![]() |
قصر اثر الكفالة (الضمانة) على بعض أموال الكفيل. |
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
الكفالة (الضمانة) وفقاً للقانون هي: ضم ذمة
مالية وهي ذمة الكفيل إلى ذمة المدين المكفول عليه حسبما هو مقرر في الشريعة
الاسلامية والقانون المدني والقانون التجاري، غير أن الكفالة التجارية يكون محلها
ديناً تجارياً، وعلى هذا المفهوم فإن كل أموال
الكفيل تدخل في ذمته المالية التي تم ضمها بموجب الكفالة إلى ذمة المكفول عليه،
ومؤدى ذلك أنه بموجب الكفالة يجوز للمكفول
له المستفيد من الكفالة أن يطلب إقتضاء دينه من كل أموال الكفيل او حجزها كلها
حجزا تحفظيا او التنفيذ عليها كلها، غير ان القضاء في هذه الاحوال يقوم بقصر أثر الكفالة على المال الكافي لسداد الدين
المستحق للمكفول له وفي حدود هذا الدين ، وهذا الحكم القانوني يسري أيضا على الحالة
التي تكون فيها اموال المدين ضمانا عاما للدائنين جميعا ، حسبما قضى الحكم الصادر
عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 24/4/2010م في
الطعن رقم (36569)، وقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه، ((وبشأن نعي الطاعن
بالسبب الرابع من طعنه على الشعبة التجارية إلغائها ما قضى به الحكم الابتدائي بأن
تكون سائر أصول الشركة المطعون ضدها ضماناً للطاعن وأن ما قضت به الشعبة مخالف
للمادة (243) مرافعات، والدائرة: تجد أن هذا النعي غير منتج ذلك إنه لما كان تقدير
الكفالة من سلطة المحكمة وكانت هناك ضمانات مرهونة لدى الطاعن وقد تم القبول بها
في حينه سيما أن القضاء بالضمان على سائر أصول الشركة قضاءً بما لم يطلبه الخصوم
كما جاء في حكم المطعون فيه))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في
الأوجه الآتية:
الوجه الأول: الكفالة على المدين والضمان العام للدائنين:
الكفيل: هو الذي يضم ذمته المالية إلى ذمة المدين
المكفول عليه وتندرج كافة أموال الكفيل ضمن الذمة المالية له، وبموجب ذلك فإن
الكفالة في هذه الحالة تخول المكفول المطالبة بإقتضاء دينه المكفول عليه من أي
أموال الكفيل.
أما الضمان العام للدائنين للمدين فهو يعني أيضاً ان كافة أموال المدين تكون ضمانا عاما
لكافة الدائنين ، وبموجب ذلك يجوز لأي من
الدائنين المطالبة باقتضاء دينه من سائر اموال المدين او حجزها تحفظيا او التنفيذ
عليها وفقاً للاجراءات المحددة في قانون المرافعات.
ووفقاً لهذا المفهوم فإن آثار الكفالة التجارية
بمفهومها القانوني تماثل آثار مفهوم الضمان العام المقرر قانونا في اموال المدين .
وتتلخص آثار الضمان وآثار الكفالة التجارية في
إنه يحق للمكفول له أو الدائن المطالبة بإقتضاء دينه من أي من أموال الكفيل أو
المدين ، وكذا يجوز طلب الحجز التحفظي على أي منها شريطة أن يكون المال المطلوب
إقتضاء الدين منه أو الحجز عليه أو التنفيذ عليه مما يحوز الحجز عليه وان يكون المال المحجوز عليه متناسباً مع الدين المستحق
للمكفول عليه أو الدائن، وإضافة إلى ما سبق من آثار فينبغي قصر آثار الكفالة أو
الضمان العام للدائن في أموال المدين ينبغي قصر ذلك على الأموال الكافية للوفاء
بالدين المكفول عليه أو الذي بذمة المدين للدائن.
الوجه الثاني: الفرق بين أثارالرهن والضمان العام والكفالة:
وفقاً لأحكام الشرع والقانون فإن الرهن عقد، قد
يكون حيازيا عندما يكون محله مالاً منقولاً وقد يكون غير حيازي حينما يكون محله
عقاراً ، ويكون الرهن العقاري رسمياً، وبموجب أحكام الرهن أو التأمين العيني فإن
عقد الرهن وأحكامه تخول الدائن المرتهن حق المطالبة بإقتضاء الدين من المال
المرهون فقط ، فالمرتهن له الحق في إقتضاء الدين الذي يضمنه الرهن من العين
المرهونة في حدود مبلغ الدين، أما الضمان العام للدائنين فهو ضمان عام للدائنين
جميعاً وليس خاصاً كالرهن، وكذلك الحال بالنسبة للكفالة في المال فإنها تنصرف إلى
كافة أموال الكفيل الداخلة في ذمته المالية التي يجوز له التصرف فيها بخلاف الرهن
الذي يكون خاصاً بالعين المرهونة فقط.
الوجه الثالث: وجوب تناسب مطالبة المكفول له بحدود الدين المكفول عليه:
قضى الحكم محل تعليقنا بأنه يجب أن تقتصر مطالبة
الدائن للكفيل على قدر الدين المكفول عليه، فلا يحق له أن يطالب الحجز التحفظي أو
التنفيذي على سائر أموال الكفيل سواء أكان سند المطالبة الضمان العام للدائن أو
الكفالة التجارية أو كفالة تنفيذ حكم ، وأنه ينبغي أن يتم قصر الحجز التحفظي أو
التنفيذي أو المطالبة على القدر المناسب للدين، وبخلاف ذلك فان طالب التنفيذ أو المكفول له أو الدائن يكون متعسفا في الحق المخول له بموجب اخكام
الضمان العام أو الكفالة.
الوجه الرابع : كفالة تنفيذ الحكم:
نصت
المادة (243) مرافعات على أنه(يصدر الحكم في المسائل المستعجلة من المحكمة المختصة
أو ممن يندب فيها لذلك من القضاة خلال 24 ساعة من التاريخ المحدد للحضور في مواجهة
المدعى عليه أو المنصوب عنه ، ويكون الحكم واجب التنفيذ فور صدوره من واقع مسودته
دون اتباع مقدمات التنفيذ الجبري ، وللمحكمة ان تشترط لتنفيذ الحكم تقديم كفالة تقدرها بحسب الاحوال فاذا لم تنص في حكمها على تقديم
الكفالة كان الحكم واجب النفاذ بدون كفالة ).
فالكفالة (كفالة تنفيذ الحكم) المذكورة في هذا النص تقوم المحكمة بتقديرها ، وهذا التقدير يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة، ولاريب ان محكمة الموضوع تقدر الكفالة في هذه الحالة في ضوء القيمة الحقيقية للمال المطلوب التنفيذ عليه ، والله اعلم.