التنصيب عن المقاسم في القسمة
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
التنصيب يكون في القسمة الجبرية، لان التنصيب في القسمة لايكون
الا عن المقاسم القاصر والمجنون والغائب والمتمرد بحسب ماهو مقرر في القانون
المدني، فقد صرح القانون ذاته بعدم جواز القسمة الرضائية إذا كان بين الورثة أو
المتقاسمين قاصر أو مجنون أو غائب، كما أن القانون ذاته اشترط لتمام القسمة الرضائية ان يوافق عليها جميع
الورثة أو الشركاء المتقاسمين فإذا رفض أحد الورثة المقاسمين إجراء القسمة أو رفض أي من إجراءات القسمة
فعندئذٍ لا مناص من اللجوء إلى القسمة الجبرية التي تتسم إجراءاتها بالطابع الجبري
والتي تباشرها المحكمة المختصة حتى لا
تتعطل إجراءات القسمة، ومن مظاهر إجراءات القسمة الجبرية التنصيب عن الوارث الغائب
أو القاصر أو المجنون اوالممتنع عن إجراء القسمة أو المشاركة والحضور في إجراءات
القسمة أو التوقيع عليها، وقد اشار إلى هذه المسألة الحكم الصادر عن الدائرة
الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 11-10-2016م في الطعن رقم
(58265)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فقد وجدت الدائرة: أن الحكم الاستئنافي قد قضى
بنقض القسمة التي استوفت شروطها الشرعية الصحيحة الظاهرة من الفصول حيث توفر فيها
إختيار العدول وحصر المخلف وتثمينه وإجراء القرعة الشرعية وتم التنصيب عن المدعية
من قبل القاضي المختص وفوق هذا وذاك فقد
مضى على إجراء تلك القسمة أكثر من ثمانية وعشرين عاماً، لذلك فإن حكم الاستئناف
غير موافق لأحكام الشرع والقانون، ويتعين نقضه وإرجاع القضية إلى محكمة الاستئناف
للحكم فيها مجدداً))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه
الأتية:
الوجه الأول: أحوال التنصيب عن المقاسم في القانون المدني:
التنصيب عن المقاسم وفقا لنص المادة (1200) مدني
يكون في حالة إذا كان من بين الورثة أو الشركاء المتقاسمين ناقص أهلية أو غائب أو مجنون
أو تمرد أحد الورثة عن إستكمال إجراءات القسمة، وفي هذا المعنى نصت المادة (1200)
مدني على أن (القسمة عقد لازم لجميع الشركاء فلا يجوز لأحدهم الرجوع فيه إلا برضاء
سائر الشركاء أو بحكم القضاء وإذا كان بين الشركاء ناقص أهلية فيقوم مقامه وليه أو
وصيه وإذا كان بينهم غائب فيقوم مقامه وكيله فإذا لم يكن لناقص الأهلية أو الغائب
من ينوب عنه نصب عنه القاضي وكذلك إذا تمرد أحد الشركاء نصب عنه القاضي)، وقد صرحت
المادة (1211) مدني في نهايتها بأنه (لا تجوز قسمة اختيارية فيها قاصر أو مجنون أو
غائب)، ومؤدى ذلك أن التنصيب عن المقاسم لايجوز في القسمة الاختيارية.
اما
القسمة الجبرية بحسب طبيعتها فأنه يتم اللجوء إليها إذا كان في القسمة مجنون أو
قاصر أو غائب وكذا في حالة الخلاف بين الورثة المتقاسمين، إذ يتم التنصيب في
القسمة الجبرية عن القاصر والمجنون والغائب والمتمرد بحسب ما ورد في المادة (1200)
مدني السابق ذكرها.
وقد
اشارت إلى هذا المعنى المادة (1112) مدني التي نصت على أنه (إذا لم يتفق الشركاء
جميعاً على القسمة طبقاً لما هو منصوص عليه في المادة (1201) وطلبها أحدهم لزم
القاضي التحقق من الآتي: ...إلخ)، فهذه المادة صرحت بأن القسمة الاختيارية لاتكون إلا
إذا تراضى عليها جميع الورثة أو الشركاء أما إذا تمرد أو امتنع أحدهم فلا تصح
القسمة الاختيارية وإنما تتم القسمة الجبرية إذا طلب ذلك احد الورثة ، ومن جهة
ثانية فقد اشترطت المادة (1112) مدني حضور جميع الشركاء أو الورثة إجراءات القسمة الجبرية أو من ينوب عنهم واحالت
هذه المادة إلى المادة (1200) مدني أحكام
التنصيب ، فقد صرحت هذه المادة بأن القاضي يقوم بالتنصيب عن المجنون والقاصر إن لم
يكن لهما ولي وعن الغائب أن لم يكن له وكيل وعن المقاسم المتمرد حسبما سبق بيانه
في المادة (1200) مدني السابق ذكرها، وفي هذا الشأن نصت المادة (1212) مدني التي
نظمت القسمة الجبرية في الفقرة (1) نصت على وجوب (حضور جميع الشركاء في المال
المطلوب قسمته أو من ينوب عنهم طبقاً لما هو منصوص عليه في المادة (1200).
الوجه الثاني: طبيعة المهمة المسندة للمنصب:
المنصب
عن القاصر أو المجنون أو الغائب اوالمتمرد يختلف عن الولي والوكيل، فالولي يستمد
ولايته على القاصر والمجنون من الشرع أو القانون الذي يحدد الأولياء وشروط الولاية
ومسقطاتها وواجباتها، في حين يتم تعيين الوصي من قبل الولي الشرعي أما الوكيل فيتم
تعيينه من قبل الشخص نفسه.
أما المنصب أو المنصوب فيتم تكليفه من قبل القاضي حسبما سبق بيانه، فالقاضي هو الذي يختاره ويحدد مهمته وواجباته ومدة إنجازه لمهمته وأتعابه، ولذلك يجب على القاضي في القسمة الجبرية حينما يختار المنصب أن يحدد مهمته وواجباته بدقة حتى يؤدي المنصب مهمته على النحو المحدد، لأن المنصب بصفة عامة في اليمن يؤدي دوراً شكلياً، وهذا هو الظاهر في الواقع العملي، ولا ريب أن مهمة المنصب في القسمة تختلف بحسب قرار تنصيبه، فقد يكون قرار تنصيبه يقتصر على إجراء معين من إجراءات القسمة كالقرعة أو التوقيع على كشوفات الحصر أو التثمين، وقد يكون قرار التنصيب عاماً يشمل كافة إجراءات القسمة، ولأن المنصب يستمد ولايته من القاضي فأنه يجب على القاضي ان يحسن إختيار المنصب، لأن القاضي هو المسئول عن قيام المنصب بمهمته المسندة له من القاضي، ولذلك ينبغي على القاضي مراقبة المنصب ومتابعة أعماله، والله اعلم.