وجوب تسبيب تعديل الحكم الابتدائي

  

وجوب تسبيب تعديل الحكم الابتدائي

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

وفقاً للمادة (288) مرافعات يحق لمحكمة الاستئناف ان تلغي منطوق الحكم الابتدائي كاملاً أو تلغي بعض فقرات منطوقه أو تعدلها، غير أن محكمة الاستئناف ملزمة ببيان أسباب  الإلغاء والتعديل ، فإذا قضت الشعبة الاستئنافية بتعديل بعض فقرات منطوق الحكم الابتدائي فيجب عليها عندئذٍ أن تبين أسباب هذا التعديل، فإن لم تفعل الشعبة الاستئنافية ذلك فإن حكمها يكون باطلاً، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية في جلستها المنعقدة بتاريخ 2-2-2013م في الطعن رقم (47659)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث أنه بعودة الدائرة إلى مدونة الحكم الاستئنافي المطعون فيه، فقد تبين للدائرة ان الحكم الاستئنافي، قد قضى في البند الثاني من منطوقه بإلغاء البنود أولاً وثانياً وثالثاً من منطوق قرار اللجنة التحكيمية العمالية دون أن يبدي أي سبب لذلك الإلغاء، ولذلك يكون الحكم المطعون فيه مشوباً بالبطلان، إذ أنه من المقرر في قضاء المحكمة العليا أنه يجب على محكمة الاستئناف عند الحكم بإلغاء الحكم المستأنف فيه أن تذكر الأسباب التي من اجلها قضت بإلغائه وفي حالة الحكم بإلغاء جزء منه فينصب هذا الوجوب على الجزء الذي شمله هذا الإلغاء))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: أهمية تسبيب الحكم:

لما كان العدل هو هدف القضاء وغايته، فأنه لا بد من وسيلة يعبر من خلالها القاضي عن عدله فيما توصل إليه  في منطوق حكمه، ولا بد أيضاً من الوسيلة ذاتها ليتمكن الخصوم ومحكمة  الطعن الأعلى والرأي العام من مراقبة القاضي للتأكد من أنه لم يفصل في النزاع بناءً على هوى أو ميل أو عن جهل، وهذه الوسيلة تتمثل في إلزام القاضي بأن يصدر حكمه مسبباً - أي أن يبين الأسباب التي حملته على أن يصدر حكمه على الوجه الذي جاء عليه الحكم بحيث يمكن القول بأن القاضي قد ذكر التبريرات المنطقية الكافية لإقناع كل من يطلع على حكمه بأن ذلك الحكم عادل وموافق للقانون، إذ لا بد من معرفة علة الحكم وأسبابه حتى يتسنى للمطلع على الحكم فهمه وإدراك مضمونه والتحقق من عدله، ولذلك فإن الإلتزام بالتسبيب ضمانة قانونية مهمة لمنع القاضي من الجور في حكمه، وهذه الضمانة أي تسبيب الأحكام مقررة في تشريعات دول العالم كافة.

الوجه الثاني: الغاء محكمة الاستئناف للحكم الابتدائي وتعديله:

وفقاً للمادة (288) مرافعات فإن محكمة الاستئناف محكمة موضوع يتم أمامها إعادة طرح النزاع الذي سبق طرحه أو إثارته أمام المحكمة الابتدائية عملاً بمبدأ الأثر الناقل للاستئناف، ولذلك يحق لمحكمة الاستئناف في حدود ما فصل فيه الحكم الابتدائي وضمن نطاق الاستئناف أن تلغي منطوق الحكم الابتدائي أو تلغي بعض فقرات منطوقه أو تقضي بتعديلها ، وان كان يحق لمحكمة الاستئناف ذلك بيد أنه يجب على محكمة الاستئناف أن تبين أسباب قضائها بإلغاء الحكم الابتدائي كاملاً أو الغاء بعض فقراته أو تعديل بعض فقرات منطوق الحكم، وفي كل الأحوال يجب أن يكون تسبيب محكمة الاستئناف  سائغاً ومرتباً وكافياً لحمل الحكم الاستئنافي وتبرير الغائه أو تعديله للحكم الابتدائي، وفي حالة تعديل محكمة الاستئناف لمنطوق الحكم  الابتدائي فيلزمها تفنيد الأسباب التي قام عليها الحكم الابتدائي في الفقرات التي تم تعديلها، كما يجب على محكمة الاستئناف أن تسبب لقضائها البديل التي قضت به بدلاً عن قضاء الحكم الابتدائي الذي  قضت بتعديله ، والله اعلم.

وجوب تسبيب تعديل الحكم الابتدائي
وجوب تسبيب تعديل الحكم الابتدائي