![]() |
مبدأ الثبوت كتابة وصور المستندات |
مبدأ الثبوت كتابة وصور المستندات
أ.د/
عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
مبدأ الثبوت بالكتابة هو : كل كتابة تصدر من الخصم ويكون من شأنها أن تجعل وجود التصرف المدعى به قريب الإحتمال ،ولذلك لاتكون هذه الكتابة أو المحرر المكتوب دليلا كاملا وانما قرينة تفيد الإحتمال ، مما يستدعي ان يساندها دليل اخر غالباً مايكون يمين من يتمسك بالكتابة أو المحرر، ويعني مبدأ الثبوت كتابة يعني أيضا أنه إذا اشترط القانون إثبات شئ عن طريق الكتابة وتخلف في الكتابة شرط من شروط حجيتها الكاملة فانه يجوز في هذه الحالة إثبات الشئ بطريقة اثبات أخرى غير الكتابة كالشهادة أو اليمين.
ولاريب ان اصل مبدا الثبوت كتابة هو الفقه الاسلامي العظيم الذي يحرص على حفظ الحقوق والمصالح عن طريق حفظ الادلة التي تثبتها ، ومن ذلك العمل بالقرائن الاحتمالية إذا تساندت مع بعضها ، والعمل بالقرينة اليقينية كدليل كامل ، فقد ورد في متون الفقه الاسلامي نظما قال فيها الناظم:
سأهدي لمن رام القضاء ادلة--- بها يهتدي إن مظلم
الخطب اعضلا.
يمين واقرار نكول وقسامة --- وبينة علم به ياخا
العلا.
كذلك الذي يبدو له من قرائن --- إذا بلغت حد
اليقين فحصلا.
(رقابة القضاء على اموال القاصرين، ا.د. عبد
المؤمن شجاع الدين ، ص18).
فمبدأ
الثبوت بالكتابة مصطلح جديد في القانون
اما في الفقه الاسلامي فأصله ثابت وفرعه في السماء كما سبق بيانه ، وقد سبق القول
أن مبدا الثبوت بالكتابة يعني أن الكتابة في بعض الحالات لاتكون دليلا كاملا بل قرينة
إحتمالية مما يتطلب تعزيزها بأدلة أخرى، ومن المحررات أو الكتابة التي تكون قرينة
إحتمالية صور المستندات الكتابية التي يسري عليها مبدا الثبوت كتابة، حسبما قضى
الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ
20/1/2010م في الطعن رقم (36499)، وقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: ((ومن جهة
أخرى فإن الصور الفوتوغرافية للمستندات ليست إلا مبدأ ثبوت بكتابة ليس لها حجية كاملة
في الإثبات، وعليه ومع عجز المدعية عن توفير
أصول تلك المستندات فلا تثريب على محكمتي الموضوع ان قضتا برفض دعوى
التعويض لعدم ثبوتها))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه
الآتية:
الوجه الأول: ماهية مبدأ الثبوت بالكتابة:
مبدأ الثبوت بالكتابة هو: عبارة عن كتابة صادرة
ممن يراد الإثبات ضده لاتكون دليلاً كاملاً وإنما دليل قريب الإحتمال .(مبدأ
الثبوت بالكتابة، سهير أمين، ص76).
وعرَّف قانون الإثبات المصري مبدأ الثبوت
بالكتابة في المادة (62) التي نصت على أنه (يجوز الإثبات بشهادة الشهود فيما كان
يجب إثباته بالكتابة إذا وجد مبدأ الثبوت بالكتابة، وكل كتابة تصدر عن الخصم ويكون
من شأنها أن يجعل وجود التصرف المدعى به قريب الإحتمال تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة).
ومبدأ الثبوت بالكتابة يعني ان المستند أو المحرر
لم تتوفر فيه الشروط القانونية اللازمة لاعتباره
دليلا كاملا ، كما لو كان المحرر غير موقع
من الشخص المدعى صدور المحرر منه او كان المحرر غير مشهودا عليه اوكان خطه غير
معروفا أو كان المحرر صورة وليس اصلا.
ومبدأ الثبوت بالكتابة يستدعي تقوية القرينة
الاحتمالية التي يفيدها المحرر ناقص
الحجية ،كما ان مبدا الثبوت كتابة يجيز اثبات المسائل التي اشترط القانون اثباتها
بالكتابة يجيز إثباتها عن طريق اليمين أو الشهادة في كل ما كان يجب إثباته أصلاً بالكتابة وفقا
للقانون ، ويتم العمل بمبدأ الثبوت بالكتابة في العقود الشكلية التي تكون الكتابة
شرطاً من شروط إنعقادها كعقد البيع العقاري أو بيع السيارات وغيرها. ويقوم مبدأ
الثبوت كتابة على ثلاثة أركان؛ الركن الأول: وجود محرر مكتوب صادر من الخصم يكون
من شأنه أن يجعل الحق المدعى به قريب الإحتمال، والمقصود بالكتابة هنا الكتابة على
الورق أو الهاتف أو الإنترنت أو الإيميل.
ولذلك لا بد من صرف لفظ الكتابة إلى أوسع معانيه،
فلفظ الكتابة يشمل كل محرر على الإطلاق دون قيد أو شرط فكل ورقة مهما كان شكلها أو
الغرض منها تصلح لأن تكون مبدأ ثبوت بالكتابة إذا استوفت بقية شروطها، وعلى هذا
الأساس فإن السندات العرفية غير الموقع عليها والتأشيرات المدونة في هامش الأوراق
تصلح لأن تكون مبدأ ثبوت بالكتابة، ويندرج ضمن مبدأ الثبوت بالكتابة صور المستندات،
إذ أنها مجرد قرينة تفيد إحتمال صحتها وصحة ما ورد فيها حسبما قضى الحكم محل
تعليقنا. .(مبدأ الثبوت بالكتابة، سهير أمين، ص79).
الوجه الثاني: مبدأ الثبوت بالكتابة في القانون اليمني:
ذكرنا في الوجه السابق ان مبدأ الثبوت بالكتابة يعني أن المستند أو الورقة لاتكون الا مجرد قرينة احتمالية على صحة الحق المدعى به أو المطلوب نفيه ، أي أن المحرر في هذه الحالة لا يصلح لأن يكون دليلاً كاملاً ، ويعني مبدأ الثبوت كتابة أيضا أنه إذا اشترط القانون إثبات شئ عن طريق الكتابة وتخلف في الكتابة شرط من شروط حجيتها الكاملة فانه يجوز في هذه الحالة إثبات الشئ بطريقة اثبات أخرى غير الكتابة.
وعلى هذا الأساس فإن قانون الإثبات اليمني والقانون التجاري اليمني قد نصا على حالات عدة يكون فيها المحرر أو المستند أو الورقة دليلاً كاملاً لإثبات الحق المدعى به وحجة كاملة ، فمثلاً المحررات الرسمية حجة بما جاء فيها من أمور قام بها محررها في حدود مهمته ، حسبما هو مقرر في المادة (100) إثبات، كذلك يكون المحرر العرفي الموقع من الخصم حجة عليه وعلى وارثه أو خلفه، حسبما هو مقرر في المادة (104) إثبات، أيضاً يعد المحرر العرفي المكتوب بخط الغير والمشهود عليه يعد حجة على الخصم ولو لم يقم بالتوقيع عليه ، حسبما هو مقرر في المادة (106) إثبات، وكذا تكون للرسائل الموقع عليها من الخصم حجية المحرر العرفي الموقع عليه من قبله ، حسبما ورد في المادة (111) إثبات.
كما ان دفاتر التاجر تكون حجة لصاحبها حسب الشروط
المقررة في المادة (38) من القانون التجاري اليمني، وكذا تعد دفاتر التاجر
الإلزامية حجة على صاحبها حسبما هو مقرر في القانون التجاري.
وبناءً على ذلك فإن المحرراو المستند في هذه الحالات يكون دليلاً كاملاً وليس ناقصاً أو قرينة إحتمالية ، ولذلك لا مجال للقول بتطبيق مبدأ الثبوت بالكتابة في هذه الأحوال، وفي غير هذه الحالات يكون المجال واسعاً لتطبيق مبدأ الثبوت بالكتابة سيما في العقود التي يشترط القانون اثباتها عن طريق الكتابة ، والله اعلم.