عقد إيجار العين لمزاولة عمل تجاري

عقد إيجار العين لمزاولة عمل تجاري

عقد إيجار العين لمزاولة عمل تجاري
عقد إيجار العين لمزاولة عمل تجاري

أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

عقد الإيجار عقد مدني من العقود الذي نظمها القانون المدني ، ثم نظمها قانون تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وفي الحالتين فأنه من المتفق عليه أن عقد إيجار العقارات عقد مدني وليس تجارياً، وبناءً على ذلك فإن القضاء المختص بالنظر والفصل في النزاع بشأن تنفيذ أو تفسير عقد الإيجار هو القضاء المدني وليس التجاري، غير أن القانون التجاري اليمني صرح في المادة (14) بأن (الأصل في عقود التاجر والتزاماته أن تكون تجارية إلا إذا اثبت تعلق هذه العقود والإلتزامات بمعاملات مدنية) ، وإستناداً إلى هذا النص فإن عقد الإيجار الذي يبرمه التاجر مع مالك العقار لإستئجارالعقار لمزاولة نشاطه التجاري يكون عقداً تجارياً تختص المحكمة التجارية بنظر النزاع الذي يحدث بشان تطبيقه او تفسيره ، فلاتختص بنظره المحكمة المدنية، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 26/4/2010م في الطعن رقم (40790)، وقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: ((ونعي الطاعن مردود بأن: الشعبة قد ناقشت في أسباب نعي الطاعن مؤكدة عدم صحة نعي الطاعن، لأن العين مؤجرة للطاعن لممارسة أعماله التجارية، فعقد الإيجار في هذه الحالة يعتبر عقدا تجارياً ، لأن الأصل في عقود التاجر وإلتزاماته أن تكون تجارية ،عملاً بالمادتين (14 و 17) من القانون التجاري، فدلالة المادتين المذكورتين صريحة وواضحة تنطبق على ماهية النزاع ،ولذلك فان الشعبة لم تخطا في تطبيق القانون أو تأويله حينما قضت برفض الاستئناف وتأييد الحكم الابتدائي الذي قضى بإنعقاد الإختصاص للقضاء التجاري))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: معنى الأصل في عقود التاجر انها تجارية:

نصت المادة (14) من القانون التجاري اليمني على أن (الأصل في عقود التاجر وإلتزاماته أن تكون تجارية إلا إذا اثبت تعلق هذه العقود والإلتزامات بمعاملات مدنية)،وقد استند الحكم محل تعليقنا إلى هذه المادة ، ومعنى الأصل في عقود التاجر أنها تجارية معنى ذلك أن العقود التي يكون التاجر طرفاً فيها تكون عقوداً تجارية حتى لو كانت وفقاً للقوانين الأخرى لا تعد عقوداً تجارية، ومفهوم نص المادة (14) السابق ذكره عام يشمل كل العقود التي يكون التاجر طرفاً فيها عدا العقود التي يدل ظاهرها أنها ليست عقوداً تجارية كعقد الزواج... الخ.

ومع أن الأصل في عقود التاجر أنها تجارية إلا أنه يجوز للتاجر أن يثبت خلاف هذا الأصل أي يثبت أن العقد الذي ابرمه مع غيره ليس تجاريا حسبما ورد في النص السابق ذكره، فالتاجر وفقا النص السابق هو الذي يقع عليه عبء إثبات عدم تجارية العقد .

الوجه الثاني: الإستدلال من القرائن الظاهرة على تجارية العقد:

مع ان الأصل في عقود التاجر انها تجارية على النحو السابق بيانه إلا أن الحكم محل تعليقنا كان قد استند أيضا في قضائه بأن عقد الإيجار عملاً تجارياً بالنسبة للتاجر الطاعن على أساس أن الأصل في عقود التاجر أنها تجارية وعلى أساس أن العين التي استأجرها التاجر هي عبارة عن محل تجاري يمارس فيه التاجر أعماله التجارية، ومؤدى ذلك أن القرائن المصاحبة لإبرام وتنفيذ العقد وسيلة لتحديد ما إذا كان العقد تجارياً أم لا.

الوجه الثالث: غرض التاجر من إبرام العقد وسيلة لمعرفة ما إذا كان العقد تجارياً أم لا:

كان الحكم محل تعليقنا قد قضى بأن عقد الإيجار الذي استأجر بموجبه التاجر العين لممارسة عمله التجاري يعد عملاً تجارياً، لأن غرض التاجر من إبرام ذلك العقد هو مباشرة عمله التجاري في العين، فغرض التاجر من العقد غرض تجاري.

وعلى هذا الاساس فان غرض التاجر من إبرام العقد من الوسائل التي يستعملها القاضي لتحديد ما إذا كان العقد تجارياً .

 الوجه الرابع: العقد يكون تجاريا إذا كان التاجر طرفا فيه:

قضى الحكم محل تعليقنا بذلك، وسنده في قضائه المادة (17) من القانون التجاري اليمني التي نصت على أنه (إذا كان العقد تجارياً بالنسبة إلى أحد المتعاقدين دون الآخر سرت احكام قانون التجارة على التزامات المتعاقد الاخر الناشئة من هذا العقد ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك).

فهذا النص صريح في أن العقد إذا كان تجاريا بالنسبة لاحد اطرافه فانه يكون تجاريا أيضا بالنسبة للطرف الاخر، وبما ان الأصل ان عقود التاجر تجارية حسبما سبق بيانه فان عقد التاجر مع غير التاجر يكون تجارياً ، ومن هذا المنطلق فقد قضى الحكم محل تعليقنا بأن عقد ايجار العين لمزاولة عمل تجاري يكون عقدا تجاريا بالنسبة للتاجر وكذلك الحال بالنسبة للمتعاقد الآخر وهو المؤجر.

الوجه الخامس: القضاء التجاري هو المختص بنظر عقد الإيجار الذي يكون التاجر طرفا فيه:

قضى الحكم محل تعليقنا بأن القضاء التجاري هو المختص بنظر المنازعة بشان عقد ايجار العين للتاجر،بإعتبار هذه المنازعة متعلقة بعقد تجاري طرفه تاجر، والقضاء التجاري هو المختص بنظر المنازعات التجارية وفقاً للقرار الجمهوري الخاص بإنشاء وتنظيم القضاء التجاري في اليمن .

 وإختصاص القضاء التجاري بنظر المنازعة بشان العين المؤجرة لغرض تجاري أو عقد الإيجار الذي يكون التاجر طرفا فيه يعد أثرا من اثار إعتبار عقد الإيجار في هذه الحالة عقدا تجارياً ، والله أعلم.

عقد-إيجار-العين-لمزاولة-عمل-تجاري
عقد إيجار العين لمزاولة عمل تجاري