شرط إعفاء الشريك من تحمل الخسارة في القانون اليمني
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
الشركة
والشراكة في الشريعة والقانون تعني: أن يستحق الشركاء من أرباح الشركة بحسب حصصهم
في رأس مال الشراكة أو بحسب حصة العمل في الشركة، وبالمقابل يتحمل الشركاء أية
خسارة تقع بحسب حصصهم في رأس مال الشركة، ومن هذا المنطق لا يجوز لأحد الشركاء أن
يشترط في عقد الشراكة أو عقد التأسيس أو النظام الأساسي أن يشترط إعفائه من
الخسارة التي تقع في لى الشركة حتى لو قبل بقية الشركاء ذلك، لأن هذا الشرط مخالف
للشريعة والقانون، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في
جلستها المنعقدة بتاريخ 29-10-2016م في الطعن رقم (58464)، الذي ورد ضمن أسبابه:
((كما تضيف الدائرة: أن المادة (4) من قانون الشركات تنص على أن الشركة التجارية
عقد يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر اشترك كلٍ منهم في مشاريع الشركة التجارية بحصة
من مال أو عمل ويقتسم مع غيره ما ينشأ عن هذه المشاريع من ربح أو خسارة...، أي أن
طلب الطاعن إخراجه من الخسارة يخالف القانون))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم
حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: فكرة الشركة والشراكة تتنافى مع شرط إعفاء الشريك من تحمل الخسارة:
استند الحكم محل تعليقنا في قضائه بعدم جواز شرط إعفاء الشريك من تحمل الخسارة استند في ذلك إلى المادة (4) من قانون الشركات اليمني التي نصت على أن (-1- الشركات التجارية عقد يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر يشترك كلٍ منهم في مشاريع الشركة التجارية بحصة من مال أو عمل، ويقتسم مع غيره ما ينشأ عن هذه المشاريع من ربح أو خسارة)، فهذا النص صريح في تحديد مفهوم الشراكة والشركة وأنه يستلزم أن يتحمل الشريك الخسارة مثلما يحصل على الربح، وعلى هذا الأساس فإن شرط إعفاء الشريك من تحمل الخسارة يتنافى مع مفهوم الشركات المقرر في النص القانوني السابق ذكره.
الوجه الثاني: شرط إعفاء الشريك من تحمل خسارة الشراكة يخالف الشريعة الإسلامية:
اتفق الفقه الإسلامي على أن شرط إعفاء الشريك من
تحمل الخسارة التي تقع في نشاط الشركة غير جائز شرعا، فذلك الشرط فاسد، إذ نص
العلماء على أنه يشترط في الشركة والشراكة أن يكون الربح والخسارة على حسب حصة الشريك
أو الشركاء في رأس مال الشراكة، وإذا كانت حصة
الشريك هي العمل الذي يبذله في إدارة الشركة فأن الربح الذي يستحقه يكون بحسب ما يتفق عليه الشركاء، وقد يجمع الشريك
بين حصته في رأس مال الشراكة وبين حصته في العمل وعندئذٍ يستحق ربح بقدر حصته في رأس المال وربح آخر بحسب
عمله، وقد يتولى الشريك إدارة أعمال
الشركة أو الشراكة نظير أجر ثابت شهري أو سنوي فيستحق الشريك في هذه الحالة أجره المتفق عليه
بالإضافة إلى ربح بقدر حصته في رأس مال الشركة، غير أنه لايجوز في الشريعة الإسلامية
في كل الأحوال للشريك ان يشترط إعفائه من
تحمل الخسارة التي قد تلحق بالشركة أو الشراكة،لأن هذا الشرط يتنافى مع احكام عقد
الشركة في الفقه الإسلامي، ومن أهم هذه الأحكام ان الشركاء في الشركة
شركاء في الربح والخسارة، ويذهب بعض الفقهاء الى ان عقد الشركة إذا تضمن هذا الشرط
فإن الشرط وحده هو الذي يبطل ويصح العقد بعد إلغاء ذلك الشرط الفاسد، وهناك من
الفقهاء من يذهب إلى أن شرط الاعفاء من تحمل الخسارة إذا ورد في عقد الشركة فأنه يترتب
على ذلك بطلان عقد الشراكة كله .(فقه المعاملات المالية المعاصرة في الشريعة الإسلامية، ا.د. عبدالمؤمن
شجاع الدين، 192).
الوجه الثالث: شرط إعفاء الشريك من تحمل الخسارة في القانون التجاري اليمني:
استند
الحكم محل تعليقنا في قضائه بعدم جواز شرط إعفاء الشريك من تحمل الخسارة استند إلى
المادة (4) من قانون الشركات اليمني التي نصت على أن (-1- الشركات التجارية عقد
يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر يشترك كلٍ منهم في مشاريع الشركة التجارية بحصة من
مال أو عمل، ويقتسم مع غيره ما ينشأ عن هذه
المشاريع من ربح أو خسارة)، فهذا النص يقرر ان الشركاء في الشركة شركاء في الربح
والخسارة، وتبعا لذلك لايجوز شرط إعفاء الشريك من تحمل خسارة الشركة، بإعتبار هذا
الشرط صورة من صور شرط الأسد عند شراح
القانون التجاري الذين ذهبوا إلى أن صور شرط الأسد هي ماياتي:
2- اعفاء أحد الشركاء من تحمل الخسائر أو
الاتفاق علي استرداد حصته كاملة وسالمة من أية خسارة مهما كان المركز المالي
للشركة، فإن هذا الشرط يقع باطلا للسبب ذاته (اقتسام الأرباح والخسائر)، ومع ذلك
اذا اشترط شريك مشارك بحصة مالية وبعمل فني اعفاء حصته المالية من أية خسارة فلا
يبطل الشرط لأنه يكون قد تحمل في الخسارة في صورة ضياع عمله الفني بلا مقابل .
3- حصول أحد الشركاء علي نسبة ثابتة من
الأرباح في جميع الأحوال أي سواء حققت الشركة أرباح أو منيت بخسارة، ويعرف هذا
الشرط بشرط الفــــائدة الثابتة فهذا الشرط يكون باطلا لتخلف ركن نية المشاركة لدي
الشريك الذي وضع الشرط لصالحه.
وفي الصور الثلاث المذكورة سابقا يكون شرط الأسد باطلا، ويستتبع ذلك أيضا بطلان الشركة ذاتها، لأنها فقدت ركنا موضوعيا خاصا من أركانها. (الشركات التجارية، د. محمود سمير الشرقاوي، 143). والله أعلم.
![]() |
شرط إعفاء الشريك من تحمل الخسارة في القانون اليمني |