الإقرار لا يتجزأ
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
إقرار
الشخص بواقعة معينة لايتجزاء، فلايجوز الأخذ ببعض عبارات الإقرار وترك بعضها، حسبما
قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ
16-3-2013م في الطعن رقم (47750) المسبوق بالحكم الاستئنافي الذي قضى بأنه (حيث ان
الدافع قد استند في دفعه إلى ان الإقرار لا يتجزأ طبقاً للمادة (95) من قانون
الإثبات، وحيث أن الحكم الابتدائي قد قضى بقبول الدفع، فلامناص من تأييد الحكم )،
وقد اقر حكم المحكمة العليا الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة
العليا: ((اما من حيث الموضوع فقد ناقشت الدائرة ما اثاره الطاعنين في عرائضهما من
أسباب التي سبق لمحكمة الاستئناف مناقشتها، ومن خلال ذلك توصل الحكم الاستئنافي
إلى نتيجة موافقة للشرع والقانون مما يستوجب رفض الطعنين))، وسيكون تعليقنا على
هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: السند القانوني للحكم محل تعليقنا:
استند
الحكم محل تعليقنا في قضائه إلى المادة (95) إثبات التي نصت على أنه (لا يتجزأ
الإقرار على صاحبه إلا إذا انصب على وقائع متعددة وكان وجود واقعة منها لا يستلزم حتماً
وجود الوقائع الأخرى)، فالإقرار حجة قاطعة على صاحبه المقر، وحجية الإقرار قاصرة على
المقر ، و الإقرار لا يتجزأ على صاحبه فلا يؤخذ من الإقرار الضار بالمقر ويترك
الصالح، بل يؤخذ بما بالعبارات الواردة في الإقرار كاملة ، ومع ذلك فإن الإقرار
يتجزأ إذا انصب على وقائع متعددة مستقلة عن بعضها وكان وجود واقعة منها لا يستلزم
حتماً وجود الوقائع الأخرى.
الوجه الثاني: مبدأ عدم تجزئة الإقرار:
مبدأ عدم جواز تجزئة الإقرار: يعني أن الإقرار لا
يتجزأ بحيث يأخذ منه جزء معين أو عبارة أو كلمات معينة دون باقي العبارات الأخرى طالما
كان الإقرار متعلقا بواقعة واحدة أو كان
الإقرار متعلقا بوقائع مترابطة ترابطاً لا
يقبل التجزئة، فالمقصود بالتجزئة أن لا يضار المقر بما أقر به دون أن يستفيد من
العبارات الأخرى الواردة في إقراره التي تكون في صالحه ، ومع ذلك فإن الإقرار
يتجزأ إذا اشتمل الإقرار على عدة وقائع منفصلة أو مستقلة عن بعضها ، فلكي يمكن
تجزئة الإقرار لابد أن يكون هناك عدعد وقائع منفصلة ومستقلة عن بعضها، فلو لم توجد
إلا واقعة واحدة فنحن أمام إقرار بسيط لا يمكن تجزئته، وكي يتجزأ الإقرار فانه
يشترط أن يكون هناك فصل واستقلال بين الوقائع التي تضمنها الإقرار، فمن الضروري أن
تكون الوقائع منفصلة عن بعضها بحيث تشكل
كل واقعة إدعاء منفصلاً له خصوصيته.
وعلى هذا الأساس يجوز تجزئة الإقرار في ثلاث حالات: الحالة الأولى: إذا لم يكن بين الوقائع التي تضمنها الإقرار تلازم بحيث يمكن الفصل بين تلك الوقائع لعدم ارتباطها، والحالة الثانية: أن يتضمن الإقرار عدة وقائع مستقلة عن بعضها، ففي هذه الحالة يمكن التمسك بما اقر به المقر من وقائع دون بعضها الآخر، والحالة الثالثة: إذا ثبت كذب أو استحالة الواقعة المضافة في الإقرار، فإذا ثبت كذب الواقعة المضافة في الإقرار، فيجوز في هذه الحالة التمسك بالإقرار فيما يخص الواقعة الأصلية الصادقة فقط، وكذلك الحال إذا كانت الواقعة المضافة مستحيلة فيتم الأخذ بالواقعة غير المستحيلة، فهذه الحالات الثلاث السابق ذكرها هي التي ذكرها غالبية الفقهاء وتصدوا لها عند بحثهم في إمكانية تجزئة الإقرار، والله اعلم.
![]() |
الإقرار لا يتجزأ |