عدم جواز الحكم بدلالة المفهوم
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
يجب
أن يكون الحكم صريحاً في منطوقه وان تكون دلالته هي دلالة منطوق وليست دلالة مفهوم،
حتى يكون الحكم قابلاً للتنفيذ لا يثير خلافا
عند تنفيذه، ولذلك لا تجوز صياغة منطوق الحكم القضائي على اساس دلالة المفهوم إذ
ينبغي أن يكون الحكم صريحا وواضحا في دلالته جازماً حاسماً لاتعليق
فيه ولا إرجاء ، ولا يكون الحكم كذلك إلا إذا كان واضحا وصريحاً في بيان المحكوم له والمحكوم عليه وتحديدهما تحديدا نافيا للجهالة، إضافة
إلى بيان وتوضيح المحكوم به من حيث أوصافه ومقداره، كما يجب ان تكون الفاظ وجمل
منطوق الحكم صريحة في دلالتها والمقصود بها، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة
المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 29-1-2013م في الطعن رقم
(47518) الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث المعتبر في الشرع والقانون أن الأخذ بالمفهوم
في الأحكام القضائية غير جائز وإنما لا بد أن تحكم محكمة الموضوع في كل طلب أو دفع
إليها بلفظ صريح محدد ومنضبط لا يحتمل أكثر من المعنى الواحد الذي ارادته المحكمة في
قضائها كي يحوز الحكم الحجية الكاملة في الأمر المقضي به))، وسيكون
تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: دلالة المنطوق ودلالة المفهوم في الحكم:
دلالة المنطوق هي التي تكون واضحة ومحددة من خلال مطالعة كلمات وعبارات منطوق الحكم، حيث تفيد المعنى المقصود بوضوح، فتكون الألفاظ منضبطة ومحددة وواضحة حتى لا تحتاج إلى بحث عن دلالتها خارج الكلمات ذاتها المكونة لمنطوق الحكم ، اما دلالة المفهوم في الحكم القضائي فهي على عكس ذلك إذ تعني البحث عن دلالة كلمات منطوق الحكم من خلال البحث عن المعاني المخالفة لدلالة الكلمات من خلال الاستعانة بعلم دلالات الالفاظ للوصول إلى المفهوم المراد سواء أكان المفهوم مفهوم موافقة أم مفهوم مخالفة، ولا يتم اللجوء إلى البحث عن دلالة المفهوم إلا عندما تكون دلالات كلمات الحكم غير واضحة في دلالتها، وقد قضى الحكم محل تعليقنا بعدم جواز ان تتم صياغة منطوق الحكم بأسلوب دلالة المفهوم بحيث لايتم فهم قضاء الحكم الا بدلالة مفهومه .
الوجه الثاني: شروط منطوق الحكم:
اشار الحكم محل تعليقنا إلى أنه يجب أن يكون
الحكم صريحاً وواضحاً ومحددا ومنضبطا في دلالة الفاظ منطوقه ،، ومؤدى ذلك أن تكون
الفاظ الحكم صريحة ومنضبطة ومحددة في دلالتها على المحكوم له والمحكوم عليه والمحكوم
به، فينبغي أن تكون الفاظ الحكم في هذا
الشأن محددة تحديداً دقيقاً لا يحتمل التأويل والاختلاف في فهمها ولا تحتاج إلى
البحث والتنقيب عن المعاني المقصودة من الفاظ منطوق الحكم من خارج منطوق الحكم، حتى لا يقع
النزاع والاختلاف عند تنفيذ الحكم، لأن عدم وضوح كلمات منطوق الحكم من أخطر معوقات
تنفيذ الأحكام القضائية في اليمن ، فمن شروط منطوق الحكم أن يكون واضحاً صريحاً ومنضبطا جازماً
حاسماً لا إرجاء فيه أو تعليق .
الوجه الثالث: تفسير الحكم ودلالة المفهوم:
وفقاً لما ورد في قانون المرافعات بشأن تفسير الحكم، فإن التفسير للحكم يكون في حالة وجود كلمات غامضة، حيث يتم في هذه الحالة البحث في دلالة منطوق كلمات منطوق الحكم من خلال استقراء دلالة المنطوق في كلمات وعبارات منطوق الحكم وأسبابه وليس من خلال البحث عن دلالة مفهوم منطوق الحكم وأسبابه، وعلى هذا الأساس فإن تفسير الحكم لا يتجه إلى البحث في دلالة المفهوم، حسبما قضي الحكم محل تعليقنا، والله اعلم.