نصت المادة (263) من قانون المرافعات اليمني على أنه (استثناءً من القواعد العامة يجب إتباع الأحكام الواردة في هذا الباب إذا كان حق الدائن ثابتاً بالكتابة وحال الأداء وكان المطالب به ديناً من النقود معين المقدار أو منقولاً معيناً بنوعه ومقداره ،كما يجب إتباع هذه الأحكام إذا كان صاحب الحق دائناً بورقة تجارية وأقتصر رجوعه على الساحب أو المحرر أو القابل أو الضامن الاحتياطي لأحدهم ،فإذا أراد الرجوع على غيرهم وجب عليه إتباع القواعد العامة في رفع الدعوى)، ومن خلال إستقراء النص السابق يظهر أنه قد تضمن شرط طلب إصدار أمر الأداء وهي الشروط المعروفة واولها أن يكون الدين ثابتاً بالكتابة والثاني أن يكون الدين حال الأداء والثالث أن يكون معين المقدار إذا كان من النقود أو معيناً بنوعه إذا كان منقولاً ومحل تعليقنا ، هو وجوب قيام محكمة الموضوع باجراء التحقيق الجزئي والكلي للتحقق من توفرهذه الشروط .
الوجه الثاني: ثبوت الدين كتابة كشرط من شروط أمر الأداء:
أشار الحكم محل تعليقنا الى أنه يجب على محكمة الموضوع عند إصدار أمر الأداء أن تتحقق قبل إصدارها لأمر الأداء من شرط ثبوت الدين كتابة بإعتباره الشرط الأول لأمر الأداء، وأشار الحكم محل تعليقنا إلى أنه لا ينبغي للمحكمة أن تقتصر على التحقق من توقيع المطلوب ضده الأمر على المحرر المكتوب وإنما ينبغي أن يمتد تحقيق المحكمة إلى التحقق من سبب تحرير المطلوب ضده للسند أو المحرر الكتابي ونوع العلاقة القائمة فيما بين طالب أمر الأداء والمطلوب ضده التي كانت سبباً في تحرير المستند،وهذا مايطلق عليه التحقيق الجزء الذي يتم في غياب المدين، فالرأي السائد يوجب على القاضي أن يمتنع عن إصدار الأمر مع تحديد جلسة لنظر الدعوى في الحالة التي لا يرى فيها وجها لإصدار الأمر أيا كان السبب.
ويكون واجب محكمة الموضوع في التحقق من شرط الثبوت الكتابي للدين أكثر تأكيداً عند تظلم المطلوب ضده من أمر الأداء، إذ يجب على محكمة الموضوع حين نظرها للتظلم من أمر الأداء أن تتوسع في بحثها حتى تتأكد من العلاقة القائمة بين طالب الأمر والمطلوب الأمر ضده التي كانت سببا في قيام المطلوب ضده بتحرير المحرر الكتابي المثبت للدين وكذا إجراء التحقيقً اللازم للتاكد بشان بقية شروط أمر الاداء، لان فكرة التظلم من أمر الأداء تجعل القضية موضوعية ينبغي على محكمة الموضوع دراسة موضوع العلاقة فيما بين الطالب والمطلوب ضده وسبب تحرير المحرر الكتابي وإستجواب الطالب والمطلوب ضده وإستجوابهم والسماع لأقوالهم وأدلتهم حتى تتمكن محكمة الموضوع من الإحاطة بكافة جوانب وتفاصيل الموضوع عند بحثها للتظلم المرفوع إليها من أمر الأداء، وينبغي على محكمة الموضوع ان لاتكتفي الجانب الشكلي عند بحثها وتحقيقها لمدى تحقق شروط صدور أمر الاداء حسبما تقوم به بعض المحاكم في الواقع العملي، وحسبما حصل في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا، فقد صرح الحكم محل تعليقنا بأنه لا ينبغي لمحكمة الموضوع أن تتقيد بالجانب الشكلي فيما يتعلق بشرط ثبوت الدين كتابة لخطورة أمر الأداء بإعتباره طريقاً إستثنائياً حسبما صرح القانون، لأن الأصل هو القضاء الموضوعي الذي يستطيع فيه القاضي الفهيم الإحاطة بجوانب النزاع عن طريق المواجهة بين الخصوم وتساجلهم في أقوالهم وأدلتهم ودفاعهم، فعندها يستطيع القاضي أن يستبين الحق بسهولة بخلاف أمر الأداء الذي يصدر في غيبة الخصم.
وفي هذا الشان قضت محكمة النقض المصرية بأن (: طريق أوامر الأداء هو استثناء من القواعد العامة في رفع الدعاوى ابتداءً فلا يجوز التوسع فيه ولا يجوز سلوكه إلا إذا كان حق الدائـن ثابتاً بالكتابـة) (رقم ١٧٢١٥ لسنة ٨٥ قضائية ـ الدوائر التجارية – جلسة ٢٠٢١/٠٦/).
الوجه الثالث: معنى ان يكون الدين ثابتا بالكتابة:
جعل قانون المرافعات اليمني شرط ثبوت الدين كتابة جعله أول الشروط واهمها ،واشار الحكم محل تعليقنا إلى أنه لاينبغي لمحكمة الموضوع أن تكتفي بالجانب الشكلي للسند المكتوب ، ولذلك فان شرط الكتابة يحتاج إلى ايضاح في هذا التعليق الموجز.
ويقصد بأن يكون الدين ثابتا بالكتابة أن يكون ثابتا في ورقة تحمل توقيع المدين وان يتبين من هذه الورقة أو من أوراق أخرى موقعة كذلك من المدين أن الدين محله مبلغ من النقود معين المقدار أو منقول معين بذاته أو بنوعه.
وإذا تعددت التزامات المدين الثابتة في الورقة التي تحمل توقيعه فإن لم يكن بينها ارتباط فيحق للدائن سلوك سبيل أمر الأداء بالنسبة إلى الالتزامات التي يتوافر فيها شروط إصدار أمر الاداء آي ان يكون الدين مبلغا من النقود معين المقدار، أو منقول معين بنوعه ومقداره أو منقول معين بذاته دون باقي الالتزامات، أما إذا كان بينها ارتباط ولو كان بسيطا فإن كانت كلها مما تتوفر فيه هذه الشروط فيحق اتباع طريق أمر الأداء، وإن كان بعضها لا تتوافر فيه هذه الشروط فإنّه يتعين سلوك سبيل الدعوى العادية.
وفي الالتزام البدلي حيث يكون محل الالتزام شيئا معينًا ولكن تبرأ ذمته إذا أوفى بشيء آخر حسب اختياره فإن كان أحد الشيئين مما تتوافر فيه شروط استصدار أمر الأداء واختاره المدين فيحق للدائن اللجوء إلى سبيل أمر الأداء، وإن اختار الشيء الآخر أو كان لم يعلن اختياره وجب على الدائن أن يسلك سبيل الدعوى .
وفي الالتزام التخييري حيث يكون محل الالتزام عدة أشياء تبرأ ذمته بأداء أحدها، فإن كان أحدها مما توافر فيه شروط أمر الأداء وكان الخيار للمدين أو لأجنبي ولم يعلن اختياره أو اختار ما لا تتوافر فيه هذه الشروط فيحق للدائن أن يسلك سبيل الدعوى العادية، أما إذا كان قد أعلن اختيار ما تتوافر فيه شروط أمر الأداء فإنه يجب على الدائن سلوك سبيل استصدار أمر الأداء.
أما إذا كان الخيار للدائن فإنّه يملك اللجوء إلى سبيل أمر الأداء إذا اختار الالتزام الذي تتوفر فيه شروطه وإلا فيحق سلوك سبيل الدعوى.
وقد اشترط القانون ثبوت الدين بالكتابة في أمر الاداء.لأن الكتابة هي التي افترض معها القانون عدم الحاجة إلى تحقيق كامل قبل إصدار أمر الاداء، فإذا لم يتوفر توقيع المدين على الورقة ، فإنها لا تصلح أساساً لإستصدار أمر أداء ولو كانت تصلح كمبدأ ثبوت بالكتابة .ويجب أن تكون الورقة صالحة للدلالة على الوقائع المنشئة للحق بجميع صفاته التي تبرر إتباع طريق أوامر الأداء ، ولهذا فإنه يجب أن يتبين من الورقة أن الحق حال الأداء ومعين المقدار، وإلا ما جاز اتباع هذا الطريق، ولهذا لا تصلح ورقة حكم سابق قرر استحقاق الطالب للمبلغ المطالب به عن فترة سابقة على صدوره للحصول على أمر أداء عن فترة لاحقة، وتصلح الورقة ولو كانت تتضمن وعداً منفرداً ، فإذا كان اقتضاء الحق يتوقف على قيام الدائن بالوفاء بالتزام مقابل أو كان معلقاً على شرط ، فليس للدائن اتباع طريق أمر الأداء إلا إذا قدم كتابة تثبت وفاءه بهذا الإلتزام أو تثبت تحقق الشرط.
ورغم توفر هذه الشروط ، فانه إذا كان حق الدائن مستنداً إلى ورقة تجارية فإنه لا يجوز له سلوك طريق أمر الأداء إلا إذا اقتصر رفعه الدعوى على الساحب أو المحرر للورقة أو القابل أو الضامن الاحتياطي لأحدهم، أما إذا أراد رفع الدعوى على غير هؤلاء كورثة أيهم أو أحد المظهرين للورقة أو أراد أن يجمع بين الفئة الأولى وبين غيرهم ، فعليه أن يرفع الدعوى عليهم بالإجراءات العادية ،وعلة هذا أن الرجوع على غير الساحب أو المحرر أو القابل أو الضامن الاحتياطي لأحدهم يخضع لإجراءات معينة منها تحرير بروتستو عدم الدفع وإعلانه ورفع الدعوى في ميعاد معين مما لا يتفق مع الإجراءات المختصرة لنظام أوامر الأداء، وإذا رفعت الدعوى بالإجراءات العادية ضد الساحب أو المحرر وضد المظهر ، فإنه لا يؤدي إلى تعيبنها تنازل المدعى عن اختصام المظهر ، ذلك أنه متى رفعت الدعوى بالطريق الصحيح فلا يؤثر في صحة إجراءاتها ما يطرأ عليها من تغيير في الخصوم
الوجه الرابع: طبيعة أمر الأداء:
اختلف الرأي بشأن طبيعة أمر الأداء وما إذا كان يعتبر عملا ولائيا أم عملا قضائيا ، فذهب رأي إلى أن أمر الأداء يعتبر عملا ولائيا يصدر عن السلطة الولائية للقاضي الذي يصدر أمرًا لا حكمًا، فلا يخضع لما تخضع له الأحكام من شكل أو بيانات إلا أنه متى صدر يكون وقد تضمن قضاء قطعيًّا ملزما فيرتب آثار الحكم القطعي من حيث الحجية وحسم النزاع. (أبو الوفا في التنفيذ ص ۱۸۳ وما بعدها).
في حين يذهب غالب الفقه إلى أن أمر الأداء يعد عملا قضائيا ويصدر عن السلطة القضائية للقاضي ، فيعتبر تقديم العريضة بمثابة مطالبة قضائية يرتب كافة آثار المطالبة الفضائية (أمينة النمر في أوامر الأداء بند ۱۲ – الوشاحي في أوامر الأداء بند ۳ – سيف ص ٧٤٢ – مسلم ص ٦٦٦ – فتحي عبد الصبور في بحثه عن أوامر الأداء المنشور بالعدد الثالث من السنة الستين من المجموعة الرسمية)
غير أن فريقًا من هؤلاء ذهب إلى اعتبار أمر الأداء حكمًا ،ومن ثم استوجب فيه بيانات الأحكام وأخضعه لقواعد إصدارها وتحريرها (الوشاحي ص ۱۰۲ وما بعدها) ،ولكن الصحيح أنه وإن كان أمر الأداء عملاً قضائيا إلا أنه ليس حكما ذلك أنه وإن كان العمل القضائي يفترق عن العمل الولائي إلا أنه ليس حتما أن يفرغ الأول في شكل الحكم أو أن يفرغ الثاني في شكل الأمر فقد يمارس القاضي سلطته الولائية في شكل حكم كحكم مرسى المزاد أو التصديق على الصلح كما أنه قد يمارس سلطته الفضائية في صورة أمر كالحال في أمر الأداء التي تتوفر لها كل أركان العمل القضائي من اراده ومحل وسبب ومطالبة قضائية ثم الشكل الذي اختاره الشارع وهو شكل الأمر (راغب في الرسالة ص ۱۰۰ وما بعدما و ص ٦٦٦ وما بعدها – أمينة النمر بندي ۱۰ و۱۱).
ومن ثم فإن أمر الأداء يخضع لما يخضع له العمل القضائي من قواعد ويصدر عن السلطة القضائية للقاضي الذي يخضع لما يخضع له سائر القضاة عند مباشرتهم لوظيفتهم القضائية فتجري في شانه قواعد الاختصاص ويعتبر مطالبة قضائية فيستلزم قبوله توافر شروط قبول الدعوى ويعتبر ما أمر به قضاء قطعيًا يحوز حجية الأمر المقضي.
ولكنه من جهة أخرى لا يعتبر حكمًا فلا يخضع لما تخضع له الأحكام كشكل خاص للعمل الفضائي من قواعد بل يعتبر أمرًا على عريضة يخضع بصفة عامة لما تخضع له الأوامر على عرائض من أحكام إلا ما خصه به المشرع من أحكام خاصة مراعاة منه لطبيعته كعمل قضائي ومن ذلك اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية بإصداره وسبقه بتكليف بالوفاء، وصدوره خلال أسبوع من تقديم الطلب و وحصر الاختصاص بالتظلم منه في المحكمة الابتدائية التي اصدرت الأمر وليس المحكمة الاعلى منها وإجازة الطعن فيه بالاستئناف (أمينة النمر بند ١٤ وما بعده) علما بان قانون المرافعات اليمني إلى في يناير 2021م المادة التي كانت تجيز استئناف أمر الاداء ابتدا .
وقد أكدت محكمة النقض المصرية أن أمر الأداء عمل قضائي يصدر عن الوظيفة القضائية للقاضي وليس عن وظيفته الولائية.
ومن ثم اعتبرت تقديم العريضة مطالبة قضائية ترتب كافة آثار المطالبة القضائية ومنها قطع التقادم (٢٥/٦/١٩٧٥ طعن ٢٣٢ سنة ٤٠ قضائية – ٢٠/١١/١٩٦٩ طعن ۳۸۰ سنة ٣٥ فضائية – م نقض م – ۲۰ – ١۲۲۰ – ٦/١١/١٩٦٩– م نقض م – ۲۰ – ۱۱۷۰)
ولذلك فإنّه إذا بطل أمر الأداء لعدم توافر شروط الدين فإن هذا البطلان لا يمتد إلى طلب أمر الأداء الذي يعتبر بديلا عن صحيفة الدعوى فيبقى منتجا أثره في قطع التقادم (١٩٦٩/١٠/٢١ طعن ٢٣٥ سنة ٣٥ قضائية – م نقض م – ۲۰ – ۱۱۳۸).
فأمر الأداء عمل قضائي له كل مقومات العمل القضائي ويرتب نفس آثاره . فهو يحوز حجية الأمر المقضي ويحوز القوة التنفيذية تماما كالحكم القضائي الذي يصدر في دعوى إلزام ولكنه يختلف عن الحكم في أنه يفصل في دعوى ذات طبيعة خاصة . إذ الدعوى العادية ترمي إلى قرار يصدر بعد تحقيق كامل ، أما دعوى الأداء فهي ترمي إلى قرار يصدر بعد تحقيق غير كامل ونتيجة لهذا ، فإن إجراءات خصومة الأداء هي إجراءات خاصة تختلف عن الخصومة العادية . وهذه الإجراءات الخاصة لخصومة الأداء تعطي لها هيكلاً خاصاً يختلف عن هيكل إجراءات الخصومة العادية التي تنتهي بحكم ، كما أنها تختلف عن هيكل إجراءات الأوامر على العرائض . ولهذا فأمر الأداء ليس في إجراءاته وشكله حكما كما أنه ليس أمراً على عريضة ، فهو عمل قضائي يصدر نتيجة خصومة قضائية خاصة في شكل خاص . وهذا يبدو واضحا من قواعد وإجراءات أوامر الأداء فهي وإن تشابهت في بعضها مع قواعد الأحكام أو مع قواعد الأوامر علي العرائض الا أنها تحتفظ بكيانها المتميز ، ونتيجة لهذا فإن أي نقص في التشريع المنظم لأوامر الأداء يجب الرجوع فيه - إن كان متعلقا بمضمون العمل - إلى القواعد العامة للعمل القضائي ، وإن كان متعلقاً بهيكل الخصومة إلى ما يقتضيه نظام أوامر الأداء في مجموعة فلا يرجع إلى قواعد الأحكام ولا إلى تلك المتعلقة بالأوامر على العرائض ، ما لم تكن متسقة مع قواعد هذا النظام. (الأستاذ الدكتور/ فتحي والي، المبسوط في قانون القضاء المدني، طبعة 2017 دار النهضة العربية).
الوجه الخامس: التظلم من أمر الأداء:
يجوز للمدين التظلم من الأمر خلال عشرة أيام من تاريخ إعلانه إليه ويحصل التظلم أمام المحكمة الابتدائية التي اصدرت الأمر وتراعى فيه الأوضاع المقررة لصحيفة افتتاح الدعوى،ويجب أن يكون التظلم مسببًا وإلا كان باطلا.
وقبل تعديل قانون المرافعات (يناير 2021) كان يجوز استئناف أمر الاداء إذا فات على المتظلم ميعاد تقديم التظلم ويبدأ ميعاد استئناف الأمر إن كان قابلا له من تاريخ فوات ميعاد التظلم منه أو من تاريخ اعتبار التظلم كان لم يكن، وكان ويسقط الحق في التظلم من الأمر إذا قام من صدر الأمر ضده باستئناف الأمر مباشرة من غير تظلم.
والتظلم من أمر الأداء طريق خاص للطعن فيه، فهو ليس معارضة في حكم غيابي كما أنه ليس تظلما من أمر الأداء على عريضة فلا يجوز الرجوع إلى حكمهما ثم أنه طريق جائز في جميع الأحوال أيا كانت قيمة الدين أو المنقول وأيا كان نوع الحق في حين أن استئنافه يرتبط بقيمة الحق المطالب به ونوعه.
ولا يجوز التظلم إلا من المدين، ويسقط ذلك بالتنازل الصريح عن حقه في التظلم على أن يكون هذا التنازل لاحقا لصدور أمر الأداء أما إذا كان سابقا على ذلك فلا يعتد به كما يسقط بقيام المدين بتنفيذ أمر الأداء اختيارًا كقيامه بالوفاء عن طريق العرض والإيداع دون تحفظ بحقه الطعن
وتختص بنظر التظلم المحكمة التي يتبعها القاضي الأمر ولو كان غير مختص بإصداره أو كانت غير مختصة بنظر النزاع نوعيا أو قيميًا أو محليا،
فإذا رفع التظلم إلى محكمة أخرى ولو كانت هي المختصة اصلا بنظر النزاع أو يتبعها القاضي المختص أصلا بإصدار أمر الأداء وجب عليها الحكم بعدم الاختصاص بنظر التظلم.
والحق في استئناف الأمر قاصر على المدين وحده ويشترط أن يكون الأمر قابلا للاستئناف ولم يتنازل عنه، كما يشترط ألا يكون قد حكم في موضوع تظلمه من الأمر.
ويرفع الاستئناف بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة وبشرط أداء الرسم كاملا عند إيداعها ويترتب على عدم إيداع الرسم کاملا خلال ميعاد الاستئناف سقوط الحق فيه واعتبار الأمر نهائيا (النمر بند ۱۹۸ – سيف ص ۸۳۳) ولا يترتب على مجرد رفع الاستئناف وقف النفاذ المعجل المشمول به الأمر ما لم تأمر بذلك محكمة الاستئناف عملا بالمادة ۲۹۱ أو المادة ۲۹۲ مرافعات.
والحكم الصادر في التظلم يخضع للقواعد العامة للاستئناف من حيث النصاب أو المواعيد أو الإجراءات (٢٤/٤/١٩٦٩طعن ۱۹۹ سنة ٣٥ قضائية – م نقض م – ٢٠ ٦٨٥).
وإذا قضت محكمة الاستئناف بإلغاء حكم أول درجة الصادر في التظلم والذي كان قد قضى ببطلان أمر الأداء المتظلم منه وجب عليها التصدي لموضوع النزاع) ٢٧/٣/١٩٦٩طعن ١٢٥ سنة ٣٥ قضائية – م نقض م – ٢٠- ٥١٦). وإذا انقضت خصومة الطعن بسبب إجرائي أو الانقضاء أو اعتبارها كأن لم تكن فلا يمس ذلك الأمر الذي يصبح نهائيا والي بند ٤٠٢).
فالحق في الطعن بالتظلم أو الاستئناف قاصر على المدين وحده الذي صدر أمر الأداء بإلزامه بالأداء (والى بند ٤٠٣ – النمر بند ١٥٤ – الوشاحي بند ١٠٠) أما الدائن الذي يكون الأمر قد صدر برفض طلباته، أو رفض شمولها بالنفاذ المعجل فليس له أن يسلك سبيل التظلم أو الاستئناف .
وقد قضت المحكمة الدستورية العليا في مصرافي الطعن رقم ۹۹ لسنة ۲٦ ق دستورية بجلستها المنعقدة في ٦/١٢/٢٠٠٩ بعدم دستورية المادة / ۲۰٦ من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري فيما تضمنته من قصر الحق في التظلم من أمر الأداء أو استئنافه على المدين وحده دون الدائن طالب الأمر.
وشيدت قضاءها على أن النص المطعون عليه يكون قد مايز في مجال ممارسة حق التقاضي بين المواطنين المتكافئة مراكزهم القانونية دون أن يستند هذا التمييز إلى أسس موضوعية تقتضيه بما يمثل إخلالا بمبدأ مساواة المواطنين أمام القانون وانتقاضا لحق التقاضي مخالفًا بذلك أحكام المادتين ٤٠، ٦٨ من الدستور (المقابلتين للمادتين ٥٣، ٩٧ من الدستور الصادر عام ۲۰۱٤ والمعدل في ۲۳ ابريل عام ۲۰۱۹) وبهذا الحكم أصبح من حق الدائن طالب الأمر أن يتظلم من رفض طلباته كلها أو بعضها أو استئنافها إذا توافرت موجبات التظلم أو الاستئناف.
وعند صدور الحكم الابتدائي في التظلم فانه يخضع للطعن بالاستئناف وفقا للقواعد العامة ، وعند نظر محكمة الاستئناف في الطعن فانه يجب عليها اجراء التحقيق الكامل في حدود مافصلت فيه محكمة أول درجة ،باعتبار محكمة الاستئناف محكمة موضو يجب عليها ان تبحث الموضوع من كافة جوانبه، فينبغي عليها أن لاتتقيد بالجانب الشكلي لشروط أمر الاداء والوقوف عندها فحسب، وهذا ماقضى به الحكم محل تعليقنا، والله أعلم.
 |
التحقيق الجزئي والكلي في أمر الأداء في القضاء اليمني |