مدى سريان الوصية الواجبة على الوقائع السابقة لصدور القانون
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
قضى الحكم محل تعليقنا بأنه لا تسري أحكام
الوصية الواجبة المقررة في قانون الأحوال
الشخصية على الوقائع السابقة على صدور قانون الأحوال الشخصية، عملاً بقاعدة عدم
رجعية النص القانوني على الوقائع السابقة لصدور القانون ، حسبما قضى الحكم الصادر
عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 25-3-2013م في
الطعن رقم (47840)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فقد تبين للدائرة: أن نعي الطاعنين على
الحكم الاستئنافي بالبطلان لصدوره بالمخالفة لنصوص القانون والخطأ في تفسيره
وتأويله وتطبيقه، وذلك فيما قضى به بشأن الوصية الواجبة، واستند إليه في أسبابه
بالاستدلال بنص المادة (259) أحوال شخصية رقم (24) لعام 1999م رغم أن نص المادة لا
ينطبق على موضوع النزاع، لأنه لا يجوز تطبيق القانون بأثر رجعي على الوقائع التي
تمت واستقرت قبل صدوره، وفقاً لنص المادة (20) مدني، حيث أن المورث قد توفى قبل
عشرين سنة حسب إقرار المدعية المطعون ضدها، وقد تم تقسيم تركته بين ورثته في
حينه))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: الوصية الواجبة في القانون رقم (24) لسنة 1999م بشأن تعديل قانون الأحوال الشخصية:
نصت
المادة (259) من هذا القانون التي اشار إليها الحكم محل تعليقنا نصت على أنه (إذا
توفى أي من الجد أو الجدة عن ولده أو أولاده الوارثين اوعن أولاد ابن أو ابناء
الأبناء ما نزلوا وكانوا فقراء وغير وارثين لوفاة آبائهم في حياته وقد خلف خيراً
من المال ولم يقعدهم فيرضخ لهم مما خلفه بعد الدين كالتالي: -1- لبنات الابن
الواحدة أو أكثر مثل نصيب بنات الابن الارثي مع بنت الصلب وهو السدس -2- للذكور من
أولاد الابن الواحد إذا انفردوا أو مع اخواتهم بمثل نصيب ابيهم لو
كان حياً بما لا يزيد عن الخمس -3- إذا تعدد المتوفون من الابناء عن أولاد لهم
بنين وبنات فلكل صنف منهم مثل نصيب ابيهم لو كان حياً بحيث لا يزيد مايرضخ لمجموع الاصناف على الثلث، وفي كل هذه
الثلاث الحالات يشترط أن لا تزيد حصة الذكر أو الانثى الواحدة من أولاد المتوفي
على حصة الذكر أو البنت من أولاد الصلب وإلا الغيت الزيادة واقتصر لهم على ما
يتساوون به مع أولاد أو بنات الصلب، ويشترك المتعددون فيما تعين لهم لكل بقدر أصله،
وكذلك مثل حظ الانثيين ويحجب كل أصل فرعه لا فرع غيره، وتقدم هذه الوصية على غيرها
من الوصايا التبرعية).
الوجه الثاني: عدم رجعية النص القانوني على الوقائع السابقة على صدور قانون الأحوال الشخصية النافذ:
استند الحكم محل تعليقنا في قضائه إلى المادة (20)
مدني التي نصت على أنه (لا تسري القوانين على الوقائع السابقة على الوقت المحدد
لتنفيذها إلا في الحالات الآتية: -1- إذا كانت نصوصها آمرة أو متعلقة بالنظام
العام والآداب العامة بشرط أن لا تمس ما تم واستقر من قبل -2- إذا تعلق الأمر بتفسير
تشريع سابق -3- إذا نص القانون صراحة على سريانه على الوقائع السابقة على تنفيذه)،
في حين نصت المادة (3) من القانون رقم (24) لسنة 1999م بتعديل بعض أحكام القرار
الجمهوري بالقانون رقم (20) لسنة 1992م بشأن الأحوال الشخصية، حيث نصت هذه المادة
على أنه (يعمل بهذا القانون من تاريخ صدوره وينشر في الجريدة الرسمية)، وبناءً على
النصين السابقين في تعديل قانون الأحوال الشخصية فإنهما قد صرحا بأنه يتم العمل بنصوصه بما فيها
النص الخاص بالوصية الواجبة من تاريخ صدور تعديل القانون وهو تاريخ 10-4-1999م، وهذا
يعني أن أحكام الوصية الواجبة لا تسري على الوقائع السابقة على تاريخ 10-4-1999م.
الوجه الثالث: المقصود بالوقائع السابقة على صدور القانون:
المقصود بالوقائع هي الأشياء التي تقع قبل صدور القانون كواقعة وفاة الولد قبل وفاة ابيه وواقعة قسمة تركة الجد قبل صدور القانون المتضمن الوصية الواجبة، ويذهب اتجاه إلى أن المقصود بالواقعة في الوصية الواجبة هي واقعة وفاة الولد قبل وفاة ابيه قبل صدور القانون، وهناك من يذهب إلى أن المقصود بالواقعة هي واقعة قسمة تركة الجد قبل صدور القانون، ونحن نميل إلى القول بأن النص القانوني بشأن الوقائع السابقة على صدور القانون نص مجرد وعام يشمل الأمرين وهما : وقائع وفاة الولد فبل ابيه، والأمر الثاني :عدم القسمة قبل صدور القانون، فإذا لم تتم قسمة شركة الجد قبل صدور القانون وتمت قسمتها بعد صدور القانون، فيتم تطبيق القانون عليها، لأن قانون الأحوال الشخصية النافذ يتم تطبيقه على القسمات التي تتم بعد صدور القانون،وهذا المفهوم هو الذي طبقه الحكم محل تعليقنا حينما ذكر ضمن أسبابه بأن واقعة الوفاة كانت سابقة لصدور القانون، وان قسمة تركة الجد قد وقعت في ذلك الحين اي حين وفاة الجد، والله أعلم.
![]() |
مدى سريان الوصية الواجبة على الوقائع السابقة لصدور القانون |