معنى عدم سماع الدعوى بملك المورث إلا بذكر موته مالكاً أو ذا يد
أ.د/
عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
لا يطلق في الشريعة مصطلح (التركة أو المخلف) إلا
على الأموال التي يتركها أو يخلفها المورث بالفعل بعد ثبوت وفاته، ولا تكون هذه
التركة قابلة للقسمة بين ورثة المورث إلا بعد التثبت والتحقق من ملكية المورث لأموال التركة أو أنها
كانت في حيازته حيازة شرعية عند
وفاته وتوفرت في حيازته الشروط الشرعية والقانونية، وقد نصت على
ذلك المادة (15) إثبات التي استند إليها الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة
العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 5-1-2016م في الطعن رقم (57095)، الذي ورد ضمن
أسبابه: ((إضافة إلى أن المادة (15) إثبات قد نصت على أنه لا تسمع الدعوى بملك
المورث إلا بذكر موته مالكاً أو ذا يد، والثابت أن مورث المتدخل عند وفاته لم يكن
مالكاً أو ذا يد، بدليل أنه لو كان الأمر كذلك لقام ورثته بإدراج الموضع المدعى به
ضمن أموال تركته عند قسمة التركة))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين
في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: نص المادة (15) من قانون الإثبات ومعنى النص:
استند الحكم محل تعليقنا إلى المادة (15) إثبات
التي نصت على أنه (لا تسمع الدعوى بملك المورث إلا بذكر موته مالكاً أو ذا يد)، ومعنى
ذلك أنه لا يجوز للوارث أو غيره(كالخلف الخاص )أن يدعي بأن مال معين ملك للمورث
إلا إذا قام المدعي بإثبات تاريخ وفاة المورث وإثبات أن المورث حين موته كان
مالكاً لذلك المال بموجب سند ملكية المورث
(بصيرة/ فصل/ هبة/ وصية/ نذر...إلخ)، أو قام المدعي بإثبات أن المورث حين موته كان
حائزاً للمال المدعى، وانه كان بحيازته حين وفاته، وإن يتم إثبات الحيازة بشروطها
الشرعية والقانونية، وان المورث كان حين موته ظاهراً على المال بمظهر المالك، وكان
يتصرف فيه تصرف المالك وان حيازة المورث كانت هادئة ومستقرة ولم تكن ناتجة عن غصب
واستيلاء.
وقد ورد نص المادة (15) إثبات السابق ذكره ضمن
النصوص القانونية التي حددت حالات عدم سماع الدعوى بصفة عامة ، وضمن الفصل الثاني
من القانون الذي جاء بعنوان (الفصل الثاني – في عدم سماع الدعوى)، ومقتضى ذلك أن
دعوى الوارث أو غيره بملكية المورث أو حيازته لا تكون مقبولة إذا لم يتم إثبات ان
المورث كان مالكاً أو ذا يد عند وفاته حتى لو توفرت شروط قبول الدعوى المنصوص
عليها في قانون المرافعات وهي الصفة والمصلحة.
الوجه الثاني: الآثار القانونية لإهمال تطبيق المادة (15) إثبات في التطبيق العملي:
سبق القول: بأن المادة (15) إثبات قد اوجبت على
المدعي بملكية المورث عند موته أو حيازته للمال المدعى به أن يثبت ذلك، ومع أن هذا
الواجب القانوني هو الإجراء الثاني من إجراءات القسمة بعد إجراء التحقق من إثبات
وفاة المورث وإثبات ورثته إلا أنه في حالات كثيرة يتم تجاهل نص المادة( 15 ) مع انه من النصوص الآمرة، فيتم
حصر أموال تركة المورث وقسمتها من غير أن يتم التأكد من ملكية المورث أو حيازته
لأموال التركة عن طريق التحقق من مستندات ملكية المورث والتحقق من توفر الشروط
الشرعية والقانونية للحيازة المقررة في القانون المدني ومنها: أن لايكون المورث قد
وضع يده على المال بطريقة غير مشروعة كالغصب وان تكون حيازة المورث هادئة مستقرة
وان تكون حيازة المورث ظاهرة كان المورث يظهر فيها بمظهر المالك المتصرف في المال
الذي بحيازته.
وبسبب عدم إعمال المادة (15) إثبات تتم قسمة كافة الأموال التي كانت بعهدة المورث ومنها أموال الدولة وأموال الاوقاف والاموال المؤجرة للمورث بل وحتى الأموال المرهونة لدى المؤرث، فتتم قسمة هذه الأموال على أنها أموال خاصة بالمؤرث، على انه تجوز قسمة أموال الوقف وأموال الدولة والأموال المؤجرة من المورث بين ورثته على اساس قسمة معايشة أو معيشة أو معوشة شريطة استئذان الجهة صاحبة الولاية أو مالك المال، وشريطة ان تذكر في القسمة للمال ان القسمة على سبيل المعايشة أو المعيشة، وان يقوم الورثة باستئجار ماصار لهم من الجهة صاحبة الولاية أو المالك، والله اعلم.
![]() |
معنى عدم سماع الدعوى بملك المورث إلا بذكر موته مالكاً أو ذا يد |