تقديم الشكوى بعد ميعادها يبطل الحكم الجزائي

 

تقديم الشكوى بعد ميعادها يبطل الحكم الجزائي

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

رفع الدعوى الجزائية من غير أن يقوم المجني عليه بتقديم شكوى في الحالات التي اشترط فيها القانون ذلك يترتب عليه بطلان الدعوى الجزائية، وتبعاً لذلك بطلان الحكم الجزائي الصادر فيها، كذلك الحال إذا تم تقديم الشكوى بعد إنقضاء ميعاد تقديمها، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 23-12-2012م في الطعن رقم (46329)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فقد تبين إنقضاء الحق في تقديم الشكوى من المجني عليها لعدم تقديمها خلال المدة المحددة بالمادة (29) إجراءات والتي نصت على أنه (ينقضي الحق في الشكوى فيما هو منصوص عليه في المادة (27) بعد مضي أربعة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة أو بإرتكابها أو زوال العذر القهري الذي حال دون تقديم الشكوى، ويسقط الحق في الشكوى بموت المجني عليه)، ويترتب على تقديم الشكوى بعد انقضاء ميعاد تقديمها يترتب على ذلك بطلان تحقيقات النيابة وإجراءات نظر الدعوى الجزائية أمام المحكمة الابتدائية، بما في ذلك الحكم الابتدائي الصادر عنها يكون بطلاناً مطلقاً يتعلق بالنظام العام، فما بني على باطل فهو باطل، وحيث أن الشعبة الاستئنافية لم تعمل رقابتها على تلك الإجراءات الباطلة فإن الحكم الاستئنافي بدوره يكون باطلاً))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: الجرائم التي اشترط قانون الإجراءات تقديم المجني عليه للشكوى لرفع الدعوى الجزائية:

منع قانون الإجراءات الجزائية النيابة العامة من رفع الدعوى الجزائية ضد المتهمين في جرائم معينة إلا إذا سبق ذلك تقديم المجني عليه شكوى، وفي هذا الشأن نصت المادة (27) إجراءات على أنه (لا يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى الجزائية أمام المحكمة إلا بناءً على شكوى المجني عليه أو من يقوم مقامه قانوناً في الاحوال الآتية: - في جرائم القذف والسب وافشاء الاسرار الخاصة والإهانة والتهديد بالقول أو بالفعل أو الإيذاء الجسماني البسيط مالم تكن الجرائم وقعت على مكلف بخدمة عامة اثناء قيامه بواجبه أو بسببه – في الجرائم التي تقع على الأموال فيما بين الأصول والفروع والزوجين والإخوة والأخوات – في جرائم الشيكات – في جرائم التخريب وإنتهاك حرمة ملك الغير وكذلك في الأحوال التي ينص عليها القانون)، وقد قدر القانون أن هذه الجرائم تضر الفرد أكثر من الضرر العام الذي يلحق بالمجتمع، لذلك يكون الحق الخاص فيها أو حق المجني عليه غالباً على الحق العام أو حق المجتمع الذي تنوب عنه النيابة العامة.

الوجه الثاني: المدة اللازم فيها تقديم المجني عليه للشكوى:

في الجرائم المحددة في المادة (27) إجراءات السابق ذكرها في الوجه الأول اشترط القانون أن يتم تقديم الشكوى خلال مدة اقصاها أربعة أشهر حسبما ورد في المادة (29) إجراءات التي نصت على أن (ينقضي الحق في الشكوى فيما هو منصوص عليه في المادة (27) بعد مضي أربعة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة أو بإرتكابها أو زوال العذر القهري الذي حال دون تقديم الشكوى، ويسقط الحق في الشكوى بموت المجني عليه).

الوجه الثالث: تقديم الشكوى في ميعادها من النظام العام الذي لا تجوز مخالفته ويترتب على مخالفته بطلان الإجراءات المبنية عليه أو المترتبة عليه:

قضى الحكم محل تعليقنا بنقض الحكم الاستئنافي وبطلان الحكم الابتدائي وبطلان الدعوى الجزائية وغيرها من الإجراءات التي تمت بناءً على شكوى المجني عليها المقدمة إلى النيابة العامة بعد إنقضاء مدة الأربعة الأشهر، بإعتبار النص الذي اشترط تقديم الشكوى والنص الذي اشترط تقديمها في ميعاد الأربعة الأشهر من النصوص الآمرة الواجبة التطبيق وإنهما مقررا للنظام العام الذي لا تجوز مخالفته، ومؤدى ذلك أن رفع الدعوى الجزائية والحكم الصادر فيها يكونا باطلان إذا تم رفع الدعوى الجزائية من غير تقديم شكوى أو بناءً على شكوى تم تقديمها بعد مضي المدة المقررة قانوناً لتقديمها، حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، والله اعلم.

تقديم الشكوى بعد ميعادها يبطل الحكم الجزائي
تقديم الشكوى بعد ميعادها يبطل الحكم الجزائي