الدعوى الفرعية أمام المحكم
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
الطلب
الإضافي اوالدعوى الفرعية: هي التي يتم تقديمها من المدعي الاصلي، والدعاوى
المقابلة هي التي يتم تقديمها من المدعى عليه، والدعاوى الفرعية والدعاوى المقابلة
تندرج ضمن مسمى الطلبات العارضة التي
نظمها قانون المرافعات اليمني في المادتين (198 و 199) ،والدعاوى الفرعية والمقابلة
مذكورة في المادتين المشار اليهما على
سبيل المثال وليس الحصر.
والمحكم عندما يقوم بالنظر في الخصومة التحكيمية يجب أن يتقيد بحدود موضوع التحكيم المحدد في إتفاق التحكيم الذي يستمد منه المحكم ولايته ، بيد أن التحكيم ولاية استثنائية من الولاية الأصلية وهي ولاية القضاء، ولذلك فإن ولاية المحكم في نظر الدعاوى الفرعية والفصل فيها تكون ولاية مقيدة بالنظر إلى ولاية القاضي في هذا الشان ، فمثلاً لا يجوز للمحكم أن يفصل في طلب الحجز التحفظي أو الحراسة ، واضافة إلى ذلك فان ولاية المحكم بالنسبة للدعاوى الفرعية مقيدة بحدود ونطاق موضوع التحكيم المنصوص عليه في إتفاق التحكيم ، فلايحق للمحكم ان ينظر الدعاوي الفرعية أو يفصل فيها الا إذا كان يحتملها موضوع التحكيم المحدد في إتفاق التحكيم ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 10/10/2010م في الطعن رقم (36535)، وقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: ((كما لم يستطع الطاعن مناهضة ما بني عليه حكم الشعبة في إبطاله حكم التحكيم لخروج المحكمين عن نطاق وثيقة التحكيم التي حصرت مهمتهما في إنهاء الخلاف المحاسبي بين الطرفين المتنازعين، إلا أن الحكمين ماذا عن ذلك بالخوض في دعوى فرعية وهي دعوى تعويض مستقلة عن نطاق موضوع التحكيم، فمضمون الدعوى الفرعية المشار إليها مطالبة الطاعن بتعويضه عما لحقه من ضرر جراء توقيفه عن العمل بشكل مفاجئ، فقد كان من اللازم لصحة هذه الدعوى أن يتم تضمينها في وثيقة التحكيم حتى تنعقد الولاية للمحكمين للفصل فيهما سيما أن التحكيم هو طريق استثنائي لإقتضاء الحقوق يختلف عن إقتضاء الحقوق بواسطة المحكمة المختصة، فيتحدد نطاق ولاية المحكمين بحدود ما تم الإتفاق عليه في وثيقة التحكيم والمتمثل بالخلاف المحاسبي الذي أظهره التقرير المحاسبي فحسب))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: مفهوم الدعوى الفرعية في قانون المرافعات اليمني:
الدعوى الفرعية هي: الدعوى أو الطلب الذي يتفرع
من الدعوى الأصلية التي سبق للمدعي أن قدمها، ويشترط لقبول الدعوى الفرعية أن تكون
كذلك أي متفرعة من الدعوى الأصلية، ولا تكون الدعوى متفرعة من الدعوى الأصلية إلا إذا تضمنت الدعوى الفرعية تصحيح الدعوى الأصلية أو تعديل موضوعها لمواجهة
ظروف طرأت بعد تقديم الدعوى الأصلية، أو أن تكون الدعوى الفرعية مكملة للدعوى
الأصلية أو مترتبة عليها أو متصلة بها إتصالاً لا يقبل التجزئة أو أن تتضمن
الدعوى الفرعية إضافة أو تغيير في سبب
الدعوى مع بقاء موضوع الدعوى الأصلية، وقد تكون الدعوى الفرعية طلب الأمر بإجراء
تحفظي أو وقتي، ويجوز أيضا للمدعي الأصلي
تقديم اية دعاوى فرعية أخرى تأذن له المحكمة
بتقديمها شريطة ان تكون هذه الدعاوى الفرعية مرتبطة بالطلب الأصلي أو الدعوى
الأصلية، حسبما ورد في المادة (198) مرافعات.
وأهم ما يلاحظ على الدعاوى الفرعية أنه يجب أن
تكون متفرعة ومتصلة بالدعوى الأصلية إتصالاً أو إرتباطاً لا يقبل التجزئة، ولذلك
لاحظنا أن الحكم محل تعليقنا قضى بأن حكم التحكيم قد تجاوز موضوع التحكيم المحدد في إتفاق التحكيم حينما فصل في
دعوى التعويض على أساس أنها دعوى فرعية، في حين أنها في حقيقة الأمر دعوى مستقلة
عن الدعوى الأصلية المحددة في إتفاق التحكيم وهي الفصل في الخلاف المحاسبي بين الطرفين ، ولذلك فدعوى
التعويض في هذه الحالة ليست دعوى فرعية، لانها غير مرتبطة بالدعوى الأصلية إرتباطاً لا
يقبل التجزئة.
الوجه الثاني: لا تقبل الدعوى الفرعية أمام المحكم إلا إذا كانت مرتبطة إرتباطاً لا يقبل التجزئة بموضوع التحكيم المحدد في إتفاق التحكيم:
لا شك أن ولاية المحكم في نظر الخصومة التحكيمية
والفصل فيها لها طبيعة خاصة بإعتبار ولاية
المحكم ولاية استثنائية تأتي استثناءً من الولاية العامة المقررة في
الدستور والقانون للقضاء، فالقضاء هو السلطة المختصة بموجب الدستور والقانون في
الفصل في الخصومات كافة، وبموجب الولاية العامة للسلطة القضائية فإن القاضي يباشر كافة الأعمال والصلاحيات القضائية والولائية
، بخلاف المحكم الذي لا يحق له مباشرة الأعمال الولائية، وكذلك فإن المحكم لا يحق
له الفصل في طلب الحراسة القضائية أو الحجز التحفظي وإنما يحق للخصوم أن يطلبوا
ذلك من القضاء أو أن يطلب المحكم ذلك من القضاء.
وبإعتبار أن ولاية المحكم مستمدة من إتفاق
التحكيم الذي تم بموجبه إختيار المحكم من
قبل الخصوم وبإعتبار ان ولاية المحكم محددة حصراً وقصراً بحدود موضوع التحكيم كتابة
في إتفاق التحكيم، لذلك فإن المحكم لا يملك أن ينظر أو يفصل في الدعوى الفرعية أو
الدعوى المقابلة إذا كانت غير مرتبطة إرتباطاً مباشراً ومتصلة إتصالاً لا يقبل
التجزئة بموضوع التحكيم المحدد في إتفاق التحكيم.
الوجه الثالث: إجراءات نظر المحكم وفصله في الدعوى الفرعية أو الدعوى المقابلة:
إذا قام أحد الخصوم في الخصومة التحكيمية برفع دعوى فرعية أو دعوى مقابلة أمام المحكم ، وثبت للمحكم أن تلك الدعوى متصلة بموضوع التحكيم المحدد في إتفاق التحكيم ومرتبطة إرتباطاً مباشراً بالدعوى الأصلية السابق رفعها أمام المحكم، فعندئذٍ يجب على المحكم النظر في الدعوى الفرعية مع الدعوى الأصلية والفصل في الدعوى الأصلية والدعاوى الفرعية والمقابلة بحكمٍ واحد كلما أمكن ذلك، غير أنه لا ينبغي أن يترتب على تقديم الدعاوى الفرعية أو المقابلة إرجاء الحكم في الدعوى الأصلية متى كانت صالحة للحكم فيها، وفي هذه الحالة يرجئ المحكم الفصل في الدعوى الفرعية لدراستها وتحقيقها والحكم فيها لاحقاً بحكمٍ مستقل حسبما هو مقرر في المادة (203) مرافعات، والله اعلم.
![]() |
الدعوى الفرعية أمام المحكم |