وجود مسودة الحكم في ملف القضية دليل على وجودها حين النطق بالحكم

 

وجود مسودة الحكم في ملف القضية دليل على وجودها حين النطق بالحكم

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

وجود مسودة الحكم ومحضر النطق بالحكم ضمن مشتملات ملف القضية دليل على أنه قد تم النطق بالحكم من واقع مسوّدة الحكم الموجودة حين النطق بالحكم، طالما تمت الإشارة في محضر جلسة النطق بأن النطق قد تم من واقع مسوّدة الحكم حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 14-4-2013م في الطعن رقم (47007) الذي ورد ضمن أسبابه: ((اما من حيث الموضوع فقد تبين أن الطعن قد بني على سند من القول ببطلان الحكم المطعون فيه لعدم إيداع مسوّدة الحكم وعدم تلاوة موجز أسبابه عند النطق بالحكم، بيد أنه برجوع الدائرة إلى الأوراق فقد تبين: وجود مسودة الحكم مودعة في الملف وتم النطق بالحكم في جلسة علنية، وفقاً للثابت في محضر جلسة النطق بالحكم، ومن ثم لا مجال للنعي ببطلان الحكم المطعون فيه لعدم إيداع المسوّدة أو لعدم تلاوة موجز أسبابه لعدم صحة ذلك))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: ماهية مسوّدة الحكم:

مسوّدة الحكم: هي ورقة رسمية من أوراق المرافعات تشتمل على أسباب الحكم ومنطوقه وتوقيعات القضاة وتاريخ إيداعها (نظرية الأحكام، أستاذنا المرحوم الأستاذ الدكتور أحمد أبو الوفاء، ص99)، وفي هذا المعنى نصت المادة: (225) مرافعات على أنه: (1- بعد تمام المداولة وقبل النطق بالحكم يجب أن تعد المحكمة مسوّدة الحكم مشتملة على الأسباب التي بني عليها الحكم ثم المنطوق وان يوقع القضاة المشتركون في الحكم على هذه المسوّدة وإلا كان الحكم باطلاً -2- يجب أن تحرر مسوّدة الحكم الصادر من هيئة متعددة القضاة بخط أحد قضاتها وفي كل الأحوال يجب أن تودع مسوّدة الحكم في ملف القضية وإلا تعرض المتسبب في مخالفة ذلك للمساءلة التأديبية، ويراعى عند إيداع مسوّدة الحكم في ملف القضية حفظ صورة منها في ملف خاص بالمسوّدات بعد مطابقتها على الأصل بمعرفة رئيس المحكمة)، ويذهب أستاذنا أحمد أبو الوفاء إلى أنه يترتب على إغفال أي من بيانات المسوّدة كالمنطوق أو الأسباب أو تاريخ إيداعها أو توقيعات القضاة يترتب على إغفالها بطلان الحكم، وكذا ذكر ابو الوفا :انه لا يجوز تكملة البيانات الواجب توفرها في المسوّدة بأية بيانات خارجها ولو كانت من أوراق المرافعات كمحضر الجلسة (نظرية الأحكام، ص102).

الوجه الثاني: مكانة مسوّدة الحكم واهميتها:

مسوّدة الحكم: هي وثيقة مكتوبة بخط القاضي الفرد أو بخط أحد قضاة هيئة الحكم تتضمن هذه الوثيقة أسباب الحكم ومنطوقه، ويتم تدوينها من قبل القاضي نفسه وبخطه، حيث يقوم القاضي بإفراغ الحكم القضائي وإخراجه من ذهنه أو عقيدته أو ضميره إلى  الوثيقة المكتوبة بخطه  ، فالمسوّدة دليل على أن الحكم القضائي كان حاضراً في ذهن القاضي ولم يأت من أي مصدر آخر، ولم يتدخل في القاضي أي عامل خارجي غير ضمير القاضي ، وتظهر أهمية مسوّدة الحكم في أنها عبارة عن: إخراج الحكم القضائي من ذهن القاضي إلى حيز الوجود الواقعي، ولذلك فإن إنعدام مسوّدة الحكم يؤدي إلى إنعدام الحكم وليس بطلانه فحسب ، لان النطق بالحكم بعد كتابة المسودة يعني إعلان وإشهار الحكم السابق كتابته والسابق وجوده في المسودة  حيث يتم النطق به واشهاره  في جلسة علنية، فالنطق بالحكم عبارة عن إعلان واشهار حكم قد سبق وجوده عن طريق وجوده وتدوينه في المسوّدة، ولذلك أوجب القانون تلاوة منطوق الحكم وأسبابه من  واقع المسودة، ولذلك يحرص القضاة على إيداع المسودة بعد النطق بالحكم حيث يسلمها القاضي إلى امين السر أمام الجمهور في الجلسة العلنية للتدليل على وجود المسودة وان القاضي قد نطق بالحكم من واقع المسودة، فذلك يبث الإطمئنان على ان القاضي قد درس الحكم وراجعه جيدا قبل النطق به، كما أن المسوّدة المكتوبة بخط القاضي تعين القاضي على ترتيب أسباب الحكم وترتيب فقرات منطوق الحكم ومراجعتها قبل النطق بالحكم، فضلاً عن أن كتابة المسودة من قبل القاضي نفسه تتيح للقاضي الفرد تحقيق المتداولة الفردية ، لان مداولة القاضي الفرد هي مراجعته للمسوّدة أكثر من مرة وفي اوقات مختلفة تمكن القاضي من معالجة الاخطاء واستيفاء أوجه القصور، ولذلك نلاحظ عند مطالعة مسوّدات الاحكام  كثرة التصويبات والحذف والشطب والإضافة فيها نتيجة مطالعة القاضي لها أكثر من مرة ومراجعته وتصويبها .

الوجه الثالث: مسودة الحكم في قانون الإجراءات الجزائية:

 اشترط قانون الإجراءات الجزائية سبق وجود مسودة الحكم  قبل النطق بالحكم مثله في ذلك مثل قانون المرافعات، بل ان قانون الإجراءات قد زاد فاشترط ان يشتمل  النطق بالحكم على موجز بأسباب الحكم، وفي هذا الشأن نصت المادة(371) إجراءات على أن( ينطق القاضي بالحكم بتلاوة منطوقه مع موجز لأسبابه على الأقل ويكون النطق به في جلسة علنية ولو كانت الدعوى قد نظرت في جلسة سرية ، وإلا كان الحكم باطلا ويجب ان يحضر القضاة الذين اشتركوا في المداولة الحكم فإذا حصل لأحدهم مانع وجب ان يوقع مسودة الحكم، وللمحكمة ان تأمر باتخاذ الوسائل اللازمة لمنع المتهم من مغادرة قاعة الجلسة قبل النطق بالحكم أو لضمان حضوره في الجلسة التي يؤجل لها الحكم ولو كان ذلك بإصدار أمر بحبسه إذا كانت الواقعة مما يجوز فيها الحبس الاحتياطي)، ومن خلال استقراء بداية هذا النص يظهر انه اشترط تلاوة موجز يتضمن أسباب الحكم كلها، فالموجز يعني خلاصة أو ملخص لأسباب الحكم كلها، فنلاوة بعض أسباب الحكم ولو كانت كافية لحمل الحكم لكنها لاتحقق قصد النص من تلاوة موجز أسباب الحكم .

وفي السياق ذاته نصت المادة (375) إجراءات على أنه (يجب في جميع الأحوال ان تودع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعه من القضاة الذين اشتركوا في إصداره عند النطق بالحكم، وإلا كان باطلا، وتحرر نسخه الحكم الأصلية خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدوره ويوقع عليه رئيس المحكمة وكاتبها ، وإذا حصل مانع للرئيس يوقعه أحد القضاة الذين اشتركوا معه في إصداره ، وإذا كان الحكم صادرا من قاضي فرد قد وضع أسبابه بخطه يجوز لرئيس محكمة استئناف المحافظة ان يوقع بنفسه على نسخة الحكم الأصلية أو يندب أحد القضاة للتوقيع عليها بناء على تلك الأسباب فإذا لم يكن القاضي قد كتب الأسباب بخطه يبطل الحكم لخلوه من الأسباب، وعلى دائرة الكتاب ان تعطي صاحب الشأن بناء على طلبه شهادة بعدم توقيع الحكم في الميعاد المذكور)، فهذا النص صريح في إشتراط وجود المسودة والتوقيع عليها قبل النطق بالحكم حتى يتم النطق بالحكم من واقع المسودة .

الوجه الرابع: ماهية محضر جلسة النطق بالحكم:

محضر جلسة المحكمة هو وثيقة رسمية يتم تحريرها من قبل موظف  مختص تتضمن البيانات التي اشترط القانون إثباتها فيها مثل اسم القاضي أو اسماء القضاة الحاضرين واسم الكاتب أو أمين السر وتاريخ انعقاد الجلسة بالهجري والميلادي وإثبات حضور الخصوم والخبراء والشهود واقوالهم والمذكرات والتقارير المقدمة منهم في الجلس بالإضافة إلى القرارات التي تتخذها المحكمة في الجلسة ويتم تذييل المحضر بتوقيع القاضي وأمين السر، وقد قرر القانون صراحة ان محضر الجلسة محرر رسمي له حجيته الثبوتية الكاملة.

الوجه الخامس: أهمية محضر جلسة المحكمة:

من خلال ما تقدم في الوجه الأول  تظهر أهمية المحضر الذي يتضمن كافة إجراءات المحاكمة فهو عبارة عن سجل يتضمن إجراءات المحاكمة كاملة منذ انعقاد اول جلسةحتى جلسة النطق بالحكم ؛فمحضر الجلسة يتم فيه تدوين إجراءات المحاكمة من بدايتها حتى نهايتها فهو مرآة صادقة وأمينة لإجراءات المحاكمة، ولذلك فان محاضر الجلسات وسيلة فاعلة للتأكد من سلامة وصحة إجراءات التقاضي كما أنه وسيلة من أهم وسائل تقييم وتقويم عمل القاضي.

الوجه السادس: بيانات محضر الجلسة:

تضمن الباب الخامس من قانون المرافعات المواد التي يفهم منها البيانات الواجب توفرها في محضر جلسة المحكمة حيث كان عنوان الباب الخامس (إجراءات الجلسة ونظامها) وقد خصص القانون لذلك المواد (من 157 إلى 178) بالإضافة إلى المواد المتعلقة برفع دعوى وتقديم الطعن، كما ان البيانات الواجب تدوينها في محضر الجلسة تختلف باختلاف الاجراءات إلا أن هناك بيانات ثابتة يجب ان تكون مدونة في محضر الجلسة في كل الأحوال ؛ويمكن عرضها وتلخيصها على النحو الأتي :

1-             البسملة : لانها من قبيل الاستعانة بالله  وطلب التوفيق والسداد منه لانه القادر على كل شيء وتحقيقاً لتوحيد الربوبية وهو الاعتقاد بان كل شيء لا يمكن ان يتحقق الا بقدرة الله.

2-             اسم المحكمة ومكان إجراء الجلسة : لان المادة (157) مرافعات اشترطت ان يتم عقد الجلسة في مبنى المحكمة  ولا يجوز عقدها  خارج مبنى المحكمة الا للضرورة، لذلك يجب ان  يذكر اسم المحكمة في المحضر وان الجلسة تم عقدها في مبنى المحكمة أو غيره.

3-             علنية الجلسة : حيث يتم إثبات ان الجلسة كانت علنية في المحضر وان كانت سرية في الاحوال التي اجازها القانون فيتم إثبات ذلك.

4-             تاريخ انعقاد الجلسة : حيث يجب ان يتم ذكر التاريخ الهجري وما يقابله بالميلادي في محضر الجلسة ؛وقد اشار الحكم محل تعليقنا الى اهمية إثبات التاريخ نفياً للجهالة، كما اشار الحكم محل تعليقنا الى ان تضمين المحضر عبارة (في التاريخ المحدد انعقدت الجلسة) بدلا من ذكر التاريخ  يعد قصورا في المحضر طالما لم يتم إثبات هذا التاريخ.

5-             هيئة الحكم : حيث يجب يتضمن محضر الجلسة اسماء القضاة الحاضرين الجلسة وصفاتهم (رئيس ، عضو اليمين ، عضو اليسار) ونوع الهيئة (شخصية/مدنية) ورفم الهيئة (أ/ب/ج) لما لذلك من أهمية في إثبات اكتمال الهيئة عندما يتعدد قضاتها وينبغي ان يذكر في المحضر ان الهيئة عقدت الجلسة بكامل قوامها، وهناك من يذهب إلى ان ذكر اسماء رئيس واعضاء الهيئة يكفي ان يتم ذكرهمك في المحضر الأول اما المحاضر التالية لذلك فيكفي ان تذكر فيها عبارة (الهيئة السابقة) ومن وجهة نظرنا انه ينبغي ذكر اسماء الهيئة في كل محضر نفياً للجهالة لان ذلك سيكون مثل عبارة (وفي التاريخ المحدد) الذي اشار الحكم محل تعليقنا إلى أنه من أوجه القصور.

6-             إثبات حضور الاطراف وصفاتهم : بعد التأكد من صفاتهم وإثبات أقوالهم في الجلسة والمذكرات والمستندات المقدمة منهم ومسمياتها وعدد صفحاتها ونوعها مكتوبة أو مطبوعة.

7-             قرارات المحكمة في الجلسة : حيث يجب ان يتضمن المحضر  القرارات التي تتخذها المحكمة في الجلسة وذلك قبل اختتام المحضر او قفله  ويجب ان يكون قرار المحكمة واضحاً وكاملاً في المحضر ؛ فاذا كان المحضر محضر جلسة النطق بالحكم فيجب ان يتم تدوين منطوق الحكم كاملاً في محضر الجلسة فلا تكفي الاحالة الى مسوٌدة الحكم لان الخصوم لا يجوز لهم تصويرها وانما لهم مجرد الاطلاع عليها وقد اشار الحكم محل تعليقنا الى ان عدم إثبات وتدوين منطوق الحكم كاملاً في محضر جلسة النطق من أوجه القصور، كما ينبغي ان تتضمن قرارات المحكمة التي يتم إثباتها في محضر الجلسة تحديد جلسة المحكمة القادمة.

8-             خاتمة المحضر والتوقيعات : وتتضمن الخاتمة ساعة ويوم وتاريخ اقفال المحضر وتكفي عبارة : وفي اليوم والمكان ذاته وفي الساعة ... تم قفل المحضر، ثم يتم التوقيع على المحضر من قبل أمين السر ورئيس الجلسة ولا يشترط توقيع بقية أعضاء هيئة  الحكم حسبما اشار الحكم محل تعليقنا، كما ان الحكم محل تعليقنا اجاز لأمين السر أن يوقع  على محضر الجلسة منفرداً اذا كان محضر الجلسة لم يتضمن الا عبارة:  وقد تقرر تأجيل الجلسة (اداريا) ونحن لا نوافق الحكم فيما ذهب اليه لان التأجيل قرار وأمين السر لا يملك هذا القرار، فالتوقيع على هذا المحضر في هذه ينبغي ان يكون من صاحب القرار نفسه، وفي أحيان كثيرة يجب ان يتم التوقيع على المحضر من قبل الخصوم أو الخبراء أو الشهود مثل توكيل الخصم للمحامي في الجلسة ومثل ادلاء الشاهد بشهادته أو أدلاء الخبير برايه أو طلب أحد الخصوم اليمين أو ردها أو طلب الخصوم قفل باب المرافعة وغير ذلك.

ومن المعلوم ان محضر جلسة النطق بالحكم هو محضر من محضر جلسات المحاكمة حيث يتضمن محضر جلسة النطق بالحكم عبارة( تم النطق بالحكم مع موجز أسبابه  في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ.... )

الوجه السابع: التكييف القانوني لمحضر الجلسة:

مربع نص: الأسعدي للطباعة عن بعد / ت 772877717سبق القول بان القانون قد قرر ان محضر الجلسة محضر رسمي يتم تحريره  والتوقيع عليه من قبل موظف عام مما يكسبه الصفة الرسمية والحجية الثبوتية ولا خلاف في هذا الشأن، إلا أنه لا يمكن إنكار ان محضر الجلسة محضر مثل غيره من المحاضر بالنسبة لأقوال الخصوم وإثبات حضورهم ؛ولذلك اشترط القانون عند تحرير المحضر أنه ينبغي صياغة أقوال الخصوم أو الشهود بعباراتهم أو العبارات القريبة منها في الدلالة لان الأصل إثبات الأقوال كما هي؛ ولذلك فمن حق الخصوم وغيرهم من الحضور الاعتراض على العبارات أو الأقوال التي تنسب اليهم أو يريدون ان تتم صياغتها باسلوب معين او تلك التي لم يقولونها في الجلسة وكذا يحق لهم الاعتراض على تحسين وتصويب عبارات الخصوم في المحاضر أو عدم كفاية تلخيص أقوالهم، لان ذلك من حقهم القانوني لان الاقوال منسوبة لهم.

الوجه الثامن: إشكاليات صياغة محاضر جلسات المحاكمة في اليمن وتوصيتنا:

عندما نذكر هذه الاشكاليات أو غيرها في التعليقات السابقة واللاحقة يشهد الله وحده ان القصد من ذلك الحث على تجاوز هذه العثرات وتحسين العمل القضائي حتى يتحقق العدل والانصاف، ومن هذا المنطلق نقول : ان هناك اشكاليات كثيرة في صياغة وتحرير محاضر جلسات المحاكمة وانها تتضمن عبارات وقرارات لم تصدر ولم تذكر في اثناء الجلسات كما ان المحاضر لا تتضمن بعض الاجراءات أو القرارات التي تم اتخاذها في.الجلسة كما انها تتجاهل بعض المذكرات أو الشهادات أو الاقرارات اضراراً بهذا الخصم أو ذاك، كما انه يظهر في بعض الأحيان اكثر من محضر جلسة، ولذلك نوصي المحكمة العليا بدراسة هذه الظاهرة الخطيرة واتخاذ المعالجات والتدابير المناسبة وتضمينها في تعميم صادر من المحكمة العليا بموجب الصلاحيات المقررة لها وفقاً لقانون السلطة القضائية.

الوجه التاسع: وجود مسودة الحكم ومحضر النطق بالحكم ضمن أوراق القضية دليل على أنه قد تم النطق بالحكم وموجز أسبابه من واقع المسوّدة في جلسة علنية:

فإدراج مذكرات أو مستندات أو غيرها في ملف القضية لا يتم  إلا في جلسات علنية يحضرها الجمهور يتم فيها إشهار وإعلان إيداع المحررات والمذكرات سواءً تلك المقدمة من الخصوم أو الخبراء أو حتى تلك التي تصدر من القضاة انفسهم كمسودات الأحكام، فيتم إثبات تقديم المذكرات وإيداعها في ملفات القضايا في محاضر جلسات المحاكمة العلنية التي يتم فيها إعلان إيداع تلك المحررات والمذكرات، فمحاضر جلسات المحاكمة من وظائفها القانونية  المهمة ضبط وتدوين المحررات والمذكرات التي يتم تقديمها في جلسات المحاكمة، فيتم تضمينها ملف القضية، فتصير هذه المحررات والمذكرات من ضمن الأوراق  مشتملات ملف القضية، فلو لم يكن هناك محضر جلسة يضبط تقديم المحررات والمذكرات لتم تضمين ملفات القضايا ركام من المستندات ومحررات  التي لم يتم تقديمها اثناء جلسات المحاكمة ولم يتواجه بشأنها الخصوم.

فوجود المستند المشار إليه في محاضر جلسات المحاكمة ضمن أوراق ملف القضية دليل على أنه قد تم تقديمه في جلسة علنية، وعلى هذا الأساس فقد قضى الحكم محل تعليقنا بأن وجود مسودة الحكم ضمن الأوراق التي يشتمل عليها ملف القضية دليل على أن الحكم قد تم النطق به مع موجز أسبابه من واقع المسوّدة الموجودة ضمن ملف القضية، وان وجود محضر جلسة النطق بالحكم المذكور فيه أنه قد تم النطق بالحكم في جلسة علنية دليل على أنه قد تم النطق بالحكم في جلسة علنية، لأن الأصل أن الإجراءات قد تمت صحيحة.

الوجه العاشر: الأصل في الإجراءات انها قد روعيت:

يحرص القضاة على مراعاة الإجراءات القانونية  المختلفة  المقررة في النصوص الإجرائية، فعمل  القاضي ومهمته تطبيق النصوص القانونية بما فيها النصوص الإجرائية التي تبين الإجراءات اللازمة ، وتتولى الدول المختلفة تأهيل وتدريب القضاة لتجويد اعمالهم في هذا الشأن ، وبما أن الإجراءات قد باشرها القضاة في الماضي فمن المؤكد انهم عندما  قاموا بها  قاموا بها مراعين في ذلك الاجراءات  المحددة في القانون واتبعوا عند ذلك الاجراءات كما حددها القانون ، وهذا هو الأصل، فعلى من يدعي خلاف هذا النص ان يقدم الأدلة الشاهدة على أن القاضي لم يراع تلك الإجراءات أو لم يلتزم بها أو أنه قد عمل على خلافها. والله اعلم.

وجود مسودة الحكم في ملف القضية دليل على وجودها حين النطق بالحكم
وجود مسودة الحكم في ملف القضية دليل على وجودها حين النطق بالحكم