إنهاء العقد


إنهاء العقد

أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
العقد ملزم للمتعاقدين، ومن مظاهر الإلتزام في العقد أنه لا يجوز لأحد أطرافه أن ينفرد في إنهاء العقد، ومع ذلك فقد حدد القانون الطرق والوسائل القانونية لانفراد أحد أطراف العقد في إنهاء العقد، وقد أشار إلى هذه المسألة الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 23/12/2009م في الطعن رقم (35785)، وقد ورد ضمن أسباب ذلك الحكم: ((والدائرة تجد: أن نعي الطاعن سديد ، ذلك أن المطعون ضده جزئياً لم يتقدم بدعوى مستقلة لفسخ العقد أمام المحكمة الابتدائية، كما يظهر من ملف النزاع ، مما يستوجب نقض ما جاء في نهاية الفقرة الثانية من منطوق الحكم المطعون فيه))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم ، حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: ماهية إنهاء العقد والفرق بين الإنهاء وغيره:

إنهاء العقد: قد يقع بإتفاق  طرفي العقد على انهائه قبل انتهاء مدته أو قيام احد طرفي العقد بإنهاء العقد من جانب واحد إذا تحقق سبب من الاسباب أو خيار من الخيارات الموجبة لذلك ، ويكون  الانهاء للعقد قبل انقضاء مدته  من قبل طرفي العقد أو احدهما ، ولذلك فإن إنهاء العقد يختلف عن انتهاء العقد او إنقضاء مدته ، الذي يعني انتهاء مدة  العقد  أو إنقضاء الإلتزامات المقررة في العقد، ويكون ذلك اما بالوفاء أو بالإبراء أو بالتقادم أو بإتحاد الذمة.

وكذلك يختلف إنهاء العقد عن بطلان العقد الذي يعني عدم إعتبار التصرف محل العقد عملاً قانونياً لتخلف ركن او شرط من شروط العقد، اذ لاتترتب على العقد الباطل اثار ، بل يترتب عليه التراد أي رد طرفيه إلى الحالة التي كانا عليها قبل الدخول في العقد الباطل.

وكذا يختلف إنهاء العقد عن فسخ العقد، ففسخ العقد يعني نقض العقد من تاريخ نشوئه إذا تخلف شرط من شروطه ، حيث يترتب على ذلك رد المتعاقدين الى الحالة السابقة لتعاقدهما ، بيد ان  فسخ العقد في بعض صوره يكون انهاء للعقد  إذا كان سبب الفسخ قد تحقق بعد نشوء العقد وسريانه لمدة من الزمن،  فيكون الفسخ في هذه الحالة بمثابة إنهاء لعقد صحيح قائم ملزم لطرفيه منتجا لآثاره القانونية خلال فترة سريانه التي استمرت لمدة من الزمن.

الوجه الثاني: إنهاء العقد وفسخه في القانون المدني اليمني:

ذكرنا في الوجه السابق أن الإنهاء للعقد بصفة عامة لايكون الا بالنسبة لعقد صحيح قام ونفذ وانتج اثاره لمدة من الزمن، وقبل انقضاء مدة هذا العقد تم انهاء العقد من قبل طرفيه أو أحدهما ، ويماثل انهاء العقد فسخ العقد إذا كان العقد صحيحا وتحقق سبب الفسخ أثناء سريان العقد  وقبل انقضاء مدته أو قبل إنقضاء الإلتزام المتعاقد عليه، وفي هذا الشأن نصت المادة (219) مدني على أنه (يجوز فسخ العقد بخيار من الخيارات أو بسبب من الأسباب الموجبة للفسخ طبقاً للقانون، ويترتب على الفسخ إعادة العاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد فإذا استحال ذلك فيحكم بتعويض من غرم) ، والمقصود بالخيارات في هذا النص هو خيار المجلس وخيار الشرط (التروي) وخيار العيب وخيار الرؤية.

وكذا نصت المادة (221) مدني على أنه إذا لم يف أحد المتعاقدين في عقود المعاوضة بالتزامه، جاز للآخر بعد إعذاره أن يطالب بتنفيذ العقد أو فسخه مع المطالبة بتعويضه بما غرم في الحالتين، واجازت المادة (222) مدني  الإتفاق المسبق على إعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء ذاته بمجرد عدم الوفاء بالإلتزامات الناشئة عنه غير أن ذلك لا يعفي الطرف الذي يختار الفسخ من اعذار الطرف الآخر قبل الفسخ.

الوجه الثالث: آثار إنهاء العقد:

سبق القول أن الأصل أن العقد ملزم للمتعاقدين غير أنه يجوز إنهاء العقد إذا تحقق أحد الخيارات أو الأسباب المجيزة لإنهاء العقد أو فسخه السابق الإشارة إليها في الوجه السابق، ويترتب على فسخ العقد التراد أي رد المتعاقدين إلى حالتهما السابقة قبل إبرام العقد الذي تم إنهاؤه ، فإذا تعذر التراد فيلزم تعويض المتعاقد الذي تعذر رد حقه ، وكذا يحق مطالبة الطرف الذي لم يف بالتزامه العقدي بالتعويض لتسببه في فسخ العقد،علما بأن انهاء العقد لايترتب عليه التراد إلى الحالة السابقة لنشوء العلاقة العقدية ،لان العقد الذي تم انهاؤه كان صحيحا منتجا لاثاره حتى تاريخ انهاء العقد، والله أعلم.

إنهاء العقد
إنهاء العقد