فصل الموظف لا يكون إلا بموجب حكم قضائي أو قرار إداري

 

فصل الموظف لا يكون إلا بموجب حكم قضائي أو قرار إداري

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

فصل الموظف من العمل من أخطر العقوبات الإدارية، ولذلك احاطها القانون بضمانات عدة لمنع الإنحراف الإداري في تطبيق هذه العقوبة، ومن الضمانات المقررة في هذا الشأن وجوب إجراء تحقيق عادل مع الموظف وتمكينه من حق الدفاع عن نفسه وكذا وجوب صدور قرار إداري بفصل الموظف حتى يتمكن الموظف من التحقق من مطابقة القرار للقانون أو مخالفته ومن ثم التظلم أو الطعن في القرار، ففصل الموظف لا يكون إلا بقرار تأديبي أو عقوبة تكميلية مقررة في حكم قضائي، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 15-9-2012م في الطعن رقم (50324)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث أن الفصل إحدى حالات إنهاء الخدمة، فأنه لا يكون إلا بقرار تأديبي أو عقوبة تكميلية بموجب حكم قضائي نافذ من محكمة مختصة وفقاً للمادة (113) من قانون الخدمة المدنية، ولا يشترط أن يكون القرار قد استخدم لفظ الفصل فالعبرة بالمعاني لا بالألفاظ والمباني))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: عقوبة فصل الموظف التأديبية:

حددت المادة (13) من قانون الخدمة المدنية الواجبات التي يجب على الموظف القيام بها وعدم مخالفتها ومنها: المحافظة على ممتلكات الدولة وتنفيذ الأوامر والتوجيهات الصادرة له من رؤسائه والمحافظة على كرامة الوظيفة...إلخ، وكذا حدد القانون ذاته الأعمال المحظورة على الموظف التي لا يجوز له إتيانها فإذا لم يقم الموظف بواجباته أو اتى فعل من الأفعال المحظورة قانوناً فأنه يكون عرضة للمسائلة التأديبية وفقاً للمادة (111) من قانون الخدمة المدنية التي حددت العقوبات الإدارية التي يجوز توقيعها على الموظف المخالف ومنها عقوبة الفصل من العمل التي اشترط القانون أن يسبقها تحقيق عادل مع الموظف المخالف وأن يتم توقيعها بموجب قرار إداري من الوزير  المختص بناء على توصية مجلس التأديب.

وبموجب المادة (113) من قانون الخدمة المدنية فأن عقوبة فصل الموظف التأديبية تصدر بقرار من الوزير المختص بناءً على توصية من مجلس التأديب، ولذلك فقد لاحظنا أن الحكم محل تعليقنا  قضى بعدم جواز فصل الموظف بغير قرار إداري يصدر من الوزير المختص حسبما اشترط القانون في المادة (113 ) خدمة مدنية التي نصت على أن: يتم توقيع العقوبات على الموظف المخالف (-د- بقرار من الوزير المختص أو من يفوضه بناءً على إقتراح من نائب الوزير إذا كانت العقوبة التأديبية هي التنبيه أو الإنذار أو الخصم من الراتب أو تأجيل موعد إستحقاق العلاوة السنوية أو الحرمان منها، وبقرار من الوزير المختص بناءً على توجيه من مجلس التأديب في العقوبات الأخرى)، وعقوبة الفصل داخلة في (العقوبات الأخرى) المشار إليها في النص السابق.

ونخلص من هذا الوجه إلى القول: بأن عقوبة فصل الموظف التأديبية لا يتم توقيعها إلا بموجب قرار إداري يصدر من الوزير المختص بناء على توصية من مجلس التاديب .

الوجه الثاني: عقوبة فصل الموظف الجزائية:

وهذه العقوبة تصدر بمقتضى القانون الجزائي إذا ارتكب الموظف جريمة من الجرائم المنصوص عليها في قانون الجرائم والعقوبات أو القوانين العقابية الخاصة، وقد اشار الحكم محل تعليقنا إلى أنه لا يجوز فصل الموظف إلا بموجب قرار إداري بفصله تأديباً أو كعقوبة تكميلية بموجب حكم قضائي، وفي هذا الشأن نصت المادة (100) من قانون الجرائم والعقوبات على ان (العقوبة التكميلية عقوبة تكمل العقوبة الأصلية وتتوقف على نطق القاضي بها ولا يجوز تنفيذها على المحكوم عليه إذا لم ينص عليها الحكم، والعقوبات التكميلية هي الحرمان من كل أو بعض الحقوق المنصوص عليها في المادة التالية والوضع تحت المراقبة والمصادرة فضلاً عن العقوبات التكميلية التي ينص عليها القانون لجرائم معينة)، والمقصود بالمادة التالية المذكورة في النص السابق هو المادة (101) من القانون ذاته التي نصت على أن (للمحكمة أن قضي فضلاً عن العقوبة المقررة للجريمة بحرمان المحكوم عليه من كل أو بعض الحقوق والمزايا الآتية وبعقوبة أو أكثر من العقوبات التكميلية الآتية مراعية في ذلك طبيعة الجريمة وظروف ارتكابها وماضي المتهم ونوع العقوبة الأصلية المحكوم بها -1- تولى الوظائف والخدمات العامة أو الوظائف والخدمات النيابية والمهنية)، وقد جاء في نهاية المادة (101) عقوبات أنه (إذا كان المحكوم عليه وقت صدور الحكم متمتعاً ببعض هذه الحقوق وحرم منها نفذ الحرمان بمجرد صدور الحكم، ويكون الحرمان بصفة دائمة فلا يزول اثره إلا برد الإعتبار، كما يجوز أن يكون مؤقتاً بمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ إنتهاء تنفيذ العقوبة الأصلية أو من تاريخ انقضائها لأي سبب آخر مالم ينص القانون على خلاف ذلك)، ومن خلال إستقراء هذا النص يظهر أن الحكم الصادر بشأن الجريمة المسندة للموظف إذا قضى بحرمانه من شغل الوظيفة العامة فإن ذلك يعني فصله من الوظيفة العامة التي يشغلها بالفعل حسبما ورد في المادتين (100 و101) عقوبات السابق ذكرهما، وحسبما اشار الحكم محل تعليقنا، والله اعلم.

فصل الموظف لا يكون إلا بموجب حكم قضائي أو قرار إداري
فصل الموظف لا يكون إلا بموجب حكم قضائي أو قرار إداري