سقوط إتفاق التحكيم بمباشرة الخصوم إجراءات التقاضي أمام المحكمة

 سقوط إتفاق التحكيم بمباشرة الخصوم إجراءات التقاضي أمام المحكمة

يحدث كثيراً أن يتفق الأشخاص على تحكيم شخص أو أشخاص آخرين للفصل في النزاعات التي نشبت بينهم أو تلك التي قد تحدث بينهم مستقبلاً، وبدلاً من اللجوء إلى المحكم المختار أو هيئة التحكيم فإن الخصوم أو أحدهم يلجأ إلى المحكمة المختصة ولا يعترض خصمه الآخر على ذلك أو يدفع بشرط التحكيم أو وثيقة التحكيم، وقد تناول الحكم محل تعليقنا مصير اتفاق التحكيم في هذه الحالة ، والحكم محل تعليقنا هو الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في اليمن في جلستها المنعقدة بتاريخ 2008/6/3م في الطعن التجاري رقم (31555) لسنة 1428هـ وخلاصة أسباب هذا الحكم (أن الدائرة وجدت ان الطاعن أورد في السبب الثاني من عريضة الطعن بالنقض أن الحكم الإستئنافي المطعون فيه قد خالف القانون حينما قضى برفض الدفع بإحالة الخصوم إلى التحكيم لوجود شرط التحكيم في عقد المرابحة المبرم بين طرفي الخصومة، وهذا الطعن مردود بأن الحكم المطعون فيه رفض الدفع بإحالة الخصوم إلى التحكيم بعقود المرابحة تأسيساً على المادة (19) تحكيم التي نصت على أنه (على المحكمة التي ترفع أمامها دعوى متعلقة بخلاف أو نزاع يوجد بشأنه اتفاق تحكيم أن تحيل الخصوم إلى التحكيم ماعدا الحالات الآتية : -ب- إذا تابع الطرفان إجراءات التقاضي أمام المحكمة فيعتبر اتفاق التحكيم كأن لم يكن وحيث ان الطاعن قد تابع إجراءات التقاضي أمام محكمة أول درجة حتى صدر الحكم لصالحه فإن شرط التحكيم لا تجوز إثارته وسيكون تعليقنا على هذا الحكم بحسب الأوجه الآتية:

الوجه الأول : سند الحكم محل تعليقنا في تقريره سقوط اتفاق التحكيم اذا تابع الخصوم إجراءات التقاضي أمام المحكمة المختصة:

استند الحكم محل تعليقنا في تقريره لهذه المسألة حسبما ورد في أسباب الحكم إلى المادة (19) تحكيم التي نصت على أنه (على المحكمة التي ترفع أمامها دعوى متعلقة بخلاف أو نزاع يوجد بشأنه اتفاق تحكيم أن تحيل الخصوم إلى التحكيم ما عدا الحالات الآتية -أ- إذا تبين للمحكمة أن اتفاق التحكيم باطل ولاغ أو لا يشمل النزاع المطروح أمامها -ب- إذا تابع الطرفان التقاضي أمام المحكمة فيعتبر اتفاق التحكيم كأن لم يكن ومن خلال استقراء النص القانوني السابق ذكره نجد انه قد صرح بسقوط اتفاق التحكيم في حالة متابعة الخصوم لإجراءات التقاضي أمام المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع بل أنه نص صراحة على اعتبار اتفاق التحكيم كأن لم يكن ومعنى مصطلح كأن لم يكن في القانون واللغة انعدام اتفاق التحكيم وهذا يعني أيضاً أن جزاء مخالفة هذا النص القانوني هو الإنعدام وليس البطلان وهذا يعني ان المحكمة إذا قررت إحالة الأطراف إلى التحكيم في حالة متابعتهم الإجراءات التقاضي أمامها فإن قرارها في هذه الحالة يكون منعدماً، لأن اتفاق التحكيم منعدم في هذه الحالة ، علماً بأن الإنعدام يعني ان التصرف لم ينعقد صحيحاً أو لم تتوفر أركانه منذ نشأته في حين ان اتفاق التحكيم قد نشأ صحيحاً مكتمل الأركان ، ولذلك فإن الوصف الصحيح لإتفاق التحكيم في حالة متابعة الأطراف الإجراءات التقاضي أمام المحكمة هو البطلان وليس الإنعدام حسبما ورد في النص القانوني السابق ذكره ونوصي بتعديل عبارة كأن لم يكن واستبدالها بكلمة (باطلاً).

الوجه الثاني: وقت إبداء الدفع بالتحكيم أمام المحكمة:

قرر الحكم محل تعليقنا ان متابعة الأطراف لإجراءات التقاضي أمام المحكمة المختصة أصلا يسقط تفاق التحكيم ويعيد الاختصاص الأصلي للمحكمة المختصة وقد ورد في النص القانوني السابق ذكره مصطلح (متابعة الطرفان) ولفظ المتابعة يقتضي حضور الطرفين امام المحكمة لمرات عدة وتبادل الطرفين الدعاوي والردود لأكثر من مرة من غير دفع بالتحكيم أو اعتراض على إجراءات التقاضي.

الوجه الثالث: الحكمة من سقوط اتفاق التحكيم بحضور أطراف النزاع أمام المحكمة المختصة:

تتلخص الحكمة من ذلك في أن حضور اطراف النزاع أمام المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع من غير اعتراض أو دفع أو تمسك بإتفاق التحكيم يعد تنازلاً عن ذلك الاتفاق والعودة إلى القضاء الإعتيادي المختص أصلا بنظر النزاع لاسيما وأن اختصاص المحكمة أو هيئة التحكيم سنده إرادة الاطراف المتنازعة، إضافة إلى ان التحكيم فصل استثنائي في النزاعات في حين ان الاختصاص اصلا معقود بالقضاء كما ان بعض اطراف النزاع قد توالي الإجراءات امام المحكمة المختصة وحينما تجد ان تلك الإجراءات تجري في غير صالحها تقوم بالدفع بشرط التحكيم وفي ذلك إهدار للإجراءات التي تتخذها المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع، والله أعلم.

سقوط إتفاق التحكيم بمباشرة الخصوم إجراءات التقاضي أمام المحكمة
سقوط إتفاق التحكيم بمباشرة الخصوم إجراءات التقاضي أمام المحكمة