آثار طلب رد المحكم أو عزله

 آثار طلب رد المحكم أو عزله

الحكم محل تعليقنا هو الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في اليمن في جلستها المنعقدة بتاريخ 2018/3/29م في الطعن التجاري رقم (31554) وخلاصة أسباب هذا الحكم أنه (من خلال الدراسة لملف القضية بما في ذلك عريضة الطعن بالنقض والرد عليها فقد ظهر للدائرة من خلال ذلك أن الطاعن ينعي على الحكم الإستئنافي الذي قبل دعوى بطلان حكم التحكيم بأنه قد تناقض تناقضا يخالف القانون حينما قبل دعوى بطلا ن الحكم بذريعة أن المدعي بالبطلان كان على خصومة مع المحكم، وعند دراسة الدائرة للحكم الإستئنافي المطعون فيه فقد وجدت الدائرة أن ما أورده الحكم المطعون فيه في حيثياته لقبوله دعوى بطلان حكم التحكيم انه قد تم رفع طلب المحكم وعزله أمام الشعبة وتم اعلان هذا الطلب إلى المحكم كما تعقب ذلك اعلان المحكم من قبل الشعبة بصورة من توجيهات رئيس محكمة الإستئناف بالتوقف عن القيام بأي إجراء حتى يتم البت في طلب العزل من قبل الشعبة ، وعليه فإن واقعة اعلان المحكم بطلب العزل قد تحققت قبل صدور الحكم محل دعوى البطلان، وحيث ان ما جرى عليه قضاء المحكمة العليا انه يسري على المحكم ما يسري على القاضي من أحكام الرد الواردة في قانون المرافعات وذلك وفقا لما نصت عليه المادة (23) من قانون التحكيم التي نصت على انه) يجوز رد المحكم للأسباب التي يرد بها القاضي أو يعتبر بسببها غير صالحا للحكم... وبما أن المادة (143) مرافعات قد صرحت بأنه يترتب على تقديم طلب الرد وقف الدعوى الأصلية إلى أن يحكم فيه، وحيث أنه من البين من الإطلاع على الأوراق بملف القضية وحيثيات الحكم الإستئنافي المطعون فيه وجود خصومة فيما بين المحكم والطاعن بالنقض حدثت بينهما في اثناء نظر خصومة التحكيم وحيث ان المادة (128) مرافعات قد نصت على انه إذا كان للقاضي خصومة قائمة أمام القضاء مع أحد الخصوم فإن القاضي يكون ممنوعاً من نظر الدعوى ويجب عليه التنحي عن نظرها من تلقاء نفسه وهذا ينطبق أيضا على هيئة التحكيم أو المحكم ، وحيث انه يترتب على مخالفة المادة (128) مرافعات ان يكون عمل القاضي منعدما كأن لم يكن وذلك تطبيقا للمادة (129) مرافعات وهذا بدوره ينطبق على حكم المحكم لوجود خصومة قائمة فيما بين المحكم والمحتكم ولذلك فإن حكم الشعبة قائم على أساس صحيح موافق للواقع والقانون مما يستوجب رفض الطعن وسيكون تعليقنا على هذا الحكم بحسب الأوجه الآتية:

الوجه الأول: الخصومة والعداوة فيما بين المحكم والمحتكم كسبب لرد المحكم أو عزله:

العداوة هي واقعة مادية قابلة للإثبات تقع فيما بين القاضي وأقربائه وأحد اطراف الدعوى أو أقربائهم كما قد تقع هذه العداوة فيما بين المحكم و المحتكم ، والعداوة مفهومها أوسع نطاقا من الخصومة القضائية التي تنعقد عند تكليف المدعى عليه بالرد على دعوى غريمه، فالمقصود بالعداوة كسبب من اسباب الرد أو العزل هي العداوة التي تظهر على هيئة تصرفات أو اقوال صريحة تدل على وجود عداوة فيما بين أطراف الدعوى وبين القاضي أو المحكم مثل قيام المحكم بسب المحتكم أو إشهار السلاح في وجهه أو تهديده بفعل محظور، أما الخصومة فهي نزاع منظور أمام القضاء فيما بين المحكم والمحتكم حيث يقوم المحتكم بتقديم ما يثبت وجود نزاع قضائي فيما بينه وبين المحكم كما حدث في الحكم محل تعليقنا حيث قام المحتكم بتقديم ما يثبت قيام المحكم بالحجز على الأرضية المملوكة للمحتكم وتبعاً لذلك قام المحكم بتقديم دعوى صحة الحجز ، كما قضت المحكمة العليا في حكم سابق على أن قيام المحكم بإشهار السلاح الأ بيض (الجنبية في وجه المحتكم في شارع كلية الشرطة دليل قاطع على وجود العداوة فيما بين المحكم والمحتكم ولو كان هذا الحادث قد وقع بعد التحكيم ولو كان هذا الحادث قد وقع في غير جلسة التحكيم حتى ولو كان سبب الحادث لا يرجع إلى التحكيم أو موضوعه أو إجراءاته وإنما لسبب آخر لا علاقة له بالتحكيم، وفي هذا الشأن نصت المادة (128) مرافعات على أن (يكون القاضي أو عضو النيابة ممنوعاً من نظر الدعوى (الخصومة) ويجب عليه التنحي عن نظرها من تلقاء نفسه ولو لم يطلب الخصوم منه ذلك في الحالات الآتية: 4_ إذا كان لزوجه أو أحد أولاده أو أحد أبويه خصومة قائمة امام القضاء مع احد الخصوم في الدعوى) وهذا نص صريح بأن الخصومة المانعة للقاضي من القضاء هي الخصومة القائمة بالفعل أمام القضاء وليست مجرد عداوة في حين صرحت المادة (132) مرافعات على جواز رد القاضي إذا كان بينه وبين احد الخصوم عداوة أو مودة حيث نصت هذه المادة على أنه (يجوز للخصوم طلب رد القاضي من نظر الدعوى للأسباب الآتية : إذا كان بينه وبين أحد الخصوم عداوة أو مودة يرجح معها عدم استطاعته الحكم بغير ميل (ومن خلال المطالعة للنصين السابقين نجد أن الخصومة من حالات الإمتناع الوجوبي على القاضي يترتب عليها انعدام الحكم فإذا لم يمتنع القاضي عن نظر القضية فيجوز للخصم أو المحتكم أن يطلب من المحكم الإمتناع عن نظر القضية فإن لم يمتنع جاز له أن يقدم الطلب إلى رئيس المحكمة مثلما حدث في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا، وتسري الأحكام السابق ذكرها بشأن رد القاضي على المحكم حسبما صرحت المادة (23) تحكيم التي نصت على أنه يجوز رد المحكم للأسباب التي يرد بها القاضي أو يعتبر بسببها غير صالح للحكم أو إذا تبين عدم توفر شروط متفق عليها أو التي نصت عليها أحكام هذا القانون ويشترط ان تكون هذه الأسباب قد ظهرت أو حدثت بعد تحرير اتفاق التحكيم إلا أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال لأي من طرفي التحكيم رد المحكم الذي عينه أو اشترك في تعيينه ماعدا للأسباب التي تتبين بعد التعيين وفي كل الأحوال يجب على الشخص حين يفاتح بقصد احتمال تعيينه محكما أن يصرح لمن ولاه الثقة بكل الظروف التي من شأنها أن تثيرش كوكا حول حيادته واستقلاله.

الوجه الثاني: الآثار المترتبة على تقديم طلب رد المحكم:

هناك آثار عدة تترتب على تقديم طلب رد المحكم من أهمها وقف الدعوى الأ صلية المنظورة لدى المحكم حتى يتم الفصل في طلب رد المحكم، ولم ينص قانون التحكيم على ذلك في حين نص قانون المرافعات على ذلك بالنسبة للآثار المترتبة على طلب تقديم رد القاضي حيث نصت المادة (143) مرافعات على أنه -1 يترتب على تقديم طلب الرد وقف الدعوى الأ صلية إلى أن يحكم فيه وقد صرح الحكم محل تعليقنا على أن هذا النص يسري أيضا على المحكم في حالة إذا تم تقديم طلب رد المحكم، طالما وقانون التحكيم قد نص في المادة (23) على أن يجوز رد المحكم للأسباب التي يرد بها القاضي ، ولذلك فقد أيد الحكم محل تعليقنا الحكم الإستئنافي الذي قضى بقبول دعوى بطلان حكم المحكم ، لأن المحكم لم يتوقف عن نظر القضية حينما تقدم المحتكم بطلب رد أو عزل المحكم، والله أعلم.

آثار طلب رد المحكم أو عزله
آثار طلب رد المحكم أو عزله