وجوب بيان اساس الحكم

وجوب بيان اساس الحكم

أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
يكون الحكم باطلاً إذا لم يكن له أساس قانوني وواقعي، ويجب أيضاً أن يكون هذا الأساس واضحا حتى يسهل للمحكمة العليا بسط رقابتها القانونية على احكام محاكم الموضوع، وحتى يكون الحكم مقنعا للخصوم ، وقد اشار إلى هذه المسألة الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 29-11-2010م في الطعن رقم (41445)، وقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: ((فقد عاب الطاعن على الحكم الاستئنافي وقبله الحكم الابتدائي مخالفتهما للعقد ، وذكر الطاعن ان الحكم المطعون فيه لم يبين الأساس القانوني الذي بني عليه، والدائرة تجد: أن هذا النعي في محله لعدم معرفة الأساس القانوني أو العقدي الذي اقيم عليه الحكم، فلم يبين الأساس القانوني أو العقدي للتعويض إن كان له مقتضى بعد ثبوت المخالفة العقدية واستفصال كل طرف فيما يدعيه بصورة تفصيلية والاستعانة بأهل الخبرة))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: ماهية أساس الحكم:

لاشك ان المقصود بأساس الحكم هو أسباب الحكم التي يقوم عليها فضاء الحكم أو منطوقه ، وقد اشار الحكم محل تعليقنا إلى الأساس القانوني أو العقدي للحكم وكذا اشار إلى المخالفة للعقد، ومؤدى ذلك أن للحكم أساس في القانون أو في العقد إذا كانت المنازعة عقدية ، وكذا يجب أن يكون للحكم أساس في الواقع، وبناء على ذلك فأن للحكم أساس في الواقع وأساس في القانون واساس في العقد إذا كانت المنازعة عقدية.
 ومعنى أساس الحكم في الواقع هو : وجوب أن يستند الحكم في قضائه إلى الوقائع والأدلة التي تثبتها أو تنفيها والمذكورة في مذكرات الخصوم وأقوالهم وأقوال الخبراء والشهود المزبورة في محاضر جلسات المحاكمة وكذا تقارير الخبراء العدول، وهذا هو معنى القول: بأنه ينبغي أن يكون لأسباب الحكم أصل ثابت في أوراق القضية، وهذا هو المقصود بأساس الحكم من الواقع.
أما أساس الحكم من القانون: فهو بيان النصوص القانونية وكيفية تطبيقها على الوقائع والأدلة ، فلا يكفي أن يذكر الحكم رقم المادة في القانون أو اللائحة، وإنما يجب أن يذكر مضمون النص القانوني ، ويجب أن يبين الحكم كيفية تطبيق النص القانوني على الواقعة أو الدليل حسبما ألمح الحكم محل تعليقنا.
والمقصود بالأساس العقدي للحكم: هو بنود العقد الناظم للعلاقة العقدية ذات السلة بموضع النزاع ، فأنه ينبغي على الحكم أن يشرح ضمن أسبابه بنود العقد التي تنطبق على موضوع النزاع ، فمن اللازم شرح ذلك لبيان أساس الحكم.
ويجب أن تشتمل أسباب الحكم على بيان أسس الحكم الثلاثة: الأساس الواقعي والأساس القانوني والأساس العقدي إذا كانت المنازعة عقدية.

الوجه الثاني: مكان عرض أساس الحكم وكيفية عرضه:

لا شك أن مكان عرض أساس الحكم هو أسباب الحكم، فأساس الحكم هو عماد أسباب الحكم، وعند عرض أساس الحكم ضمن أسباب الحكم ينبغي أن يتم أولاً عرض الواقعة ثم أدلة ثبوتها أو نفيها ثم يتم بيان النص القانوني أو العقدي المتعلق بها أو الذي ينطبق عليها، كل واقعة أو تصرف على حدة، فعندئذٍ تكون أسباب الحكم قد اشتملت على أساس الحكم الواقعي والقانوني والعقدي حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.

الوجه الثالث: وجوب بيان أساس الحكم:

صرح الحكم محل تعليقنا بأنه من الواجب أن تتضمن أسباب الحكم بياناً واضحاً لأساس الحكم، لأن أساس الحكم يرد في ثنايا أسباب الحكم، ومن شروط أسباب الحكم أن تكون واضحة غير غامضة أو مجملة، ومؤدى ذلك أن يبين الحكم ضمن اسبابه الواقعة وأدلتها بحسب الثابت في أوراق القضية بطريقة ملخصة تختلف عن الصيغة المفصلة الواردة في (تحصيل الحكم).
أما عند ذكر نص القانون أو نص العقد ضمن اسباب الحكم فأنه لا يكفي الاستناد إلى رقم المادة في القانون أو رقم البند في العقد ، فيجب أن تتضمن اسباب الحكم بيان الأساس القانوني أو العقدي عن طريق ذكر مضمون النص القانوني أو العقدي وبيان كيفية الاستناد إليه وتطبيقه على الواقعة أو الدليل ، فلايكفي ذكر ارقام المواد كما هو الشائع في اليمن ، فالواجب بيان النص القانوني عن طريق ذكر مضمون النصوص وكيفية تطبيقها على الوقائع أثناء تسبيب الحكم ، وإذا لم يتم بيان أساس الحكم فأن الحكم يكون باطلاً حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، والله اعلم.
وجوب بيان اساس الحكم
وجوب بيان اساس الحكم