عدم التوقيع على فاتورة البيع في القضاء اليمني
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
السائد
في اليمن أن تجار الإستيراد أو المنتجون
للسلع والبضائع يقومون عند بيعهم لبضائعهم إلى تجار آخرين سيما
إذا كان ثمن البضاعة اجلا البضاعة، عندئذ يقوم التاجر البائع بإصدار فواتير البيع من عدة نسخ تحمل الرقم
والتاريخ والبيانات ذاتها، فيتم تسليم احدى
الفواتير للمشتري، والثانية يقوم المشتري بالتوقيع عليها بما يفيد إستلامه للبضاعة
في التاريخ والسعر والكميات والشروط المبينة في متن الفاتورة ويعيدها المشتري إلى
البائع الذي يحتفظ بها، وتكون نسخة الفاتورة المحفوظة لدى البائع الموقعة من قبل
المشتري هي الدليل على إستلام المشتري للبضاعة سيما عندما يكون سداد الثمن آجلاً،
وفي هذه الحالة تكون نسخة الفاتورة التي يقوم المشتري بالتوقيع عليها هي أساس
ودليل المطالبة بقيمة البضاعة المذكورة تفاصيلها في الفاتورة، فاذا لم يقم المشتري
بالتوقيع على الفاتورة فان الفاتورة المجردة من توقيع المشتري لاتصلح وحدها دليلا على إنشغال ذمة
المشترى بقيمة البضاعة، لان الفاتورة المجردة من توقيع المشتري هي محرر من صنع
البائع، ولايجوز للشخص ان يصنع لنفسه دليلا، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية
بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة
بتاريخ 7-9-2014م في الطعن رقم (55315)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((اما القول بأن
الشعبة لم تعط أي أهمية لما أثبته المحاسب ،فإن الشعبة قد عللت لذلك بقولها: أنه
ليس في جميع المستندات المقدمة من المستأنف ما يدل على قبول المستأنف ضده بتلك
المستندات (فواتير بيع بضاعة) سواء توقيع أو موافقة أو ما شابه ذلك، وأن الشعبة
ترى أنه ليس من المعقول أن تسلم بضاعة سدادها بالآجل وبهذه المبالغ الطائلة لبائع
متجول بسيط دون أن تأخذ توقيعه أو بصمة إبهامه على فواتير البيع لإثبات إستلامه
للبضاعة))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: ماهية فاتورة بيع البضاعة:
السائد
في اليمن أن تجار الإستيراد يقومون عند بيع البضاعة بإصدار فواتير البيع من عدة
نسخ تحمل الرقم والتاريخ ذاته احدها يتم تسليمها للمشتري والثانية يقوم المشتري
بالتوقيع عليها بما يفيد إستلامه للبضاعة في التاريخ والسعر والكميات والشروط
المبينة في الفاتورة ثم يعيدها للبائع، وتكون نسخة الفاتورة المحفوظة لدى البائع
هي الدليل على إستلام المشتري للبضاعة سيما عندما يكون سداد الثمن آجلاً، وفي هذه
الحالة تكون نسخة الفاتورة التي يقوم المشتري بالتوقيع عليها هي أساس ودليل المطالبة
بقيمة البضاعة المذكورة تفاصيلها في الفاتورة.
ولأهمية
وخطورة نسخة الفاتورة التي يتم توقيعها من قبل، المشتري فإن البائع والمشتري يتفقا
على تحديد وتسمية الشخص المخوّل بإستلام البضاعة والتوقيع على نسخة فاتورة البيع
التي يحتفظ بها البائع سيما عندما يكون المشتري مؤسسة أو شركة أو محلاً تجارياً كبيرا،
أما في الحالات التي يقوم فيها المشتري نفسه باستلام البضاعة ،فلا مشكلة في ذلك لأن
المشتري نفسه هو الذي يقوم بإستلام البضاعة والتوقيع على نسخة الفاتورة، وتحرص
الشركات وتجار الإستيراد على تخصيص حيزا واضحاً في الفاتورة لمكان اسم وتوقيع
الشخص الذي يستلم البضاعة بل وختم الشركة أو المؤسسة المشترية سيما عندما يكون
البيع آجلاً.
الوجه الثاني: المطابقة لنسخ الفواتير المحفوظة لدى البائع وتلك المحفوظة لدى المشتري في حالة البيع الآجل:
بعد
تحرير فواتير البيع يتم إفراغ بياناتها في كشوفات صادرة من البائع وكشوفات أخرى
صادرة من المشتري، وتتم المطابقة الدورية بين الكشفين للتأكد من عدم وجود تزوير ،وكذا
للوقوف على مستوى السداد الدوري لثمن البضاعة الاجل.
الوجه الثالث: موقع فواتير البيع ضمن دفاتر التاجر:
الأصل أن دفاتر التاجر في العصر الحاضر هي النظام المحاسبي الإلكتروني المحفوظ لدى التاجر، إذ يتضمن هذا النظام كافة القيود المحاسبية لكافة أعمال التاجر، إذ يتم إستنساخ عشرات الكشوفات من هذا النظام تتضمن الأعمال التجارية التي قام بها التاجر، ولا شك أن الكشوفات المستخرجة من النظام المحاسبي الإلكتروني للتاجر هي دفاتر التاجر في العصر الحاضر، وبما أن الكشوفات المستخرجة من النظام المحاسبي هي دفاتر التاجر في العصر الحاضر فأنه ينبغي أن تكون للقيود الواردة في كشوفات التاجر مستندات تؤيد أو تؤكد صحة وسلامة القيود المحاسبية الصماء الواردة في كشوفات التاجر، وعلى هذا الأساس فإن فواتير البيع الصادرة عن التاجر البائع الموقعة من قبل المشتري أو من يفوضه هي مؤيدات كشف مبيعات التاجر، في حين تكون النسخة الأخرى من الفاتورة المسلمة للمشتري التي عليها اسم محل التاجر البائع هي مؤيدات كشف المشتريات الصادر من المشتري، وغالباً ما تكون نسخة الفاتورة المسلمة للمشتري دليلاً كافياً على البائع لأنها صادرة منه.
الوجه الرابع: حجية فاتورة البيع:
سبق القول بأن فاتورة البيع يصدرها البائع
المستورد أو المنتج للبضاعة، فالفاتورة تحمل اسم شركته أو مؤسسته أو محله التجاري
وعنوانه وتوقيع الموظف المختص بالبيع ، ولذلك فإن نسخة الفاتورة المحفوظة لدى
المشتري تكون دليلاً وحجة على البائع، لأنها
صادرة منه فهي بمثابة الإقرار الكتابي، أما نسخة فاتورة البيع المحفوظة لدى
البائع نفسه فلا تكون بذاتها دليلاً كاملاً في مواجهة المشتري إلا إذا كان المشتري
قد قام بالتوقيع عليها أو إذا ظهر رقم ومبلغ وتاريخ تلك الفاتورة في كشوفات
المشتري.
وقد كانت هذه المسألة تشكل جوهر النزاع وأساسه في
القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا، فقد كان البائع يجادل بأن الفواتير
الصادرة منه المجردة من توقيع المشتري هي دليل على المشتري بإعتبار أن دفاتر
التاجر مع التاجر حجة له وعليه ولو لم يقم المشتري بالتوقيع على الفاتورة، في حين
قضى الحكم محل تعليقنا بأن الفواتير لا تكون حجة على التاجر الآخر وهو المشتري إلا
إذا كان قد قام بالتوقيع عليها أو ظهرت بيانات الفاتورة في كشوف حسابات المشتري،
لأن حجية دفاتر التاجر نفسه على غيره من
التجار إستثناءً من قاعدة أنه لا يجوز للشخص أن يستدل بدليل من صنعه.
الوجه الخامس: تعريف الدفاتر التجارية:
الدفاتر
التجارية مصطلح في القانون التجاري يطلق على السجلات والأوراق التي يُسجل فيها
التاجر كافة التفاصيل التجارية الخاصة به، كما يُمكن اعتبارها بأنّها المعاملات
التجارية التي يُقيدها التاجر من أجل تحديد المركز المالي لأعماله، وذلك باستخدام
طرق أمينة وواضحة، ويستخدمها لبيان مركزه المالي عندما يطلب منه القانون ذلك، فالدفاتر
التجارية مستندات حسابية يدوية و الكترونية يتم الرجوع إليها عند إعداد الموازنة
السنوية وغير ذلك من الأغراض.
الوجه السادس: الغرض من الدفاتر التجارية :
ثانيا: المصالح التي تحققها الدفاتر التجارية بالنسبة للافراد
الاخرين المتعاملين مع التاجر:-1- إثبات إفلاس التاجر. -2-حجة على التاجر في
حالات النصب أو الغش.
الوجه السابع: أنواع الدفاتر التجارية:
النوع
الاول: الدفاتر التجارية الإلزامية : وتنقسم بدورها الى 3 أقسام :-1- دفتر
اليومية يُمثل المحضر اليومي الذي يشمل كل الأعمال التجارية التي يقوم بها التاجر
خلال يومه التجاري، مثل عمليات البيع والشراء، وتسديد الديون، والمصروفات، وسحب
الأوراق التجارية سواءً لمصلحة المنظمة أم لمصلحة الغير.-2- دفتر الصور والرسائل:ويتضمن
نُسخًا من الرسائل التي قام التاجر بإرسالها أو استقبالها. -3- دفتر الجرد
والميزانية: فيجب على التاجر إجراء ما يُسمى بالجرد وذلك مرة واحدة سنوياً على
الأقل لجميع أمواله، سواءً الموجودة كرصيد في البنك، أو المنقولة وغير المنقولة،
أو الأوراق التجارية أو المالية، وتحديد ما يترتب عليه من ديون وحساب نسبة الأرباح
والخسائر.