لا يطبق العرف إلا عند عدم وجود نص في الشرع والقانون

 

لا يطبق العرف إلا عند عدم وجود نص في الشرع والقانون

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

لا يتم اللجوء إلى تطبيق العرف إلا عند انعدام النص في الشرع اوالقانون اوالعقد، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 19-2-2013م في الطعن رقم (27535) الذي ورد ضمن أسبابه: ((فالمعلوم إلا يرجع إلى العرف إلا في حالة عدم النص في الشرع والقانون، حسبما نصت عليه المادة (1) من القانون المدني النافذ، سيما إذا كان النزاع متعلقاً بحق العناء أي تقدير الأعمال التي قام بها المستأجر في  الأرض المؤجرة ))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: السند القانوني للحكم محل تعليقنا:

حسبما هو ظاهر في أسباب الحكم محل تعليقنا يظهر أن الحكم قد أستند في قضائه إلى المادة (1) من القانون المدني التي نصت على أن (يسري هذا القانون المأخوذ من أحكام الشريعة الإسلامية على جميع المعاملات والمسائل التي تتناولها نصوصه لفظاً ومعنى، فإذا لم يوجد نص في هذا القانون يمكن تطبيقه يرجع إلى مبادئ الشريعة الإسلامية المأخوذ منها هذا القانون، فإذا لم يوجد حكم القاضي بمقتضى العرف الجائز شرعاً، فإذا لم يوجد عرف فبمقتضى مبادئ العدالة الموافقة لأصول الشريعة الإسلامية جملةً، ويستأنس برأي من سبق لهم إجتهاد من علماء فقه الشريعة الإسلامية، ويشترط في العرف أن يكون ثابتاً ولا يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية والنظام العام والآداب العامة)، فهذا النص صريح في عدم جواز اللجوء إلى  العرف وتطبيقه على القضايا والوقائع إلا إذا لم يكن هناك نص في القانون أو الشرع بشأن القضية أو الواقعة، وشريطة أن يكون العرف  في هذه الحالة ثابتا ومنضبطا وغير مخالفاً للشرع والقانون والنظام العام والآداب العامة ، وبتطبيق هذا المفهوم على قضية العناء التي تناولها الحكم محل تعليقنا، نجد أن الشرع والقانون قد حددا ضوابط  وشروط العناء المستحق للمستأجر للأرض مقابل الاعمال الني قام بها المستأجر في الأرض الزراعية المؤجرة ، إذ  اشترط الشرع والقانون أن يكون العناء اي العمل ظاهراً تشاهده الاعين حتى يتم تقدير المبالغ المستحقة للاجير مقابل الأعمال التي قام بها الاجير في الأرض المؤجرة كالغرس والبناء وإصلاح العين  المؤجرة،  كما اشترط الشرع والقانون أن يأذن المؤجر مالك العين للمستأجر بأن يقوم بالغرس أو الإصلاح أو البناء في الأرض، وكذا اشترط الشرع والقانون أن يتم تقدير العناء على أساس الجهد أو العمل الظاهر  الذي قام به المستاجر، وأن يتم تقدير العناء عن طريق الإتفاق  بين المالك والمستأجر، فإن تعذر ذلك فيتم تقدير العناء  بواسطة خبراء عدول  ويتم التقدير في هذه الحالة على أساس القيمة الفعلية للأعمال الظاهرة التي قام بها المستأجر في العين المؤجرة .

الوجه الثاني: لا يتم اللجوء إلى تطبيق العرف إذا كان هناك إتفاق أو عقد ينظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر يحدد مصير العناء :

العقد شريعة المتعاقدين حسبما نص القانون المدني، وتبعاً لذلك يكون العقد هو الواجب التطبيق بين أطراف العقد  بمن فيهم المؤجر والمستأجر للأرض الزراعية، فإذا اتفق مالك العين مع المستأجر على عدم جواز مطالبة  المستأجر بالعناء إلا إذا كان هناك  بالفعل عملاً قام به المستأجر فيتم تطبيق ما ورد في عقد الإيجار أو غيره من العقود أو الاتفاقات، وإذا اتفق المؤجر والمستأجر على كيفية تقدير العناء وضوابط ذلك فإنه يتم تطبيق ما ورد في ذلك الاتفاق، فلايتم تطبيق ما جرى عليه العرف وإنما ماورد في العقد أو الاتفاق ، ونخلص من هذا التعليق إلى القول: بأن العرف لا يتم تطبيقه إلا إذا انعدم النص في الشرع والقانون والعقد حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، والله اعلم.

لا يطبق العرف إلا عند عدم وجود نص في الشرع والقانون
لا يطبق العرف إلا عند عدم وجود نص في الشرع والقانون