عبء إثبات أسباب الطعن على الطاعن
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
وفقاً
للقانون المدني اليمني وقانون المرافعات اليمني فإن القاعدة: ان الأصل في الأحكام
الصحة، وعلى هذا الأساس فإن الطاعن في الحكم يكون في مركز المدعي بعدم صحة الحكم
المطعون فيه، وهذا المركز يحتم على الطاعن أن يقدم الأدلة القانونية و الواقعية التي
تدل على تحقق أسباب الطعن في الحكم المطعون فيه، فيجب على الطاعن تقديم الادلة
التي تدل على صحة المطاعن أو المناعي الذي يدعيها الطاعن في طعنه حتى تكون الطعون
جدية ومنتجة، ومن هذا المنطلق فليس من حق الطاعن بالنقض أن يطلب من المطعون ضده ان يقدم الأدلة على صحة ما ذكره في رده على الطاعن،
لأن ذلك بمثابة طلب موضوعي من المحكمة العليا بالزام المطعون ضده بتقديم دليل على
نفسه، وهذا الطلب لايجوز تقديمه إلى المحكمة العليا باعتبارها محكمة قانون، فقواعد
الإثبات تقرر أن على المدعي (الطاعن)
البينة وليس العكس، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا
في جلستها المنعقدة بتاريخ 9-12-2018م في الطعن رقم (60557)، الذي ورد ضمن أسبابه:
((اما قول الطاعن أن المطعون ضده في رده على الطعن لم يقدم أي مستند يدحض أو يشكك
في صحة طعن الطاعن، فذلك قلب لقواعد الإثبات، فالمعني بالإثبات لمناعيه على حكم
الشعبة هو الطاعن وليس المطعون ضده، لأن الطعن بمثابة إدعاء أو دعوى من جانب
الطاعن بعدم صحة الحكم المطعون فيه))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين
في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: الطاعن يكون في مركز المدعي:
من
القواعد المستقرة في القانون المدني اليمني وقانون المرافعات اليمني وغيرهما أن
الأصل في الأحكام الصحة، ومقتضى ذلك أنه يجب على من يدعي خلاف هذه القاعدة أن يقدم
الأدلة على أن الحكم ليس صحيحاً، وفي هذا المعنى نصت المادة (3) من قانون الإثبات
اليمني على أن (المدعي هو من معه أخفى الأمرين وهو من يدعي خلاف الظاهر والمدعى
عليه هو من معه أظهر الأمرين)، فالظاهر أن الحكم صحيح والطاعن يدعي أن الحكم ليس
صحيحاً، وهذا الأمر يقتضي من الطاعن أن يقدم الأدلة على تحقق أو وجود المطاعن في
الحكم المطعون فيه التي يسوقها في عريضة الطعن بإعتبار المطاعن أو المناعي أو
أسباب الطعن هي عبارة عن إدعاءات من الطاعن بعدم صحة الحكم المشمول بقاعدة الأصل
في الاحكام الصحة، فالمدعي على خلاف الأصل هو الذي يجب عليه أن يقدم الأدلة على
عدم صحة الحكم.
الوجه الثاني: لزوم إيراد الطاعن أدلة أسباب الطعن في العريضة:
بما
أن الطاعن يكون في مركز المدعي بعدم صحة الحكم المطعون فيه، فأنه يجب عليه أن
يقدم الأدلة على المطاعن أو المناعي أو أسباب الطعن التي يضمنها في عريضة طعنه إعتبار
أسباب الطعن إدعاءات بعدم صحة الحكم المطعون فيه، وبما أن الطعن بالنقض له طبيعته
الخاصة لأن قانون المرافعات قد حدد وحصر أسباب الطعن بالنقض في المادة (292)
مرافعات، فذلك يقتضي على الطاعن أن يذكر في نهاية كل سبب من أسباب الطعن الأدلة
على صحة تحقق السبب أو المطعن في الحكم المطعون فيه .
الوجه الثالث: ذكر أدلة أسباب الطعن في العريضة تحقق جدية الطعن:
من
المؤكد أن الطعن لا يكون جاداً ومنتجاً إلا إذا قام الطاعن بتضمين عريضة الطعن الأدلة القانونية والواقعية التي تدل على صحة المناعي
والمطاعن التي يدعيها في الحكم المطعون فيه، فذكر المناعي أو المطاعن عارية من غير
دليل يجعل الطعن عقيماً مثله في ذلك مثل الدعوى التي تعوزها الأدلة، فنظر محكمة الطعن
وفصلها في الطعن يكون بحسب الأدلة وليس بحسب المناعي العارية من الدليل. (النظرية
العامة للطعن بالنقض، أ.د. نبيل إسماعيل عمر، ص166).
الوجه الرابع: عدم جواز نقل عبء الإثبات في الطعن بالنقض:
اجاز قانون الإثبات اليمني نقل عبء الإثبات في بعض الحالات حينما اجاز للخصم أن يطلب من محكمة الموضوع إلزام خصمه بتقديم دليل على نفسه وهو الدليل المشترك حسبما هو مقرر في المادتين (112 و 113) من قانون الإثبات اليمني، بيد أنه بالنسبة للطعن بالنقض لا يجوز مطالبة الخصم بتقديم دليل على نفسه، لأن هذا الطلب موضوعي لايجوز إثارته أمام المحكمة العليا باعتبارها محكمة قانون، ولذلك فقد اشار الحكم محل تعليقنا إلى عدم جواز قلب قواعد الإثبات في الطعن بالنقض، والله اعلم.
![]() |
عبء إثبات أسباب الطعن على الطاعن |