وقت إنعقاد خصومة الاستئناف في القانون اليمني
تنعقد الخصومة في مرحلة الاستئناف بإعلان المستأنف ضده بعريضة الاستئناف ، وعندئذ تترتب كافة الاثار القانونية على انعقاد الخصومة ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 29-9-2010م في الطعن رقم (42279)، وقد ورد ضمن أسباب ذلك الحكم: ((وعليه وبعد الرجوع إلى الأوراق مشتملات الملف تجد الدائرة أن: الطعن ينصب على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون من حيث أن الشعبة التي اصدرت الحكم قضت بسقوط الخصومة قبل إنعقادها ، كون المستأنف ضده لم يرد على الاستئناف حتى تاريخ الطعن بالنقض، ولعدم الرد على الاستئناف لم تنعقد الخصومة، وكانت معظم الجلسات تؤجل إدارياً لعدم إكتمال هيئة الحكم، وليس بسبب إهمال محامي المستأنفين، مما أوقع الشعبة في مخالفة أحكام المواد (215 و 289 و 106) مرافعات، كما أن الشعبة أغفلت ذكر حضور الخصوم وغيابهم في وقائع حكمها المطعون فيه، مما أوقع الشعبة في مخالفة أحكام المادة (229) مرافعات، ومن خلال إطلاع الدائرة على أوراق القضية فأنها تجد أن مناعي الطاعنين غير منتجة، لأن الثابت في الأوراق إعلان عريضة الاستئناف لمحامي المستأنف ضده في جلسة..... ، وبذلك انعقدت الخصومة بين المستأنفين الطاعنين حالياً وبين المستأنف ضده المطعون ضده حالياً، فبحصول الإعلان للمستأنف ضده بعريضة الاستئناف تنعقد الخصومة وليس بالرد على الاستئناف كما ذهب إليه الطاعنان، ومعلوم أنه في حالة عدم الرد على الاستئناف رغم الإعلان به تصدر المحكمة حكمها فيه وفقاً لمقتضيات المادة (286) مرافعات))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: وقت إنعقاد خصومة الاستئناف:
قضى الحكم محل تعليقنا بأن الخصومة في مرحلة الاستئناف تنعقد بثبوت إعلان المستأنف ضده بعريضة الاستئناف إعلاناً صحيحاً، فإذا ثبت إعلان المستأنف ضده بعريضة الاستئناف فإن خصومة الاستئناف تنعقد بين الطرفين المستأنف والمستأنف ضده، فيصير المستأنف ضده طرفاً في هذه الخصومة، فيحق له أن يقوم بالرد على عريضة الإستئناف أو تقديم دفع بعدم قبوله أو تقديم إستئناف مقابل أو فرعي، وبموجب ذلك يتمتع المستأنف ضده بكافة الحقوق القضائية بإعتباره طرفاً في خصومة الاستئناف.
الوجه الثاني: الآثار المترتبة على إنعقاد الخصومة في مرحلة الاستئناف:
تترتب على إنعقاد خصومة الاستئناف آثار عدة من أهمها: أن الخصومة بعد إنعقادها تصير حقاً للطرفين المستأنف والمستأنف ضده ، فيحق للمستأنف ضده أن يرفع إستئنافه الفرعي خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ علمه بالاستئناف الأصلي إضافة إلى أنه يحق للمستأنف ضده أن يقدم استئنافه المقابل إذا كان ميعاد الاستئناف الأصلي لازال قائماً.
كما يترتب على إنعقاد الخصومة الاستئنافية بالإعلان الصحيح للمستأنف إعتبار المستأنف ضده خصماً أو طرفاً ينبغي له أن يباشر حقوقه القضائية في مواجهة الاستئناف المرفوع ضده، ويتحمل المستأنف ضده النتائج المترتبة على عدم مباشرته لحقوقه في الدفاع عن نفسه في مواجهة الاستئناف المرفوع ضده.
وكذا يترتب على إنعقاد الخصومة ان يبادر المستأنف في متابعة إجراءات محكمة الاستئناف للنظر في إستئنافه والفصل فيه بما في ذلك متابعة إعلان المستأنف ضده وإحضاره أمام محكمة الاستئناف للإستماع إلى دفاعه، فإذا تقاعس المستأنف عن ذلك فأنه يترتب على ذلك إعتبار إستئنافه كأن لم يكن وفقاً للقانون.
الوجه الثالث: إمكانية الفصل في الخصومة الاستئنافية حتى ولو لم يحضر المستأنف ضده:
صرح الحكم محل تعليقنا بأنه من الممكن الفصل في الخصومة الاستئنافية حتى ولو لم يحضر المستأنف ضده، ولو لم يرد على الاستئناف المرفوع ضده طالما أنه قد تم إعلان المستأنف ضده بعريضة الاستئناف المرفوعة عليه، واستند الحكم محل تعليقنا في ذلك إلى ما ورد في نهاية المادة (286) مرافعات التي نصت على أنه (يجوز للمستأنف ضده إذا كان قد قبل الحكم قبل رفع الإستئناف الأصلي وكان ميعـاد الإستئناف ما زال قائماً أن يرفع استئنافاً مقابلاً بتقديم مذكرة مشتملةً على كافة أسبابه . أما إذا كان ميعاد الإستئناف قد مضى فيجوز له أن يرفع استئنافا فرعياً خلال خمسة عشر يوماً من تاريـخ علمه بالاستئناف الأصلي يرتبط به وجوداً وعدماً ، وإذا امتنع أي من المستأنف أو المستأنف عليه عن الرد على الإستئناف الأصلي أو الإستئناف المقابل أو الفرعي إذا كان لا يزال قائماً تصدر المحكمة حكمها فيه) ، فقد صرح هذا النص بأنه إذا امتنع المستأنف ضده عن الرد على عريضة الاستئناف المرفوعة ضده فإن محكمة الاستئناف تقوم بالفصل في الاستئناف في مواجهة منصوب تنصبه المحكمة لهذه الغاية وفقاً للإجراءات المقررة في المادة (116) مرافعات التي نصت على أنه (إذا حضر المدعي ولم يحضر المدَعى عليه رغم إعلانه إعلاناً صحيحاً أمرت المحكمة بإعلانه مرةً أخرى، فإذا لم يحضر بعد إعلانه إعلاناً صحيحاً للمرة الثانية بدون عذر شرعي مقبول أمرت المحكمة باستدعائه بواسطة الشرطة القضائية مع توقيع غرامة مناسبة عليه ، فإذا ثبت غيابه أو فراره نصبت المحكمة منصوباً عنه من أقاربه أو أصهاره حتى الدرجة الثالثة إن أمكن ، وإلا فمن المحامين، وإلا فمن تراه المحكمة ، وتنظر الدعوى في مواجهة المنصوب الذي يعتبر نائباً عن المدَعى عليه ، ويكون للمنصوب الرجوع على المدعى عليه بأجره الذي تقدره المحكمة بناءً على طلبه ، وإذا حضر الخصم أثناء نظر الدعوى نظرت في مواجهته وله حق الدفاع وينحى المنصوب إلا أن يقره الخصم وكيلاً عنه).
الوجه الرابع: إعتبار الاستئناف كأن لم يكن إذا لم يقم المستأنف بمتابعة إجراءات إستئنافه بعد إعلان المستأنف ضده بعريضة الاستئناف:
الغاية من إعتبار الاستئناف كأن لم يكن هي: أن حق الطعن في الأحكام كحق التقاضي من الحقوق التي كفلها الدستور والقانون للافراد ، غير أنها ليست واجباً على الأفراد، ولذلك للفرد أن يباشر حقه في الإدعاء أو الطعن أو لا يباشره، وعلى هذا الاساس فأنه من المفهوم أن المستأنف عندما يقدم إستئنافه ثم يرفض الحضور إلى المحكمة لمتابعة إجراءات الاستئناف سواءً تم إعلان خصمه المستأنف ضده أم لم يتم إعلانه فإن المستأنف يعد في هذه الحالة قد تخلى عن الاستئناف الذي سبق له تقديمه، ولذلك تقرر محكمة الاستئناف إعتبار الاستئناف كأن لم يكن، وفي هذا المعنى نصت المادة (289) مرافعات على أنه (: مع مراعاة أحكام المواد (209,208,207) إذا لم يحضر المستأنف في اليوم المحدد للجلسة الأولى فعلى المحكمة تحديد موعد جلسة تالية وتعلن المستأنف بالموعد الجديد وفقاً لقواعد الإعلان فإذا لم يحضر في الجلسة التالية أعتبر استئنافه كان لم يكن وصار الحكم الابتدائي واجب التنفيذ وفقاً للقواعد العامة إلا إذا كان ميعاد الإستئناف لا يزال قائماً فللمستأنف رفع استئناف جديد. وفيما لم يقض به القانون بنص خاص يتبع في شأن خصومة الإستئناف القواعد المتعلقة بما هو مقرر أمام محكمة الدرجة الأولى)، والله أعلم.
![]() |
وقت إنعقاد خصومة الاستئناف في القانون اليمني |