حكم تعديل عمر العامل المؤمن عليه
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع لدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
مع ان المادة (66) من قانون التأمينات الاجتماعية قد نصت على أنه(.يعتمد في تحديد سن المؤمن عليه أو المستحق على شهادة الميلاد حال ولادته أو البطاقة الشخصية أو العائلية أو جواز السفر المقدمة للمؤسسة من صاحب العمل أو المؤمن عليه عند بداية التعامل مع المؤسسة ولا يعتمد أي مستند آخر يقدم بعد ذلك)) ومؤدى هذا النص أنه لايجوز تعديل عمر العامل بعد تقديمه اي مستند من المستندات المعتمدة في تحديد العمر المذكورة في النص السابق الا أنه في الواقع العملي يطالب بعض العمال بتعديل أعمارهم نتيجة لتعدد المستندات المعتمدة ونتيجة لعدم التدقيق في عمر الشخص عند إصدار البطاقة الشخصية أو العائلية أو جواز السفر،لذلك كله تحدث الإشكاليات حينما يطالب العامل بتعديل عمره الذي تم اعتماده عند إلتحاقه بالعمل، ففي بعض الحالات تقوم بتعديل عمر العامل جهة العمل وفي حالات أخرى تقوم بالتعديل المؤسسة العامة للتأمينات وفي حالات ثالثة يتم التعديل تنفيذاً لحكم قضائي عندما يتفاقم الخلاف فليجاء العامل إلى القضاء، فإذا قامت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بتعديل عمر العامل المؤمن عليه فإن نطاق هذا التعديل لا يسري على الجهة التي يعمل لديها العامل، فلا تتحمل هذه الجهة أية تبعات أو مسئوليات عن هذا التعديل حيث يقتصر تأثير هذا التعديل على العامل والمؤسسة العامة للتأمينات، حسبما ورد في الحكم الصادر عن الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 13-4-2013م في الطعن رقم (50839)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فقد تبين للدائرة: أن نعي الشركة الطاعنة في محله، لأن الحكم الاستئنافي المطعون فيه لم يناقش ما تقدمت به الشركة الطاعنة من مستندات تتعلق بإشعار المطعون ضده بإحالته للتقاعد بموجب البيانات الرسمية وهي البطاقة الشخصية واستمارة طلب المطعون ضده تسجيل الرقم التأميني عام 1990م ونموذج إخطار التحاق العامل بالعمل لدى المؤسسة العامة للتأمينات التي تبين سن العامل المطعون ضده، كما أن الحكم المطعون فيه لم يناقش المستندات المتعلقة بتعديل تاريخ ميلاد العامل المطعون ضده لدى المؤسسة العامة للتأمينات بعد إحالته للتقاعد من قبل الجهة التي كان يعمل بها، وأن هذا التعديل لا عبرة به في مواجهة الشركة الطاعنة، وكذا لم يناقش الحكم الفتوى الصادرة من المؤسسة العامة للتأمينات التي تضمنت بأن نطاق أثر التعديل لتاريخ ميلاد العامل المطعون ضده يقتصر على المؤسسة العامة للتأمينات والعامل المؤمن عليه، فإغفال الحكم لدفاع الشركة الطاعنة ومستنداتها وعدم الرد عليها يعد قصورا في التسبيب))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: الوثائق المعتمدة في تحديد عمر العامل المؤمن عليه:
حددت
المادة (66) من قانون التأمينات المستندات المعتمدة في تحديد سن العامل المؤمن عليه،
فقد نصت هذه المادة على أن (يعتمد في تحديد سن المؤمن عليه أو المستحق على شهادة الميلاد
حال ولادته أو البطاقة الشخصية أو العائلية أو جواز السفر المقدمة للمؤسسة من صاحب
العمل أو المؤمن عليه عند بداية التعامل مع المؤسسة ولا يعتمد أي مستند آخر يقدم بعد
ذلك)، ومن خلال استقراء هذا النص يظهر أنه قد حصر المستندات المعتمدة في تحديد سن العامل
المؤمن عليه في أربعة مستندات، واجاز للعامل أن يقدم احدها، والغالب أن يقوم العامل
بتقديم البطاقة الشخصية إلى صاحب العمل عند إلتحاقه بالعمل بإعتبار ذلك من مسوغات تعيين
العامل أو التعاقد معه، وعندما يقوم صاحب العمل بالإشتراك في المؤسسة العامة للتأمينات
الإجتماعية والتأمين على العامل فإن صاحب العمل يقوم بموافاة المؤسسة بالمستند الذي
يدل على تاريخ ميلاد العامل اوتاريخ ميلاد
المستحقين للحقوق التأمينية كالابناء أو الأخوة .
ولاشك
ان حجية المستندات المعتمدة في تحديد عمر العامل المذكورة في النص السابق تتفاوت
فيما بينها فالبطاقة الشخصية هي الوثيقة القانونية المقررة في القانون لإثبات
شخصية حاملها وليس إثبات عمره ، والبطاقة العائلية هي الوثيقة المقررة في القانون
لإثبات الأشخاص الذين يعولهم حامل البطاقة
فليست هذه البطاقة معدة في القانون لإثبات عمر حاملها، وجواز السفر هو الوثيقة
المقررة في القانون لإثبات جنسية حامله فالجواز ليس الوثيقة المعدة في القانون
لإثبات عمر حامله، في حين أن شهادة الميلاد هي الوثيقة المعدة قانونا لإثبات عمر
الشخص، ولذلك تحدث الإشكاليات عند مطالبة العامل بتعديل عمره خلافا للمستند السابق
إعتماد، وقد حاولت المادة(66 ) تأمينات السابق ذكرها حاولت حسم إشكالية تفاوت حجية
المستندات المعتمدة في تحديد عمر العامل، فقد نصت هذه المادة على أن العامل إذا
قدم إحدى المستندات لإثبات عمره فلايحق له بعد ذلك ان يطلب مستند آخر لتعديل عمره ،
ومع ذلك فإن مشاكل تعديل عمر العامل المؤمن عليه لازالت تحدث في الواقع العملي
حسبما ورد في الحكم محل تعليقنا.
الوجه الثاني: تعديل عمر العامل:
مع ان
المادة(66) تأمينات اجتماعية قد صرحت بأنه لايجوز للعامل المطالبة بتعديل عمره بعد
إعتماد مؤسسة التأمينات الاجتماعية لعمره بناء على المستند السابق تقديمه من العامل
الا ان بعض العمال يطالبوا بتعديل أعمارهم بعد ذلك.
وقد
نصت المادة (66) من قانون التأمينات السابق ذكرها في الوجه الأول أن المستندات المعتمدة في تحديد
عمر العامل المؤمن عليه أربعة مستندات، ولذلك قد يختلف عمر العامل في هذه
المستندات الأربعة، إضافة إلى أن بعض الجهات التي تتولى إصدار بعض المستندات
كالبطاقة الشخصية وجواز السفر لا تتحرى عند إثبات عمر الشخص حيث ينصرف إهتمامها
إلى التأكد من شخصية وهوية طالب إصدار
الوثيقة، فضلاً عن أن بعض الأشخاص قد يعمدون إلى زيادة أعمارهم للحصول على البطاقة
الشخصية أو جواز السفر للإلتحاق بوظيفة أو غير ذلك، ولذلك تحدث الإشكاليات بين
الجهة التي يعمل بها العامل أو مؤسسة التأمينات حينما تشرع الجهة التي يعمل لديها
العامل في إجراءات إحالة العامل للتقاعد، فعندها يدعي العامل أن عمره المحدد في
البطاقة الشخصية غير صحيح وأن عمره الحقيقي هو المذكور في شهادة الميلاد، وقد تتم
تسوية هذه الإشكالية من قبل الجهة التي يعمل بها العامل ومؤسسة التأمينات وفي بعض
الحالات قد يلجأ العامل إلى القضاء الذي ققد حكم بتعديل عمر العامل المعتمد من قبل
جهة العمل ومؤسسة التأمينات وعندئذٍ لا مناص من تنفيذ حكم القضاء.
الوجه الثالث: التعديل الوجوبي لعمر العامل والتعديل غير الوجوبي:
إذا قضى الحكم القضائي بتعديل عمر العامل فأنه
يكون ملزماً للجهتين جهة العمل والمؤسسة العامة للتأمينات، كذلك يكون تعديل عمر
العامل قبل إحالته للتقاعد من قبل الجهة التي يعمل بها ملزماً للجهتين جهة عمل
العامل والمؤسسة العامة للتأمينات شريطة التنسيق بين الجهتين وإجراء المعالجة التأمينية المناسبة
مع مؤسسة التأمينات.
اما تعديل عمر العامل من قبل مؤسسة التأمينات من
غير حكم قضائي أو طلب من الجهة التي يعمل لديها العامل فلا يكون ملزماً لجهة عمل
العامل حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، والله اعلم.
![]() |
حكم تعديل عمر العامل المؤمن عليه |