طريقة ووقت تقديم الدفوع الشكلية والفصل فيها

طريقة ووقت تقديم الدفوع الشكلية والفصل فيها
طريقة ووقت تقديم الدفوع الشكلية والفصل فيها.
طريقة ووقت تقديم الدفوع الشكلية والفصل فيها
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين، الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.

لطريقة ووقت تقديم الدفوع الشكلية والفصل فيها تأثير بالغ في تسريع اجراءات التقاضي ومواجهة ظاهرة بط اجراءات التقاضي التي يعاني منها القضاء اليمني.

 وفي هذا الشان نصت المادة (181) من قانون المرافعات اليمني على أنه (يسقط الحق في الدفع بعدم الإختصاص المكاني وفي الدفع ببطلان الإعلان أو الاستدعاء وفي الدفع بطلب إحالة الدعوى إلى محكمة أخرى لقيام نفس النزاع أمامها أو لارتباطها بدعوى أخـرى مرفوعة أمامها وكذلك سائر الدفوع المتعلقة بالإجراءات إذا لم تُبد جميعها أو ما يراد إبداؤه منها دفعة واحدة قبل الدخول في موضوع النزاع ويجب إبداء جميع الوجوه التي بُنِي عليها الدفع المتعلق بالإجراءات معاً وإلاَّ سقط الحق فيما لم يبد منها ويحكم في كل دفع منها استقلالاً بقرار مسبب ما لم تقرر المحكمة في الجلسة ضمه للموضوع، وعليها حينئذٍ أن تبين ما حكمت به في كل منهما على حده).

 فقد اشترط النص القانوني السابق ان تقوم محكمة الموضوع بالفصل في كل دفع شكلي بقرار مستقل مع أن النص ذاته قد اشترط ان يتم تقديم جميع الدفوع الشكلية دفعة واحدة، كما اشترط النص أن يتم ابداء جميع اوجه الدفع الشكلي دفعة واحدة ، ولذلك كان من المناسب ان تفصل محكمة الموضوع في الدفوع الشكلية عند تعددها في قرار واحد مستقل بدلا من الفصل فيها بقرارات عدة ،لان الفصل في كل دفع بقرار مستقل يطيل اجراءات التقاضي ويعقدها ويبعثر جهود المحكمة والخصوم ويرهق القضاء والخصوم معا ، فضلا عن انه يبعثر اجراءات القضية الواحدة ويعطل مبدا الاقتصاد في إجراءات التقاضي.

إضافة الى انه من المناسب التصريح في النص السابق على أنه يجب على الخصم ان يقدم جميع دفوعه الشكلية دفعة واحدة في عريضة واحدة أو في جلسة واحدة وكذلك الحال بالنسبة لابداء اوجه الدفع الشكلي دفعة واحدة في عريضة واحدة أو في جلسة واحدة ، ولذلك نوصي المقنن اليمني بتعديل المادة (181) السابق ذكرها لمعالجة اوجه القصور فيها والسابق بيانها.

والدفوع الشكلية ومنها الدفع بعدم الإختصاص المكاني يجب على الخصم ان يقدمها قبل أن تخوض المحكمة في الموضوع، بخلاف الدفوع المتعلقة بالنظام العام التي يجوز تقديمها في أية مرحلة من مراحل التقاضي حتى أمام المحكمة العليا ، ويجب على أية محكمة أن تتصدى لها من تلقاء ذاتها حتى لو لم يقدمها الخصوم ، حسبما هو مقرر في المادة (185) مرافعات، بيد أن تعديلات يناير 2021م لقانون المرافعات قد اوجبت تقديم الدفع بعدم الإختصاص النوعي أيضا قبل الخوض في الموضوع مثله في ذلك مثل الدفع بعدم الاختصاص المحلي أو المكاني ، فقد نصت المادة (91) مرافعات بعد تعديلها في يناير2021على أنه (مع مراعاة ما ورد في قانون السلطة القضائية لا يعد الإختصاص النوعي أمام المحاكم الابتدائية ذات الولاية العامة فيما يرفع أمامها من الدعاوى من النظام العام) ، فإذا دفع الخصم أمام المحكمة الابتدائية بعدم الإختصاص بحسب نوع الدعوى، فيجب أن يتم تقديم هذا الدفع قبل الخوض في موضوع النزاع، ويجب على محكمة الموضوع أن تفصل في الدفع بعدم الاختصاص النوعي ويجب على محكمة الموضوع أن تحدد في حكمها بقبول الدفع المحكمة المختصة بنظر الدعوى وتحدد الجلسة المخصصة لنظر الدعوى من قبل المحكمة التي تم إحالة القضية اليها.

 وعلى هذا المعنى الوارد في المادة (91) بعد تعديلها فإن حكم الدفع بعدم الإختصاص النوعي قد صار مماثلاً للدفع بعدم الإختصاص المحلي، إذ يفهم من هذا النص أنه قد اخرج الدفع بعدم الإختصاص النوعي من دائرة الدفوع المتعلقة بالنظام العام إلى الدفوع الشكلية، فمفاد هذا النص أن الدفع بعدم الإختصاص النوعي قد صار من الدفوع الشكلية وإنه يجب على الدافع أن يبديه قبل الخوض في الموضوع. ، ولا ريب ان هدف المقنن اليمني من تعديل المادة (91) على هذا النحو هو تجفيف منابع ظاهرة بطء اجراءات التقاضي التي يعاني منها القضاء اليمني.

وقد اشار الحكم محل تعليقنا إلى شكلية الدفع بعدم الإختصاص المكاني أو المحلي، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 11-1-2020م في الطعن رقم (36775)، وقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: ((فقد نعى الطاعن على الحكم المطعون فيه البطلان لمخالفته القواعد المنظمة للإختصاص النوعي للمحاكم التجارية ولسقوط الدفع الشكلي بعدم الإختصاص المحلي للمحكمة التجارية لعدم ابداء الدفع قبل الخوض في موضوع النزاع، ولعدم جواز ابداء الدفع أمام الاستئناف....إلخ، وتجد الدائرة: أن هذا النعي غير سديد، ذلك أن محامي المطعون ضده حالياً أثار الدفع بعدم الإختصاص المحلي للمحكمة التجارية، وذلك في مقدمة عريضة استئنافه، وقضت الشعبة بقبوله للأسباب المذكورة في الحكم المطعون فيه))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

ماهية الدفوع الشكلية والوقت المقرر لإبدائها وكيفية الفصل فيها وتوصيتنا للمقنن اليمني:

الوجه الأول: ماهية الدفوع الشكلية والوقت المقرر لإبدائها وكيفية الفصل فيها وتوصيتنا للمقنن اليمني:

الدفوع الشكلية: هي تلك الدفوع التي يتم توجيهها اجراءات إلى الخصومة أو بعض إجراءاتها دون التعرض للحق المدعى به، فالدفوع الشكلية تتعلق بصحة إجراءات الخصومة وشكلها وكيفية توجيهها، كالدفع بعدم الإختصاص المكاني أو بطلان أوراق الإعلان او بطلان التكليف بالحضور أو الدفع بعدم سماع الدعوى للتقادم.

فالدفوع الشكلية توجه إلى إجراءات الخصومة القضائية بقصد إستصدار حكم ينهي الدعوى دون المساس بموضوعها أي موضوع الحق المدعى به أو يهدف الدفع إلى إرجاء الفصل في الدعوى.

 والدفوع الشكلية تعد وسائل دفاع في مواجهة اجراءات الخصومة بقصد التحقق من صحة هذه الإجراءات وإنها تمت وفقاً للقانون، فحيث يكون العيب في الإجراءات يكون الدفع الموجه لهذا العيب دفعاً شكلياً، ولكثرة الدفوع الشكلية التي يتم توجيهها إلى إجراءات الخصومة فلا يمكن حصر هذه الدفوع.

ومن خلال ما تقدم يظهر أن الدفوع الشكلية تتجه إلى إجراءات الخصومة وإنه يجب أن يتم تقديمها من قبل الدافع قبل الخوض في الموضوع، أو التصدي للموضوع وإلا سقط الحق في التمسك بالدفع نظراً للطبيعة الخاصة للدفوع الشكلية مما يستوجب أن يتم تقديم هذا الدفع أولاً وقبل التعرض لموضوع الدعوى بحيث لو صح الدفع انقضت الدعوى أو تم تصحيح الإجراءات ، فلا تظل الدعوى رهينة دفع قد يتم تقديمه بعد أن تكون المحكمة قد بذلت جهداً واضاعت وقتاً، لذلك فقد اشترط القانون تقديم الدفوع الشكلية قبل الخوض في الموضوع، كما يجب على الدافع ان يبديها جميعا دفعة واحدة وفي عريضة واحدة أو جلسة واحدة حتى لايترتب على ذلك إطالة اجراءات التقاضي إذا ما فصلت المحكمة في كل دفع من هذه الدفوع على حدة .

ويترتب على عدم ابداء الدفوع الشكلية دفعة واحدة يترتب على ذلك سقوط حق الخصم في تقديم أي دفع شكلي بعدئذ .

كما يجب على الخصم عند إبداء اوجه الدفع الشكلي ان يبين في عريضة دفعه كافة اوجه الدفع فان لم يفعل ذلك سقط الوجه الذي لم يبده في عريضة دفعه .

 وفي هذا المعنى نصت المادة (181) مرافعات على أنه (يسقط الحق في الدفع بعدم الإختصاص المكاني وفي الدفع ببطلان الإعلان أو الاستدعاء وفي الدفع بطلب إحالة الدعوى إلى محكمة أخرى لقيام نفس النزاع أمامها أو لارتباطها بدعوى أخـرى مرفوعة أمامها وكذلك سائر الدفوع المتعلقة بالإجراءات إذا لم تُبد جميعها أو ما يراد إبداؤه منها دفعة واحدة قبل الدخول في موضوع النزاع، ويجب إبداء جميع الوجوه التي بُنِي عليها الدفع المتعلق بالإجراءات معاً وإلاَّ سقط الحق فيما لم يبد منها ويحكم في كل دفع منها استقلالاً بقرار مسبب ما لم تقرر المحكمة في الجلسة ضمه للموضوع، وعليها حينئذٍ أن تبين ما حكمت به في كل منهما على حده).

وقد اشترط النص القانوني السابق ان تقوم محكمة الموضوع بالفصل في كل دفع شكلي بقرار مستقل مع أن النص القانوني ذاته قد اشترط ان يتم تقديم جميع الدفوع الشكلية دفعة واحدة كما اشترط النص أيضا أن يتم ابداء جميع اوجه الدفع الشكلي دفعة واحدة ، ولذلك كان من المناسب ان تفصل محكمة الموضوع في الدفوع الشكلية عند تعددها في قرار واحد مستقل حتى لاتتم بعثرة الاجراءات في القضية وحتى يتحقق مبدا الاقتصاد في إجراءات التقاضي ، ولان الفصل في كل دفع شكلي على حده وبقرار مستقل يؤدي إلى إطالة اجراءات التقاضي وتعقيدها وارهاق القضاة والخصوم معا .

إضافة الى انه من المناسب التصريح في النص السابق على أنه يجب على الخصم ان يقدم دفوعه الشكلية دفعة واحدة في عريضة واحدة أو في جلسة واحدة حتى يتم الفصل دفعة واحدة بقرار واحد مستقل فان لم يفعل الخصم ذلك سقط حقه في الدفع الذي لم يقدمه ، وكذا يجب على الخصم حينما يقدم دفعا شكليا واحدا يجب عليه ان يبين في عريضة دفعه كافة اوجه الدفع حتى يتم الفصل فيها جميعا وإلا سقط الوجه الذي لم يبديه.

وبناء على ذلك فإننا نوصي المقنن اليمني بتعديل المادة السابق ذكرها لتضمينها التصريح بوجوب تقديم جميع الدفوع الشكلية وجميع اوجه الدفع الشكلي في عريضة واحدة أو في جلسة واحدة وكذا وجوب الفصل فيها بقرار واحد مستقل.

كيفية التوفيق بين إعتبار الدفع بعدم الإختصاص النوعي من الدفوع الشكلية وفقاً للمادة (91) مرافعات المعدلة وبين إعتبار الدفع بعدم الإختصاص النوعي من النظام العام وفقاً للمادة (186) مرافعات

الوجه الثاني: كيفية التوفيق بين إعتبار الدفع بعدم الإختصاص النوعي من الدفوع الشكلية وفقاً للمادة (91) مرافعات المعدلة وبين إعتبار الدفع بعدم الإختصاص النوعي من النظام العام وفقاً للمادة (186) مرافعات:

سبق القول أن التعديل الذي جرى في المادة (91) مرافعات في عام 2021م قد نص على عدم إعتبار الاختصاص النوعي من النظام العام، وتبعا لذلك عدم إعتبار الدفع بعدم الإختصاص النوعي من النظام العام ، وسبق ان ذكرنا أيضا أن المادة (91) المعدلة قد اشترطت ان يتم تقديم الدفع بعدم الإختصاص النوعي قبل الخوض في الموضوع، ومعنى ذلك ان المادة (91) المعدلة قد اعتبرت هذا الدفع من الدفوع الشكلية ، في حين نصت المادة (186) مرافعات على إعتبار الدفع بعدم إختصاص المحكمة بسبب نوع الدعوى من الدفوع المتعلقة بالنظام العام.

وبما أن تعديل المادة (91) مرافعات كان متأخراً أي في عام 2021م ولاحقا لصياغة المادة (186) وتقريرها فأن ماورد في المادة (91) يلغي ما ورد في المادة (186) مرافعات بشأن إعتبار الدفع بعدم الإختصاص النوعي من النظام العام، ولو أن التعديل قد ورد في المادة (91) ولم يرد في المادة (186).

الوجه الثالث: فصل المحكمة في الدفعين بعدم الإختصاص النوعي وعدم الإختصاص المكاني:

الوجه الثالث: فصل المحكمة في الدفعين بعدم الإختصاص النوعي وعدم الإختصاص المكاني:

إذا تم تقديم الدفعين المشار إليهما قبل خوض المحكمة في الموضوع فإن المحكمة تفصل فيهما متقيدة بالأحكام الواردة في المادة (183) مرافعات التي نصت على أنه (على المحكمة إذا قضت بعدم إختصاصها المكاني أو النوعي أن تقرر إحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة وأن تحدد موعداً لحضور الخصوم أمامها وتلتزم المحكمة التي احيلت إليها الدعوى بنظرها)، والله اعلم.

تعليقات