مدى إختصاص المحكمة الإدارية بمنازعات موظفي القطاع العام
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
قضى الحكم محل تعليقنا بأنه بالنسبة لمنا زعات
الموظفين مع جهات عملهم فإن نطاق اختصاص المحكمة الإدارية يقتصر على النظر في المنازعات التي تقع فيما بين
موظفي الجهاز الإداري للدولة مع الجهات التي يعملوا فيها – فلا تختص المحكمة
الإدارية بالنظر في منازعات الموظفين العاملين في وحدات القطاع العام مع تلك
الوحدات، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا في جلستها
المنعقدة بتاريخ 23-10-2017م في الطعن رقم (59260)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((هذا
وقبل الخوض في مناقشة أسباب الطعن يتضح جلياً أن محكمة أول درجة الإدارية ومن
بعدها محكمة الاستئناف نظرتا القضية دون مراعاة لأحكام الاختصاص النوعي، فالظاهر
عدم اختصاص المحكمة الإدارية نوعياً بنظر الدعوى، لأن البنك المدعى عليه (الطاعن)
يعتبر قطاعاً عاماً يمارس أعماله على أسس تعاونية واقتصادية ويتمتع باستقلال مالي
وإداري، فهو من أشخاص القانون الخاص كونه بطبيعة انشائه يهدف إلى كسب الربح وذلك
ما يميزه عن أشخاص القانون العام، ومعلوم من أحكام المادة (2) من قانون الخدمة
المدنية والمادة (3) من قانون العمل والمادة (2) من قرار انشاء المحاكم الإدارية
وما افصح عنه وأوضحه المنشور القضائي رقم (241) لسنة 2013م الصادر عن رئيس المحكمة
العليا بشأن الاختصاص في المنازعات المتعلقة بموظفي القطاعين العام والمختلط
الموجه للمحاكم الاستئنافية والابتدائية...إلخ، أن الاختصاص في المنازعات المتعلقة
بموظفي القطاع العام مع الجهات التي
يعملوا فيها ينعقد للمحاكم العادية ذات الولاية العامة، وتنفرد المحاكم الإدارية
بحدود اختصاصها المكاني بالفصل في المنازعات المتعلقة بموظفي الجهاز الإداري
للدولة في الجهات التي يعلمون لديها بوصفها منازعات إدارية بالمعنى المقصود في
قرار إنشاء المحاكم الإدارية))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في
الأوجه الأتية:
الوجه الأول: مدى اختصاص المحكمة الإدارية بدعاوى العاملين في القطاع العام وفقاً لقرار إنشاء المحكمتين الإداريتين:
تم
إنشاء المحكمتين الإداريتين في وعدن بموجب قرار مجلس القضاء الأعلى رقم (177) لعام
2010م، وقد نصت الفقرة (2) من هذا القرار على أنه (-2- مع عدم الاخلال بالاختصاص
النوعي للمحاكم الابتدائية المتخصصة تختص المحكمتان الإداريتان الابتدائيتان
بالنظر والفصل فيما يلي: -1- دعاوى الغاء القرارات الإدارية الصادرة عن السلطات
والوحدات الإدارية العامة وفقاً للقوانين ذات الصلة) وقد اشار الحكم محل تعليقنا
إلى هذا النص وفسر الحكم عبارة (السلطات والوحدات الإدارية وفقا للقوانين ذات
الصلة ) الواردة في النص بأنها تعني: وحدات الجهاز الإداري للدولة فقط ولا تشمل
وحدات القطاع العام، وقد استرشد الحكم محل تعليقنا في تفسيره لعبارة (السلطات
والوحدات الإدارية وفقا للقوانين ذات الصلة ) بالمنشور الصادر عن المحكمة العليا
رقم (241) لسنة 2013هـ بشأن الاختصاص بالمنازعات المتعلقة بموظفي القطاعين العام
والمختلط الذي تضمن التأكيد على أن الاختصاص بنظر منازعات العاملين في القطاع
العام ينعقد للمحاكم الابتدائية العادية
صاحبة الولاية فلا تختص المحكمة الإدارية بنظر تلك المنازعات.
الوجه الثاني: معنى (السلطات والوحدات الإدارية) في قانون الخدمة المدنية:
وردت
عبارة: (السلطات والوحدات الإدارية وفقا للقوانين ذات الصلة ) في قرار إنشاء
المحكمتين الإداريتين، ومن المعلوم أن قانون الخدمة المدنية من القوانين ذات الصلة مفهوم
الوحدات الإدارية ولذلك فقد اشار الحكم
محل تعليقنا إلى المادة المادة (2) من قانون الخدمة المدنية التي بينت معنى الوحدة
الإدارية ضمن تعريفها للمصطلحات الواردة في القانون، فقد نصت هذه المادة على أن
(الوحدة الإدارية: هي الوزارة أو المصلحة أو الهيئة العامة أو الجهاز أو ما يماثلهما
أو المؤسسة العامة أو المنشأة العامة أو الشركة المختلطة أو ما يماثلها وبصفة عامة
كافة الوحدات الإدارية التابعة للحكومة)، ومن خلال هذا التعريف يظهر أن قانون
الخدمة في تعريفه للوحدة الإدارية قد شمل كافة وحدات القطاعين العام والمختلط،،
وبحسب هذا المعنى فإن المحكمة الإدارية تختص بنظر منازعات العاملين في كافة وحدات
الجهاز الإداري للدولة ووحدات القطاعين العام والمختلط.
الوجه الثالث: مدى تطبيق قانون العمل على العاملين في القطاعين العام والمختلط:
اشار
الحكم محل تعليقنا إلى المادة (2) من قانون الخدمة المدنية والمادة (3) من قانون
العمل، وقد سبق إيضاح معنى الوحدة الإدارية في قانون الخدمة المدنية حسبما سبق
بيانه في الوجه الأول، اما المادة (3) من قانون العمل فقد بينت الفئات التي لا
يسري عليها قانون العمل، إذ نصت هذه المادة على أنه (لا يسري هذا القانون على
الفئات الآتية: -1- موظفو الجهاز الإداري للدولة والقطاع العام)، وهذا النص يعني
أن قانون العمل لا يسري على موظفي الجهاز الإداري للدولة والقطاع العام، ويفهم من
ذلك أن القضاء العمالي لا يختص بنظر منازعات العاملين في الجهاز الإداري للدولة
والقطاع العام مع الجهات التي يعملون فيها، مما يعني أن المحكمة الإدارية هي
المختصة بنظر تلك المنازعات، اما القطاع المختلط فلم يرد ذكره في قانون العمل ضمن
الفئات التي لا يسري عليها قانون العمل وبناءً على ذلك فإن قانون العمل يسري على
منازعات العاملين في وحدات القطاع المختلط.
ونخلص من هذا التعليق إلى القول: أنه وفقاً لقانون الخدمة المدنية وقانون العمل فإن المحكمة الإدارية هي المختصة بنظر منازعات العاملين في القطاع العام مع الجهة التي يعملوا لديها، والله اعلم.
![]() |
مدى إختصاص المحكمة الإدارية بمنازعات موظفي القطاع العام |