![]() |
الإعلان القضائي الشفهي |
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
إعلان الخصوم بمواعيد إنعقاد جلسات المحكمة أو الأوراق القضائية أو غيرها من الإجراءات يجب أن يتم بحسب طرق واجراءات الإعلان المحددة في قانون المرافعات، وتبعاً لذلك فإن إعلان الخصوم شفاهة لا يرتب أثره القانوني، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 24-4-2010م في الطعن رقم (42585)، وقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: ((فقد انحصر نعي الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه قد قضى بإعتبار إستئنافها كأن لم يكن مع أنه لم يتم إعلانها بمواعيد جلسة الاستئناف، وحيث أنه قد تم الإعلان الاول للطاعنة عن طريق تسليم الإعلان إلى أحد العاملين فيها وليس إلى ممثلها القانوني، كما تم الإعلان الثاني عن طريق إخطار محامي الطاعنة شفاهة بموعد الجلسة الثانية، وذلك يخالف نص المادة (289) من قانون المرافعات التي أوجبت إعلان المستأنف بالموعد الجديد وفقاً لقواعد الإعلان، خاصة أن محامي الطاعنة أو مدير الشركة لم يستلما إعلاناً رسميا بالموعد الجديد (الجلسة الثانية) وفقاً لما توجبه قواعد الإعلان))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: ماهية الإعلان الشفهي للخصوم:
هو إبلاغ الخصم المراد اعلانه شفاهة بمواعيد جلسات المحاكمة أو أي من إجراءات المحاكمة التي تعتزم المحكمة إجراءها كالمعاينة أو الإنتقال لسماع شهادة أو غير ذلك – وكذا إعلان الخصوم وتسليمهم الأوراق القضائية كالمذكرات المقدمة من خصومهم كالدعاوى والطعون أو تقارير الخبراء العدول أو نسخ من الأحكام والقرارات التي تصدرها في القضايا التي يكون الخصوم أطرافاً فيها من غير ان يتم إثبات استلام الخصوم للاوراق القضائية في ورقة الإعلان المعدة لهذا الغرض .
ويتم الإعلان الشفهي عن طريق مقابلة محضر المحكمة أو الخصم أو عاقل الحارة أو مندوب قسم الشرطة للخصم وإبلاغه شفاهة بموعد الجلسة أو تسليمه مذكرة أو نسخة قرار من غير أن يتم إثبات ذلك كتابة في ورقة الإعلان ، كما قد يتم الإعلان الشفهي عن طريق الإتصال الهاتفي بواسطة الهاتف، ويتم الإعلان شفاهة في حالات كثيرة في الواقع العملي.
ولا يثير الإعلان الشفهي أية إشكالية إذا حضر الخصم الذي تم إعلانه شفاهة أو لم ينازع في طريقة اعلانه ، لأن المقصود من الإعلان قد تحقق، فمن المقرر في الفقه والقانون ان حضور الخصم في الميعاد يصحح إجراء الإعلان الباطل بحضوره، ومن هذا المنطلق فإن الإعلان الشفهي لا يثير الإشكاليات إلا عندما يتخلف الخصم عن الحضور أو ينازع في اجراءات إعلانه مثلما حصل في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا.
الوجه الثاني: بطلان الإعلان الشفهي:
ذكرنا في الوجه الأول أن حضور الخصم بناءً على الإعلان الشفهي يصحح الإعلان الشفهي، لأن المقصود من الإعلان الشفهي قد تحقق، غير أنه إذا لم يحضر الخصم بناءً على الإعلان الشفهي، فإن هذا الإعلان لا يحقق أثره القانوني حتى لو تم إثبات تمام الإعلان الشفهي بطرق الإثبات المقررة قانوناً، لأن قانون المرافعات قد حدد طرق وإجراءات الإعلان في المواد (من 29 إلى 46) وليس من بينها الإعلان الشفهي.
الوجه الثالث: الإعلان الشفهي والإعلان الهاتفي:
سبق القول بأن الإعلان الشفهي في الوقت الحاضر يتم بواسطة الهاتف، غير أنه يجوز إعلان الخصم كتابة عن طريق الهاتف ، وذلك عن طريق التيليغرام أو الواتساب أو الرسائل النصية متى اختار الخصم رقم هاتف معين ووضعه في المذكرات المقدمة منه إلى المحكمة على أساس أنه موطنه المختارفي اجراءات التقاضي ، فهذا يعني أن الخصم قد اختار الهاتف موطناً له لإعلانه عن طريقه وبواسطته، ولذلك يجوز إعلانه وإرسال الإعلانات القضائية إليه عن طريق الهاتف، وليس عن طريق الإتصال الشفهي في الهاتف، فالإعلان في هذه الحالة يتم إرساله إلى الخصم عن طريق الهاتف،فالهاتف مجرد وسيلة لنقل الإعلان وليس بديلا عن الإعلان ، وبناءً على ذلك فإعلان الأوراق القضائية عن طريق الهاتف ليس من قبيل الإعلان الشفهي . (تطور وتطوير القضاء، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، ص75).
الوجه الرابع: تنفيذ الإعلان للشركات عن طريق تسليم الإعلان لأحد موظفيها باطل :
قضى الحكم محل تعليقنا ببطلان الإعلان الذي تم تسليمه لمدير العلاقات العامة للشركة الطاعنة، لأن تسليم الإعلان على هذا النحو يخالف المادة (44) من قانون المرافعات اليمني التي نصت على ان (تسلم صور الأوراق إلى الجهات على النحو التالي: -2- إلى النائب قانوناً عن الشخص المعنوي أو من يقوم مقامه -3- في مركز إدارة الشركة لأحد الشركاء المتضامنين أو رئيس مجلس الإدارة أو المدير أو من يقوم مقامهما قانوناً فإن لم يكن للشركة مركز إدارة ففي موطن من سلمت إليه الأوراق ممن سبق ذكرهم أو من ينوب عنها قانوناً)، فهذا النص يصرح بأن الأصل أن الإعلان القضائي لا يتم تسليمه إلا إلى النائب القانوني للشخص المعنوي أو الإعتباري كالشركات والمؤسسات والهيئات وغيرها أو إلى الإدارة التي يفوضها بذلك الممثل القانوني للشخص الإعتباري كالإدارة القانونية مثلاً أو مكتب أو سكرتارية الممثل القانوني.
الوجه الخامس: تنفيذ الإعلان على خلاف قواعد وإجراءات الإعلان القضائي المحددة في قانون المرافعات باطل لا يرتب أثره القانوني:
يهدف الإعلان القضائي إلى ترتيب أثر قانوني معين بحسب نوع الإعلان، فمثلاً في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا كان الهدف من الإعلان هو حضور الخصم جلسة محكمة الاستئناف للتدليل على أنه مصر على استئنافه ومتابع له فإن حضر فقد تحقق المقصود وإن تخلف عن ذلك، فذلك دليل على تركه خصومة الاستئناف مما يقتضي التقرير بإعتبار استئنافه كأن لم يكن، فهذا هو الأثر المترتب على الإعلان.
ومن هذا المنطلق فإن تنفيذ الإعلان بصورة مخالفة لما ورد في قواعد وإجراءات تنفيذ الإعلان القضائي المحددة في قانون المرافعات يجعل الإعلان المخالف باطلاً لا يرتب الأثر القانوني المبتغى منه، والله اعلم.