ميعاد الطعن بالحكم بعدم الاختصاص عند النطق به من غير علم الخصوم
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
حدد
قانون المرافعات تاريخ بدء ميعاد الطعن في
بعض الأحكام بأنه يبدأ من تاريخ صدور الحكم مثل الطعن في الأحكام والقرارت بعدم إختصاص
المحكمة أو إحالة القضية إلى محكمة أخرى أو بوقف الخصومة، إذ يتم إحتساب ميعاد
الطعن بالنسبة لهذه الأحكام من تاريخ صدور الحكم حسبما ورد في المادة(274 ) مرافعات وليس من
تاريخ إستلام نسخة من الحكم حسبما ورد في المادة (276) مرافعات ، وهذا الأمر يقتضي
الإشارة إلى معنى تاريخ صدور الحكم وهل المقصود به تاريخ النطق بالحكم ام تاريخ تحرير
نسخة الحكم والتوقيع عليها؟ ، وفي كل
الأحوال فإن الأمر يفترض أن يكون الخصوم
قد حضروا جلسة النطق بالحكم اوعلى علم بميعاد الجلسة التي تم النطق بالحكم فيها،
فإذا قامت المحكمة بالنطق بالحكم في غياب الخصوم وثبت عدم علم الخصوم بميعاد
الجلسة وعدم حضورهم جلسة النطق بالحكم
وعدم علمهم بالحكم ، فلا يتم إحتساب ميعاد الطعن بالحكم بعدم إختصاص المحكمة أو
باحالة القضية إلى محكمة أخرى أو بوقف الخصومة الا من تاريخ علم الخصوم بالحكم
الذي سبق النطق به من غير حضورهم أو علمهم بالحكم ، حسبما قضى الحكم الصادر عن
الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 31-11-2016م في الطعن
رقم (58182)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فقد تبين: أن الطاعنة قد نعت على الحكم
الاستئنافي أنه قبل عريضة إستئناف المطعون
ضده بعد إنقضاء الميعاد القانوني مخالفا المادة (274) مرافعات،
لأن القرار الصادر من المحكمة الابتدائية بإحالة القضية إلى محكمة... هو قرار غير
منه للخصومة ومتعلق بالإختصاص مما يجوز الطعن فيه إستقلالاً خلال خمسة عشر يوماً
من تاريخ صدوره وفقاً للمادة (274) مرافعات، في حين أن المستأنف تقدم بعريضة إستئنافه
بعد مرور ما يقارب (700) يوماً من تاريخ صدور الحكم مما يجعل إستئنافه قد اقيم بعد
فوات ميعاده القانوني المقرر في المادة (274) مرافعات، والدائرة تجد: أن هذا النعي
قد ناقشته محكمة الاستئناف في حكمها وقضت برفضه تأسيساً على ما ذكرته في حيثيات
حكمها بان حكم المادة (274) مرافعات لا يمكن تطبيقه إلا إذا كانت الإجراءات سليمة
وكانت الأطراف عالمة بموعد الجلسة والحكم المنطوق به، وحيث أن الثابت أن المحكمة
الابتدائية قامت بالنطق بالقرار في غياب الطرفين وبمواجهة منصب واحد عن الطرفين، مع
أنه كان يتعين على المحكمة الابتدائية إعلان الطرفين بميعاد الجلسة التي سيتم فيها
النطق بالحكم ولكنها لم تفعل فلم يحضر الطرفان في جلسة النطق بالحكم لعدم علمهم
بالموعد، كما أن المحكمة لم تقم بإعلانهم بالحكم، لذلك فليس من العدالة أن تتم
معاقبة طرفاً بموعد لا يعلمه ويتم إسقاط حقه في الطعن، لذلك فإن نص المادة (274)
مرافعات يطبق في حالة النطق بالحكم بحضور الطرفين أو في حالة إتباع إجراءات صحيحة
فيما يتعلق بالإعلان والتنصيب، وهذا الإجتهاد من محكمة الإستئناف في تفسير حكم
المادة (274) مرافعات هو إجتهاد في محله وله ما يبرره، فجزاء سقوط الحق في الطعن
هو نتيجة لعدم التزام الخصوم بالحضور في موعد جلسة النطق بالحكم بعد إعلانهم به
إعلاناً صحيحاً وفقاً لحكم المادتين (42 و43) وما بعدها من قانون المرافعات، لذلك
فإن قضاء الحكم الاستئنافي بقبول الاستئناف موافق للقانون))، وسيكون تعليقنا على
هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: ميعاد الطعن في الحكم بعدم إختصاص المحكمة:
استند الحكم محل تعليقنا إلى المادة (274)
مرافعات التي نصت على أنه (لا يجوز الطعن في ما اصدرته المحكمة من أحكام غير منهية
للخصومة أثناء سيرها إلا بعد صدور الحكم المنهي لها كلها عدا ما يلي: -أ- ما
اصدرته المحكمة من أحكام بوقف الخصومة أو بعدم الإختصاص أو بالإحالة إلى محكمة
أخرى للإرتباط فيجوز الطعن في هذه الأحوال إستقلالاً خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ
صدورها وعلى محكمة الإستئناف الفصل فيها على وجه الإستعجال –ب- في الأحكام
المستعجلة أو القابلة للتنفيذ الجبري يطعن فيها وفقاً للمواعيد المنصوص عليها في
هذا القانون)، فوفقاً لهذا النص فإن ميعاد الطعن في الحكم بعدم إختصاص المحكمة هو
خمسة عشر يوماً يبدأ إحتسابها من تاريخ صدور الحكم.
الوجه الثاني: المقصود بتاريخ صدور الحكم الذي يتم إحتساب بداية ميعاد الطعن بالحكم بعدم الإختصاص من هذا التاريخ:
حدد قانون المرافعات تواريخ بدء إحتساب ميعاد
الطعن في الاحكام والقرارات، فمثلاً حدد القانون ميعاد الطعن في الحكم بعدم إختصاص
المحكمة أو إحالة القضية إلى محكمة أخرى أو بوقف الخصومة حدد القانون ميعاد الطعن
في هذه الحالة بأنه خمسة عشر يوما تبدأ من تاريخ صدور الحكم حسبما هو مقرر
في المادة (274) السابق ذكرها، وكذا حدد القانون ميعاد الطعن في القرارات الصادرة
في منازعات التنفيذ بأنه خمسة عشر يوما تبدأ من تاريخ صدور الحكم حسبما هو
مقرر في المادة (501) مرافعات، كما حدد القانون ميعاد الطعن في القرارات الصادرة
في المسائل المستعجلة بأنه ثمانية أيام تبدأ من تاريخ النطق بالحكم حسبما
هو مقرر في المادة (243) مرافعات،وكذا حدد قانون المرافعات ميعاد الطعن في الأحكام الموضوعية بأنه ستون
يوما تبدأ من تاريخ إستلام المحكوم
عليه لنسخة من الحكم أو إعلانه بها إعلاناً صحيحاً حسبما هو مقرر في المادة
(276) مرافعات.
وهناك خلاف بين شراح قانون المرافعات بشأن
المقصود بمصطلح (تاريخ صدور الحكم)، فيذهب فريق من الشراح إلى أن المقصود بذلك هو:
تاريخ النطق بالحكم، لأن النطق بالحكم هو صدور وإعلان وإشهار الحكم عن طريق تلاوته
من واقع المسوّدة وذلك في جلسة علنية إضافة إلى أنه عند تحرير نسخة الحكم والتوقيع
عليها يتم كتابة تاريخ صدور الحكم بأنه تاريخ النطق بالحكم وليس تاريخ التوقيع على
الحكم، في حين يذهب فريق آخر من الشراح إلى أن المقصود بتاريخ صدور الحكم هو: تاريخ
تحرير نسخة الحكم والتوقيع عليها وختمها بخاتم المحكمة التي اصدرته، ونحن نختار
القول الأخير، لأن مفهوم تاريخ صدور الحكم في قانون المرافعات يختلف عن تاريخ
النطق بالحكم، فلو كان القانون يعني أن تاريخ صدور الحكم هو تاريخ النطق بالحكم
لأستعمل القانون مصطلح (تاريخ النطق
بالحكم) في كل الحالات، سيما ان قانون
المرافعات قد استعمل مصطلح (تاريخ النطق
بالحكم) بالنسبة للقرارات الصادرة في منازعات التنفيذ، في حين استعمل مصطلح(تاريخ
صدور الحكم) في الحالات الأخرى حسبما سبق بيانه. (الوسيط في الطعن بالاستئناف في
المواد المدنية والتجارية، أ.د. نبيل إسماعيل عمر، ص78).
الوجه الثالث: إتصال علم الخصوم بصدور الحكم بعدم إختصاص المحكمة:
ناقش الحكم محل تعليقنا هذه المسألة تفصيلاً حسبما
هو مبين في أسباب الحكم محل تعليقنا المذكورة في بداية هذا التعليق، فقد ذكر الحكم أن الخصوم أطراف الحكم الابتدائي
لم يعلموا بجلسة النطق بالحكم كما أنهم لم يعلموا بالنطق بالحكم ومضمون الحكم، سيما
وأنه لم يثبت أن محكمة أول درجة قامت بتسليمهم نسخ من الحكم أو قامت بإعلانهم
بالحكم الابتدائي، وبناءً على ذلك فقد قضى الحكم محل تعليقنا بأنه لا يجوز حرمان
أطراف الحكم من حقهم في الطعن في الحكم في هذه الحالة لأن الحكم الصادر لم يصل إلى
علمهم.
وقد اشار الحكم محل تعليقنا إلى وسائل إتصال علم
أطراف الحكم بعدم الإختصاص وهي حضور جلسة النطق بالحكم وإستلام الأطراف لنسخ من
الحكم أو إعلانهم به إعلاناً صحيحاً أو علمهم بالتاريخ المحدد لجلسة النطق بالحكم
حسبما ورد في الحكم محل تعليقنا.
الوجه الرابع: توصية للمقنن اليمني بتحديد مدة لإعلان الخصوم بنسخ الحكم أو القرار:
كان جوهر النزاع في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا هو قيام المطعون ضده بتقديم الطعن في الحكم الابتدائي بعد إنقضاء مدة (700) يوماً من تاريخ صدور الحكم وهي مدة طويلة جدا ، حيث كشف الحكم محل تعليقنا عن أوجه الخلل في المادتين (274 و276) مرافعات لأنهما لم تتضمنا إلزام المحكمة المصدرة للحكم بإعلانهم أطراف الحكم بالحكم خلال مدة معينة من تاريخ صدوره حتى يتم سريان بدء ميعاد الطعن ويتم قطع دابر سبب من اسباب إطالة إجراءات التقاضي ، فتحديد مدة لإعلان الحكم له أهميته سيما في الحالات التي لم يكن فيها الخصم حاضراً في جلسة النطق بالحكم أو لم يكن يعلم بالجلسة التي تم فيها النطق بالحكم أو لم يعلم بالحكم، والله اعلم.
![]() |
ميعاد الطعن بالحكم بعدم الاختصاص عند النطق به من غير علم الخصوم |