموثقين نظام قرره المشرع المصري نقلاً عن القانون الفرنسي، وهو في هذا القانون الأخير أثر من آثار القانون الفرنسي القديم الذي يضفي على أعمال الموثقين صفة الأعمال القضائية، ومن أهم مظاهر هذه الصفة أن كان للمحررات التي يوثقونها ما لأحكام القضاء من قوة تنفيذية.
ويبني شراح القانون الحديث القوة التنفيذية للمحررات الموثقة على اعتبارين
الأول : أن صلاحية المحررات الموثقة للتنفيذ بموجبها مظهر من مظاهر الثقة في أعمال الموثقين المستفادة من صفة الموثق، ومن الإجراءات التي فرضها القانون عليه في القيام بعمله من ضرورة التثبت من شخصية المتعاقدين، وصفاتهم، وأهليتهم، وحريتهم في التصرف، ورضائهم الكامل ومطابقة التصرف الموثق لإرادتهم، وغير ذلك من الإجراءات التي تكفل صحة التصرف وسلامته ، مما يبلغ معه الحق الثابت في محرر موثق مبلغًا يجعله صالحًا للتنفيذ به دون حاجة إلى استصدار حكم به من القضاء.
الثاني : أن الشخص الذي أقر بحق أمام الموثق قد ارتضى منح صاحب الحق سندًا تنفيذيًا يغنيه عن رفع دعوى أمام القضاء والحصول على حكم بحق، (تعرّف على كل ما يخص المحررات العرفية والموثقة الاستاذ أشرف زهران: صفحة 18) والله أعلم.