عدم مشروعية القرار الإداري غير المسبب

 

عدم مشروعية القرار الإداري غير المسبب

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

يجب على السلطة الإدارية عندما تتخذ القرار الإداري أن تذكر أسباب القرار حتى لا تصدر القرارات الإدارية بناءً على الهوى، وحتى تتم الرقابة على سلامة القرار الإداري ومشروعيته وحتى يتم تطبيق مبدأ المشروعية ، فإذا لم تقم الإدارة  بتسبيب القرار الذي اصدرته ، فإن القرار الإداري يكون  في هذه الحالة غير مشروع، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 26-5-2014م في الطعن رقم (54777)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث أن جهة الإدارة قد اصدرت القرار المطلوب الغاؤه الذي لم يتضمن أي سبب يبرره، وحيث أن هذا القرار قرار إداري نافذ  يمس مركزاً قانونياً وحقاً مكتسباً للمدعي لا يجوز إلغاؤه أو المساس به إلا لسبب يجيزه القانون، وحيث أنه لا توجد مخالفة ارتكبها المدعي تستدعي الغاء قرار ايفاده إلى دولة...، لذلك يكون القرار اللاحق القاضي بإلغاء قرار الإيفاد السابق قد شابه عيب إنعدام السبب، الأمر الذي يتعين معه إلغاؤه))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية :

الوجه الأول: سبب القرار الإداري وتسبيبه:

 سبب  القرار الإداري : هو الحالة القانونية   التي دعت الإدارة للتدخل بقصد إحداث الأثر بغية مراعاة المصلحة العامة، اما تسبيب القرار الإداري فيكون لبيان القصد المباشر من وراء اصدار القرار ، ففي القرار الإداري الذي يقضي مثلا بسحب العمل من شركة مقاولات يكون السبب في هذا القرار هو مراعاة النفع العام والمصلحة العامة وضمان استمرار المرفق العام  وهو هنا سبب مشروع وموجود ابتداءً وحقيقي ومحدد ، أما تسبيب هذا القرار فيكون بداعي عدم التزام الشركة بالشروط المتفق عليها مثلا او لتلكئها بإنجاز أعمالها، ومثل الحالة التي قضى فيها الحكم محل تعليقنا بإلغاء القرار الإداري  بإنهاء ايفاد الموظف لعدم تسبيبه فلم يتضمن ذلك القرار أية أسباب جعلت الإدارة تقرر إنهاء إيفاد  الموظف . 

يعتبر السبب عنصر من عناصر المشروعية الداخلية في القرار الإداري وعدم وجوده يؤدي إلى إلغاء القرار الإداري لأن السبب هو الوقائع المادية والقانونية التي جعلت الإدارة تصدر القرار ،أما التسبيب فهو عنصر من عناصر المشروعية الخارجية فهو احد عناصر الجانب الشكلي فهو يعني الإفصاح في القرار ذاته عن الأسباب التي يسند إليها القرار الإداري ،مما يدل على وجود رابطة بين سبب القرار وتسبيبه إلا انهما برغم من ذلك فكرتان متميزتان وعنصران مستقلان ومختلفان عن بعضهما البعض.

الوجه الثاني: الفرق بين سبب القرار الإداري وتسبيبه:

يقوم القرار الإداري على سبب يستند عليه ويكون سبب إصداره. ويعرف السبب بأنه الحالة القانونية أو الواقعية التي تدفع جهة الإدارة لإصدار القرار الإداري , ومن ثم يعتبر السبب هو الدافع والمبرر لإصدار القرار الإداري. هذا وبالرغم من أهمية وجود السبب على اعتبار أنه أمر لازم وضروري لإصدار القرار , غير أن ذلك لايفرض على الإدارة ضرورة اتخاذ القرار , فإن لها حرية اتخاذ أو عدم اتخاذ القرار حتى ولو توفر سببه , فالأمر متروك في النهاية لتقدير جهة الإدارة وحدها , إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك وأوجب على الإدارة إصدار القرار في حالة توافر سببه وفي حالات معينة ، ويجب التفريق هنا بين السبب والتسبيب في القرار الإداري : فقد أوضحنا معنى السبب اما التسبيب فيعني إلزام القانون في بعض الحالات الإدارة بضرورة تسبيب قراراتها , بمعنى ذكر السبب  قيام الإدارة بإتخاذ القرار في متن القرار ذاته أي تعليل سبب صدور القرار، ويترتب على تخلف ذلك الإجراء قابلية القرار للإبطال، فيلاحظ هنا أن تخلف ركن السبب يؤدي إلى إبطال القرار فورا بعيب تخلف ركن السبب، في حين أن تخلّف التسبيب يؤدي فقط إلى قابلية القرار للإبطال إذ يمكن إضافة التسبيب إلى القرار فيصبح صحيحا منتجا لآثاره القانونية، ولاشك ان هناك فرق بين بطلان  القرار وقابليته للإبطال.

 الوجه الثالث: العلاقة بين التسبيب والسبب في القرار الإداري:

إذا كان " التسبيب " يعنى الإفصاح في متن القرار عن " الأسباب " التى يستند إليها القرار ، مما يعنى وجود رابطة بين تسبيب  القرار الإداري وسببه ، إلا أنهما بالرغم من ذلك فكرتان متميزتان ، فالتسبيب أحد عناصر الجانب الشكلى للقرار ، والقواعد التى تحدده تتعلق بالمشروعية الخارجية للقرار ، أما الأسباب فهى أحد العناصر الموضوعية الداخلية للقرار ، والقواعد التى تحكمها تتعلق بالمشروعية الداخلية للقرار .

والتسبيب يعتبر بالإضافة إلى أنه " عنصر " فى القرار فإنه

يعد جزءًا أساسياً من مضمون مبدأ الشفافية ، ولذا فإنه يعد " أساساً " للرقابة على القرارات الإدارية من قبل السلطة الإدارية الأعلى والمعنيين والمواطنين والقضاء على حد سواء، فبواسطة التسبيب يمكن الرقابة على أسباب القرار  والتأكد من عدم الإنحراف بالإجراءات .

أما دور السبب فهو غير ذلك ، أنه أساس القرار الذى يستند إليه ، واحد عناصر محل الرقابة على القرار ، وليس أساساً للرقابة، كما أن رقابة القضاء على الأسباب تولد نوعاً من الالتزام التسبيب.

 ولقد أكدت المحكمة الإدارية العليا المصرية فى حكم حديث لها على أن جهة الإدارة لابد أن تفصح صراحة عن الأسباب الداعية لإصدار قرارها وليس السبب فى هذه الحالة مجرد ذكرها المخالفة الموجبة لازالة المبنى كما وردت فى القانون، وإنما ثبوت تأكد الجهة الإدارية من قيام عناصر المخالفة فى الواقع ولا يتأتى ذلك إلا من خلال الاوراق والخرائط والرسومات وقرار اعتماد خط التنظيم مرفقاً به الخرائط التى تبين اتساع عرض الشارع، ومثل هذا الحكم جاء الحكم محل تعليقنا الذي قضى بإلغاء القرار الإداري الذي لم يتضمن في متنه سبب إلغاء ايفاد الموظف

ويتضح مما تقدم ما يلى :

- أن التسبيب عنصراً فى القرار يتعلق بالجانب الشكلى والمشروعية الخارجية له وجزءًا اساسي من مضمون مبدأ الشفافية وهو كذلك أساسا قويا للرقابة على القرار من كافة الأطراف المعنية به بطريق مباشر او غير مباشر ، أما السبب فهو أساس القرار وأحد عناصره الموضوعية وهو لذلك عنصر فى الرقابة عليه .

- أن الرقابة القضائية على الأسباب لا تتضمن حتماً وجود التسبيب كعنصر شكلى سابق على الرقابة القضائية ، غير أن تلك الرقابة القضائية تقتضى من الناحية الموضوعية إلزام الإدارة بالإفصاح عن أسباب اتخاذ القرار وهو ما يعنى إلزام الإدارة بالتسبيب فى مرحلة الطعن القضائى لإمكانية ممارسة القضاء لوظيفته وإصدار حكم عادل فى موضوع الطعن على القرار الإدارى .

- أن التسبيب اصطلاحاً و الذى نقصده ، إنما يعنى : " التزام الإدارة بالإفصاح عن وتوضيح الأسباب القانونية والواقعية المبررة لإصدار القرار ، وبيان الرد على الطلبات الهامة والآراء الاستشارية وآراء المعنيين ونتائج استطلاعات الرأى او التحقيقات " وباعتبار أن التسبيب يتعلق بالجانب الشكلى للقرار الإدارى وأن هذا الأخير هو أحد أعمال الإدارة التى يجب أن تخضع لمبدأ الشفافية ومبدأ المشروعية ، فإن تسبيب القرارات الإدارية باعتبارها جزءًا من مضمون مبدأ الشفافية ، تخضع بالتبعية لباقى عناصر مضمون مبدأ الشفافية وحق كافة المواطنين فى معرفة تسبيب القرار الإدارى وليس فقط المخاطبون او المعنيون بتلك القرارات .

من ناحية أخرى ، فإنه يجب التأكيد على أن تسبيب القرارات الإدارية بما يعنيه من إفصاح وتوضيح للأسباب القانونية والواقعية  المبررة لاتخاذ القرار إنما يعنى فى الواقع توضيح "لدراسة الجدوى " ، التى قامت بها السلطة الإدارية قبل اتخاذ القرار كى تتأكد من سلامتها من كافة الاعتبارات بما يحقق فى النهاية الهدف وبما يجعل هذا الهدف متفقاً مع مبدأ المشروعية .(العلاقة بين سبب القرار الإداري وتسبيبه، د. سامي الطوخي، ص2).

الوجه الرابع: رقابة القضاء على تسبيب القرار الإداري وسببه:

يتميز سبب القرار الاداري عن تسبيبه، كون الاول هو احد اركان القرار الإداري ، وهو يختلف من قرار لأخربحسب نوعية القرار الاداري من جهة، والسلطة الممنوحة للجهة الادارية وفيما اذا كانت سلطة مقيده ام تقديرية من جهة الاخرى. ويفترض في السبب ان يكون مستجمعاً لشروطه القانونية ، حتى يمكن إضفاء المشروعية على القرار الإداري، اما ما يتعلق بتسبيب القرار الاداري ، وهو من العناصر الشكلية الجوهرية والتي يترتب على مخالفته عدم مشروعية القرار الاداري لعيب الشكل ، فهو بيان الجهة الإدارية للأسباب التي استندت إليها في إصدار قرارها الإداري، وهو يخضع للقاعدة العامة القائمة  التي تقرر عدم الزام الجهة الادارية بتسبيب قراراتها الادارية مالم يلزمها القانون بذلك  صراحة، لذا فقد قضت محكمة القضاء الاداري في مصر بأن ((القاعدة في فقه القانون الاداري ان الجهات الادارية غير ملزمة بتسبيب قراراتها الا حيث يكون ثمة نص يقضي بذلك))، كما قضت ايضا بانه ((يجب التفرقة بين تسبيب القرار الاداري كأجراء شكلي قد يتطلبه القانون وبين وجوب قيامه على سبب يبرره صدقاً وحقاً كركن من اركان الانعقاد, فلئن كانت الادارة غير ملزمة بتسبيب قرارها الا اذا أوجب القانون ذلك عليها, وعندئذ يتعين عليها تسبيب قرارها والاَّ كان معيبا بعيب شكلي, اما اذا لم يوجب القانون تسبيب القرار فلا يلزمها ذلك كأجراء شكلي لصحته, بل ويحمل القرار على الصحة كما يفترض فيه ابتداءً قيامه على سبب صحيح, وذلك كله حتى يثبت العكس- لئن كان ذلك كذلك- سواء كان لازماً تسبيبه كأجراء شكلي ام لم يكن هذا التسبيب لازماً, يجب ان يقوم على سبب يبرره صدقاً وحقاً أي في الواقع وفي القانون, وذلك كركن من اركان انعقاده ...)) واذا كانت الجهة الادارية غير ملزمة بتسبيب قراراتها الادارية في حالة عدم النص على ذلك قانوناً, فانه وفي حالة ما اذا تطوعت الجهة الادارية واعلنت عن سبب تلك القرارات, فان السبب المعلن عنه من قبلها يخضع لرقابة القضاء الاداري, فقد قضت المحكمة الادارية العليا في مصر بانه (ولئن كانت الادارة غير ملزمة بتسبيب قرارها, ويفترض في القرار غير المسبب انه قام على سبب صحيح, وعلى من يدعي العكس ان يقيم الدليل عليه, الا انه اذا افصحت جهة الادارة عن سبب قرارها, أو كان القانون يلزمها بتسبيبه, فأن ما تبديه منه يكون خاضعاً لرقابة القضاء الاداري...).

كما قضت أيضاً بأنه (متى افصحت الادارة عن اسباب قرارها ولو لم تكن ملزمة قانوناً بإبداء هذه الاسباب, فان ما ذكرته من اسباب يخضع حتما لرقابة القضاء الاداري)، والأمانة العلمية تقتضي القول بأن القضاء الإداري  والفقه الحديث يذهب إلى أن جهة الإدارة ملزمة بتسبيب قراراتها وقد ذهب الحكم محل تعليقنا إلى هذه الوجهة الحديث.

ولئن كان يفترض بالجهة الادارية ان تستند عند اصدار قرارها الاداري لسبب قائم وموجود ومشروع, الا انه قد يحصل احيانا ان تصدر تلك الجهة لقرارها الاداري مستندة في ذلك لعدة أسباب, ولا يمكن ان يثير ذلك اشكالاً عندما تكون تلك الاسباب مستجمعة لشروطها القانونية, الا انه قد يحدث احياناً ان تكون بعض تلك الاسباب غير صحيحة, الامر الذي يشير تسأولا عما اذا كان يمكن الطعن بالقرار الاداري استناداً لعدم مشروعية السبب من عدمه؟

للاجابة على ذلك التساؤل يمكن القول بأنه يجب التفرقة بين الاسباب الرئيسية في القرار الاداري وبين الاسباب الثانوية فيه, فالسبب الرئيسي هو السبب الدافع لاصدار القرار الاداري, ويؤثر عادة على مشروعية القرار الاداري, بحيث يكفي لوحده لاصدار القرار الاداري بغض النظر عن الاسباب الاخرى للقرار الاداري بمعنى انه يمكن للجهة الادارية ان تصدر القرار الاداري استناداً للسبب المذكور حتى وان لم تستند لبقية الاسباب الاخرى الواردة فـــي القرار, بينما يكون السبب ثانويا متى ما أمكن للجهة الادارية اصدار القرار حتى وان لم يتحقق السبب المذكور.

وترتيبا على ما تقدم, فقد اتجه الفقه الاداري الى تأكيد عدم مشروعية القرار الاداري المستند الى أسباب غير صحيحة, متى ما كان لهذه الاسباب دوراً اساساً باصداره, وذلك بخلاف الحال فيما لو كانت تلك الاسباب ثانوية وغير مؤثرة باصدار القرار, بحيث يكتسب  القرار صفة المشروعية بغض النظر عن غيرها من الاسباب. وقد استقرت احكام القضاء الاداري الفرنسي, على اعتناق القاعدة السابقة، من عدم بحث الوقائع غير الصحيحة، والمكونة لسبب القرار الاداري، لمجرد بيان تاثيرها على القرار الاداري، وذلك على اعتبار إن القيام بذلك يمثل اعتداء من جانب القضاء الاداري على حرية الجهة الادارية في التقدير، كما سارت أحكام القضاء الاداري المصري على  النهج السابق ذاته , اذ قضت محكمة القضاء الاداري  المصرية بانه ((اذا كان السبب الحاسم في تخطي المدعي هو ان التصرفات التي وقعت منه في مجموعها وملابساتها تجعله في موضع الشبهة والريبة, هذا السبب قد ظهر من التحقيق فيما بعد انه غير صحيح, اما  ما نسب اليه في ذلك القرار من ثبوت اهماله وعدم مراعاته الدقة واتباع التعليمات, فضلاً انه لم يكن السبب الحاسم في التخطي, فانه يفقد كثيراً من أهميته بما تضمنه التحقيق من التنبيه الى ضرورة تكليف المصلحة بوضع سياسة واضحـة لتنظيم عملية تحرير المحضر, ومن ثم يكون القرار المذكور باطلاً لعدم صحة السبب الرئيسي الذي قام عليه)) كما قضت أيضاً بانه ((اذا ذكرت الادارة عدة اسباب لاصدار قرارها, وتخلف بعض هذه الاسباب, فان تخلفها لا يؤثر في سلامة القرار ما دام ان الباقي من الاسباب يكفي لحمل القرار على وجهه الصحيح)) كما قضت المحكمة الادارية العليا في مصر بان ((رفض جهة الادارة الترخيص للمدعي بالسفر الى الخارج انما يقوم على سببين..... واذا كانت الواقعة محل السبب الاخير – وهو السبب الاهم – لم يثبت في التحقيق الذي اجرته الكلية...فان هذا السبب يكون قد انتزع من غير اصول تنتجه وليس عليه دليل في الاوراق.متى كان ذلك ماتقدم وكان تقدير الجهة الادارية في عدم الترخيص للمدعي بالسفر الى الخارج قد قام على السببين مجتمعين ، فان تخلف احد السببين المذكورين ، وهو الاهم - طبقا لما سلف الايضاح - يعيب القرار الاداري فيه، ويتعين لذلك القضاء بالغائه)) وغالب الظن بان استناد الجهة الادارية لاكثر من سبب في القرار الاداري وما يمكن ان يثيره ذلك من مشاكل قد يكون نادرا ًفي الجانب العلمي في احكام القضاء الاداري ، وهذا مايتطلب من القاضي الاداري البحث في السلطة التقديرية للجهة الادارية، وهومايعد تدخلا ًفي اختصاصها الممنوح لها قانوناً  من جهة، ومن جهة اخرى فان استناد الجهة الادارية لاكثر من سبب في القرار الاداري انما يتطلب من القاضي الاداري التوسع في تحقيقاته اثناء نظره للدعوى المقامة امامه للوقوف على نية مصدر القرار الحقيقية ، باعتبار ان كافة الوقائع التي تم الاستناد اليها يمكن ان ترتب اثارها على القرار الاداري ايجابا او سلباً، وان وجود بعض الوقائع غير الصحيحة يمكن ان تكون مرتبطة بالوقائع الاخرى الصحيحة ، وذلك كله انما يقضي جهد خلاق للقاضي الاداري، وخبرة كافية للوقوف على ذلك التحديد بدقة.( سلطة الضبط الاداري في الظروف العادية، حبيب ابراهيم حمادة الدليمي، ص136).

الوجه الخامس: متى يكون تسبيب القرار الإداري وجوبيا؟:

 في هذا الشأن قضت المحكمة الإدارية العليا في مصر بأن( تسبيب القرار الإداري ركن أساسي في القرار متى نص القانون على وجوب تسبيبه مخالفة ذلك أثره بطلان القرار لفقدانه سبب وجوده ومبرر إصداره ورود أسباب القرار في صلبه أو تبنى مصدر القرار للأسباب التي تبديها الجهة المختصة والإحالة إليها في ديباجه القرار كافي لتسبيب الموافقة على ما انتهت إليه مذكرة الجهة . مفاد أن مصدر القرار اتخذ من تلك الأسباب والأسانيد أسباب لقراره .
متى أوجب القانون تسبيب القرار الذى تصدره جهة الإدارة فإن التسبيب يصبح ركناً أساسياً باعتباره ضماناً من ضمانات الأفراد يترتب على إغفاله بطلان القرار لفقدانه سبب وجوده ومبرر إصداره ، وأنه ولئن كان الأصل أن ترد أسباب القرار في صلبه إلا أنه إذا تبنى مصدر القرار الأسباب التي تبديها الجهة المختصة وأحال إليها في ديباجه القرار بما يفيد اطلاعه عليها فإن ذلك يكفى لتسبيبه ، ذلك أن موافقته على ما انتهت إليه مذكرة هذه الجهة يعنى أنه أتخذ من تلك الأسباب والأسانيد أسباباً لقراره ، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن اللجنة المختصة بإدارة الشركات المنوط بها التحقيق مع المطعون عليهم قدمت مذكرة مؤرخه ……… بنتيجة التحقيق ضمنتها المخالفات المنسوبة إليهم واقترحت لصالح العمل عرض نتيجة التحقيق على الطاعن لإصدار قرار بتنحيتهم من عضوية مجلس إدارة شركة القناة لأعمال المواني للأسباب والأسانيد التي أبدتها في تلك المذكرة وقد أشير الطاعن في نهايتها بالموافقة على ما جاء بها ، وأتبع ذلك إصدار القرار موضوع الدعوى نفاذاً لتلك الموافقة أشار في ديباجته إلى اطلاعه على تلك المذكرة فإن ذلك يعنى أن – مصدر القرار قد اعتنق الأسباب والأسانيد التي تضمنتها المذكرة واتخذ منها أسباباً لقراره المطعون عليه على نحو تصبح معه تلك المذكرة جزءاً لا يتجزأ من القرار تضمنت أسبابه ودواعيه وسنده من القانون بما تكون معه القرار سبباً ويكون النعي عليه بخلوه من الأسباب ).(الطعن 1254 لسنة 57 ق جلسة 31 / 12 / 1989 مكتب فني 40 ج 3 ق 401 ص 496 )، وحسبما ظاهر فإن  حكم المحكمة الإدارية العليا المصرية قديم(1989 ) اما الفقه والقضاء الإداري الحديث فإنه يذهب إلى أن الإدارة ملزمة بتسبيب قراراتها الإدارية في كل الأحوال حتى تخضع كافة القرارات الإدارية التي تصدرها جهة الإدارة لرقابة الجهات الإدارية الأعلى ورقابة الجمهور ورقابة القضاء، حتى  يتحقق مبدأ المشروعية و ويتم تطبيقه على كافة القرارات الإدارية، والله اعلم.

عدم مشروعية القرار الإداري غير المسبب
عدم مشروعية القرار الإداري غير المسبب