جزاء عدم ذكر تاريخ صدور الحكم
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
تاريخ
النطق بالحكم أو تاريخ صدور الحكم يعد من أهم البيانات الواجب توفرها في نسخة
الحكم حسبما هو مقرر في القانون، فإذا ترتب على عدم ذكر يوم أو تاريخ صدور الحكم جهالة
الحكم فإن الحكم يكون باطلاً، حسبما قضى
الحكم الصادر عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ
24-2-2013م في الطعن رقم (46140)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((لما كان الحكم المطعون
فيه قد اقام قضائه على سند مما أورده في حيثياته بأن الطاعن قد تجاوز حدود الدفاع الشرعي، وقضى الحكم في
الجنايات باعتبارها فعلاً غير عمدي، وحكم بأرشها جملة واحدة دون تقدير أرش كل
جناية بمفردها كما هو مقرر شرعاً وقانوناً، فإن الحكم يكون قد اخطأ في تطبيق
القانون وخالف الثابت في الأوراق وانطوى على جهالة معيبة تحول دون تمكين المحكمة
العليا من إعمال رقابتها على سلامة تطبيق القانون، فضلاً عن تجهيل تاريخ صدور
الحكم لعدم ذكر تاريخ اليوم في مكانه المحدد في ترويسة الحكم مكتفياً بذكر الشهر والسنة،
وهو سبب يكفي بذاته لإبطال الحكم المطعون فيه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن))،
وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: تاريخ صدور الحكم في قانون الإجراءات الجزائية:
اشترط قانون الإجراءات الجزائية أن يشتمل الحكم على تاريخ صدوره، وفي هذا المعنى نصت المادة (374) إجراءات على أن (تحرر الاحكام باللغة العربية وتبين في الحكم الآتي: - المحكمة التي اصدرته وتاريخ اصداره ومكانه – اسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في الحكم وحضروا تلاوته – عضو النيابة الذي ابدى رأيه في القضية – اسماء الخصوم والقابهم وصفاتهم وموطن كل متهم وحضورهم وغيابهم – ما قدمه الخصوم من طلبات ودفاع ودفوع وخلاصة ما استندوا إليه من الأدلة الواقعية والحجج القانونية – بيان مراحل الدعوى ورأي النيابة العامة – أسباب الحكم ومنطوقه)، والغرض من اشتراط بيانات الحكم المذكورة في النص القانوني السابق بما في ذلك تاريخ صدور الحكم الغرض من ذلك هو نفي الجهالة عن الحكم حسبما اشار الحكم محل تعليقنا.
الوجه الثاني: جزاء عدم ذكر تاريخ الحكم:
سبق
القول: أن المادة (374) إجراءات قد اشترطت أن تتضمن بيانات الحكم ذكر تاريخ صدور
الحكم، وقد قضى الحكم محل تعليقنا ببطلان الحكم الاستئنافي لعدم ذكر تاريخه، لأن
ذلك قد ادى إلى جهالة تاريخ صدور الحكم، لعدم وجود محضر النطق بالحكم، بيد أن
إغفال ذكر تاريخ اصدار الحكم لا يترتب عليه البطلان إذا كان ذلك مجرد سهو أو كان
تاريخ صدور الحكم ثابتاً في محضر جلسة النطق بالحكم ومسوّدة الحكم، فعندئذٍ يتم
تدارك السهو في عدم ذكر تاريخ صدور الحكم باعتباره خطأ ماديا .
الوجه الثالث: وجوب تقدير أرش كل جناية على حدة:
قضى الحكم محل تعليقنا بنقض الحكم الاستئنافي لذكره أرش الجنايات اجمالاً ولعدم ذكره تاريخ اصدار الحكم، وقضى الحكم محل تعليقنا بأن ذكر أرش الجنايات إجمالاً اي دفعة واحدة دون ذكر ارش كل جناية على حدة لا يمكن المحكمة العليا من تطبيق رقابتها، لأن لكل جناية أرش مقدر شرعا وقانوناً كما أن لكل جناية مصطلحها ومسماها الشرعي (جائفة /باضعة/ هاشمة/ ناقلة... إلخ)، لذلك يجب ذكر مسمى كل جناية على حدة وذكر أرشها حتى تستطيع المحكمة العليا بسط رقابتها، لأن ذكر أرش الجنايات إجمالاً لا يمكن المحكمة العليا من بسط رقابتها، والله اعلم.
![]() |
جزاء عدم ذكر تاريخ صدور الحكم |