حكم ترك فراغات في مذكرات الخصوم
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
من الشائع
في اليمن ان يترك الخصوم في مذكراتهم المقدمة إلى المحاكم المختلفة فراغات ، مثل ترك
فراغ بدلا عن أرقام المواد القانونية أو بدلا عن مضمون النص القانوني أو بدلا عن تاريخ
معين أو مبلغ معين أو مكان معين، إذ يترك بعض الخصوم في مذكراتهم فراغات نتيجة
السهو أو عدم المراجعة أو عدم العناية عند إعداد وصياغة العريضة أو عدم توفر بعض
البيانات والمعلومات عند إعداد العريضة أو المذكرة ، ولا ريب أن ترك فراغات في المذكرات
المقدمة إلى المحكمة يؤدي إلى جهالة بعض
الوقائع أو الأدلة اوجهالة الإستدلال، ولذلك ينبغي على محكمة الموضوع عدم قبول تلك
المذكرات حتى يقوم الخصوم بملء تلك الفراغات، لأن من واجب المحكمة أن تأمر الخصوم بإستيفاء
البيانات الناقصة ، فعلى المحكمة عند إستلامها
للمذكرات من الخصوم أن تتحقق من عدم ترك فراغات في المذكرات المقدمة من
الخصوم إليها، سيما ان الفراغات تكون ظاهرة للعبان ، حسبما قضى الحكم الصادر عن
الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 3-10-2016م في الطعن
رقم (58384)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((والدائرة: قد لاحظت قبول الشعبة لعرائض من
أطراف الخصومة تتضمن فراغات، مع أنه يفترض عدم قبولها إلا بعد ملء الفراغات سواءً
بالنسبة للنصوص القانونية أو غيرها))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين
في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: المقصود بالفراغات في مذكرات الخصوم:
المذكرات المقدمة من الخصوم إلى المحكمة: هي صحف الدعاوى والطعون والردود والتعقيبات، وقد يترك بعض الخصوم في مذكراتهم مساحة فارغة كان ينبغي على الخصم أن يكتب فيها البيانات والمعلومات المقصودة، والفراغات التي يتركها الخصوم مثل (تاريخ....../ وقدر هذا المبلغ......./ حسبما نصت عليه المادة (...) مرافعات/ وفي هذا الشأن نصت المادة (...) على أنه (...)/ وبحضور الشهود...../ ...إلخ)، ويترك الخصوم الفراغات في مذكراتهم بسبب عدم توفر البيانات والمعلومات عند إعداد المذكرة أو بسبب السهو أو عدم مراجعة المذكرة قبل تقديمها إلى المحكمة، وفي القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا كان المطعون ضده قد ترك مكان تاريخ إستلام الطاعن للحكم الابتدائي فارغاً.
الوجه
الثاني: الآثار المترتبة على ترك الفراغات
في العرائض والمذكرات:
لا ريب أن ترك الفراغات في العرائض والمذكرات
يؤدي إلى جهالة وخفاء البيانات والمعلومات التي كان يجب على الخصم أن يكتبها في
محل الفراغات، كما أن ترك الفراغات في المذكرات المقدمة إلى المحكمة يعني تفويض
المحكمة بملء تلك الفراغات وهذا لا يجوز، ولذلك يجب على المحكمة عند تقديم الخصم للمذكرة مراجعة العريضة للتأكد
من خلوها من الفراغات، فإذا وجدت المحكمة فراغا آمرت الخصم بمل الفراغ واستيفاء البيانات
الناقصة .
اما عن آثار ترك الفراغات في مذكرات الخصوم على
افتراض ان المحكمة لم تلتف لذلك عند إستلامها للمذكرة أو العريضة من الخصم أو لم
تأمره باستيفاء البيانات التي لم يكتبها في محل الفراغات ، ففي هذه الحالة يختلف
تأثير عدم ذكر البيانات التي كان ينبغي ذكرها في محل الفراغات يختلف بإختلاف نوع تلك
البيانات والمعلومات ، فإذا كانت تلك البيانات جوهرية مؤثرة فأنه يترتب على
إغفالها بطلان الإستدلال بها، اما إذا كانت البيانات معلومة من خارج المذكرة أو
العريضة فأنه لا يترتب على إغفالها بطلان الإستدلال بها مثل: ذكر مضمون النص
القانوني وعدم كتابة رقم المادة أو ذكر رقم المادة وإغفال مضمون نصها، اما إذا لم
يذكر رقم المادة ولم يذكر مضمون نصها في آنٍ واحد فلا وجه للإستدلال. (أصول صحف
الدعاوى،د. محمد محمود إبراهيم، ص318).
الوجه الثالث: واجب المحكمة هو عدم قبول المذكرات المتضمنة فراغات:
ترك الفراغات في العرائض والمذكرات دليل على عدم عناية الخصم في صياغة وإعداد العريضة، كما أن تقديم العريضة وبها فراغات يعني توكيل المحكمة بإستيفاء البيانات المتروكة، ولذلك يجب على المحكمة عدم قبول المذكرات المتضمنة فراغات الا بعد أن يستوفيها الخصم، حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، والله اعلم.
![]() |
حكم الفراغات في مذكرات الخصوم |