حجية توقيع المقاسم على التركيز
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
التركيز
: مصطلح شائع في بعض المناطق اليمنية يطلق على الوثيقة الجامعة التي تتضمن جدول يتم
فيه حصر أموال التركة القابلة للقسمة وبيان
اثمان تلك الأموال وتحديد نصيب كل وارث مقاسم من اجمالي قيمة تلك الأموال ونصيبه
من كل عين على حدة من تلك الأموال ، وفي
بعض المناطق اليمنية يطلق على (التركيز) مسمى (الأمية)، وهناك مسميات أخرى في بعض
المناطق اليمنية الأخرى، وبصرف النظر عن
تلك المسميات، فإذا قام الوارث المقاسم بالتوقيع على (التركيز)، فإن ذلك يكون حجة
عليه ومصادقة منه على صحة البيانات والمعلومات التي تضمنها التركيز وكذا صحة
الفصول أو الفروز التي يتم تحريرها من واقع ما ورد في (التركيز) متى كانت الفصول
مطابقة للتركيز، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في
جلستها المنعقدة بتاريخ 11-12-2012م في الطعن رقم (46107) المسبوق بالحكم
الاستئنافي الذي قضى (بأنه قد ثبت توقيع المستأنف ضده على التركيز، وذلك يدل على
عدم صحة قضاء الحكم الابتدائي، مما يستلزم الغاء الحكم الابتدائي ولزوم التوقف على
الفروز المنقولة من ذلك التركيز)، وقد قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية
بالمحكمة العليا بإقرار الحكم الاستئنافي،
وورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا أنه: ((اما من حيث الموضوع فقد ناقشت
الدائرة ما أورده الطاعن من أسباب في عريضة طعنه ورد المطعون ضده، ومن خلال ذلك
فقد وجدت الدائرة: أن أسباب الطعن متعلقة بموضوع القضية الذي تختص به محكمة
الموضوع من حيث وزن الأدلة))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في
الأوجه الأتية:
الوجه الاول: ماهية التركيز وطبيعته:
التركيز:
عبارة عن جدول يتضمن تحصيل اجراءات القسمة السابقة عليه، حيث يشتمل التركيز على جدول
يتضمن أموال التركة القابلة للقسمة
الفورية بعد إستخراج الديون والوصايا والأموال المتنازع بشأنها، كما يتضمن التركيز
اثمان أموال التركة قرين كل مال من تلك الأموال على حدة كما يشتمل التركيز على
اسماء الورثة بحسب إثبات حصر الورثة، ويتم ترتيب الورثة في جدول التركيز بحسب
الترتيب الشرعي أصحاب الفروض أولاً وهكذا، ويتم ترتيب أموال التركة في جدول
التركيز بحسب اثمانها الأكبر ثم الأصغر، ويبين الجدول نصيب كل وارث من قيمة كل عين
من اموال التركة على حدة وإجمالي نصيبه من
إجمالي كل أموال التركة الواردة في التركيز، وبعد الإنتهاء من جدول التركيز أو
الأمية يتم في نهاية وثيقة التركيز تدوين إقرار الورثة ومصادقتهم على صحة ما ورد
في التركيز وأنه قد اشتمل على كل أموال التركة القابلة للقسمة الفورية في حينه
وأنه إذا ظهرت أموال أخرى فلها حكمها وأن الورثة المذكورين في التركيز هم جميع
الورثة وأنهم قد قبلوا بإجراء القسمة وتحرير الفصول أو الفروز أو التخاريج بحسب
البيانات الواردة في التركيز، وانهم قد طالعوا وتأكدوا من الكشوفات والوثائق التي
تم نقل البيانات منها إلى جدول التركيز، ثم يقوم الورثة في ذيل الوثيقة بوضع
اسمائهم الرباعية بخط ايديهم وكذا توقيعاتهم وبصماتهم في ذيل أو نهاية التركيز،
ولا يلزم الإشهاد على توقيعات الورثة في التركيز، لأن توقيع كل وارث على التركيز
يعد إقرارا منه قبولا بماورد في التركيز كما
يعد توقيعه في هذه الحالة مصادقة على توقيعات الورثة الآخرين على التركيز وان توقيعاتهم
قد تمت بحضوره .
وعلى
هذا الأساس فإن البيانات الواردة في التركيز هي كل البيانات اللازمة عن الأموال
القابلة لإجراء القسمة الفورية وأن الورثة قد اقروا بصحتها وصادقوا على ما ورد
فيها، ولذلك فقد وضعوا توقيعاتهم عليها وأنهم قد قبلوا بإستكمال إجراءات القسمة وتحرير
الفصول استناداً إلى البيانات الواردة في التركيز، وبناءً على ذلك فإن توقيع الوارث المقاسم على التركيز يكون ملزماً
له وحجة عليه.
الوجه الثاني: حجية الفصول المنقولة من التركيز:
سبق القول بأن ما يسمى بالتركيز: هو وثيقة القسمة الأساسية وأنه حجة على الوارث المقاسم الذي قام بالتوقيع عليه، وأن التركيز يشتمل على كل البيانات اللازمة عن أموال التركة القابلة لإجراء القسمة الفورية ، ولذلك فأنه بعد توقيع الورثة على التركيز يتم تطبيق قواعد التخارج وإجراء القرعة لفرز الأموال بحسب اثمانها المبينة في التركيز، وعلى هذا الأساس إذا كانت البيانات الواردة في الفصول أو الفروز مطابقة للبيانات الواردة في التركيز ومطابقة لمحاضر التخارج والقرعات فإن الفصول في هذه الحالة تكون صحيحة ملزمة للوارث الذي سبق له التوقيع على التركيز مثلما قضى الحكم محل تعليقنا، والله اعلم.
 |
| حجية توقيع المقاسم على التركيز |