خيانة المستأجر

 

خيانة المستأجر

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

المستأجر مؤتمن على العين المؤجرة منه بموجب عقد الإيجار، فيحق له الإنتفاع بها ويجب عليه المحافظة على العين المؤجرة ، فإذا قام المستأجر بأي تعديل أو تغيير في العين المؤجرة من غير إذن مالكها المؤجر أو إذا قام المستأجر بإعادة استئجار العين من غير مالكها الذي اجره إياها ، فأن المستأجر يكون خائناً، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 14-1-2013م في الطعن رقم (46624)، الذي سبقه الحكم الاستئنافي الذي قضى بأن ( الشعبة تقبل الدفع وترفض دعوى مكتب الأوقاف، وأنه يلزم التوقف على الحكم المؤرخ...، اما ما استند إليه المستأجر من إذن وزارة الأوقاف له بإستصلاح الرهق وتسليمه الغلات إلى وزارة الأوقاف، فلا يعول عليه، فعمله هذا يعد خيانة، فيحق للمستأنف مطالبة المستأجر أمام المحكمة الابتدائية برفع يده عن المواضع المذكورة وتعويض، لأن المستأجر ووالده مستأجران من والد المستأنف وهو يعلم بذلك)، وقد اقرت الدائرة الشخصية الحكم الاستئنافي، وورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: ((فقد ناقشت الدائرة أوراق القضية ومن ضمنها الدفع ورفض المحكمة تدخل مكتب الأوقاف وما عللت به المحكمة الاستئنافية واستندت إليه، فوجدت الدائرة: أن الحكم الاستئنافي موافق لصحيح الشرع والقانون ولا قبول لما ورد في الطعن))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: المكايدة في الإجارة من الأوقاف:

في حالات كثيرة تحدث نزاعات وخصومات بين المستأجرين والملاك المؤجرين  لهم، فيقوم بعض المستأجرين نكاية بالملاك بإعادة استئجار العين من مكتب الأوقاف على أساس أن العين ملك للأوقاف، في حين أن العين ليست وقفاً في الحقيقة، وفي بعض الحالات تستجيب الأوقاف لطلبات الإيجار، فيتم إقحام الأوقاف في خلافات ونزاعات لا نهاية لها مثلما حدث في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا، ولذلك فالواجب على الأوقاف أن تتحرى من وجود العين المطلوب استئجارها في مسوّدات الأوقاف فالمسودات هي الأساس المعتمد في إثبات ملكية الوقف.

الوجه الثاني: عقد الإيجار وإئتمان المستأجر على العين المؤجرة:

عقد الإيجار هو عقد تمليك منفعة العين للمستأجر مقابل عوض وهي الأجرة المتفق عليها، وبموجب عقد الإيجار تنتقل العين المؤجرة إلى المستأجر الذي يحق له الإنتفاع بها وفي الوقت ذاته يجب عليه المحافظة عليها والوفاء بالأجرة المتفق عليها، ويكون المستأجر أميناً على العين المؤجرة، فإذا قام بالتفريط في العين المؤجرة أو اتلافها أو جحد ملكية المؤجر لها فأنه يكون قد خان الأمانة حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.

الوجه الثالث: مظاهر خيانة المستأجر للأمانة:

اشار الحكم محل تعليقنا إلى أن قيام المستأجر بإعادة استئجار العين الحر من الأوقاف خيانة للمؤجر الذي سبق له الإجارة منه، ومن مظاهر خيانه الأمانة  أيضا قيام المستأجر بسداد غلات العين المؤجرة إلى الأوقاف بدلاً من تسليمها للمؤجر له ، وتندرج ضمن مظاهر خيانة المستأجر إنكاره أو جحده لملكية المؤجر للعين المؤجرة أو قيامه ببيعها أو رهنها أو امتناعه عن دفع غلاتها لمالكها.

الوجه الرابع: جزاء خيانة المستأجر للأمانة:

من خلال مطالعة مظاهر خيانة المستأجر للأمانة نجد أنها تعد اخلالاً جسيما بواجبات المستأجر والتزاماته المقررة في القانون وعقد الإيجار ، ولذلك يحق للمؤجر أن يفسخ عقد الإيجار من جانب واحد، كما يحق له مقاضاة المستأجر ومطالبته بالتعويض المناسب عما فات المالك المؤجر من كسب أو لحقه من ضرر محقق  بسبب تصرف المستأجر غير المشروع، حسبما أشار الحكم محل تعليقنا، كما يحق للمؤجر تحريك الدعوى الجزائية ضد المستأجر إذا ضم المستأجر إلى ملكه غلات الأرض، وهذا استقر عليه قضاء عليه قضاء المحكمة العليا وقد أشرنا إلى هذه المسألة في تعليقات سابقة، والله اعلم.

خيانة المستأجر
خيانة المستأجر