إستبدال الوقف لتعطل منفعته

 

إستبدال الوقف لتعطل منفعته

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

إذا تعطلت منفعة العين الموقوفة، فيتم عندئذٍ إستبدالها بعين أنفع منها، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 19-11-2016م في الطعن رقم (58428)، المسبوق بالحكم الاستئنافي الذي قضى (بقبول طلب التسويغ المقدم من المستأنف وذلك ببيع أرض الوقف الموقوفة من جد الناظر المستأنف لبطلان منفعتها واستبدالها بكامل ثمنها بما هو أنفع وأصلح للوقف وفي نفس المنفعة وبنفس شروط الواقف، باعتبار المستأنف هو ناظر الوقف الخاص)، وقد اقرت الدائرة الشخصية الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: ((فقد تبين للدائرة: ثبوت ولاية المطعون ضده على وقف القراءة الذي وقفه جده مع قبول طلب الحكم بتسويغ بيع أرض الوقف المقدم من ولي الوقف، فقد وجدت الدائرة: أن الحكم الاستئنافي صحيح وموافق لما علل به واستند عليه، فلا قبول لما ورد في الطعن))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الاوجه الأتية:

الوجه الأول: معنى إستبدال الوقف لتعطل منفعته:

الأصل أنه لا يجوز استبدال الوقف أو بيعه، لأنه محبوس ومملوك لله تعالى، فليس للموقوف عليهم إلا حق الإنتفاع بالوقف أو الحصول على غلاته وثماره ، ولكن إذا تعطلت منفعة العين الموقوفة  بالكلية فتوقف إنتاجها من الغلات أو خربت الدار الموقوفة أو صارت مهجورة بسبب تحول الناس عنها أو لم تعد صالحة للإنتفاع بها أو قلت عائداتها فلم تعد تغطي تكاليف إقامتها وصيانتها، فعندئذ يجوز إستبدالها حتى يستمر الإنتفاع بها فتتحقق اغراض الوقف والمواقف، ويكون استبدال الوقف بما هو أكثر إنتاجاً أو منفعةً منه حتى تتحقق اغراض الوقف والواقف ، ويتم استبدال الوقف في هذه الحالة عن طريق بيع العين التي انقطعت منفعتها ثم الشراء بقيمتها عين أخرى أفضل منها او أكثر إنتاجاً ومنفعةً منها، كما قد يتم الاستبدال عن طريق(  المناقلة ) وهي استبدال العين الموقوفة التي بطلت منفعتها بعين أخرى أفضل منها من حيث المنفعة ، ولا يتم استبدال الوقف لتعطل منفعته إلا بنظر المحكمة المختصة التي تبسط رقابتها للتأكد من انقطاع منفعة العين الموقوفة وأن العين البديلة أكثر منفعة من العين المستبدلة ولضمان عدم التلاعب أو التحايل على أعيان الوقف، وعلى هذا الأساس فقد لاحظنا أن إستبدال الوقف في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا قد تم بنظر المحكمة المختصة .

 ويعتبر الاستبدال من أخطر التصرفات   الواردة على أموال الوقف ، لتعلقه بعين الوقف وتغييرها والتي هي في الأصل محبّسة لله تعالى تبرعا بمنفعتها بحسب غرض الواقف ، ولكن قد تظهر ضرورة ملحة ومصلحة  تقتضي إستبدال العين الموقوفة بما يحفظ استمرار نفعها ويحفظ  أغراض الواقف فتظل صدقته جارية.

الوجه الثاني: إستبدال  العين الموقوفة لتعطل منفعتها في قانون الوقف الشرعي اليمني:

اجاز قانون الوقف اليمني إستبدال العين الموقوفة لتعطل منفعتها، فقد نصت المادة (60) من القانون على أنه (إذا بطل نفع الوقف في المقصود أو نقصت غلته بالقياس إلى قيمته بحيث لا يفي بغرض الواقف جاز بيعه بما لا يقل عن مثل قيمته حراً زماناً ومكاناً والاستعاضة عنه بما ينفع في المقصود أو يغل أكثر مع تحقق المصلحة بعد موافقة المجلس الأعلى للأوقاف وصدور حكم شرعي)، فقد اجاز هذا النص إستبدال الوقف إذا بطل نفعه أو قلت منفعته مما يؤدي إلى عدم تحقيق مقصود الواقف من وقفه، ومع أن هذا النص قد اجاز إستبدال الوقف إلا أنه قد تضمن عدة شروط لتلافي الحيلة على الوقف عند الاستبدال، ويمكن تلخيص هذه الشروط كما يأتي:

الشرط الأول: أن يكون من شأن انقطاع المنفعة أو قلتها عدم الوفاء بغرض الواقف من وقفه، فلا يتم الاستبدال إذا قلت منفعة العين الموقوفة إلا أنها  مازالت تفي بغرض الواقف، فقد تكون غلال العين الموقوفة  ومنافعها وفيرة تفي بغرض  الواقف وأكثر فإذا قلت تلك المنافع ومع ذلك فإن غرض الواقف ما زال متحققاً، فإن ذلك لا يبرر  إستبدال العين الموقوفة.

الشرط الثاني: القياس بين نقصان منفعة العين الموقوفة وقيمتها: فإذا كانت العين الموقوفة كبيرة القيمة بحسب ً قيمة الزمان والمكان غير أن منفعتها تافهة قياساً بقيمة العين الموقوفة، مثل العين الموقوفة التي تزرع الذرة في وسط العاصمة صنعاء، فقد كانت الأرض التي تناولها الحكم محل تعليقنا كذلك، فقيمة الأرض في أمانة العاصمة باهظة جداً قياساً بمنفعة الأرض وهي قيمة الذرة التي تنتجها تلك الأرض.

الشرط الثالث: أن تكون قيمة العين المستبدلة والبديلة مثل قيمة الأعيان الأخرى( الحر): فالاستبدال كما سبق القول يتم عن طريق بيع العين التي بطلت منفعتها أو انقطعت منفعتها والشراء بقيمتها عين أخرى أفضل منها، ولذلك فقد اشترط النص القانوني السابق أن لا تقل قيمة العين المستبدلة عن قيمة الأعيان الأخرى من غير أعيان الوقف (الحر) حتى يتم الشراء   بقيمتها عين بديلة أفضل من العين المستبدلة زماناً ومكاناً.

الشرط الرابع: أن تحقق العين البديلة مقصود الواقف أو أكثر من ذلك، فلا يصح أن تكون العين البديلة مساوية للعين المستبدلة وإلا  فليس هناك فائدة من إستبدال العين الموقوفة.

الشرط الخامس: موافقة المجلس الأعلى للأوقاف على الاستبدال: فقد اشترط النص القانوني ذلك، لأن في ذلك ضمانة ورقابة لعملية الاستبدال سيما أن المجلس الأعلى للأوقاف يتكون من أكثر من (12) شخصية من داخل هيئة الأوقاف وخارجها كمفتي الجمهورية ورئيس جمعية العلماء ورئيس اتحاد الغرف التجارية وثلاثة من المتخصصين في الشريعة والإدارة، فيؤمن أن يتواطئ هذا العدد الكبير من الشخصيات على الحيلة على الوقف.

الشرط السادس: لا يتم استبدال الوقف إلا بموجب حكم صادر من القضاء: مع أن النص القانوني السابق قد تضمن عبارة (حكم شرعي) إلا أن المقصود هو الحكم القضائي، فلا يتم استبدال الوقف إلا بموجب حكم تصدره المحكمة المختصة نوعياً ومكانياً بناءً على طلب من هيئة الأوقاف، حتى يتحقق القضاء من سلامة الاستبدال وصحته وعدم التحايل على الوقف، فالحكم القضائي هو المقصود بالتسويغ، فالحكم القضائي الذي يتحقق من المسوغ الذي يبرر إستبدال العين الموقوفة، ومعنى التسويغ الإجازة اي ان الحكم القضائي بإستبدال الوقف هو إذن أو إجازة لبيع العين الموقوفة التي لايجوز بيعها اصلا وإنما جاز ذلك لمصلحة الوقف والواقف .

الوجه الثالث: إستبدال الوقف إذا تعطلت منافعه في الفقه الإسلامي :

إذا تعطلت منفعة العين الموقوفة كالدار إذا انهدمت، والأرض الزراعية إذا صارت مواتا(صالبة )، والمسجد إذا انتقل أهل البلد عنه وصار في موضع لا يصلى فيه.. إلخ، وقد اختلف الفقهاء بشأن استبدال الوقف إذا تعطلت منفعته على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن الناظر يملك بيع الوقف والاستبدال به في مثله عند تعطل منافعه،وهو قول بعض الزيدية والقول الأصح عند الحنفية، وبه قال الإمام مالك في رواية عنه، وبه قال بعض الشافعية، وهو الصحيح من مذهب الحنابلة،فقد ورد في رد المحتار: " يصح استبدال الوقف إذا صار لا ينتفع به بالكلية بأن لا يحصل منه شيء أصلا، أو لا يفي بمؤنته فذلك جائز على الأصح إذا كان بإذن القاضي إذا رأى المصلحة فيه"، وجاء في الشرح الكبير : "فإن تعطلت منافعه بالكلية كدار انهدمت، أو أرض خربت وعادت مواتا لا يمكن عمارتها، أو مسجد انتقل أهل القرية عنه وصار في موضع لا يصلى فيه أو ضاق بأهله ولم يمكن توسيعه في موضعه ، فإن أمكن بيع بعضه ليعمر به بقيته جاز بيع البعض وإن لم يمكن الانتفاع بشيء منه بيع جميعه، قال أحمد في رواية أبي داود : إذا كان في المسجد خشبتان لهما قيمة جاز بيعهما وصرف ثمنهما عليه، وقال في رواية صالح: يحول المسجد خوفا من اللصوص اوإذا كان موضعه قذرا، قال القاضي: يعني إذا كان ذلك يمنع الصلاة فيه ، ونص على جواز بيع عرصته في رواية عبد الله،وقال أبو بكر : وقد روى علي بن سعيد: أن المساجد لا تباع وإنما تنقل آلتها ، لإجماع العلماء على بيع الفرس الحبيس يعني الموقوفة على الغزو إذا كبرت فلم تصلح للغزو وأمكن الانتفاع بها في شيء آخر، مثل أن تدور في الرحا، أو يحمل عليها تراب، أو تكون الرغبة في إنتاجها أو حصانا يتخذ للطراق، فإنه يجوز بيعها ويشترى بثمنها ما يصلح للغزو، نص عليه أحمد"..واشترط الحنفية للإستبدل شروطا منها :1- أن تنقطع منافعه بالكلية – 2- أن يكون بإذن القاضي-3- أن لا يكون هناك ريع يعمر به .4- أن لا يكون البيع بغبن فاحش.5- زاد ابن نجيم أن يكون ذلك في الأراضي دون الدور، وقد استدل أصحاب القول الأول بالاتي :
1- ما رواه البخاري ومسلم من طريق الشعبي ان المغيرة بن شعبة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله كره لكم ثلاثا : قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال".،ووجه الاستدلال : أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى في هذا الحديث عن إضاعة المال، ولا يخفى أن في إبقاء الوقف حال التعطل على ما هو عليه إضاعة للمال، فوجب الحفظ بالبيع ; لأن المقصود انتفاع الموقوف عليه بالثمرة لا بعين الأصل من حيث هو، ومنع البيع حينئذ مبطل لهذا المعنى الذي اقتضاه الوقف، فيكون خلاف الأصل.
٢- حديث أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".ووجه الاستدلال من الحديث : قوله صلى الله عليه وسلم فيه: "إلا من صدقة جارية"،فاستبدال العين العاطلة يجعل صدقة الوقف جارية.

٣- ما جاء في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر: "تصدق بأصله لا يباع، ولا يوهب، ولا يورث"، ووجه الاستدلال بهذين الحديثين : دل عموم هذين الحديثين على أن الأصل في الوقف التأبيد والدوام والاستمرار، وذلك ليدوم الثواب، وفي تعطل الوقف أو خرابه تضييع لفائدته، والتمسك بالعين في تلك الحالة إبطال لغرض الواقف، وفي استبداله عند تعطله رعاية لغرض الواقف، واستبقاء للوقف بمعناه عند تعذر إبقائه في صورته ، فتعين ذلك،قال ابن عقيل : "الوقف مؤبد، فإذا لم يمكن تأبيده على وجه تخصيصه استبقينا الغرض وهو الانتفاع على الدوام في عين أخرى، واتصال الأبدال جرى مجرى الأعيان، وجمودنا على العين حال تعطلها تضييع للغرض".

٤ - ما روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بتحويل المسجد الجامع بالكوفة ونقله، وجعل بيت المال في قبلته، فحوله عبد الله مسعود ، وصارت عرصة المسجد الأول سوقا للتمور . وجه الاستدلال : قال بهاء الدين المقدسي: "ووجه الحجة منه أنه أمره بنقله من مكانه ، فدل على جواز نقل الوقف من مكانه ، وهذا معنى البيع"، قال ابن عقيل: "وهذا كان مع توفر الصحابة، فهو كالإجماع; إذ لم ينكر أحد ذلك مع كونهم لا يسكتون عن إنكار ما يعدونه خطأ "
فالمقصود هنا : أنه إذا جاز الاستبدال في المسجد الموقوف الذي يوقف للانتفاع بعينه، وعينه محترمة شرعا، فلأن يجوز الاستبدال فيما يوقف للاستغلال أولى وأحرى.
٥- القياس على الهدي إذا عطب في السفر، فإنه يذبح في الحال وإن كان يختص بموضع معين، فلما تعذر تحصيل الغرض بالكلية استوفي منه ما أمكن، وترك مراعاة المحل الخاص عند تعذره; لأن مراعاته مع تعذره تفضي إلى فوات الانتفاع به بالكلية ، وهكذا الوقف المعطل المنافع. - أنه لا نفع في بقاء الوقف مع تعطل منافعه، وفيه ذهاب لماليته ، فكانت المحافظة على ماليته ببيعه واستبداله أولى; لأنه لا يجوز وقف ما لا نفع فيه ابتداء، فلا يجوز استدامة وقفه; لأن ما كان شرطا لابتداء الوقف كان شرطا لاستدامته.
٦- أن الوقف مؤبد، فإذا لم يمكن تأبيده على وجه تخصيصه استبقينا الغرض، وهو الانتفاع على الدوام في عين أخرى، واتصال الأبدال جرى مجرى الأعيان، وجمودنا على العين مع تعطلها تضييع للغرض من الوقف .
القول الثاني : لا يملك ناظر الوقف بيع الوقف والاستبدال به، وإن تعطلت منافعه،وهو قول بعض الحنفية، وهو مذهب المالكية في العقار دون المنقول، ومذهب الشافعية ، وهو رواية عن الإمام أحمد،واستدل أصحاب هذا القول بالاتي :
١- قوله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لعمر: "تصدق بأصله، لا يباع، ولا يوهب، ولا يورث"، ووجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبر بأن الوقف لا يباع، وهذا عام لكل أحوال الوقف، أي: سواء تعطلت منافعه أم لم تتعطل.
٢- أن أكثر أوقاف السلف - رحمهم الله - قد خربت، ولو كان البيع جائزا فيها لما أغفلوه، ولكان بقاؤه خرابا دليلا على منع بيعه..
٣- أن البناء وإن خرب فإن البقعة لا تذهب، ويمكن أن يعاد إلى حاله، فيرجع صلاحه.
4- أن ما لا يجوز بيعه مع بقاء منافعه لا يجوز مع تعطيلها، كالعبد المعتق .
5- أنه لم يثبت في الأدلة من الكتاب والسنة مشروعية الاستبدال مطلقا .
٦- استدلوا بعمل أهل المدينة; إذ بقاء أحباس السلف دائرة دليل على منعهم من ذلك البيع، فقد ورد في المدونة : "وهذه الأحباس قد خربت، فلا شيء أدل على سنتها منها، ألا ترى أنه لو كان البيع فيها لما أغفله من مضى".
7- أن منع الاستبدال هو الأولى; إذ به يحصل إيصاد باب التلاعب بالأوقاف، وكذلك فإن الاستبدال مناف لمقاصد الوقف من الدوام والاستمرار.
القول الثالث: ذهب إلى جواز إستبدال الوقف إذا كان مباني اما إذا كان أراضي فلايجوز، وهو قول جماعة من الفقهاء منهم : ابن نجيم الحنفي، وقد استدل ابن نجيم على التقييد بالأراضي: أن الأرض إذا ضعفت لا يرغب في استئجارها، وإنما يرغب في شرائها، وأما الدار إذا خربت يرغب في استئجارها مدة طويلة وتعميرها للسكنى.
والقول المختار هو القول الأول الذي ذهب إلى جواز استبدال الوقف عند تعطل منافعه; لقوة ادلته وسلامتها ، لما في ذلك من المصلحة الظاهرة للواقف باستمرار جريان صدقته بالوقف، والمصلحة للموقوف عليه باستمرار انتفاعه بالوقف، والشريعة المطهرة جاءت بجلب المصالح ودرء المفاسد، ولأن أكثر المانعين من الاستبدال أجازوا بيع الفرس الوقف عند تعطله،وقد اخذ قانون الوقف اليمني بالقول الأول السابق بيانه. (الجامع لأحكام الوقف، خالد بن علي بن محمد المشيقح، 3/31).

الوجه الرابع: شروط استبدال الوقف عند الفقهاء الذين أجازوا ذلك:

لخطورة إستبدال الوقف فقد قرر الفقهاء الذين أجازوا استبدال الوقف قرروا الشروط اللازمة للاستبدال للحيلولة دون حدوث السلبيات التي قد تحصل من عملية الاستبدال،وبعض هذه الشروط محل خلاف بين هولاء الفقهاء، وبيان هذه الشروط كما يأتي :
الشرط الأول: ألا يكون البيع بغرض الاستبدال بغبن فاحش: وهذا الشرط ذكره بعض الحنفية، ويظهر أنه موضع اتفاق بين العلماء، ومن لم ينص عليه ترك ذلك للعلم به،والأدلة على هذا الشرط:
١- قوله تعالى: ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) والوقف بيد الناظر كمال اليتيم بيد الوصي، فإذا كان مال اليتيم لا يباع بغبن فاحش فكذا الوقف.
٢- ناظر الوقف بمنزلة الوكيل الذيع لايملك البيع بغبن فاحش.
٣- ناظر الوقف يختار لغيره اي للوقف ، ومن كان خياره لغيره فخياره خيار مصلحة، وليس من المصلحة إستبدال الوقف بغبن فاحش.
الشرط الثاني: ألا يكون هناك ريع للوقف يعمر به: وقد ذكر هذا الشرط بعض الزيدية وبعض الحنفية وبعض المالكية.
الشرط الثالث: أن يكون البدل والمبدل من جنس واحد:وقد ذكر هذا الشرط بعض الحنفية وبعض الحنابلة، وحجتهم : أن هذا الشرط يحقق قصد الواقف.
الشرط الرابع: صدور حكم بالاستبدال من القاضي :وبهذا قال بعض الزيدية
وبعض الحنابلة،لأن بيع الوقف واستبداله بيع على الغائبين، وهم البطون الذين يستحقونه بعد انقراض الموجودين، فلا يستقل به ناظر الوقف ; لأن نظره قاصر على مدة حياته، ولذلك لا بد من صدور الإذن ممن يملك النظر العام على جميع البطون وهو القاضي، كما أن بيع الوقف واستبداله فسخ لعقد لازم مختلف فيه اختلافا قويا ، فهو محل نظر واجتهاد، وهذا من وظيفة القاضي دون الناظر أو الموقوف،) المرجع السابق، 3/53)، وقد اخذ قانون الوقف بهذه الشروط حسبما سبق بيانه، والله اعلم.
إستبدال الوقف لتعطل منفعته
إستبدال الوقف لتعطل منفعته