ماهية التقرير التكميلي للخبير العدل

 

ماهية التقرير التكميلي للخبير العدل
ماهية التقرير التكميلي للخبير العدل.
ماهية التقرير التكميلي للخبير العدل

أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين، الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

عندما يقوم الخبير العدل بتقديم تقريره النهائي الذي يتضمن نتائج دراسته وفحصه للمسالة الفنية وذلك إلى المحكمة التي عينته، فان المحكمة تقوم بعرض ذلك التقرير على الخصوم لإبداء ملاحظاتهم بشأنه، ومن خلال دراسة القاضي للتقرير المشار إليه وملاحظات الخصوم عليه ، قد يجد القاضي أن تقرير الخبير لم يتعرض لبعض المسائل الفنية التي تدخل ضمن مهمته وفقا لقرار تعيينه أو ان هناك مسائل فنية أخرى يجب على الخبير العدل أن يقوم بفحصها ، ولكن لم يرد ذكرها في قرار تكليف الخبير فيقوم القاضي بتكليف الخبير مرة اخرى لفحص تلك المسائل ، كما قد يجد القاضي من خلال دراسته لتقرير الخبير وملاحظات الخصوم على التقرير يجد أن بعض المسائل الواردة في التقريرعامة أو مجملة أو غامضة تحتاج إلى مزيد من البيان والتوضيح ، وفي حالات أخرى قد تجد محكمة الطعن أن هناك مسائل وأوجه قصور في تقرير الخبير الذي استند إليه الحكم المطعون فيه ، فتقضي محكمة الطعن بوجوب إستيفاء أوجه القصور أو الغموض أو المسائل التي اغفلها التقرير السابق للخبير، ففي هذه الاحوال يقوم الخبير العدل بإستيفاء أوجه القصور أو الغموض أو الإغفال، وعند الإنتهاء من الإستيفاء يقوم الخبير العدل برفع تقرير تكميلي يستوفي فيه المهمة المناطة به، ويكون هذا التقرير بمثابة إكمال أو تكميل للتقرير السابق، ولهذا تطلق على هذا التقرير تسمية التقرير التكميلي لانه يكمل التقرير السابق ويكون مكملا له أو مصححا له وليس بديلا عنه، بل يكون يضاف التقرير التكميلي إلى التقرير النهائي فلاينسخ الا البيانات المغلوطة أو الاجراءات غير الصحيحة التي وردت في التقرير النهائي، وقد اشار إلى هذه المسألة الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 22-12-2009م في الطعن رقم (37785)، وقد ورد ضمن أسباب ذلك الحكم: ((حيث قررت الدائرة التجارية نقض الحكم الاستئنافي السابق جزئياً والإعادة إلى الشعبة لمراجعة إحتساب مبلغ التعويض المحكوم به على فلان أو مستأجري السفينة، وبموجب ذلك فقد قامت الشعبة بتكليف المحاسب القانوني لإستكمال مهمته في ضوء حكم الإعادة، وبموجبه قام المحاسب القانوني بإصدار تقريره التكميلي))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: التقرير الاولي للخبير العدل والتقرير النهائي:

من المعتاد في المحاكم اليمنية أن يقوم الخبير العدل بإعداد تقرير أولي، وذلك بعد تعيينه من قبل المحكمة يبين فيه الخبير المدة المتوقعة لإنجاز المهمة والمتطلبات اللازمة لتنفيذ مهمته بما في ذلك الأتعاب التي يستحقها الخبير، ويتم تقديم التقرير الاولي قبل اداء الخبير للمهمة حتى يتم معرفة كيفية أداء الخبير للمهمة وتقويمها بداية توفيرا للجهد والوقت والمال ،ويقوم الخصوم بإبداء ملاحظاتهم على هذا التقرير الأولي، وبعد تصويبه وإستيعاب ملاحظات الخصوم وتوجيهات المحكمة، يقوم الخبير العدل بأداء مهمته مسترشداً بقرار تعيينه الصادر من المحكمة وبما ورد في التقرير الأولي بعد تصحيحه ، وقد اشترطت المادة (172) إثبات على الخبير العدل أن يقدم تقريره النهائي في الميعاد الذي سبق للمحكمة أن حددته في قرار تعيين الخبير ، وإذا تعدد الخبراء جاز لهم جميعاً أن يقدموا تقريراً مشتركا، ويجوز أن يقوم كل واحد منهم بتقديم تقرير منفرد ، وهذا هو التقرير النهائي للخبير العدل الذي يتضمن النتائج التي توصل إليها الخبير العدل، ويشتمل التقريرالنهائي للخبير العدل على تاريخ تعيينه من المحكمة لأداء المهمة وبيان المهمة التي كلفته المحكمة بها من واقع قرار تكليفه ثم يعرض ملخص التقرير الأولي الذي سبقت الإشارة إليه، ثم يقوم الخبير بعرض طريقة عمله، وبعد ذلك يستعرض الخبير النتائج التي توصل إليها مبيناً النصوص القانونية التي استند إليها والأدلة والشواهد التي تدل على صحة النتائج التي توصل إليها الخبير العدل في تقريره.

وبعد إنجاز الخبير للتقرير النهائي يقوم بتقديمه إلى القاضي الذي عينه لأداء المهمة ، فيقوم القاضي بتسليم نسخ من التقرير المشار إليه إلى الخصوم لإبداء ملاحظاتهم بشأن التقرير بما يكفل تصحيح وتصويب الأخطاء التي قد ترد في التقرير واستيفاء المسائل التي اغفلها التقرير، وقد تظهر للقاضي من خلال دراسته للتقرير وملاحظات الخصوم أن هناك جوانب أو مسائل تحتاج إلى قيام الخبير العدل بإستكمالها ، كما قد تظهر أثناء المناقشة وابداء الملاحظات على تقرير الخبير قد تظهر مسائل فنية وردت في التقرير تحتاج إلى تصحيح.

الوجه الثاني: التقرير التكميلي للخبير العدل:

ذكرنا في الوجه السابق أن دراسة المحكمة ومناقشات الخصوم وملاحظاتهم للتقرير النهائي للخبير العدل قد تسفر عن وجود جوانب ومسائل اغفلها التقرير النهائي للخبير او تم اغفالها في قرار تكليف الخبير أو يظهر وجود اخطاء في التقرير أو مسائل لم يستكمل الخبير فحصها ودراستها وبيان الرأي الفني فيها، وهذا الأمر ليس نادراً.

ومن جانب آخر قد تلاحظ محكمة الطعن أن الحكم الطعين قد استند واعتمد على تقرير الخبير العدل مع أن هذا التقرير قد تجاهل واغفل مسائل فنية لم يقم بدراستها وبحثها وبيان الرأي الفني فيها، ولهذا السبب تحكم محكمة الطعن بإلغاء الحكم أو نقضه وتوجيه محكمة الإعادة بإستدعاء الخبير العدل وتكليفه بإستكمال المسائل أو الجوانب التي لم يبحثها في تقريره السابق أو تصحيح بعض الإجراءات حتى تكون موافقة للقانون، فيقوم الخبير بإكمال مهمته وتقديم تقريره التكملي.

وعلى هذا المعنى فإن التقرير التكميلي للخبير العدل هو تقرير يتضمن نتائج قيام الخبير بإستكمال مهمته السابقة وبحث المسائل التي اغفلها في تقريره السابق أو إستيفاء بعض المسائل التي كان يجب بحثها الا انه لم يرد ذكرها في قرار تعيين الخبير أو تصحيح ما ورد من أخطاء في بيانات ومعلومات بعض المسائل التي سبق للخبير بحثها.

الوجه الثالث: علاقة التقرير التكميلي للخبير بالتقرير النهائي:

التقرير التكميلي يتضمن النتائج التي توصل إليها الخبير العدل بشأن المسائل التي اغفلها التقرير النهائي الذي سبق للخبير تقديمه لمحكمة الموضوع، وعلى هذا الأساس فإن هذا التقرير مكملاً لما ورد في التقرير النهائي السابق، فلا يعد التقرير التكميلي بديلاً للتقرير السابق ، بل يضاف التقرير التكميلي إلى التقرير النهائي فلاينسخ االتقرير التكميلي إلا البيانات المغلوطة أو الاجراءات غير الصحيحة التي وردت في التقرير النهائي، ولذلك فأنه يجب على محكمة الموضوع العمل بمقتضى ما ورد في التقريرين النهائي والتكميلي معا بإعتبارهما يكملا بعضهما البعض، والله أعلم.

تعليقات