التحقق من تسمية الأعيان في مسوّدات الوقف

التحقق من تسمية الأعيان في مسوّدات الوقف

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

تسميات اعيان  الوقف وحدودها ومساحاتها وكافة بياناتها تكونع ثابتة مدونة في مسوّدات الوقف ، غير أنه بفعل الوقت أو لغرض الحيلة للاستيلاء على أعيان الوقف يقوم بعض الأشخاص بإطلاق تسميات أخرى على اعيان  الوقف غير تلك الواردة في مسوّدات الوقف ، وهذا الأمر يوجب على  القاضي التحقق من مسميات أعيان الوقف عن طريق دراسة  مسودات الوقف والمستندات المبرزة من الخصوم وتطبيقها على الأعيان محل الخلاف و إجراء المعاينة والاستماع  خلالها إلى افادات الخبراء العدول العارفين بالاعيان محل الخلاف، وهناك عناصر يستعين بها القاضي لمعرفة ملكية العين محل النزاع  والتحقق من مسماها ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 15-1-2013م في الطعن رقم (43981)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فقد كان يجب على محكمة الموضوع التحقق من كافة الجوانب المتعلقة بالموضع  محل الخلاف من حيث التسمية والحدود والقبض والحيازة وتسليم الغلة أو الإيجار ثم التحقق من وجود الموضع الآخر الذي اشار إليه الحكم وأنه الموضع المحكي في مسوّدة الأوقاف، طالما أن المحكمة قد اقتنعت بوجوده وهو ما كان يستوجب على المحكمة استظهاره عن طريق المعاينة وتطبيق المبرزات، وليس الإكتفاء بالاستنتاج الظني من أقوال الخصوم، الأمر الذي يشوب الحكم بالقصور المبطل له مما يستوجب نقضه))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: تسميات الأراضي والأعيان:

للأراضي مسميات تميزها عن بعضها ويتم تدوين هذه المسميات في الوثائق التي تثبت ملكية تلك الأراضي والأعيان، وللتعرف والاستدلال على الأراضي والأعيان فأنه لا يكفي معرفة مسمى العين وإنما ينبغي معرفة مسميات الأعيان والأراضي المحادة لها من الجهات المختلفة، ومسميات الأراضي والأعيان من أهم عناصر التعرف على الأعيان أو الأراضي أو المواضع ومعرفة مالكها سيما عند الخلاف بشأنها.

الوجه الثاني: العناصر الأخرى للتعرف على الأعيان والأراضي:

إذا كان مسمى العين هو العنصر الأساسي في التعرف والاستدلال على العين محل الخلاف ومعرفة مالكها، إلا أن هناك عناصر أخرى يتم اللجوء إليها للتعرف على الأعيان  وملاكها عند الخلاف، ومن ذلك  معرفة مساحة الأرض وحدودها واسم المستأجر لها ومقدار اجرتها والشخص الذي يتم تسليم الاجرة له إذا كانت العين مؤجرة كأعيان الوقف، وقد اشار الحكم محل تعليقنا لهذه العناصر حيث قضى بأنه كان يجب على محكمة الموضوع التحقق من تلك العناصر بالإضافة إلى التسمية للتأكد من حقيقة العين محل النزاع والمالك الحقيقي لها.

الوجه الثالث: تسمية أعيان الوقف في مسوّدات الوقف:

لأعيان الوقف مسمياتها المذكورة في مسوّدات الأوقاف التي ينص قانون الوقف على حجيتها عندما تكون  المسودات مكتوبة بخطوط كتاب مشهورين بالعدالة، وكذلك ينص قانون المرافعات على أن مسوّدات الأوقاف  تعد سندات تنفيذية، وتبعاً لذلك تكون مسميات أعيان الأوقاف المذكورة في المسوّدات هي المعتبرة، فيجب على القاضي التحقق من العين المسماة في مسوّدة الوقف بإعتبارها التسمية المعتبرة.

الوجه الرابع: إطلاق مسميات أخرى على أعيان الوقف غير تلك الواردة في مسوّدات الوقف:

ليس خافياً أن إطلاق مسميات أخرى على أعيان الوقف غير تلك الواردة في مسوّدات الوقف يكون وسيلة من وسائل الإحتيال للاستيلاء على أعيان الوقف، على أساس أن الأعيان المراد الاستيلاء عليها غير تلك الأعيان الواردة  تسميتها في مسوّدات الوقف، ولذلك يجب على قاضي الموضوع التحقق من تسمية العين محل الخلاف عن طريق تطبيق مسوّدة الوقف والمستندات المقدمة من الخصوم والمعاينة والإستماع  خلالها إلى أقوال وإفادات الخبراء العدول العارفين بالعين محل النزاع ومعرفة المستأجرين أو الملاك المتعاقبين على العين، فبواسطة التحقق من العناصر المشار إليها يستطيع القاضي الوقوف على حقيقة ومعرفة مسمى العين محل النزاع وما إذا كانت من أعيان الوقف أم لا، والله اعلم.

التحقق من تسمية الأعيان في مسوّدات الوقف
التحقق من تسمية الأعيان في مسوّدات الوقف