طريقة كتابة اسماء القضاة في نسخة الحكم
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
إذا كان القضاة الذين نطقوا بالحكم هم انفسهم الذين
استمعوا المرافعة وشاركوا في المداولة، فمن
المعلوم أنه تتم كتابة اسمائهم في ديباحة الحكم كما تتم كتابتها في ذيل الحكم، ويتم
التوقيع جوار الأسماء في نهاية الحكم أو ذيله، اما إذا كان قد اقتصر دور القضاة على
النطق بالحكم في الاحوال المقررة في القانون فلا تتم كتابة اسماء القضاة الخلف الذين نطقوا بالحكم في ديباحة الحكم وانما تتم كتابة اسمائهم في
ذيل أو نهاية الحكم بعد تحريرهم إفادة تبين إنه قد سبق للقضاة السلف إعداد مسودة
الحكم والتوقيع عليها وانه قد تعذر على للقضاة
السلف النطق بالحكم بسبب النقل أو الموت أوالمرض المقعد أو الاحالة الى للتقاعد ،حسبما قضى الحكم الصادر عن
الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 27-4-2014م في الطعن
رقم (54621)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((كما أن الدائرة: توجه هيئة الحكم في الشعبة
إلى عدم إدخال اسمائها في محصل النزاع الذي تولته هيئة سابقة، فتكون كتابة اسماء
الشعبة في محضر النطق بالحكم أو في ذيل الحكم))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم
حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: السند القانوني للحكم محل تعليقنا:
قضى
الحكم محل تعليقنا بأنه ينبغي على هيئة الحكم الخلف التي نطقت بالحكم الذي اعدته
الهيئة السلف يجب على الهيئة الخلف أن لا تقوم بكتابة اسماء قضاتها في مقدمة الحكم، وإنما ينبغي عليها أن تقوم
بكتابة اسماء قضاتها في محضر جلسة النطق بالحكم وفي نهاية أو ذيل الحكم الذي نطقت
به وقبل ان تضع اسماء قضاتها يجب عليها ان
تذكر أولا اسماء الهيئة السلف ثم تقوم
الهيئة الخلف بتحرير إفادة تبين فيها ان الهيئة السلف قد سبق لها ان قامت بإعداد
مسودة الحكم والتوقيع عليها وانه قد تعذر على الهيئة السلف النطق بالحكم بسبب
النقل او الندب أو الموت أو الاحالة
للتقاعد أو المرض المقعد، ولذلك
فان الهيئة الخلف قامت بالنطق بالحكم، وقد استند الحكم محل تعليقنا في قضائه الى
المادة (228) مرافعات التي تضمنت أربع فقرات بعد تعديلها في يناير 2021م، وقد بينت هذه المادة تفصيلا مراحل تحرير النسخة
الاصلية للحكم القضائي، ومن ضمن ذلك طريقة كتابة اسماء القضاة في حالة اذا كانوا هم الذين استمعوا المرافعة وشاركوا في
المداولة أو في حالة اذا كانت الهيئة السلف هي التي استمعت المرافعة وشاركت في
المداولة وقامت الهيئة الخلف بالنطق
بالحكم فقط .
فقد
نصت المادة (228) مرافعات على أنه (-1- قبل حجز القضية للحكم على القاضي رئيس هيئة
الحكم تكليف امانة السر بتحصيل القضية وتسليم نسخة منه للخصوم للاطلاع وابداء
الملاحظات عليه خلال خمسة ايام من تاريخ تسليمه للنسخة ،-2- يجب على المحكمة تحرير
نسخة الحكم الأصلية والتوقيع عليها من قبل كاتبها وهيئة الحكم وختمها بعد المراجعة
على المسودة وذلك خلال مدة أقصاها ثلاثون يوماً من تاريخ النطق بالحكم. -3 - بمجرد
الانتهاء من ختم النسخة الأصلية للحكم بختم المحكمة يتم تسليم صورة معتمدة منها لكل
خصم بعد توقيعهم على الاستلام في السجل الخاص بذلك، وإذا لم يحضر المحكوم عليه لاستلام
نسخته بعد الانتهاء من كتابتها وجب إعلانه إعلاناً صحيحاً مصحوباً بنسخة الحكم وفقاً
لقواعد الإعلان المقررة في القانون. -4- موت القاضي أو مرضه المقعد لا يؤثر على وجود
وصحة الحكم الذي وقع على مسوّدته، فإذا كان قاضي فرد فتحرر نسخة الحكم الأصلية وتذيل
باسمه وعلى خلفه أن يحرر أدنى ذلك ما يفيد صدور الحكم أعلاه عن سلفه ثم يوقع على ما
حرره ويختمه بختم المحكمة أما إذا كان القاضي المتوفي أو المقعد عضواً ضمن هيئة، فيتم
توقيع نسخة الحكم من بقية أعضاء الهيئة شريطة ألا يقل عددهم عن الأغلبية المطلوبة،
فإذا جاء الخلف لذلك العضو واكتمل تشكيل الهيئة فيذكر أدنى ذلك سبب خلو الحكم من توقيع
العضو ويختم كل ذلك بتوقيع الهيئة الجديدة وختم المحكمة).
الوجه الثاني: حالات النطق بالحكم من هيئة غير التي سمعت المرافعة واشتركت في المداولة:
الأصل أن القاضي أو الهيئة التي استمعت المرافعة
واشتركت في المداولة هي التي تنطق بالحكم، بيد أن هناك حالات حددها قانون
المرافعات على سبيل الحصر يقوم فيها بالنطق بالحكم غير القاضي أو الهيئة التي
استمعت المرافعة واشتركت في المداولة، تحقيقا لمبدا عدم جواز الهدر الإجرائي ومبدا
الاقتصاد في اجراءات التقاضي ،ويمكن الإشارة بإيجاز إلى هذه الحالات كما يأتي:
الحالة الأولى: نقل
القاضي أو ندبه أو إحالته إلى التقاعد اذا كان سبق له أن قرر حجز القضية للحكم:
ففي هذه الأحوال يجب على القاضي المنقول أو المنتدب إلى محكمة أخرى أو الذي تمت
إحالته للتقاعد يجب عليه أن يقوم بدراسة ملفات القضايا التي سبق له حجزها للحكم ،وتبعاً
لذلك يجب عليه التوجيه إلى المختصين بتحصيل الحكم إن لم يسبق تحصيله، وكذا يجب
عليه أن يقوم بإعداد مسوّدة الحكم المشتملة على أسباب الحكم ومنطوقه ويقوم بالتوقيع عليها ،على أن يتم القاضي ذلك
خلال مدة اقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ صدور قرار نقله أو ندبه أو إحالته للتقاعد،
ويجب عليه أن يسلم مسوّدة الحكم بعد توقيعه عليها إلى القاضي الخلف كي يتولى النطق
بالحكم، وفي هذا المعنى نصت المادة (13) من قانون المرافعات اليمني على أنه (لا
يجوز للقاضي أن يحكم بعد انتهاء ولايته أياً كان سببها فيما عدا ما سبق له حجزه من
قضايا للحكم قبل صدور قرار نقله أو ندبه أو إحالته للتقاعد).
ويثور النقاش في اليمن بشأن المقصود بهذا النص،
فيذهب بعض المهتمين إلى ان القاضي الذي حجز القضية للحكم هو الذي يقوم بالنطق بالحكم
لأن هذا النص لم يتضمن مايسند إلى القاضي الخلف النطق بالحكم، في حين يذهب اتجاه
آخر بأن الذي يتولى النطق بالحكم في هذه الاحوال هو القاضي الخلف.واذكر أنه قبل
صدور تعديلات قانون المرافعات عام 2010م، وكنت حينها ممثلا للحكومة عند مناقشة
مجلس النواب لتلك التعديلات بصفتي رئيسا
للمكتب الفني بوزارة العدل ،ففي ذلك الحين ثار النقاش في لجنة العدل والاوقاف بان ترك النطق بالحكم في
القضايا المحجوزة للقاضي المنقول أو المنتدب أو المحال للتقاعد يطيل اجراءات
التقاضي، وحينها ذكر المرحوم القاضي الدكتور عبد الملك الجنداري ان هناك قضية كانت
محجوزة للحكم من قبل أحد القضاة الذي تم
نقله من امانة العاصمة إلى احدى المحافظات النائية، فظلت بعهدة ذلك القاضي ملف القضية، فلم ينطق ذلك القاضي بالحكم فيها الا بعد
أن تم نقله مرة أخرى للعمل في امانة العاصمة .
الحالة الثانية: وجود
عذر يحول دون حضور أحد القضاة في هيئة حكم حضوره جلسة النطق بالحكم مع سبق توقيعه
على مسوّدة الحكم: فإذا وجد عذر حال دون حضور القاضي ضمن هيئة حكم من عدة قضاة،
فإذا وجد عذر منعه من حضور جلسة الحكم فيتم النطق بالحكم في غيابه طالما أنه قد
سبق له التوقيع على مسوّدة الحكم.، وفي هذا الشأن نصت الفقرة (1) من المادة (227)
مرافعات على أنه (-1- ينطق رئيس المحكمة بالحكم علناً بتلاوة منطوق الحكم مع
أسبابه في حضور باقي الأعضاء وإذا حصل لأحد القضاة الذين اشتركوا في سماع المرافعة
وحضور المداولة عذر وجب أن يكون موقعاً على مسودة الحكم وأن يبدي ذلك في محضر
تلاوته، وتستثنى المحكمة العليا من علنية النطق بالأحكام مالم تكن محكمة موضوع).
الحالة الثالثة: موت
القاضي أو مرضه المقعد بعد توقيعه على مسوّدة الحكم: فإذا مات القاضي أو أصيب
بمرض مقعد كالشلل وغيره، وقد سبق أن قام
بالتوقيع على مسوّدة الحكم فعندئذٍ يقوم خلف القاضي الميت أو المريض يقوم بالنطق بالحكم حسبما هو مقرر في الفقرة (4)
من المادة (228) مرافعات التي نصت على أن (-4- موت القاضي أو مرضه المقعد لا يؤثر
على وجود وصحة الحكم الذي وقع على مسوّدته، فإذا كان قاضي فرد فتحرر نسخة الحكم
الأصلية وتذيل باسمه وعلى خلفه أن يحرر أدنى ذلك ما يفيد صدور الحكم أعلاه عن سلفه
ثم يوقع على ما حرره ويختمه بختم المحكمة ،أما إذا كان القاضي المتوفي أو المقعد
عضواً ضمن هيئة فيتم توقيع نسخة الحكم من بقية أعضاء الهيئة شريطة ألا يقل عددهم
عن الأغلبية المطلوبة، فإذا جاء الخلف لذلك العضو واكتمل تشكيل الهيئة فيذكر أدنى
ذلك سبب خلو الحكم من توقيع العضو ويختم كل ذلك بتوقيع الهيئة الجديدة وختم
المحكمة).
الوجه الثالث: شرط توقيع القاضي السلف على مسوّدة الحكم في الأحوال التي يقوم فيها الخلف بالنطق بالحكم:
ذكرنا في الوجه السابق الحالات التي يجوز فيها
للقاضي الخلف أن ينطق بالحكم من دون أن يكون قد سمع المرافعة واشترك في المداولة،
وقد لاحظنا أن النصوص القانونية التي اجازت ذلك قد اشترطت صراحة أن يكون القاضي
السلف قد قام بالتوقيع على مسوّدة الحكم الذي ينطق به القاضي الخلف.
ويرجع ذلك إلى أن إعداد المسودة والتوقيع عليها
من قبل القاضي السلف يعني وجود الحكم
بالفعل على الأوراق، فما عملية النطق بالحكم إلا إشهار أو إعلان في جلسة علنية
لحكم قد سبق وجوده في الأوراق بإعداد القاضي السلف لمسوّدة الحكم وتوقيعه عليها.
الوجه الرابع: وضع اسم القاضي السلف والخلف في الحكم:
اشار الحكم محل تعليقنا إلى كيفية وضع اسماء
القضاة إذا كانت الهيئة التي نطقت بالحكم غير الهيئة التي استمعت المرافعة واشتركت
في المداولة، حيث اشار الحكم محل تعليقنا بأن اسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة
واشتركوا في المداولة وقاموا بالتوقيع على مسوّدة الحكم تكون في ديباجة الحكم وكذا في نهاية الحكم، في حين تكون اسماء القضاة
الذين نطقوا بالحكم فقط دون أن يستمعوا المرافعة ولم يشتركوا في المداولة تكون
اسماؤهم في ذيل الحكم بعد اسماء القضاة السلف، فيجب على الهيئة الخلف كتابة افادة في نهاية
مدونة الحكم مضمونها: أنه قد سبق للهيئة السلف ان اعدت مسودة الحكم وانه قد تعذر على الهيئة السلف النطق بالحكم
والتوقيع عليه بسبب الموت او النقل..الخ، ولذلك فان الهيئة الخلف هي التي نطقت
بذلك الحكم ويلي هذه الافادة اسماء
وتوقيعات الهيئة الخلف وختم المحكمة، وإذا كان القاضي السلف فرداً فيتم إثبات اسمه
في ديباجة الحكم وكذا في نهاية الحكم ثم يقوم
القاضي الخلف بتحرير إفادة في ذيل الحكم بأن القاضي السلف سبق له القيام بإعداد المسودة والتوقيع عليها
وانه تعذر عليه النطق بالحكم والتوقيع عليه بسبب الموت او المرض...الخ، وان القاضي
الخلف هو الذي نطق بالحكم ،وبعد ذلك يقوم القاضي الخلف بكتابة اسمه وتوقيعه ويتم
ختم نسخة الحكم بختم المحكمة، وكذلك يتم
إثبات هذه الافادة في محضر جلسة النطق
بالحكم.
أما إذا كان القاضي السلف من ضمن هيئة من عدة قضاة فيقوم اغلبية الهيئة بالتوقيع على الحكم وإثبات سبب خلو الحكم من توقيع القاضي الذي تحقق بشأنه العذر وعند حضور الخلف تقوم الهيئة الخلف بالتوقيع في نهاية الحكم بعد تحرير الافادة التي تتضمن سبب توقيع الخلف وهو تعيينه خلفا للسلف، حسبما هو مقرر في الفقرة (4) من المادة (228) مرافعات التي نصت على أن (-4- موت القاضي أو مرضه المقعد لا يؤثر على وجود وصحة الحكم الذي وقع على مسوّدته، فإذا كان قاضي فرد فتحرر نسخة الحكم الأصلية وتذيل باسمه وعلى خلفه أن يحرر أدنى ذلك ما يفيد صدور الحكم أعلاه عن سلفه ثم يوقع على ما حرره ويختمه بختم المحكمة ،أما إذا كان القاضي المتوفي أو المقعد عضواً ضمن هيئة فيتم توقيع نسخة الحكم من بقية أعضاء الهيئة شريطة ألا يقل عددهم عن الأغلبية المطلوبة، فإذا جاء الخلف لذلك العضو واكتمل تشكيل الهيئة فيذكر أدنى ذلك سبب خلو الحكم من توقيع العضو ويختم كل ذلك بتوقيع الهيئة الجديدة وختم المحكمة)، والله أعلم.
![]() |
طريقة كتابة اسماء القضاة في نسخة الحكم |