التوقيع على عريضة الطعن بالنقض المدني


التوقيع على عريضة الطعن بالنقض المدني
التوقيع على عريضة الطعن بالنقض المدني.

التوقيع على عريضة الطعن بالنقض المدني

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين - الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.

التوقيع على عريضة الطعن بالنقض المدني لا يصح إلا من الطاعن نفسه أو من محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا، ويجوز التوقيع على الطعن بالاستئناف من الطاعن نفسه أو من محامٍ مجاز للترافع أمام محاكم الاستئناف، وفي غير الطعن بالنقض يجوز لوكيل الطاعن أن يقوم بالتوقيع على عريضة الطعن إذا كان الوكيل من المحامين أو من الأقارب والاصهار إلى الدرجة الرابعة، وهناك إشكاليات عدة تظهر عند تعدد الطاعنين، وقد اشار إلى هذه الإشكاليات الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 13-4-2010م في الطعن رقم (36693)، وقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: ((وحيث أن المطعون ضده يفيد في بداية رده على عريضة الطعن أن الطعن غير مقبول شكلاً لعدم توقيع الطاعن ..... على عريضة الطعن بالمخالفة للمادة (295) مرافعات التي تنص أنه لا يجوز التوقيع على عريضة الطعن إلا من الطاعن أو من محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا، وحيث أنه بإطلاع الدائرة على مرفقات الطعن تبين وجود وكالة من الطاعن الأول للطاعن الثاني تتضمن توكيل الأول للأخير في رفع الطعن أمام المحكمة العليا، وبالعودة إلى نص المادة (295) مرافعات فإن نصها يوجب التوقيع من الطاعن أو من محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا إن طلبت ذلك أي أن طلبت المحكمة العليا ذلك، ولا يوجد مثل هذا الطلب في هذه القضية، وعليه ووفقاً لحكم المادة (279) مرافعات الواردة في القواعد العامة للطعن في الأحكام فأنها قد اجازت أن تكون عريضة الطعن موقعة إما من الطاعن أو من وكيله، الأمر الذي تحقق في هذا الطعن بتوقيع الطاعن الثاني عن الطاعن الأول بموجب الوكالة الصادرة له المرفقة بالأوراق والموثقة بقلم توثيق المحكمة))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: التوقيع على عريضة الطعن بالنقض في قانون المرافعات اليمني:

نصت الفقرة (أ) من المادة (295) مرافعات على أن (أ- يرفع الطعن بالنقض بعريضة موقعة من الطاعن أو من محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا إن طلبت وبالنسبة للطعون المرفوعة من النيابة العامة في الحالات التي يقرر القانون تدخلها وجوباً أو جوازاً يجب أن يكون الطعن موقعاً من رئيس النيابة على الأقل، ويتم رفع الطعن إلى المحكمة العليا أو إلى المحكمة التي اصدرت الحكم المطعون فيه).

فالظاهر من النص السابق أن التوقيع على عريضة الطعن بالنقض يتم التوقيع عليها من قبل الطاعن نفسه أو من قبل محامٍ لديه ترخيص من نقابة  المحامين بالترافع  أمام المحكمة العليا، وبيان ذلك كما يأتي:

أولاً: التوقيع على عريضة الطعن بالنقض المدني من قبل الطاعن نفسه: فيقوم الطاعن نفسه بالتوقيع على عريضة الطعن بالنقض أمام المختصين حين قيامه بإيداع العريضة، فيتم توقيع الطاعن على العريضة بعد أن يتحقق المختصون من شخصيته وهويته، ويتم إرفاق ما يدل على ذلك بعريضة الطعن ،اذ يتم ارفاق  صورة من البطاقة الشخصية بعد مطابقتها على أصلها، وغالباً ما يقوم الطاعن بالاستعانة بمحامٍ لإعداد عريضة الطعن بالنقض ثم يقوم الطاعن بالتوقيع عليها أمام المختصين عند إيداعها، ويتم التوقيع في أدنى كل صفحة من صفحات العريضة.

ثانياً: التوقيع على عريضة الطعن بالنقض المدني من قبل محامٍ مرخص له بالترافع أمام المحكمة العليا: درجة الترافع أمام المحكمة العليا هي الدرجة الأعلى من درجات المحامين المترافعين أمام المحاكم المختلفة، واشترط قانون المحاماة للقيد في جدول المحامين المقبولين للترافع أمام المحكمة العليا ان يكون المحامي قد اشتغل بمهنة المحاماة مدة أربع سنوات متصلة من تاريخ حصوله على الترخيص بمزاولة مهنة المحاماة أمام المحكمة الاستئنافية، وقبل ذلك يكون المحامي المقبول أمام المحكمة العليا قد اشتغل في المحاماة في المحاكم في درجتيها الابتدائية والاستئنافية، ومؤدى ذلك أن المحامي المقبول أمام المحكمة العليا قد توفرت لديه الخبرة والمعرفة القانونية اللازمة لإعداد وصياغة عرائض الطعون بالنقض أمام المحكمة العليا بإعتبارها محكمة قانون، فكان من المناسب أن يكون المحامي الذي يقوم بالتوقيع على عريضة الطعن بالنقض المدني من المحامين المقبولين أمام المحكمة العليا، ويشترط افي هذه الحالة ن يرفق المحامي المقبول بعريضة  الطعن بالنقض  بطاقة قبوله للترافع أمام المحكمة العليا والتوكيل الصادر له من الطاعن بإعداد عريضة الطعن بالنقض والتوقيع عليها .

الوجه الثاني: ماهية التوقيع على عريضة الطعن بالنقض:

نصت الفقرة (ج) من المادة (103) من قانون الإثبات على أن (يكون التوقيع على المحرر إما بالخط أو الختم أو بصمة الأصبع).

 والتوقيع بالخط هو كتابة اسم الموقع الرباعي، ويكون التوقيع  بالختم عن طريق خاتم يحمل اسم الشخص صاحب التوقيع، ويكون التوقيع ببصمة الأصبع ببصمة إبهام اليد اليسرى، ولم يرد في نص المادة (103) إثبات التوقيع بالإمضاء ، والامضاء عبارة عن  علامة أو تأشيرة يضعها الشخص لنفسه حتى لا يتم تقليدها، والشائع في اليمن أن يقترن التوقيع بالإمضاء بالتوقيع بالخط أي يتم التوقيع لهما معا.

وعند التوقيع باسم الطاعن نفسه أو باسم المحامي المقبول أمام المحكمة العليا نفسه فيكفي أن يكتب الطاعن أو المحامي اسمه وإمضائه على عريضة الطعن، اما إذا كان الطعن منسوب إلى مكتب محاماة أو شركة أو مؤسسة محاماة فينبغي أن تمهر عريضة الطعن بختم مكتب أو مؤسسة المحاماة.

الوجه الثالث: لا يكون توقيع المحامي المقبول على عريضة الطعن بالنقض وجوبياً إلا إذا طلبت المحكمة العليا ذلك:

نصت المادة (295) مرافعات على أن (أ- يرفع الطعن بالنقض بعريضة موقعة من الطاعن أو من محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا إن طلبت ذلك)، فهذا النص يعني أن الطاعن مخير بين أن يقوم بنفسه بالتوقيع على عريضة الطعن بالنقض أو أن يقوم الطاعن بتوكيل محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا لإعداد وصياغة عريضة الطعن والتوقيع عليها بالوكالة عنه، ومؤدى ذلك أن توقيع المحامي المقبول أمام المحكمة العليا ليس وجوبيا إلا إذا طلبت المحكمة العليا من الطاعن التوقيع على عريضة الطعن من قبل محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا حسبما قضى الحكم محل تعليقنا. 

الوجه الرابع: المقصود بوكيل الطاعن:

نصت المادة (279) مرافعات في نهايتها على أن يتم التوقيع على عريضة الطعن بالنقض (أن يوقع عليه من الطاعن أو من وكيله وترفق المستندات المؤيدة له وسند توكيل الموكل)، وقد ورد هذا النص ضمن النصوص القانونية العامة المنظمة للطعن في الأحكام بصفة عامة ، وهذا النص العام يفيد أنه يجوز لوكيل الطاعن أن يقوم بالتوقيع على الطعن بصفة عامة (إستئناف/ نقض/ إلتماس) بموجب الوكالة الصادرة له من الطاعن، غير أن المادة (295) مرافعات قد تضمنت حكماً خاصاً بشأن الطعن بالنقض خاصة ، لأن المادة (295) قد وردت ضمن النصوص الخاصة بالطعن بالنقض،  فقد صرحت المادة (295) مرافعات على أن (يرفع الطعن بالنقض بعريضة موقعة من الطاعن أو من محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا)، أي انها قد تضمنت حكما خاصا بشان التوقيع على عريضة الطعن بالنقض المدني.

وعلى هذا الأساس فلا يجوز التوقيع على عريضة الطعن بالنقض إلا من قبل الطاعن نفسه أو من قبل محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا.

مع التأكيد على ان المقصود بالوكئل المذكور في المادة (279) مرافعات هو الوكيل بالخصومة الذي حدد قانون المرافعات أحكامه في المواد (من 117 حتى 125) ومفادها أن الوكيل بالخصومة هو المحامي أو الأقارب أو الأصهار إلى الدرجة الرابعة.

الوجه الخامس: التوقيع على عريضة الطعن بالنقض عند تعدد الطاعنين:

الطعن في الأحكام حق وليس واجباً، ولذلك فقد يقرر بعض المحكوم عليهم الطعن بالنقض في الحكم  لا يقوم بعضهم الآخر بالطعن، فإذا قرر المحكوم عليهم الطعن بالنقض في الحكم، فعندئذٍ قد يقوم الطاعنون جميعهم بإعداد عريضة طعن واحدة فيقوم كل واحد منهم بالتوقيع عليها وقد يعد كل واحد منهم عريضة على حدة، وقد يشترك بعضهم في عريضة واحدة، وفي كل هذه الأحوال يجب على كل واحد من الطاعنين أن يقوم بالتوقيع عن نفسه في العريضة، وفي هذه الأحوال لا يضار الطاعن بطعنه وكذا لا يضار الذي لم يطعن لأنه ليس طرفاً في الخصومة، ولا يفيد الطعن إلا من رفعه، إلا أنه من المقرر انه إذا كانت مخالفات الحكم المشار إليها في الطعن متعلقة بالنظام العام فإن جميع المحكوم عليهم الطاعنين وغير الطاعنين يستفيدوا من الطعن أو يتضرروا منه.

ولا يجوز لأحد الطاعنين التوقيع عن غيره من الطاعنين الاخرين على عريضة الطعن بالنقض الا إذا كان محاميا مقبولا أمام المحكمة العليا ، لأن المادة (295) مرافعات قد اشترطت أن يتم التوقيع على عريضة الطعن بالنقض من الطاعن نفسه أو محامي مقبول أمام المحكمة العليا، ومؤدى ذلك النص أن الطاعن يحق له التوقيع عن نفسه فقط ولا يحق له التوقيع عن غيره إلا إذا كان محامياً مقبولاً أمام المحكمة العليا.

الوجه السادس: الفرق بين التوقيع على عريضة الطعن بالنقض المدني والتوقيع على عريضة الطعن بالنقض الجزائي:

سبق القول أن الطاعن في الطعن بالنقض المدني مخير بين أن يقوم بنفسه بالتوقيع على عريضة الطعن وبين أن يقوم بتوكيل محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا بالتوقيع على عريضة الطعن بالنقض، بخلاف الحال بالنسبة للطعن  بالنقض الجزائي الذي حصر قانون الإجراءات الجزائية النافذ حصر الحق في التوقيع على عريضة الطعن بالنقض الجزائي من قبل محامٍ معتمد أمام المحكمة العليا حسبما ورد في المادة (436) إجراءات التي نصت على أنه إذا كان الطعن بالنقض مرفوعا من غير النيابة العامة (وجب أن يوقع الأسباب محامٍ معتمد أمام المحكمة العليا وفقاً للقانون)، ويرجع سبب قصر التوقيع على عريضة الطعن بالنقض الجزائي على محامٍ معتمد لدى المحكمة العليا يرجع ذلك إلى خطورة المسائل الجنائية ومساسها بالحريات والحقوق وخطورة الآثار المترتبة على الأحكام الجزائية والعقوبات المقررة فيها، والله اعلم.