مقابل الخدمات الاستشارية في القضاء اليمني
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدينالأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.
عند إبرام عقد خدمات إستشارية فإن المستشار او الإستشاري الذي يقدم هذه الخدمات لا يستحق مقابلها المذكور في العقد إلا إذا قام بالفعل بتقديم الخدمات الإستشارية المتعاقد عليها، لأن الإستشاري ليس شريكا أو عاملا لدى الجهة التي يقدم لها مشورته؛
حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 24-4-2016م في الطعن رقم (54091)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث أن المطعون ضدها لم تستمر في تقديم الإستشارات إلى الطاعنة، وحيث أن المطعون ضدها لم تقم بالوفاء بما نص عليه العقد، لذلك فلا تستحق المطعون ضدها من الأجر إلا بقدر الإستشارات التي قدمتها تنفيذاً للعقد))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: طبيعة عقد الخدمات الإستشارية:
الخدمات الإستشارية يقدمها خبراء ومستشارون في مجال فني معين، فقد يقدمها أشخاص أو مكاتب اوشركات استشارية، والخدمات الإستشارية ليست محصورة في مجالٍ معين بل أنها تكاد تشمل كافة المجالات والتخصصات، وغالباً ما يتضمن عقد تقديم الخدمات الإستشارية تحديد الخدمات الإستشارية التي يلتزم المستشار بتقديمها خلال فترة سريان العقد، وكذا يتضمن العقد تحديد مدة إنجاز الخدمات المحددة وكذا بيان مقابل أو أجور الخدمات الإستشارية، وتختلف عقد الخدمات الإستشارية الخارجية عن المستشار الموظف الذي يتم تعيينه كمستشار أو يتم ترقيته إلى وظيفة مستشار في الجهة أو تدويره من وظيفية تنفيذية إلى مستشار، لأن الموظف المستشار لاينظم علاقته مع الجهة التي يعمل بها عقد خدمات استشارية بل تتحدد علاقته بالجهة التي يعمل بها وفقا للنظم واللوائح النافذة في الجهة مثله مثل غيره من الموظفين الذين تحدد حقوقهم وواجباتهم اللوائح والنظم النافذة في الجهة، اما عقد الخدمات الإستشارية الخارجية فهو الذي يحدد التزامات وحقوق الخبير المستشار الذي يقدم الخدمات الإستشارية والجهة المتعاقدة معه، وعلى هذا الأساس فإن عقد تقديم الخدمات الإستشارية لا يجعل الخبير المستشار موظفاً في الجهة التي يقدم لها خدماته الاستشارية لها بموجب عقد خدمات استشارية الا اذا نص العقد على ذلك ، لأن الخبراء المستشارين أو الإستشاريين يقدموا خدماتهم الإستشارية لمن يطلبها ولهم مهنهم الخاصة بهم ولهم مكاتبهم الخاصة التي يعملوا فيها، فهم لا يتبعوا وظيفياً الجهات التي يقدموا لها خدماتهم الاستشارية ، لأن خدماتهم الاستشارية يتم تقديمها لمن يطلبها، فالجهة التي يقدم لها المستشارخدماته مجرد زبون لدى المستشار ، ولذلك فإن الخدمات الإستشارية الخارجية تكتسب أهمية بالغة في ترشيد أعمال الشركات والمنظمات، لأنها تتميز بالإستقلالية والحيادية والموضوعية، لأن الخبراء والمستشارين الذين يقدموا الخدمات الإستشارية الخارجية ليسوا عمالاً أو موظفين لدى الجهة التي يقدموا لها الخدمات الاستشارية ، فليس للمستشارين والخبراء الخارجيين مصالح أو إرتباطات اوعلاقات بالعاملين في الجهات تجعلهم يميلوا في استشاراتهم مع مصالحهم في الجهة أو مع علاقاته مع العاملين في تلك الشركات ، ولذلك تكون اراء ونصائح المستشارين الخارجيين وتوصياتهم أكثر موضوعية ورصانة وحيادية من غيرها.الوجه الثاني: تقابل الإلتزامات والحقوق في عقد الخدمات الإستشارية:
عقد تقديم الخدمات الإستشارية مثل غيره من العقود يتضمن التزامات وحقوق الطرفين المتعاقدين (المستشار والجهة المستفيدة من الخدمات الإستشارية)، فعقد الخدمات الإستشارية هو شريعة المتعاقدين، ومقتضى هذا التقابل بين الإلتزامات يستوجب أن يقوم مقدم الخدمات الإستشارية بالخدمة بالفعل حتى يستحق الأجر مقابلها من الجهة المتعاقدة معه، ومؤدى ذلك أنه لا يحق للمستشار مقدم الخدمات الإستشارية المطالبة بمقابل خدمات لم يقم بها، حسبما قضى الحكم محل تعليقنا حتى لو كانت هذه الخدمات مذكورة في العقد، فلا يحق لمقدم الخدمات الإستشارية أن يطالب بأتعاب الخدمات المتعاقد عليها طالما أنه لم يقم تنفيذها، لأن الأجر هو مقابل تلك الخدمات، فقد قضى الحكم محل تعليقنا بأن الجهة مقدمة الخدمات الإستشارية لا تستحق إلا أجر سنة فقط مع ان الجهة الإستشارية كانت تطالب بأجر خمس سنوات لأن مدة العقد كانت كذلك ، فقد قضى الحكم محل تعليقنا باستحقاق الشركة الاستشارية لاجر سنة فقط ، لأنه قد ثبت لمحكمة الموضوع أن الجهة الإستشارية قامت بالفعل بتقديم خدماتها الإستشارية في السنة الأولى اما السنوات الأربع فلم يثبت أن الجهة الإستشارية قدمت خدماتها خلالها.الوجه الثالث: ماهية الخدمات الاستشارية:
يتم استخدام مصطلحي “مستشار – consultant” و “مقدم نصيحة – advisor”على من يقوم بتقديم الخدمات الاستشارية، وتُعرّف الخدمات الاستشارية بأنها قيام المستشار بتزويد طالب الخدمة الاستشارية بالخبرة في مسألة ما مقابل رسوم محددة يتم الإتفاق بشانها في عقد تقديم الخدمات الاستشارية.ويمكن للاستشاري بحسب نوع خبرته أن يقدم خدماته للغير ، ولذلك تتنوع الخدمات الاستشارية، فهناك خدمات استشارية قانونية وهندسية وطبية والإدارية ... إلخ.
وقد بدأ تاريخ الخدمات الاستشارية عن طريق شركات إستشارية في أواخر القرن التاسع عشر بتأسيس أول شركات استشارية حديثة في العالم، وقد كانت ومازالت تُعرف باسم الشركات الاستشارية، حيث بدأت هذه الشركات في الولايات المتحدة الأمريكية في الأيام الأولى لصناعة الاستشارات ثم انتشرت بعد ذلك في أوروبا وبقية العالم، وقد تركزت خدمات الشركات الاستشارية بشكل أساسي على حل المشكلات الفنية والمالية والإدارية.
وقد تزايدت اعداد الشركات الاستشارية في دول العالم المختلفة، فمثلا هناك أكثر من 9000 شركة استشارية في الهند وحدها حسب إحصائيات 2020وتقدم هذه الشركات جميع أنواع الخدمات الاستشارية المختلفة والتي تمتد عبر عدد لا يحصى من المجالات والتخصصات والقطاعات.
ويعتمد الخبراء المستشارون وشركات الخدمات الاستشارية في نشأطهم على ما يسمى بـ “الميزة المعرفية” التي يمتلكها الخبراء المستشارون ، إذ يتم التعاقد مع المستشارين لمساعدة طالبي الخدمة الاستشارية في معالجة المعضلات التي تتطلب خبرة أو معرفة متخصصة تفتقر إليها الشركات طالبة الخدمة.
وهناك ميزة أخرى هي أن المستشارين الخارجيين والشركات الاستشارية الخارجية يتمتعوا بالاستقلال والحياد والموضوعية ، ولذلك تكون نظرة المستشار الخارجي للمشاكل موضوعية ، مما يمكن المستشار الخارجي من تقديم حلول ومعالجات صائبة ورشيدة لحل المشكلة.
وغالبا مايقدم المستشارون القانونيون خدماتهم مباشرة من غير شركات استشارية لأن شخصياتهم وخبراتهم الشخصية تكون محل إعتبار عند تعاقد الغير معهم، وتلجأ الجهات طالبة الخدمة الاستشارية إلى الإستعانة بالمستشارين الخارجيين والشركات الاستشارية توفيرا للتكلفة لأن ذلك أقل مما لو كانت المنظمة ستوظف خبراء بنفسها،علاوة على أن ذلك يمنح الشركة طالبة الخدمة القدرة الكافية لإدارة محفظة التغيير الخاصة بها.
ويُطلق على المحترفين العاملين في مجال الاستشارات عمومًا “مستشار – consultant” أو “مقدم نصيحة – advisor”. في كثير من الأحيان، ويتم استخدام تسميات محددة للإشارة إلى تخصصهم بمجال استشاري معين أو قطاع الخبرة الخاص بكل منهم مثل مستشار قانوني ومستشار إستراتيجي، مستشار رعاية صحية، مستشار مشتريات... إلخ.
ويطلق في اليمن مصطلح المستشار على أي شخص بيد إن المستشارين الحقيقيين هم في الغالب من المهنيين المتعلمين تعليماً عالياً الذين اكتسبوا خبراتهم العملية لمدة طويلة نتيجة قيامهم بأعمال كثيرة في مجال معين أو في قطاع معين، بعد سنوات من الدراسة والتدريب.
ويُنظر إلى الاستشاريين على أنهم يعملون بسلوك احترافي، ويحملون المؤهلات العليا المناسبة وقادرون على تقديم مستوى عالٍ من الخدمة للزبائن ، ويمكن للمستشارين العمل في شركة استشارية، أو العمل كمستشار مستقل (مستقل - freelancer)، أو العمل كمستشار داخل مؤسسة خارج صناعة الاستشارات (“مستشار داخلي – internal consultant”). (مدونة نفذلي).
الوجه الرابع: أعمال الخدمات الاستشارية:
يمكن تلخيص أعمال الخدمات الاستشارية على النحو الاتي:
1. توفير المعلومات اللازمة للجهة طالبة الخدمة:
ربما يكون السبب الأكثر شيوعًا لطلب الخدمة الاستشارية هو الحصول على معلومات مفيدة من الخبير الاستشاري،استنادا إلى خبرة ومهارة الاستشاري، ويندرج ضمن خدمة الحصول على المعلومات تجميعها عن طريق الاستبانات الموجهة إلى الفئات المستهدفة للحصول على المعلومات اللازمة ، وكذا معلومات الحالات المماثلة المتوفرة لدى المستشار بحكم خبرته الطويلة واعماله المتعددة في جهات كثيرة ، ودراسات التكلفة، ودراسات الجدوى، واستطلاعات السوق، أو تحليلات الهيكل التنافسي للصناعة أو الأعمال التجارية. وقد ترغب الشركة طالبة الخدمة الاستشارية في الحصول على خبرة استشارية خاصة أو الحصول على معلومات أكثر دقة وحداثة يقدمها المستشار ، لأن الحصول على المعلومات عن طريق المستشارين يوفر الجهد والوقت والمال على الجهات طالبة الخدمة، التي تفضل غالبًا الاستفادة بشكل أفضل من البيانات المتاحة بالفعل لدى المستشار، ويجب على المستشار الخارجي ان يفهم سبب طلب الجهة للمعلومات وكيف سيتم استخدامها حتى يتمكن من تقديم نتائج مفيدة،كما يجب على الاستشاريين أيضًا تحديد المعلومات ذات الصلة المتوفرة لديهم بالفعل.2. إقتراح المعالجات المناسبة للمشاكل التي تطلب منه الجهة دراستها:
لا ريب ان سبب طلب الجهة لخدمات المستشار هو رغبتها في الحصول على المقترحات المناسبة لمعالجة المشاكل التي تعاني منها الجهة أو المنظمة، مثل تحديث النظم واللوائح والادلة والعقود النافذة في الشركة أو حوكمة الشركة أو تغيير استراتيجية تسويق أو كيفية إعادة هيكلة المنظمة أو الشركة لتكون قادرة على التكيف بسهولة أكبر مع التغيير وكذا تحديد السياسات المالية التي يجب اعتمادها في الشركة وغير ذلك من الإشكاليات.وحتى تكون المعالجات للمشاكل مفيدة ومناسبة ينبغي على المستشار تحديد المشكلة الحقيقية في الواقع، وعلى هذا الأساس فإن الوظيفة الأولى للاستشاري هي استكشاف سياق المشكلة واسبابها ونطاقها، ولغرض إقتراح المعالجات المناسبة للمشاكل التي تعاني منها الشركة طالبة الخدمة الاستشارية يجب على المستشار البدء بالسؤال الصحيح، مثل:
ما الحلول التي تمت تجربتها في الشركة طالبة الخدمة في الماضي، وما هي النتائج؟
ماهي الخطوات التي لم تتم تجربتها تجاه الحل والتي تفكر فيها إدارة الشركة طالبة الخدمات الاستشارية؟
ماهي الجوانب ذات الصلة بأعمال الشركة طالبة الخدمة التي لا تسير على ما يرام؟
إذا تم إقتراح معالجة المشكلة، كيف سيتم تطبيق المعالجة؟
ما الذي يمكن فعله لضمان أن تلقى المعالجة قبولًا واسعًا؟
ومن هذا المنطق يجب ألا يرفض المستشار أو يقبل الوصف الأولي لطالب الخدمة الاستشارية بسهولة بل يجب عليه أن يستكشف العوامل ذات الصلة – أحيانًا مواضيع حساسة يكون طالب الخدمة الاستشارية على دراية بها جيدًا ولكنه يواجه صعوبة في مناقشتها مع المستشار الخارجي.
وتبعا لذلك فإن الخدمات الاستشارات المفيدة تتضمن العمل مع المشكلة كما حددها طالب الخدمة بطريقة تظهر تعريفات أكثر فائدة بشكل طبيعي مع استمرار المهمة.
نظرًا لأن معظم طالبي الخدمة الاستشارية – مثل الأشخاص بشكل عام – متناقضون بشأن حاجتهم للمساعدة في حل مشكلاتهم الأكثر أهمية، ويجب على الاستشاري الاستجابة بمهارة لاحتياجات طالب الخدمة الضمنية.
ويجب أن يتفهم طالبوا الخدمة الاستشارية حاجة المستشار إلى استكشاف المشكلة قبل الشروع في معالجتها ويجب أن يدرك طالبوا الخدمة أن تعريف المشكلة الأكثر أهمية قد يتغير مع تقدم الدراسة.
ويتطلب التشخيص الكفء أكثر من مجرد فحص البيئة الخارجية وتكنولوجيا واقتصاديات العمل وسلوك الأعضاء غير الإداريين في المنظمة أو الشركة طالبة الخدمة الاستشارية ، بل يجب على الاستشاري أيضًا أن يسأل لماذا اتخذ المدراء التنفيذيون خيارات معينة تبدو الآن على أنها أخطاء أو تجاهلوا بعض العوامل التي تبدو مهمة الآن.
لذا من الواضح أنه عندما يشارك طالبوا الخدمة في عملية التشخيص، فمن المرجح أن يعترفوا بدورهم في المشاكل ويقبلون إعادة تحديد مهمة الإستشاري، لذلك تقوم الشركات الكبرى بإنشاء آليات مثل فرق عمل مشتركة مع الاستشاريين وطالبي الخدمة للعمل على تحليل البيانات وأجزاء أخرى من عملية التشخيص. مع استمرار العملية، ويبدأ المديرون بشكل طبيعي في تنفيذ الإجراءات التصحيحية دون الحاجة إلى انتظار التوصيات الرسمية.
ويجب ألا تحتوي توصيات المستشار مفاجآت، لذا ينبغي على المستشار إطلاع طالب الخدمة بمضمون التوصيات، وبعد ذلك تتم صياغتها الصياغة النهائية،كما ينبغي على المستشار مساعدة طالب الخدمة في تنفيذ توصياته.
ومثلما يمكن لطالب الخدمة المشاركة في التشخيص دون التقليل من قيمة دور الاستشاري، فهناك طرق عدة قد يساعد بها الإستشاري الجهة في التنفيذ دون مصادرة وظيفة المدير في الجهة طالبة الخدمة.
وغالبًا تطلب الجهة طالبة الخدمة تطلب من المستشار المشاركة والمساعدة في تثبيت نظام أو الإجراء الجديد الذي أوصى به المستشار، ولذلك فإن العمل الفعال بشأن مشاكل التنفيذ يتطلب مستوى من الثقة والتعاون بين المستشار وطالب الخدمة الاستشارية.
وينبغي ان يسعى الاستشاري باستمرار لفهم الإجراءات التي يتم التوصية بها، والتي من المحتمل تنفيذها ومدى قبول الأفراد بها، قد تقتصر التوصيات على تلك الخطوات التي يعتقد الاستشاري أنها ستنفذ بشكل جيد.
إن التنفيذ يعتبر مصدر قلق مركزي يؤثر على سلوك الاستشاري المهني في جميع مراحل المشاركة الخاصة بأي خدمات استشارية، فعندما تطلب الجهة من المستشار معلومات، فإن المستشار يسأل كيف سييقوم طالب الخدمة باستخدامها وما هي الخطوات التي تم اتخاذها بالفعل للحصول عليها ثم يحدد الخطوات التي تكون الشركة طالبة الاستشارات على استعداد لاتباعها وكيفية إطلاق المزيد من الإجراءات،ويبني المستشار الدعم باستمرار لمرحلة التنفيذ من خلال طرح أسئلة تركز على العمل ومناقشة التقدم المحرز بشكل متكرر، ويترتب على ذلك أن المديرين يجب أن يكونوا مستعدين لتجربة إجراءات جديدة أثناء المشاركة، وعدم الانتظار حتى نهاية المشروع قبل البدء في تنفيذ التغيير، وعندما تثبت والحلول والابتكارات نجاحها يتم إضفاء الطابع المؤسسي عليها بشكل أكثر فاعلية مما لو تم التوصية بها دون إظهار بعض قيمتها.
ولكي يكون التنفيذ فعالًا حقًا يجب تطوير الاستعداد والالتزام بالتغيير، ويجب أن يتعلم أعضاء الشركة طالبة الخدمة طرقًا جديدة لحل المشكلات لتحسين الأداء التنظيمي،ويعتمد مدى جودة تحقيق هذه الأهداف على مدى فهم الطرفين لعملية المشاركة بأكملها وإدارتها بشكل جيد.
وتخطيط العمل - يتضمن ذلك تقسيم المشروع إلى خطوات بمواعيد نهائية محددة وتخصيص مستشارين للقيام بالمهام المختلفة
ويجب أن يتفهم طالبوا الخدمة الاستشارية حاجة المستشار إلى استكشاف المشكلة قبل الشروع في معالجتها ويجب أن يدرك طالبوا الخدمة أن تعريف المشكلة الأكثر أهمية قد يتغير مع تقدم الدراسة.
3. التشخيص الفعال للمشاكل:
تكمن قيمة الكثير من الاستشاريين الإداريين في خبرتهم كأخصائيي في تشخيص المشاكل التي تعاني منها الشركة وتحديد أسبابها ، ومع ذلك فإن العملية التي يتم من خلالها التشخيص الدقيق للمشاكل قد تؤدي أحيانًا إلى التأثير في العلاقة بين المستشار وطالب الخدمة الاستشارية ، لأن طالبي الخدمة غالبًا ما يخشون الكشف عن المواقف الصعبة التي قد يُلامون عليها.ويتطلب التشخيص الكفء أكثر من مجرد فحص البيئة الخارجية وتكنولوجيا واقتصاديات العمل وسلوك الأعضاء غير الإداريين في المنظمة أو الشركة طالبة الخدمة الاستشارية ، بل يجب على الاستشاري أيضًا أن يسأل لماذا اتخذ المدراء التنفيذيون خيارات معينة تبدو الآن على أنها أخطاء أو تجاهلوا بعض العوامل التي تبدو مهمة الآن.
لذا من الواضح أنه عندما يشارك طالبوا الخدمة في عملية التشخيص، فمن المرجح أن يعترفوا بدورهم في المشاكل ويقبلون إعادة تحديد مهمة الإستشاري، لذلك تقوم الشركات الكبرى بإنشاء آليات مثل فرق عمل مشتركة مع الاستشاريين وطالبي الخدمة للعمل على تحليل البيانات وأجزاء أخرى من عملية التشخيص. مع استمرار العملية، ويبدأ المديرون بشكل طبيعي في تنفيذ الإجراءات التصحيحية دون الحاجة إلى انتظار التوصيات الرسمية.
4. التوصية بالإجراءات الصحيحة
تنتهي مهمة المستشار بتقرير مكتوب أو عرض تقديمي شفهي يلخص الأعمال والأجراءات والخطوات التي قام بها الاستشاري، ويختم تقريره بالنتائج والتوصيات ويوصي بشيء من التفصيل ما يجب على طالب الخدمة الاستشارية القيام به، ويبذل المستشار قدرًا كبيرًا من الجهد لإعداد تقريره حتى يتضمن المعلومات والتحليل بوضوح وتكون التوصيات مرتبطة بشكل مقنع بالتشخيص الذي استند إليه.ويجب ألا تحتوي توصيات المستشار مفاجآت، لذا ينبغي على المستشار إطلاع طالب الخدمة بمضمون التوصيات، وبعد ذلك تتم صياغتها الصياغة النهائية،كما ينبغي على المستشار مساعدة طالب الخدمة في تنفيذ توصياته.
5. تنفيذ التغييرات المطلوبة:
إن الدور المناسب للاستشاري في تنفيذ التغييرات المطلوبة هو موضوع نقاش كبير بين المختصين في هذا الأمر ، فيجادل البعض بأن المستشار الذي يقدم التوصيات ينبغي أن يضعها موضع التنفيذ، ومن ثم لا يقتصر دوره، على تقديم الاستشارة، في حين يذهب البعض الآخر إلى أن تنفيذ توصيات المستشار هي مسؤولية طالب الخدمة وهو الرأي الصحيح.ومثلما يمكن لطالب الخدمة المشاركة في التشخيص دون التقليل من قيمة دور الاستشاري، فهناك طرق عدة قد يساعد بها الإستشاري الجهة في التنفيذ دون مصادرة وظيفة المدير في الجهة طالبة الخدمة.
وغالبًا تطلب الجهة طالبة الخدمة تطلب من المستشار المشاركة والمساعدة في تثبيت نظام أو الإجراء الجديد الذي أوصى به المستشار، ولذلك فإن العمل الفعال بشأن مشاكل التنفيذ يتطلب مستوى من الثقة والتعاون بين المستشار وطالب الخدمة الاستشارية.
وينبغي ان يسعى الاستشاري باستمرار لفهم الإجراءات التي يتم التوصية بها، والتي من المحتمل تنفيذها ومدى قبول الأفراد بها، قد تقتصر التوصيات على تلك الخطوات التي يعتقد الاستشاري أنها ستنفذ بشكل جيد.
إن التنفيذ يعتبر مصدر قلق مركزي يؤثر على سلوك الاستشاري المهني في جميع مراحل المشاركة الخاصة بأي خدمات استشارية، فعندما تطلب الجهة من المستشار معلومات، فإن المستشار يسأل كيف سييقوم طالب الخدمة باستخدامها وما هي الخطوات التي تم اتخاذها بالفعل للحصول عليها ثم يحدد الخطوات التي تكون الشركة طالبة الاستشارات على استعداد لاتباعها وكيفية إطلاق المزيد من الإجراءات،ويبني المستشار الدعم باستمرار لمرحلة التنفيذ من خلال طرح أسئلة تركز على العمل ومناقشة التقدم المحرز بشكل متكرر، ويترتب على ذلك أن المديرين يجب أن يكونوا مستعدين لتجربة إجراءات جديدة أثناء المشاركة، وعدم الانتظار حتى نهاية المشروع قبل البدء في تنفيذ التغيير، وعندما تثبت والحلول والابتكارات نجاحها يتم إضفاء الطابع المؤسسي عليها بشكل أكثر فاعلية مما لو تم التوصية بها دون إظهار بعض قيمتها.
ولكي يكون التنفيذ فعالًا حقًا يجب تطوير الاستعداد والالتزام بالتغيير، ويجب أن يتعلم أعضاء الشركة طالبة الخدمة طرقًا جديدة لحل المشكلات لتحسين الأداء التنظيمي،ويعتمد مدى جودة تحقيق هذه الأهداف على مدى فهم الطرفين لعملية المشاركة بأكملها وإدارتها بشكل جيد.
الوجه الخامس: الخطوات الاساسية في تقديم الخدمات الاستشارية:
سبق القول أن الخدمات الاستشارية في مجملها عبارة عن معالجات لمشاكل تعاني منها الجهات طالبة الخدمات الاستشارية، ولذلك من المفيد الإشارة بايجاز بالغ إلى إلى خطوات تقديم الخدمات والاستشارات، وذلك كما يأتي:الخطوة الاولى: تحديد المشكلة:
وفي هذا المرحلة يعمل الاستشاريون على تكوين الصورة الدقيقة للمشكلات التي تعاني منها الشركة طالبة الخدمة وابعادها واثارها وارتباطها بمشكلات اخرى داخل الشركة.الخطوة الثانية: هيكلة المشكلة:
وفي هذا المرحلة يعمل الاستشاريون على الرصد الدقيق لجميع العوامل التي يمكن أن تؤثر على الموقف الحالي للشركة ثم تقوم بتقسيم المشكلة إلى أقسام.الخطوة الثالثة: تحديد أولويات القضايا:
وفي هذه المرحلة يحدد الاستشاريون القضايا الأكثر أهمية،لاجل ترتيب الاولويات وتركيز الجهود على هذه الموضوعات وتوفير الوقت من خلال عدم النظر في الجوانب غير ذات الصلة.الخطوة الرابعة: خطة التحليل وخطة العمل:
خطة التحليل ترتبط بشكل مباشر بالطريقة التي يتم بها تنظيم المشكلة،فالطريقة التي يتم بها تقسيم المشكلة ستصبح وحدات العمل.وتخطيط العمل - يتضمن ذلك تقسيم المشروع إلى خطوات بمواعيد نهائية محددة وتخصيص مستشارين للقيام بالمهام المختلفة
الخطوة الخامسة: إجراء التحليل:
وفي هذه المرحلة يقوم الاستشاريون بتحليل اسباب المشكلة وتعيين اثارها بدقة ورسم خطة حل المشكلة وتعيين اطرافها وتدريبهم على الحل أو الحلول الجديدة ووضع الحلول موضع التنفيذ.الخطوة السادسة: تجميع النتائج:
وفي هذه المرحلة يقوم الاستشاريون بتجميع نتائج الدراسة وصياغتها في تقرير شامل وواضح، و يتضمن هذا التقرير التوصيات المناسبة لمعالجة المشكلة.الخطوة السابعة: تسليم الاعمال:
وفي هذه المرحلة يقوم الاستشاريون بتسليم الاعمال الاستشارية في صورتها النهائية والاشراف على تطبيق الحلول وتقديم الدعم للموظفين والمديرين اثناء عملية التطبيق. (خطوات تقديم الإستشارات، بدر احمد. ص2)، والله اعلم.مقابل الخدمات الاستشارية في القضاء اليمني