إثبات مدة خدمة العامل ومقدار اجره

 

إثبات مدة خدمة العامل ومقدار اجره

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

غالبية حقوق العامل تتحدد في ضوء تحديد مدة خدمة العامل وتحديد مقدار اجره، ولذلك ينبغي تحديد مدة خدمة العامل ومقدار اجره بدقة، فلا مجال للمجازفة في تقدير مدة الخدمة ومقدار الأجر، لأنه يترتب على تلك المجازفة، مجازفة أخرى وهي المجازفة في تقدير حقوق العامل، ولهذه الغاية ينبغي على العامل إثبات مدة خدمته ومقدار اجره وتقديم الأدلة والبراهين على صحة وسلامة هذا التقدير، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 31-3-2013م في الطعن رقم (47145)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((اما من حيث الموضوع : فقد تبين للدائرة: أن ما ينعي به الطاعن على حكم محكمة الاستئناف المطعون فيه هي مناعٍ في غير محلها ولا سند لها من القانون، حيث أن محكمة الاستئناف قد سببت لحكمها تسبيباً كافياً، وكان الأساس الذي بني عليه حكمها أن حكم اللجنة التحكيمية العمالية لم يكن قائماً على سند من القانون، إذ لم يثبت المدعي الطاعن حالياً بأي دليل مدة خدمته ولا مقدار راتبه كما يدعي، ولذلك فقد كان حكم اللجنة التحكيمية قائماً على تقدير جزافي لمدة الخدمة ومقدار المرتب، فهذا التقدير لم يؤسس على سند أو دليل وهو ما حدا بمحكمة الاستئناف إلى  القضاء بإلغائه، وقضاء محكمة الاستئناف صحيح وفي محله، مما يقتضي رفض الطعن))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: المقصود بخدمة العامل ومقدار راتبه:

 المقصود بخدمة العامل هي المدة التي امضاها العامل في عمله، وتبدأ هذه المدة منذ تاريخ التوقيع على عقد العمل أو من تاريخ مباشرة العامل للعمل، اما مقدار اجر العامل فان قانون العمل قد حدد الاجر الأساسي للعامل وكذا حدد الأجر الكامل للعامل، فقد نصت المادة (2) من قانون العمل على أن (الأجر الأساسي للعامل: ما يدفعه صاحب العمل للعامل لقاء عمله من مقابل نقدي أو عيني يمكن تقويمه بالعملة ولا تدخل في ذلك المستحقات الأخرى من غير الأجر الأساسي أياً كان نوعها) كما نصت المادة ذاتها على أن (الأجر الكامل : ما يدفعه صاحب العمل للعامل لقاء عمله من مقابل نقدي أو عيني يمكن تقويمه بالعملة مضافاً إليه سائر الاستحقاقات الأخرى أياً كان نوعها).

الوجه الثاني: إثبات مدة خدمة العامل ومقدار اجره:

يتم إثبات ذلك بواسطة طرق الإثبات المقررة في قانون الإثبات، فيتم إثبات ذلك عن طريق اقرار صاحب العمل أو شهادات الشهود أو عن طريق المستندات والمحررات وغير ذلك من وسائل الإثبات القانونية ، فيتم إثبات تاريخ إلتحاق العامل بالعمل واستمراره في العمل، فتلك وقائع مادية يسهل إثباتها، وفي ضوء  إثبات تلك الوقائع يتم تحديد مدة خدمة العامل أو سنوات خدمته، وكذلك الحال بالنسبة لأجر العامل إذ يتم إثبات مقدار الأجر الأساسي والأجر الكامل، وكذا يتم إثبات التغيرات التي تطرأ دوريا على مقدار أجر العامل، لأن اجر العامل يتغير دوريا .

الوجه الثالث: أهمية إثبات مدة خدمة العامل ومقدار اجره:

يترتب على تحديد مدة أو سنوات خدمة العامل وكذا تحديد مقدار اجره يترتب على ذلك تحديد حقوق العامل، ومن ذلك  مكافأة نهاية الخدمة بواقع راتب عن كل سنة خدمة إذا لم يتم التأمين الاجتماعي على العامل وكذا تحديد مقدار شهر الانذار وكذا تحديد مقدار اجر الستة الأشهر المقررة كحد أعلى للتعويض عن الفصل التعسفي للعامل وغير ذلك من حقوق العامل .

الوجه الرابع: المجازفة في تقدير سنوات خدمة العامل وتحديد مقدار اجره تؤدي إلى المجازفة في تحديد وتقدير حقوق العامل:

سبق القول بأنه يترتب على تحديد عدد سنوات الخدمة ومقدار الأجر يترتب على ذلك تحديد حقوق العامل كمكافأة نهاية الخدمة...إلخ، ولذلك فإن المجازفة في  تحديد سنوات الخدمة وتحديد اجر العامل يترتب على ذلك المجازفة عند تحديد وتقدير حقوق العامل.

الوجه الخامس: إمكانية تكليف صاحب العمل بتقديم البيانات والمستندات التي تدل على سنوات عمل العامل  وتحديد مقدار اجره:

من المعلوم أن البيانات والمستندات الدالة على مدة خدمة العامل وتحديد اجرهت تكون موجودة لدى صاحب العمل بحسب النظم والإجراءات الإدارية المتبعة في الشركات والمؤسسات ، ولذلك فهي بمثابة المستندات المشتركة فيما بين العامل وصاحب العمل، ولذلك يحق للعامل مطالبة صاحب العمل بتقديم المستندات المشتركة فيما بينه وبين صاحب العمل حسبما هو مقرر في قانون الاثبات فيما يسمى بإلزام الخصم بتقديم مستند ضده، والله اعلم.

إثبات مدة خدمة العامل ومقدار اجره
إثبات مدة خدمة العامل ومقدار اجره