الصلح بعد حجز القضية للحكم: في القضاء والقانون اليمني

الصلح بعد حجز القضية للحكم: في القضاء والقانون اليمني 

أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
الصلح: عقد يرفع ويحسم النزاع القائم بين الخصوم المتنازعين، ويتضمن الاسقاط أي تنازل الخصمين عن بعض حقوقهما لبعضهما أو تنازل احدهما للاخر عن بعض حقوقه ، ويجوز أن يتم الصلح في أي مرحلة من مراحل النزاع بما في ذلك بعد ان تقرر المحكمة حجز القضية للحكم فيها، غير أن عقد الصلح يستوجب حضور الخصوم أمام المحكمة التي تنظر الخلاف القائم بينهما وإقرارهما بما ورد في وثيقة عقد الصلح وموافقتهما عليه وقبولهما به ،طبعاً هذا أثناء سير اجراءات المحاكمة وقبل حجم القضية للحكم فيها.
اما عندما يتم الصلح بين الخصوم بعد حجز القضية للحكم فيها فأنه يجب على الخصوم أطراف القضية في هذه الحالة أن يقدموا طلبا كتابيا إلى المحكمة بفتح باب المرافعة كي يتمكنوا من إثبات تصالحهم امام المحكمة في جلسة تعقدها لهذه الغاية وفقاً للقانون.
 فإذا قامت المحكمة بقبول عقد صلح من أحد الأطراف بعد حجزها القضية للحكم من غير حضور الطرف الآخر ومن غير ان تقرر فتح باب المرافعة وتستدعي الخصوم المتصالحين فإن ذلك إجراء مخالف للقانون يبطل حكمها، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 28-3-2010م في الطعن رقم (39640)، وقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه، ((أضف إلى ذلك قبول المحكمة لعقد الصلح والإستناد إليه بعد حجز القضية للحكم ، وفي غياب الطاعنة وعدم تمكنها من إبداء دفاعها حوله ، خلافاً لأحكام المواد (221 و 223 و 224) مرافعات والمادة (668) مدني وإهداراً للجهود والوقت، الأمر الذي يترتب عليه قبول الطعن لقيام سببه ونقض الحكم المطعون فيه))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: لا يجوز للمحكمة إستقبال عقد الصلح بعد حجزها للقضية:

نصت المادة (233) من قانون المرافعات على أنه (لا يجوز للمحكمة أثناء المداولة أن تسمع أحد الخصوم أو أن تقبل أوراقاً في الخصومة دون إطلاع الخصم الآخر وإلا كان العمل باطلاً)، ومفاد هذا النص أنه لا يجوز للمحكمة بعد قفل باب المرافعة أن تقبل أية أوراق بما فيها ورقة عقد الصلح من غير أن يطلع عليها الخصم الآخر، لأن ذلك يتنافى مع حق الدفاع ومبدأ المواجهة ، كما يتنافى مع مفهوم حجز القضية للحكم.

الوجه الثاني: الصلح أمام القاضي أثناء نظره للقضية وبعد حجزها للحكم:

إذا تم الصلح بين الخصوم أثناء سير اجراءات المحاكمة ونظر القاضي للخصومة فأنه يجب على القاضي إثبات الصلح في محضر جلسة المحاكمة حتى يتم بموجبه إنهاء الخصومة وحسمها وإعتبار الصلح سنداً تنفيذياً، وفي هذا المعنى نصت المادة (165) مرافعات على أنه (للمحكمة أن ترغب الخصوم بالصلح وتحثهم على ذلك لا أن تجبر أياً منهم عليه وذلك قبل البدء في نظر الدعوى، فإذا تصالح الخصوم فعليهم أن يثبتوا ما يتصالحوا عليه في محضر الجلسة ويحرروا به عقد صلح ويقدموه للمحكمة لإلحاقه بمحضر الجلسة والتصديق عليه ويكون له في جميع الاحوال قوة السند الواجب التنفيذ)، اما إذا تم التصالح بين الخصوم بعد حجز القضية للحكم فأنه يجب على الخصوم في هذه الحالة أن يطلبوا من المحكمة فتح باب المرافعة كي تقوم المحكمة بعد ذلك بعقد جلسة محاكمة حتى يتمكن الخصوم المتصالحين من الحضور في الجلسة أمام المحكمة لإثبات الصلح وإنهاء القضية بالصلح، والله اعلم.
الصلح بعد حجز القضية للحكم
الصلح بعد حجز القضية للحكم.