صفة هيئة الإستثمار في منازعات الإستثمار

 

صفة هيئة الإستثمار في منازعات الإستثمار

أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

 تتمتع هيئة الإستثمار بشخصية قانونية إعتبارية عامة وذمة مالية مستقلة تمكنها من الاشراف  والرقابة للمشاريع الاستثمارية، والتنسيق والتنظيم لاعمال الجهات المعنية لتشجيع ورعاية المشاريع الاستثمارية ، بيد أن هيئة الإستثمار لا تكون طرفاً في منازعات الإستثمار التي تنشأ بين الشركات والمشاريع الإستثمارية سواء أكانت تلك المنازعات بين الشركات الإستثمارية ذاتها أو بينها وبين الجهات الأخرى ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 26/4/2010م في الطعن رقم (36224)، وقد ورد ضمن أسباب ذلك الحكم: ((فإن الدائرة بعد الرجوع إلى الأوراق مشتملات الملف تجد: أن الطاعن قد نعى على الحكم المطعون فيه أن المحكمة الابتدائية والشعبة قد قبلتا الدعوى من المجلس المحلي وهوغير ذي صفة، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن قانون الإستثمار رقم (22) لسنة 2002م قد اعطى الصفة في التعامل مع المشاريع الإستثمارية للهيئة العامة للإستثمار وجعلها صاحبة الصفة في مواجهة المستثمر ، فقد نصت المادة (28) من قانون الاستثمار على أن تتولى الهيئة تنفيذ أحكام القانون وعدد القانون إختصاصاتها، ومن ذلك إبرام العقود واناطت الفقرة (ب) من المادة (28) بالهيئة رفع الدعاوى باسمها والترافع في القضايا المرفوعة ضدها ،وذلك في كل ما يخص أعمالها وواجباتها، الأمر الذي يعني أن الدعوى بشأن عقد إيجار المشروع الاستثماري كانت مرفوعة من غير ذي صفة، والدائرة تجد أن: هذا النعي مردود عليه ، لأن الفقرة (ب) من المادة (28) إستثمار قد اجازت للهيئة رفع الدعاوى باسمها في كل ما يتعلق بأعمالها وواجباتها المتعلقة بتنفيذ أحكام هذا القانون، وذلك فيما يتصل بنشاطها مع الغير، أما في هذه القضية فإن العلاقة العقدية منحصرة في المجلس المحلي المطعون ضده وبين الطاعن بإعتبار المجلس المحلي طرفاً في العقد فهو المؤجر للأراضي المقام عليها المشروع الإستثماري))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: المركز القانوني للهيئة العامة للإستثمار:

وفقاً لقانون الإستثمار اليمني فإن الهيئة العامة للإستثمار هيئة حكومية سيادية تتولى تشجيع الإستثمار في اليمن ورعايته وتنظيم وتنسيق جهود الجهات الحكومية وغيرها المعنية بالمشاريع الإستثمارية.

وحتى تباشر هيئة الإستثمار الأعمال المناطة بها في القانون فإنها تتمتع بشخصية إعتبارية وذمة مالية مستقلة تمكنها من إبرام العقود والتصرفات مع الغير ورفع الدعاوى.

الوجه الثاني: التمثيل القانوني للهيئة العامة للإستثمار:

بما أن الهيئة العامة للإستثمار تتمتع بالشخصية الإعتبارية والذمة المالية المستقلة، لذلك فأنه يحق لها بالتنسيق مع الجهة المعنية في الدولة بأن تمثل ذاتها أمام القضاء بما في ذلك رفع الدعاوى أو الرد على الدعاوى المرفوعة عليها إذا كان للهيئة صفة ومصلحة في ذلك، ومن ضمن مظاهر التمثيل القانوني للهيئة فأنه يحق لها إبرام العقود والتصرفات وتحمل المسؤوليات والآثار الناجمة عنها، على أن الهيئة لا تكون مسئولة عن العقود والتصرفات التي يقوم الغير بإبرامها ولو كانت هذه العقود والتصرفات تتعلق بالمشاريع الإستثمارية، وكذا فان  من مقتضيات الشخصية الاعتبارية للهيئة والذمة المالية المستقلة لها انه يحق للهيئة ان تقوم برفع الدعاوى إذا كانت متصلة مباشرة باعمال الهيئة ذاتها وليس أعمال المشاريع الاستثمارية التي ترخص لها الهيئة .

وعلى هذا الأساس فقد قضى الحكم محل تعليقنا أنه يحق للهيئة أن ترفع الدعاوى المتعلقة بنشاطها والأعمال الناجمة عنها وفقاً لقانون الإستثمار وإبرام العقود والتصرفات، غير أن الهيئة لا تكون مسئولة عن العقود والتصرفات والدعاوى ومنازعات الإستثمار التي تنشأ بسبب تنفيذ أو تفسيرعقود الإستثمار فيما بين الشركات الإستثمارية والجهات الحكومية أو غير الجهات الحكومية ، طالما أن الهيئة ليست طرفاً في تلك العقود والتصرفات.

الوجه الثالث: الصفة والمصلحة في منازعات الإستثمار:

قضى الحكم محل تعليقنا بأن لا صفة لهيئة الإستثمار في منازعات الإستثمار التي تنشب بين المستثمرين والجهات المتعاقدة بشأن المشاريع الإستثمارية، لأن المنازعات الإستثمارية تنشأ بمناسبة تنفيذ وتفسير العقود فيما بين المستثمرين والجهات الأخرى، فليست هيئة الإستثمار طرفاً في تلك العقود  والتصرفات ولا تكون مسئولة عنها، والله أعلم.

صفة هيئة الإستثمار في منازعات الإستثمار
صفة هيئة الإستثمار في منازعات الإستثمار