خصوصية إنتفاع الجار الملاصق للسائلة العظمى

 

خصوصية إنتفاع الجار الملاصق للسائلة العظمى

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

السائلة العظمى: هي التي تمر عبرها مياه السيول المتجمعة من سوائل فرعية حسبما ورد في تعريف السائلة العظمى في المادة (2) من قانون أراضي وعقارات الدولة، والجار الملاصق للسائلة العظمى هو مالك الأرض الزراعية الملاصقة للسائلة العظمى، ووفقاً لنص المادة (2) من قانون أراضي وعقارات الدولة فإن السوائل العظمى من المراهق العامة المملوكة ملكية عامة  التي يجوز للكافة الإنتفاع بها الإنتفاع المشترك كالرعي فيها والإحتطاب منها واخذ الحجارة والنيس منها وغير ذلك من أوجه الإنتفاع وفقاً للمادة (44) من قانون أراضي وعقارات الدولة التي نصت على أن (يظل الحق في الإنتفاع بالمراهق العامة أو القدر المستحق منه للدولة مقرراً للكافة سواء بالرعي أو بالإحتطاب أو غيره، ولا يجوز للدولة الإخلال بهذه الحقوق إلا لإعتبارات تتعلق بالمصلحة العامة)، فقد قرر هذا النص الحق للكافة بالإنتفاع المشترك بالمراهق العامة ومنها السوائل العظمى، بيد أن للسوائل العظمى وإن كانت من المراهق العامة خصوصيتها إذ أنها الوسيلة الطبيعية لتصريف سيول الأمطار المتجمعة فيها حتى لا تتسبب في الاضرار بالأراضي الملاصقة لها أو المحيطة بها، ولذلك فإن صاحب الأرض الزراعية الملاصقة للسائلة العظمى ليس له الحق في المطالبة بتطبيق المادة (42) من قانون أراضي وعقارات الدولة التي نصت على أنه (استثناءً من المادة السابقة تعد من ملحقات الأراضي الزراعية المراهق الملاصقة لها إذا كان معدل إرتفاع الرهق لا تزيد نسبة إنحداره على (25،. %) درجة أو في حدود هذه النسبة إذا زاد معدل إرتفاع الرهق عن ذلك، ويبدأ إحتساب نسبة الإنحدار من الحد الفاصل بين الرهق والأرض الزراعية الملاصقة له)، فمساق هذا النص يتناول المنحدرات أي الجبال والهضاب والآكام وليس السوائل العظمى، ولذلك لا يسري حكم هذه المادة على السوائل العظمى بالنسبة للجار الملاصق لها، بيد أنه يحق للجار الملاصق للسائلة العظمى أن يضع مصدات للسيول في الجزء الملاصق لأرضه من السائلة كما يحق له أن يقوم بإنشاء (مساقي /اعبار/ مشارب) في السائلة العظمى يدخل منها ماء السيل من السائلة العظمى إلى أرضه لسقيها، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 25-12-2013م في الطعن رقم (50487)، المسبوق بالحكم الاستئنافي الذي قضى بأن (المتنازع فيه ليس من المساقي التابعة لتركة المورث الجامع كما يفيد المدعون، وإنما هي سائلة عظمى تعد من المراهق العامة للدولة طبقاً لقانون أراضي وعقارات الدولة، ولان هذا القانون يمنع تملك المراهق العامة للدولة وما في حكمها وإنما يجوز الإنتفاع بها أو بجزء منها كالاحتطاب والرعي أو عمل مصدات لحماية أرضهم من السيول أو فتح أعبار منها لسقي أراضيهم الخاصة...إلخ، ولذلك يكون من حقهم الإنتفاع بالجزء الملاصق لأرضهم من السائلة العظمى)، وقد ايد حكم المحكمة العليا الحكم الاستئنافي عند الطعن فيه بالنقض، وورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: ((فقد وجدت الدائرة: أن الحكم بحق المطعون ضدهم في الإنتفاع بالجزء الملاصق لأرضهم من السائلة العظمى قد جاء موافقاً للشرع والقانون فيما قضى به))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: ماهية السائلة العظمى وطبيعتها الجغرافية والقانونية:

السائلة العظمى: هي مجرى كبير للسيول يتلقى السيول المنحدرة إليها من السوائل الفرعية والمنحدرات المطلة عليها – أي أن السائلة العظمى مجرى طبيعي خلقه الله تعالى لتصريف سيول الأمطار بعيداً عن العمران والأراضي الزراعية، فهذا هو الغرض الأصلي من السائلة العظمى، ولذلك نص قانون أراضي وعقارات الدولة على أن: السوائل العظمى من المراهق العامة التي لايجوز للأفراد تملكها باعتبار السوائل العظمى املاك عامة مخصصة بطبيعتها للنفع العام وهو تصريف السيول وإبعادها عن الأراضي والعمران ، حسبما ورد في المادة (2) من ذلك القانون إضافة إلى أن القانون ذاته قد نص في المادة (7) على أن: المراهق العامة بما فيها السوائل العظمى تعد من أراضي وعقارات الدولة الخاضعة لأحكام قانون أراضي وعقارات الدولة.

وعلى أساس أن السائلة العظمى من المراهق العامة فأنه يجوز للكافة الإنتفاع المشترك فيها كالاحتطاب والرعي وغيره حسبما هو مقرر في المادة (44) من قانون أراضي وعقارات الدولة، ومؤدى ذلك أنه يجوز لكافة الناس الإنتفاع بالسائلة العظمى سواء الملاصقين للسائلة العظمى أو غير الملاصقين لها.

الوجه الثاني: حق صاحب الأرض الزراعية الملاصقة للمراهق العامة بصفة عامة وخصوصية وضع السائلة العظمى وتوصيتنا للهيئة العامة للأراضي :

نصت المادة (42) من قانون أراضي وعقارات الدولة على أنه (استثناءً من المادة السابقة تعد من ملحقات الأراضي الزراعية المراهق الملاصقة لها إذا كان معدل إرتفاع الرهق لا تزيد نسبة إنحداره على (25،. %) درجة أو في حدود هذه النسبة إذا زاد معدل إرتفاع الرهق عن ذلك، ويبدأ إحتساب نسبة الإنحدار من الحد الفاصل بين الرهق والأرض الزراعية الملاصقة له)، وهذا النص عام يشمل المراهق العامة جميعها غير أنه نظراً لطبيعة السائلة العظمى  باعتبارها مخصصة بطبيعتها للنفع العام لتصريف سيول الأمطار ووقاية العمران والأراضي الزراعية من اخطار السيول، لذلك فأنه من المتعذر تطبيق هذا النص بالنسبة للسائلة العظمى للإعتبارات السابق ذكرها ومن أهمها وظيفة السائلة العظمى وطبيعتها، فليس من المقبول في الشرع والقانون ان يتملك أصحاب الأراضي الزراعية الملاصقة للسائلة العظمى أجزاء منها ويتصرفوا بها تصرف الملاك، وعلى هذا الأساس فإننا نوصي الهيئة العامة للأراضي: بأن يتم النص في قانون أراضي وعقارات الدولة على عدم سريان المادة (42) على السوائل العظمى.

الوجه الثالث: حقوق الجار الملاصق للسائلة العظمى:

الجار الملاصق للسائلة العظمى: هو صاحب الأرض الزراعية الملاصقة للسائلة العظمى، ولا شك أن له حقوق فيما يتعلق بالجزء الملاصق لأرضه من السائلة العظمى فلصاحب الأرض الملاصقة أن يضع في الجزء الملاصق من السائلة مصدات السيول مثل اكوام الحجارة لحماية أرضه من السيول كما أن له أن يحفر أو يشق في الجزء الملاصق من السائلة مساقي لدخول بعض السيل إلى أرضه لسقيها أو يبني مساقي في الجزء الملاصق من السائلة العظمى شريطة أن لا يترتب على ذلك تعطيل وظيفة السائلة في تصريف السيول أو تعطيل إنتفاع الآخرين في السائلة العظمى، كما يحق لصاحب الأرض الملاصقة للسائلة العظمى تملك الأشجار التي تنبت على حافة السائلة الملاصقة لأرضه وكذا الحجارة التي يجلبها السيل إلى جوار أرضه شريطة أن لا يكون السيل قد جرفها من الأملاك الخاصة، والله اعلم.

خصوصية إنتفاع الجار الملاصق للسائلة العظمى
خصوصية إنتفاع الجار الملاصق للسائلة العظمى