شروط العقد

شروط العقد
شروط العقد.
شروط العقد
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين، الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.

 شروط العقد هي البنود التي تتضمنها وثيقة العقد أو يتم التعاقد على الالتزام بها ، ويجوز للمتعاقدين أن يشترطوا عند التعاقد الشروط التي يقتضيها العقد وكذا الشروط التي لاتتنافى مع العقد طالما أن فيها مصلحة للمتعاقدين أو أحدهما طالما أنها لا تخالف الأحكام الشرعية المجمع عليها أو تخالف نصاً قانونياً آمرا، ويتم الإتفاق بين المتعاقدين على شروط العقد قبل تحرير وثيقة العقد أو التعاقد الفعلي ،وعند تحرير وثيقة العقد يتم تضمينها الشروط التي سبق الإتفاق عليها ، ويتم التوقيع على العقد من قبل المتعاقدين ، فإذا تم تضمين الشروط في العقد فإن الشرط يكون بنداً من بنود العقد الملزمة، ويجب على المتعاقدين الوفاء بها ولو كانت تخالف نصوص قانونية مكملة أي غير آمر مثل الشرط في عقد الإيجار بأن يقوم المستأجر بإخلاء المحل التجاري المؤجر من غير قيد أو شرط ، وقد اشار الحكم محل تعليقنا إلى أنه يجب على المتعاقدين تنفيذ الشرط الوارد في العقد ولو خالف نصاً مكملاً ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 10-1-2010م في الطعن رقم (36467)، وقد ورد ضمن أسباب ذلك الحكم: ((وحيث انه من البين من خلال الأوراق انه قد جرى تحرير عقد إيجار بين المؤجر والمستأجر تضمن أن مدة الإيجار عام كامل تنتهي بتاريخ....، وقد ورد شرط في العقد بأن على المستأجر إخلاء المحل التجاري دون قيد أو شرط عند إنتهاء مدته، وبما أن المطعون ضدها قد طالبت الطاعن بالإخلاء في وقته ثم تقدمت بدعواها بتاريخ.... طالبة إلزام الطاعن بإخلاء العين، وحيث أن المعلوم قانوناً أن عقد الإيجار ينتهي بإنتهاء المدة المعينة فيه، لذلك فإن حكم الشعبة موافق للقانون))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: الحجية القانونية للعقد:

من المقرر في فقه الشريعة الإسلامية وفي الفقه القانوني أن العقد شريعة المتعاقدين، وقد وردت هذه القاعدة في نصوص شرعية كثيرة ، فقد أمر الله تعالى بوجوب الوفاء بالعقود في نصوص كثيرة منها قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ..}[(1) : المائدة].

كما وردت هذه القاعدة في أكثر من نص من نصوص القانون المدني ، من ذلك ماورد في المادتين ( 13و211)، مدني.

 وتعني هذه القاعدة: أن العقد ملزم لأطرافه، وتتأسس حجية العقد وإلزاميته على رضا المتعاقدين بالبنود والشروط الواردة في العقد.

الوجه الثاني: معنى الشرط في العقد (بنود العقد):

 يتاسس العقد على مبدأ سلطان الارادة أو حرية المتعاقدين في الإتفاق على شروط العقد أو بنوده التي يروا أنها تحقق اهدافهم واغراضهم من التعاقد وتحفظ حقوقهم ومصالحم وتضمن الوفاء بشروط العقد التي تصير بعد إبرام العقد التزامات عقدية ملزمة يجب الوفاء بها .

وعلى هذا الاساس يحق للمتعاقدين الإتفاق أو التعاقد على الشروط وتضمين العقد البنود أو الشروط التي التي يروا أنها تحقق مصالحهم واغراضهم من العقد وتضمن الوفاء بها ، فاطراف العقد احرار في ذلك شريطة ان لاتتنافى شروط العقد مع مقصود العقد واغراضه ، وان لا يخالف أي بند من بنود العقد احكام الشرع والقانون .

ويتم التراضي على بنود العقد بين المتعاقدين عند إنعقاد العقد بالإيجاب والقبول وإنصراف إرادتهما إلى الإلتزام بالبنود الواردة في العقد، لأن الشرط المعتبر في الشرع والقانون هو الذي يتم الإتفاق عليه وقت إبرام العقد عن طريق صيغتي الايجاب والقبول، أما الشروط التي يتم التراضي عليها بعد ذلك فيكون ذلك تعديلاً للعقد إما بإضافة شرط أو بند أو حذفه أو تعديله، فذلك يكون بمثابة تعديلا للعقد، أما إذا كان الشرط قد تم الإتفاق عليه ووقعة صيغة الايجاب والقبول قبل إبرام العقد فأنه يكون بمثابة عقد آخر إذا توفرت فيه شروط العقد، اما إذا كان ما تم التراضي عليه قبل إبرام العقد مجرد تفاهم على شرط من الشروط ، فلا يكون عقدا الا إذا وجدت صيغة العقد وتلاقى الإيجاب والقبول الموافق له، وهذا هو الفرق بين الإتفاق والعقد في الشريعة والقانون، فالإتفاق عبارة عن موافقة مبدئية على بنود وشروط العقد قبل التعاقد أو إبرام العقد بالفعل، فالإتفاق عبارة عن تفاهم مبدئي على شروط العقد الذي سيتم ابرامه لاحقا ، فلا يعقل أن يتم التعاقد بين الأفراد مباشرة وإنما تسبق ذلك إتفاقات تمهيدية أو مبدئية أو تفاهمات بشأن بنود العقد الذي سيتم إبرامه لاحقاً. (مهارات الصياغة القانونية، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، ص32).

الوجه الثالث: القواعد القانونية الآمرة والمكملة الناظمة للعقد وعلاقتها بشروط العقد:

في بعض الدول يطلق على القانون المدني قانون الموجبات والعقود، ولذلك ينظم القانون المدني أركان العقد بصفة عامة وشروطه، ومن خلال مطالعة الأحكام العامة للعقد بصفة عامة المقررة في القانون المدني اليمني يظهر بجلاء تام أن النصوص القانونية الناظمة لأركان العقد وشروطه هي نصوص قانونية آمرة لا يجوز للأفراد مخالفتها أو الإتفاق على خلافها، فأركان العقد وهي صيغة العقد (الإيجاب والقبول) والعاقدان ومحل العقد، وقد اشترط الفقه والقانون في كل ركن من هذه الاركان شروطاً معينة لا يتسع المجال لسردها في هذا التعليق الموجز، فخلاصة هذا الموضوع أن النصوص الناظمة لأركان العقد وشروطه تعد قواعد آمرة، ويعبر عنها شراح القانون بالنظام العام العقدي، فهذه القواعد القانونية الآمرة تستهدف حماية النظام العام للمجتمع، فليس من حق المتعاقدين الإتفاق على خلافها.

الوجه الرابع: الخلاف الفقهي بشأن الشروط في العقد:

اتفق الفقه الإسلامي على صحة الشرط الذي يقتضيه العقد كأن يشترط المشتري على البائع أن يسلمه المبيع فور إبرام عقد البيع، واتفق الفقه الإسلامي أيضا على عدم صحة الشرط الذي يتنافى مع أحكام الشريعة الإسلامية كأن يشترط المقرض على المقترض الزيادة على مبلغ القرض عند تسديده ،لأن الزيادة ربا بإجماع الفقهاء، واختلف الفقه الإسلامي بشأن الشروط التي لا تتنافى مع العقد ولا يقتضيها العقد ولكن فيها مصلحة لطرفي العقد أو احدهما، حيث ذهب فريق من الفقه الإسلامي إلى جواز هذا النوع من الشروط إذا كان فيها مصلحة للمتعاقدين أو أحدهما، في حين ذهب فريق آخر من الفقه الاسلامي إلى عدم جواز هذه الشروط، وقد أخذ القانون المدني اليمني بالقول الأول الذي ذهب إلى جواز هذا النوع من الشروط اذا كان فيها مصلحة، ومن أمثلة هذا النوع من الشروط أن يشترط المؤجر في عقد إيجار المحلات التجارية أن يقوم المستأجر بإخلاء العين المؤجرة حينما يطلب المؤجر منه ذلك من غير شرط أو قيد أو أن يشترط المؤجر إخلاء المحل التجاري من غير حاجة إلى إخطار المستأجر بالإخلاء قبل إنتهاء مدة الميعاد، مثلما أشار الحكم محل تعليقنا، والله اعلم.

تعليقات