الوضع القانوني لقرار تكليف الموظف للقيام بأعمال وظيفة قيادية
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدينالأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.
عندما تقوم جهة الإدارة بتكليف الموظف بالقيام بأعمال وظيفة قيادية كـ (مدير/ نائب مدير/ رئيس قسم...إلخ)، فإن ذلك القرار يوحي بأنه مؤقت وليس قراراً نهائياً من قبل الإدارة، ومن المعلوم في الفقه والقضاء أن القرار الإداري لا يكون محلاً للطعن بدعوى الإلغاء الإدارية إلا إذا كان القرار صادراً من جهة الإدارة بصفة نهائية.
حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 26-4-2016م في الطعن رقم (57488)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فقد تبين للدائرة: أن الحكم الاستئنافي المطعون فيه قد بني على أسباب جلية واضحة لا لبس فيها أو غموض وهي أن دعوى الإلغاء قد أنصبت على قرارات إدارية لا تكتسب صفة القرار الإداري الذي يشترك فيه كي يصير محلاً لدعوى الإلغاء أن يكون صادراً بصورة نهائية تنفيذية))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: ماهية القرار الإداري بتكليف الموظف للقيام بأعمال وظيفة قيادية:
شغل الوظائف الإدارية القيادية له شروط وضوابط ومعايير تنص عليها القوانين واللوائح في الجهات الإدارية الحكومية، وكذا تنص عليها اللوائح والأدلة وبطاقات التوصيف الوظيفية بالنسبة للإدارة في القطاع الخاص، بيد أن جهة الإدارة العامة أو الخاصة تحتاج في ظروف معينة إلى تكليف الموظف للقيام بوظائف قيادية كرئيس قسم أو وحدة أو مدير إدارة أو مدير عام أو غير ذلك من الوظائف القيادية بسبب شغور الوظيفة التي يتم التكليف للقيام بأعمالها كوفاة المعين فيها أو غيابه أو إنقطاعه عن العمل أو إعتقاله أو الحكم عليه أو توقيفه عن العمل أو احالته إلى التقاعد أو التحقيق أو استحداث وظيفة قيادية معينة وتكليف موظف للقيام بأعمالها ريثما تجد الإدارة الموظف المناسب لشغلها الذي تتوفر فيه الشروط والمعايير اللازمة لشغل الوظيفة، وفي بعض الحالات يصدر التكليف من مسئول غير مختص بالتعيين في الوظيفة حتى يتم التعيين فيها من قبل المسئول المختص، وتحتاج جهة الإدارة في الغالب إلى أسلوب التكليف بالعمل عندما لا يكون في سلم وظائفها مسمى نائب المدير أو نائب رئيس القسم أو نائب رئيس الوحدة...إلخ، ومن المعلوم أن للوظائف القيادية بدلات ومزايا وظيفية تزيد على تلك البدلات والمزايا التي يحصل عليها الموظف العادي.ويطلق قانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية على التكليف مسمى (الإنابة)، وفي هذا المعنى نصت المادة (144) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية على أنه (يقصد بالانابة تكليف موظف بصورة مؤقتة لشغل وظيفة سواء بصورة مستقلة او بالاضافة الى مهام وظيفته الاصلية داخل وحدته الادارية)، فوفقا لهذا النص يجوز تكليف الموظف بالقيام بأعمال الوظيفة إضافة إلى الوظيفة التي يشغلها أو المعين فيها، كما يجوز تكليفه بالقيام بأعمال الوظيفة بصفة مستقلة دون أن يستمر في العمل في وظيفة أخرى .
الوجه الثاني: الطابع المؤقت لقرار التكليف للقيام بأعمال الوظيفة القيادية:
القرار الإداري الإيجابي هو إفصاح جهة الإدارة عن إرادتها بإحداث المركز القانوني، ومن خلال تعريف القرار الإداري يظهر أنه بالنسبة لتكليف الموظف بوظيفة قيادية يظهر إن جهة الإدارة قد افصحت عن إرادتها بتكليف الموظف للقيام بالعمل بصفة مؤقتة، فلم تنصرف إرادة الإدارة إلى تعيينه في الوظيفة بصفة دائمة، فلو كانت الإدارة مريدة لذلك لأفصحت عن إرادتها بتعيين الموظف في الوظيفة بصفة دائمة وليس تكليفه بالعمل.ويظهر الطابع المؤقت لقرار التكليف من خلال سياق المادة (144) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية التي عرفت التكليف بأنه (يقصد بالانابة تكليف موظف بصورة مؤقتة لشغل وظيفة سواء بصورة مستقلة او بالاضافة الى مهام وظيفته الاصلية داخل وحدته الادارية)، فقد صرح هذا النص بأن قرار التكليف يكون مؤقتا .
كما يظهر الطابع المؤقت لقرار التكليف من خلال الحالات التي أجاز القانون فيها تكليف الموظفين فقد نصت المادة (145)، من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية على أنه (يجوز تكليف الموظف للقيام بمهام وظيفة اخرى انابة في الحالات والاغراض التالية:-
أـ خلو الوظيفة من شاغلها الاصلي بصورة مؤقتة او دائمة لاي سبب كان.
ب- سد النقص في التخصصات او القوى الوظيفية التي تقتضيها حاجة الوحدة الادارية لتنفيذ اعمال او مهام وظيفية غير قابلة للتاجيل او عندما لا يوجد الموظف المستوفي لشروط شغل الوظيفة الشاغرة).
الوجه الثالث: قرار التكليف بالعمل قرار إداري غير نهائي:
ألمح الحكم محل تعليقنا إلى ذلك، لأن الإدارة حينما تصدر قرار التكليف بالقيام بالوظيفة لا تقصد بقرارها إسناد العمل إلى الموظف المكلف بصفة قطعية ونهائية ودائمة ، وإنما صرحت الإدارة في قرارها بأنه مجرد تكليف للقيام بالعمل وتصريفه ريثما تتخذ الإدارة قرارها النهائي اما بتعيين الموظف المكلف أو تعيين غيره في الوظيفة ، ومن المعلوم في الفقه والقضاء أن القرار الإداري الذي يصلح أن يكون محلاً لدعوى الإلغاء هو القرار النهائي وليس المؤقت. (التنظيم القانوني للتكليف بالمناصب الادارية و الاعفاء منها، د. محمود عبد علي حميد الزبيدي، ص17).الوجه الرابع: إنتفاء طابع التأقيت في بعض قرارات التكليف للقيام بوظيفة قيادية:
سبق القول أن الأصل في قرارات التكليف بالقيام بوظيفة قيادية أنها قرارات مؤقتة تمليها الضرورة والحاجة الإدارية الملحة، غير أنه إذا ظهر خلاف ذلك، فإن قرار التكليف يكون قرار إدارياً نهائياً، فعندما تطول مدة التكليف لمدة تزيد على ثلاث سنوات كحد أقصى فإن ذلك دليل على أن جهة الإدارة قد قبلت بعمل الموظف المكلف وأنه قد صار في حكم الموظف المعين في الوظيفة، فليس من المقبول أن يظل عمل الموظف المكلف في هذه الوظيفة مؤقتا إلى مالا نهاية.وقد بينت اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية مدة التكليف بالوظيفة، فقد نصت المادة (149) من اللائحة على أن (-أ- تكون مدة شغل الوظيفة بالانابة مساوية لمدة غياب شاغلها الاصلي وبما لا يتجاوز سنة، ويجوز تجديد هذه المدة بما لا يزيد عن سنتين كحد اقصى: اذا كان الموظف الاصيل معارا وموفدا للدراسة او التدريب او متفرغا لاغراض البحث العلمي، ويتعين بعدها اشغال الوظيفة بصفة اصلية باي من طرق التعيين المحددة في المادة (38) من هذه اللائحة.
ب- تكون مدة الانابة في الوظيفة الشاغرة اصلا كما يلي:-
- ثلاثة اشهر كحد اقصى اذا كان شاغلها بالانابة يقوم بمهامها الى جانب وظيفته الاصلية.
- ثلاث سنوات كحد اقصى اذا كان شاغلها بالانابة يقوم بمهامها بعد اخلائه لمهام وظيفته الاصلية، وينظر بعد ذلك في امر تثبيته في الوظيفة اذا ثبت جدارته خلال مدة شغل الوظيفة بالانابة واستوفى شروط شغلها).
الوجه الخامس: مستحقات الموظف المكلف عن قيامه بأعمال الوظيفة:
من المعلوم أن البدلات الوظيفية مقررة لمن يشغل الوظيفة بالفعل، ومن هذا المنطلق فإن الموظف المكلف بالقيام بأعمال الوظيفة ينبغي أن يستحق البدلات المقررة لمن يشغلها،ولكن نصت المادة (150) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية على أن (يكون الموظف عند شغله للوظيفة بالانابة مستحقا لتعويض انابة بالمعدلات والحالات التالية:أ- تعويض انابة يساوي 10% من بداية ربط فئة الوظيفة المنابة في حالة اشغالها بموظف من نفس فئتها الوظيفية او من فئة ادنى الى جانب قيامه بمهام وظيفته الاصلية.
ب- تعويض انابة يساوي الفرق بين الراتب الاساسي للموظف وبداية ربط فئة الوظيفة التي يشغلها بالانابة اذا كانت شاغرة اصلا وبما لا يزيد عن 25% من بداية ربط فئة الوظيفة المنابة الى جانب البدل او البدلات المقررة لها او الفارق).
-أ- ان تكون الوظيفة شاغرة ولا يتوفر من يشغلها بالاصالة.
-ب- ان يكون الموظف المرشح لشغل الوظيفة بالانابة من نفس فئة الوظيفة الشاغرة او الادنى منها مباشرة في اطار المجموعة الوظيفية او في الفئة (1) من المجموعة الوظيفية الادنى مباشرة.
-ج- ان تكون وظيفة المرشح للانابة من نفس السلك المهني.
-د- ان يكون المرشح للانابة قد قضى سنة واحدة على الاقل في فئة وظيفته الاصلية او ثلاث سنوات في الخدمة كحد ادنى.
-هـ- ان يراعى تطبيق مبدأ الجدارة فالاقدمية عند الترشيح لاشغال الوظيفة بالانابة فاذا تساوى اكثر من شخص في الجدارة يرشح اقدمهم.).
ب- لا يجوز تعيين الموظف بالانابة في اكثر من وظيفة واحدة الى جانب وظيفته الاصلية).
ووفقا للمادة (16) من قانون الخدمة المدنية فإن المقصود بالمجموعتين الوظيفتين الأولى والثانية هو مجموعة وظائف الإدارة العليا ومجموعة الوظائف الإشرافية.
أ- بقرار من الوزير المختص في حالة شغل الوظيفة بالانابة في اطار المجموعة الاولى (وظائف الادارة العليا)، ويجوز للوزير المختص ان يفوض غيره بالموافقة على اشغال الوظائف بالانابة في اطار هذه المجموعة في حالة شغل الوظيفة بالانابة بصورة مؤقتة لمدة لا تتجاوز ثلاثة اشهر.
ب- بقرار من رئيس الوحدة الادارية في حالة شغل الوظيفة بالانابة في اطار المجموعة الوظيفية الثانية (الاشرافية)، ويجوز لرئيس الوحدة الادارية ان يفوض غيره في اطار وحدته الادارية بالموافقة على اشغال الوظائف بالانابة في اطار هذه المجموعة في حالة شغل الوظيفة بالانابة بصورة مؤقتة لمدة لا تتجاوز ثلاثة اشهر).
أ- عودة شاغلها الاصلي.
ب- انقضاء مدة الانابة.
ج- الغاء الوظيفة لاي سبب كان.
د- غياب شاغل الوظيفة انابة لاي سبب كان لمدة تجاوز خمسة عشر يوما)، والله اعلم.
ب- تعويض انابة يساوي الفرق بين الراتب الاساسي للموظف وبداية ربط فئة الوظيفة التي يشغلها بالانابة اذا كانت شاغرة اصلا وبما لا يزيد عن 25% من بداية ربط فئة الوظيفة المنابة الى جانب البدل او البدلات المقررة لها او الفارق).
الوجه السادس: الطبيعة القانونية للأعمال والتصرفات التي يقوم بها الموظف المكلف:
يباشر الموظف المكلف الأعمال ذاتها التي كان يقوم بها الموظف المعين فيها، وهذه هي فكرة التكليف بالقيام بالعمل، وعلى هذا المعنى فإن الأعمال التي يقوم بها الموظف المكلف ترتب آثارها القانونية مثلها في ذلك مثل الأعمال التي يباشرها الموظف المعين أصالة فيها، ولذلك فإن جهة الإدارة تتحمل الإلتزامات والمسئوليات المترتبة على الأعمال التي يباشرها الموظف المكلف، وتكون أعمال الموظف المكلف ملزمة لجهة الإدارة التي كلفته بالعمل.الوجه السابع: شروط التكليف:
بينت شروط التكليف المادة (146) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية التي نصت على أنه( يشترط للانابة ما يأتي:-أ- ان تكون الوظيفة شاغرة ولا يتوفر من يشغلها بالاصالة.
-ب- ان يكون الموظف المرشح لشغل الوظيفة بالانابة من نفس فئة الوظيفة الشاغرة او الادنى منها مباشرة في اطار المجموعة الوظيفية او في الفئة (1) من المجموعة الوظيفية الادنى مباشرة.
-ج- ان تكون وظيفة المرشح للانابة من نفس السلك المهني.
-د- ان يكون المرشح للانابة قد قضى سنة واحدة على الاقل في فئة وظيفته الاصلية او ثلاث سنوات في الخدمة كحد ادنى.
-هـ- ان يراعى تطبيق مبدأ الجدارة فالاقدمية عند الترشيح لاشغال الوظيفة بالانابة فاذا تساوى اكثر من شخص في الجدارة يرشح اقدمهم.).
الوجه الثامن: الوظائف التي يجوز التكليف فيها:
حددت المادة (147) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية الوظائف التي يجوز التكليف للقيام بها، حيث نصت هذه المادة على أنه(يقتصر شغل الوظيفة بالانابة على وظائف المجموعتين الاولى والثانية)، في حين حددت المادة (148) من اللائحة شروط التكليف في نطاق المجموعتين الأولى والثانية، فقد نصت هذه المادة على أنه ( - أ - لا يجوز في اطار المجموعة الوظيفية الواحدة التعيين بالانابة في وظيفة لها شروط شغل خاصة من حيث المؤهل العلمي او المهني او التدريبي او في حالة تعلق شروط الوظيفة بالقاب وشروط علمية وعملية.ب- لا يجوز تعيين الموظف بالانابة في اكثر من وظيفة واحدة الى جانب وظيفته الاصلية).
ووفقا للمادة (16) من قانون الخدمة المدنية فإن المقصود بالمجموعتين الوظيفتين الأولى والثانية هو مجموعة وظائف الإدارة العليا ومجموعة الوظائف الإشرافية.
الوجه التاسع: الجهة المختصة بإصدار قرار تكليف الموظف:
حددت المادة (151) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية حددت الجهة المختصة بإصدار قرار التكليف، فقد نصت هذه المادة على أنه (يكون التعيين بالانابة على النحو التالي:-أ- بقرار من الوزير المختص في حالة شغل الوظيفة بالانابة في اطار المجموعة الاولى (وظائف الادارة العليا)، ويجوز للوزير المختص ان يفوض غيره بالموافقة على اشغال الوظائف بالانابة في اطار هذه المجموعة في حالة شغل الوظيفة بالانابة بصورة مؤقتة لمدة لا تتجاوز ثلاثة اشهر.
ب- بقرار من رئيس الوحدة الادارية في حالة شغل الوظيفة بالانابة في اطار المجموعة الوظيفية الثانية (الاشرافية)، ويجوز لرئيس الوحدة الادارية ان يفوض غيره في اطار وحدته الادارية بالموافقة على اشغال الوظائف بالانابة في اطار هذه المجموعة في حالة شغل الوظيفة بالانابة بصورة مؤقتة لمدة لا تتجاوز ثلاثة اشهر).
الوجه العاشر : حالات انتهاء التكليف:
حدد ت اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية الحالات التي ينتهي فيها التكليف، فقد نصت المادة(152) على أنه (ينتهي شغل الوظيفة بالانابة في الحالات التالية:-أ- عودة شاغلها الاصلي.
ب- انقضاء مدة الانابة.
ج- الغاء الوظيفة لاي سبب كان.
د- غياب شاغل الوظيفة انابة لاي سبب كان لمدة تجاوز خمسة عشر يوما)، والله اعلم.
![]() |
الوضع القانوني لقرار تكليف الموظف للقيام بأعمال وظيفة قيادية. |